رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 16 - 1 - الإثنين 10/6/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس عشر
1
تم النشر يوم الإثنين
10/6/2024
قـبـل عـدة سـاعـات.
بعد أن انتهى الزفاف تحرك الجميع للمنزل، بينما بسمة كانت تجلس فوق الأريكة بمنزل حماتها تمسك الهاتف ثم بدأت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن يغتم وجهها و تغلقه... لتظهر الشاشه السوداء وترى ملامحها
اعتدلت جالسة ونظرت لانعكاس وجهها المتوتر حتي الآن من الموقف!. حينما التقت مع ديمة بالصدفة وكادت ان تخبرهم بأنها رأيتها بالجامعه ويعرف الجميع أنها تكمل دراستها؟؟.
تذكرت حينما قاطعتها سريعاً وقالت انها تقصد رأتها في قاعه الزفاف قبل قليل واصطدموا ببعضهم وكاد أن يقوم شجار بينهما لكن بعد ذلك اعتذرت منها وعرفتها على نفسها وذلك ما كانت تقصده عندما راتها من قبل؟! لا تعرف هل صدقوا كذبتها ام لأ ؟.
لكن شعرت براحه كبيره لأن الأمر قد مر دون مشاكل، لكن الأكيد بانها مطالبه بتفسير الى ديمه عندما تراها بالمره القادمه، فقد غمزت لها دون أن يراها أحد لتجعلها تصمت وتسايرها الآن و سوف تتحدث معها لاحقاً.. حتى آدم قد تعجب من الأمر لأن ديمة لم تخبره بشيء كذلك ولم تتحرك من جانبه قط! لكن لم يشك بالامر كثيراً عندما تذكر بانها استاذنت منه للذهاب الى المرحاض.. و ربما ذلك حدث بذلك بالوقت.
ساد الصمت المتوتر طويلاً لفترةٍ وهي تفكر أنها لم تستطع خلال تلك الفترات السابقة تواجه أحد بفعلتها التي لا تغتفر في قاموس الآخرين وهي تكتمها داخلها... لتدرك أن هذا الصمت نهايته الحتمية ستكون ما يرجوه قلبها قبل عقلها... أن تسبق القدر قبل ان يحدث موقف مثل ذلك وتتحدث لكنها بالطبع لا تملك القدره لانها تعرف النتيجه .
وفي ذلك الأثناء لم تلحظ اقتراب زوجها منها ولم تشعر بخطواته إلا وهو يقول لها باختصار
= بسمه قومي حطي اي اكل من اللي انتوا عملتوه للفرح عشان صحابي طالعين كمان شويه هنا، يباركوا وياخدوا واجبهم
عبست ملامح بسمة وطالعته قائلة بحنق
= صحابك مين دول؟ اللي جايين بعد الفجر يباركوا والفرح خلص أصلا واخوك خد عروسته وطلع، خلاص ضاقت بيهم الدنيا وما لقوش غير دلوقتي ما الصباح لي عينين
غمغم معاذ باستياء وحنق
= ما هم كانوا هيجوا هناك على القاعه بس اتاخروا، وبكره مش فاضيين! وبعدين انتٍ بترغي كتير ليه ما تقومي تعملي اللي قلت لك عليه وتحطي لهم الأكل.. يلا بسرعه ربع ساعه وهيطلعوا واعملي حسابك هم ١٠ انفار (أشخاص)
كتفت يديها وقالت من بين أسنانها بغضب
= عشان يا فالح مفيش اكل عملناه جوه اعتمدنا ان القاعه هي اللي هتعمل وما فيش حد هيجي هنا، الا لو بكره.. شوف بقي العشره بتوعك ده هتاكلهم فين ولا هتجيبلهم منين اكل يكفيهم في الساعه دي .
