رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 16 - 2 - الإثنين 10/6/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس عشر
2
تم النشر يوم الإثنين
10/6/2024
كان صوته عبارة عن دوامة من الانفعالات الظاهرة من قلق وغضب وعتاب على جفائها بدون أن تطمئنه أو تخمد نيران قلقه من حسم علاقتهما، وكانت دقائق حتى وصله ردها ببرود استشعره من بين صوتها
= مابقاش يفيد خلاص، هى خِلصت خلاص
وانت السبب
ضحي وهي شاحبة الوجه ومتألمة، تتجهز لرد المزيد وتقول بصوت هادئ ومحتار
= هو أنا ازاي هنت عليك كدة؟ من وقت اللي عرفته امبارح ونفسي أعرف القسوة دي جايبها منين.. لا ومن قلقي عليك لا تسيبني بقيت اسمع كل حاجه تقولها لي وامشي وراك زي العبيطه علشان اكسب رضاك.. هو اللي جد في حياتي عشان اتنازل كل التنازلات دي وفي الآخر على الفاضي وتطلع بتستغلني
تطلع لها بخيبة وهو يرى ملامحها الضيق من وجوده، والتردد والحيره ترسم هاله على ملامحها تمزقه.. تقدم نحوها بخطوه مهزوزه، يستقدم قدم ويأخر قدم، حالة الشد والجذب التى تلمع داخل عينيها تؤرقه وتغص قلبه، يريد الخلاص والخروج من متاهة الحرمان والصد، لذلك أردف قائلاً
= أقولك ايه اللي جد.. اللي جد إني في يوم وليلة لقيت نفسي بتركن علي الرف ومطلوب مني اتنازل من غير حتى ما يتاخد رايي، اللي جد إن طول الوقت ناسيني من وانا عيل صغير وطول الوقت عايش مع نفسي مكسور قدام الكل حتي طليقتي..
اعتدل في مكانه محدقًا فيها بنظرات مطولة، ثم جلس إلى جوارها على طرف الفراش،
رغم انزعاجه مما يحدث إلا أنه حافظ على ثبات نبرته، حيث استكانت أنفاسه المتهدجة فتابع بصوت حزين جدآ
= أنا أبويا بخاف منه.. بشوف نظرة عدم الرضا في عينيه طول الوقت رغم ان انا عامل له كل حاجه نفسه فيها وشايل الشغل ومسؤوليه غيري كمان! بس رغم كل ده مش بيعترف ان انا فعلا قد المسؤوليه ولا بيشكر فيا.. طب والله العظيم مش فاكر أن مره في حياتي شفته بيشكر فيا ولا هو ولا امي! رغم ان انا مش وحش معاهم خالص.. بيبصلي نظره بحس كأني أتب في ضهرهم.. يمكن دي طريقة الحب بالنسبالهم إنهم يقسوا عليا بالطريقة دي مفكراني كده هكون قد المسؤوليه و ابقى راجل في نظرهم..
خبت قوة ضحي نسبياً من هول حديثه، اعتقدت في نفسها أنه إشفاقاً على وضعها لكنها تتخطى هذا الأمر بمراحل أكبر.. أبعدت عيناها بصعوبة عنها، وهو تابع بصوت متألم
= بس انا تعبت من اطلع لهم اعذار عشان اعرف اعيش معاهم وأكمل.. بس هم ازاي قاسين عليا كده وأنا ابنهم وازاي عمرهم ما حاولوا يتكلموا معايا ويصحبوني ويشوفوني انا عاوز أي حاجه واحده تمشي مره برايي مش مجبر عليها عشان خاطر معاذ.. طول الوقت عشان أنت الاخ الكبير فلازم تستحمل ودايمًا أنا اللي غلطان.. ودايما انا اللي مسؤول عن اخطاء اخويا الصغير عشان كده لازم انا اللي اتعاقب مكانه، طب الكبير ده مش بيحس هو كمان .. كان نفسي حد يفهمني ويحس بيا أوي يا ضحى، والله انا مهما قلت لك برده مش هتستوعبي اللي انا كنت فيه طول سنين حياتي..