لمحت مايسة أبنها معاذ وهو يتجادل مع زوجته بالمنزل بجوار أحد الرفوف فسحبت نفسها لتتجه نحوهما، وتساءلت باهتمام
= خير في إيه؟ هو انتم بتتخانقوا ولا ايه
نظر معاذ إلي والدته ثم هتف بحنقٍ بالغ
= مش عاوزه تروح تعمل أكل لاصحابي اللي طالعين يابيركوا عشان مش هينفع يجيوا بكره، يرضيكٍ يا أمي يعني يجوا اول مره يزوروني لحد هنا وما ياخدوش الواجب... عشان ست بسمه مكسله تروح تعمل لهم اكل
استدارت بسمة تنظر له هاتفة بإصرار وغيظ
= انا ما قلتش مش عاوزه بس انت بتقول كلام ميخشش العقل، انت عازم ١٠ اشخاص وما فيش اكل هنا جاهز.. قولي كده بالعقل هلحق لوحدي اعمل لك اكل ليهم يكفيهم ازاي بسرعه في ربع ساعة، الواحد راجع من الفرح تعبان اصلا ما تجيش تكمل عليه انت كمان، ما لو في خدامات هنا يساعدوني كنت قلت لك مقبوله شويه
اتسعت عينا حماتها وهي تنفث نفسًا مكتومًا حانقًا ثم قالت بتسلط
= نعم خدامه! هو انتٍ كمان عاوزه واحده تعمل بدالك شغل البيت امال هو متجوزك ليه؟اهو ده إللي ناقص ده على اساس الوالد و اختك في حد بيساعدهم؟. ولا حتى من قبل ما تتجوزي يعني الموضوع مش جديد عليكي ولا صعب.. ما فيش خدامات هتدخل البيت هنا ابدأ وكمان يومين يا اختي وهتنزل مرات منذر تساعدك ولا هتفضل عامله لي فيها عروسه
شعرت وكأنهم يتعمدون إغاظتها عن معاناتها في ذلك المنزل ومنع عليها ما يمكن أن يريحها ولن تستطيع طلبه! نظرت إلى زوجها لعله يجيب عليها ويوقفها على تلك الاهانات إلا أنه هتف بهدوء وفتور
= يلا يا بسمه الله يرضى عنك روحي اعملي الاكل بسرعه وانا هحاول اخرهم.. الوقت عمال يعدي كان زمانك دخلتي عملتي اي حاجه
اتسعت عينيها لما تسمعه منه وبدات تشعر بالقهر اذا تحملت تلك العزومه بأكملها بالفعل وحدها التي ظهرت دون مقدمات فسيكون الأمر مرهق بشده ان تطهي لعشر اشخاص بمفردها، ثم عقدت حاجبيها تقول متبرمة
= هو انت مستوعب انت بتقول ايه؟ عاوز تدبسني في عزومه اعملها لعشره. انت عارف هتكلفني كام ساعه غير التعب والمجهود اللي هعمله لوحدي.
كان شاهين يقف في الزاويه في الخلف يستمع الى حديثهم لكن لم يتدخل في البدايه، حتي
اقترح قائلاً
= ما تطلبوا اكل من بره وخلاص طالما الموضوع جه فجاه من اي مطعم هنا و استعجلهم الموضوع مش هياخد وقت
هزت بسمة رأسها بلهفة وأمل لكن عقبت مايسة على كلامه بلهجة شديدة ورافضة
= لا طبعا انا عمري ما دخلت بيتي اكل من بره عشان ابنك قلبه اللي تعبه مش بيستحمل اي أكل متسبك ولي أكل خاص، واكيد لما يطلب الأكل ده غصب عنه نفسه هتروح لي و هيعوز ياكل معاهم ولما يتعب بقي عشان خاطر الهانم اللي مكسله تعمل وعماله تدلع! ولا بعد كده يتعود على الاكل بتاع بره.. بقى انا افضل السنين دي كلها مناعيه وفي الآخر ياكل منه ويتعب .. وبعدين اكل بره معروف مش حلو وما لوش طعم ولا لون
فغرت بسمه شفتيها تهم بالاعتراض ولكنه لجمها عن الرد حين امتقعت ملامح معاذ ووجه ونظره المقتضب لزوجته قائلًا بتأكيد على كلام والدته
= أمي معاها حق، كمان هتبقى شكلها وحش لما اجيب اكل من بره ويكون باين أوي الناس يقولوا إيه؟ خلاص ما بقاش في اكل في البيت مخصوص ليهم وكله خلصناه وما عملتش حسابهم واحنا عندنا مناسبه... واكل بتاع بره مش حلو فعلا ولا لي طعم يعني كمان المره الوحيده اللي هيجي يزوروني اول مره اجيب لهم اي حاجه ومش كويسه..
امتعضت ملامح شاهين بغير رضا لما يقولوا لكن عند احتمال تعب ابنه التفت مغادرا بصمت، بينما شعرت بسمه بالقهر لان الكل ضدها فقالت بحدة واختناق
= بس انا كده ضهري هيتكسر فيها وهعمل كميه كبيره من الأكل يعني انا قلت خلصت من تحضير اكل الفرح تطلع لي بموضوع صحابك دول.. طب حاول عشان خاطري يا معاذ تخليها يوم تاني اكون رتبتله قبليها بكام يوم
بدل ما اعمل كله في كام ساعه
نظرت حماتها لها باستخفاف لكن غمغمت بصوت خافت ساخراً
= دلع ماسخ ما كلنا بنعمل اكتر من كده وعمرنا ما اشتكينا، وتلاقيكي انتٍ كمان كنتي بتعملي اكتر من كده في بيت اهلك بس جايه هنا تدلعي علينا.. يلا يا اختي على المطبخ مش هتعملي حاجه غريبه عليكي بدل ما اتصل بابوكي ياجي يشوفله حل فيكي وانك مش راضيه تسمعي كلام جوزك.
شدت بسمة على نواجدها تكتم غضبها و حسرتها في نفسها، فكأن الجميع يتعمد أهانتها ويقصد أنها الخادمة هنا! حتي والدها التي هددتها به لأنها تعرف جيد بأنه يكون بصفهم دائما حتى وإن كان ليس خطأها.. خوفاً من أن تحدث ماساه أختها غاده وتنفصل عن زوجها مثلها.
❈-❈-❈
كل شيء سار في أمسية واحدة، عِدة تقلبات
وعدة مشاعر في ليلة واحدة فحسب. أخبربها
منذر بكل شئ وبأن أيضاً هناك أشياء أكثر حدثت معه سيئة للغاية وطويلة الأمد يمكن أن تجعلها تغير فكرها في ثانية واحِدة، ثانية واحدة كانت قادرة على قلب حياته رأساً على عقب.. لكن مع كل ذلك لم تشفع له! فكان يجب أن يضع ذَلِك في رأسه و يُدرك معنى كل حرف مما قاله لها سابقآ بأنه سيدفع ثمنه الآن...
إرتمى منذر بجسده على الفراش داخل غرفة الأطفال بتعب يُعيد رأسه للخلف ناظراً نحو السقف يرفع يداه أمام وجهه مُردفاً بنبرة هادئة منكسرة
= شكلها كده ما فيهاش أمل وهفضل أعاني لوحدي.!
شعر بالندم لما فعل معها فلم يكن ذنبها ليتعامل معها بهذه الطريقة ويدخلها في حياته البائسه! ويجعلها تنصدم فيه بالاخير لكن تمناه لو أن يعترف أنه ميت مُنذ زمن و الميت لا يستطيع الشعور بشيء سوى الوحدة..
مرر يده علي وجهه و هو يتأفف بضيق... فلا يريد ان تتركه وتذهب مثل غيرها اكتفى من الوحده والالام والمعاناه التي يعيشها طوال الوقت دون أن يواسي أحد.. لذلك سيظل متمسك بها حتى لاخر لحظه .
صحيح ليس أنثى صارخة الجمال حتي انها عادية جداً بالنسبة لاخريات لكنها مميزة بها رقة و حنان يضاهي جمال أجمل نساء العالم حتي اقل شئ يمكن ذكره يعطي لها مظهراً مميزاً جداً. لا يعلم لكن أصبح يراها هكذا بالنسبة له.
مضت عقارب الساعة وهو وهي صامتين كالذي إحتلهم الأكتئاب حتى حل الصباح علي الجميع أخيراً، كانت ضحي مضجعه فوق الفراش بالغرفة شاردة العينين ومهمومه الذهن.. فما سمعته أمس كان صادما لكن ما يغرقها أكثر ثقتها به! لدرجه جعلتها لم تعد قادرة على الوثوق بأحد بعد الآن، صحيح الحُب لَم يُخطئ في حقها وحسب بل جعلها رماد مُتناثر ضائعة مع عاصفة الخُذلان، رجُل اعطته كامل ثقتها فارهقها وطعنها بخنجر مسموم...
تأففت واستقامت لتتأمل ذاتها في مرآة الغرفة بشرود، كانت ذات بشرة قمحاويه لفحتها الشمس التي اخترقت من نافذه الغرفة المجاوره جانبها، تأملت وجهها المجهد الذابل في مرآة منضدة الزينة.. ثم رفعت أناملها تتفحص وجهها وهي تشعر بإحباط فا الأيام الأخيرة و بسبب عمل تجهيزات الزفاف الماضيه لم تعد تجد أي وقت للعناية بصحتها وبالاخير انتهى الزفاف بصدمة لم تتوقعها ابدأ ولم تعرف ما الذي يجب عليها فعله بعد الان.
صحيح تشعر بالعطف تجاه فحديثه عن عائلته والظلم الذي تعرض له طول حياته يحرك الحجر الذي بلا شعور! فما بالك هي أيضاً كيف شعرت وقتها؟ لكن بنفس الوقت لم تنسى خدعته وكيف كان يمثل عليها طوال الوقت ليستغلها لمصلحته.. لم تعد تعرف هل هو شخص طيب ام سيئ ؟!.
شردت بحديث أمس وهو يترجوها أن تظل معه مقابل اي شيء تطلبه منه وهو سينفذه دون اعتراضاً. سيظل معها وبجانبها ولم يرفض لها أي طلب وسيسعي لاسعادها مقابل أن تظل جانبه و تحفظ سره، بالطبع انجذبت قليلاً الى حديثه مثل أي أنثي تتمنى كل تلك اللحظات تعيشها مع شريك حياتها... لكن المعروف في العلاقات يفعلون ذلك دون مقابل .
فا الحب البقاء ليس للأقوى بل للأوفى..للذي قادر على تحمل زلاتُنا، للقادر على التغاضي عن نوبات الشخط التي نمر بها، والذي يقف بوجه الحزن الذي يهبط على ملامحنا فجأة، وللذي يؤمن بنا في أشد لحظاتنا يأسًا.. ليس المُحِب الذي يُشاركك طقوس الفرح وحسب.. بل الذي يُشاركك حتى لحظات كرهَكَ لِلعالم الذي يبعد معك كل الأشياء التي تعكر مزاجك. الذي يتحمّلك حينما لا تحتمل ذاتك، فالجميع حينما تكون مُشع ومُبهج يجتمعون حولك!. ولكن وحدة الذي يُحبك تجده وأنت في أشد لحظاتك تعاسة وإنطفاء..
علي الجانب الآخر استيقظ منذر بصعوبة فلقد مضى حوالي أسبوع لم يستطيع ان يذق طعم النوم بسبب التجهيزات السريعة للزفاف وما حدث أمس جعله ينام بصعوبة أيضاً.. قام من الفراش وهو يتجه نحو المرحاض أولا ليستعد ليومه الحافل.
بعد مرور وقت. أشاحت ضحي بنظره نحو الباب وقد تناهى إلى سمعها صوت فتح مقبضه لتعرف أنه منذر بالطبع.. لكنها ابتعدت عن منضده الزينه لتجلس بعيد بتجاهل! دلف هو وسط تجاهلها لوجوده وبعد مَضي دقائق تقدم أمامها وبالرغم من ذلك إستمرت بعنادها متجاهلةً أياه مما جعله يُمسِكَ وجَهُها ويُديرَهُ نحوة إكراهاً ليرى ملامح الغضب عليها ..
ابتلع ريقه وهو يقول بصوت باهت
= يااه هو أنا واجعك اوي كدة ! بس إنتٍ السبب علي فاكره.. حنانك الجديد علي حياتي ليا خلاني مافكرش غير في نفسي بعد ما كنت اخر حاجه بفكر فيها نفسي، حقك عليا .. أنا آسف