تأكدت من نبرته المتالمة لم تكن كذبه اختلقها عقلها من شدة إحباطها كوسيلة هروبية للاعتذار منها، رفعت عينيها ببطء لتحدق فيه، رأت نظراته قريبة للغاية منها، بينما هو كان متحرجًا بدرجة كبيرة من طلب شيء كذلك لكنه لم يمنع نفسه بعد! وهو يقترب بحذر من على الفراش مرددا بتوسل
= وغلاوتي عندك ما تسيبنيش ابدأ. والله ما ليا غيرك
هذا ما همس به امام وجهها ثم عاد وابتعد ويده على سريرها حركته الا ارادية جعلته يلامس طرفاً من ابهامها الناعم ! فاغمض عينه حيث ان اللمسة كانت كالصعقة الكهربائية على روحه تختلط احساسيه معها يسيطر عليه الجنون الا منطقياً.
بينما الأمر لم يختلف شئ عن الأخري لدرجه تساءل عقلها هل عليها ان تكون شاكره لجسدها الملئ بالدهون في هذه اللحظه؟ حتي لم يلاحظ رعشة جسدها والاضطراب الذي أصبحت فيه بسببه.
قامت ضحي بمسح دمعة منحدرة بسرعة على
ترقرقت الدموع في عينيها ولم تعرف ما
الذي عليها فعله.. شعرت بالكثير من العجز و الضياع.. هي الآن تشفق عليه في وقت عليه
كرهه بسبب - ما فعله بها.
❈-❈-❈
في تلك الساعة وفي هذا الوقت هو وقتها المحبب تتوقف عن الكتابة و الدراسة والتفكير في الماضي! بل تقف عن فعل اي شئ كي تستمتع بذلك الطرب من مفاتيح البيانيو مع معزوفة غريبها الحزينة والتي يكررها لدرجة تجعلها تتخلد داخل روحها الندية... فلقد أصبحت تعرف الموعد المحدد الذي يقوم به آدم بعزف مقطوعته الحزينة بتعدادها المعتاد!
لكن هذه المره تأخر على غير العاده؟ بدأ عقلها يتساءل عفويا لما لا يعزف اليوم مثل كل مره؟ هل هو مريض أم نائم أو مشغول أو ليس هنا من الأساس فهي بالغرفه هنا لا تسمع شيء أو صوت له؟
توقفت في مكانها انتظرت سماع صوت البيانو بأمل ولو صوت صغير يهون على وحدتها أو
ظل طفيف ينعكس خارج باب غرفتها ! بقت
علي هذه الحالة متحجرة متجمده مكانها امام
الغرفة لساعة كاملة، منتظره بفارغ الصبر! دون فائدة.
ثم استقامت من مكانها وتوجهت ببطئ نحو
باب غرفتها لتفتح الباب وخرجت لتجد الصاله فارغة من وجوده، دلفت إلي الغرفه التي يضع فيها البيانو، اقتربت ديمة من البيانو ببطئ بعد ان تأكدت ان آدم في غرفته..ثم رفعت سبابتها على احدى مفاتيحه فصدر صوت اصابع البيانو ترن بالمكان... انتفضت بفزع وبسرعة البرق استدارت تركض إلي الداخل بخوف شديد دون مبرر!.
وظلت تقف خلف الباب مستنده عده دقائق طويلاً وهي تتنفس الصعداء بصوت لاهث، حتى أخيرا صدى الصوت البيانو بالمكان لترسم ابتسامه سعيده فوق ثغرها تلقائياً بفرحه.
وعادت بهدوء تفتح الباب وتقدمت خطوات بطيئه لتجد إياه يجلس خلف البيانو ويعزف مقطوعته! ظلت هكذا تستمع باستمتاع... أما عن آدم فلم يلتفت الى الخلف رغم أنه كان يشعر بها أنها قريبه تقف بالقرب منه.. يشعر بضمور انفاسها خلف ظهره لكنه لم يلتفت حتي لا ترحل! رغم أنه يتمنى ذلك؟ يتمنى ان يلتفت ويناديها تشاركه السمع عن قرب وليس عن بعد.. لكنها تخشى القرب منه وهو يعلم ذلك جيد!
فالاثنين حقا يسيرون خلف فضول بعض لمعرفه المزيد عن شخصهم.
يعلم أن سؤالا عن ذلك ليس من حقه و لكنه
سأل فضول اولاً من حكاية تلك الفتاة الغامضة
بالنسبة له و ثانياً يريد معرفة تصرفاتها تجاه اهي اشغال لوحدتها أم فضول مثله.. فهم يسكنون في منزل واحد! لكن يتقابلون عده مرات قليله بالصدفه، وكل مره يتساءل عقله هل بالفعل هي تستحق الشفقة والإحسان الذي يقدمه لها أم أنها مخبأة داخل قناع البراءة المرسوم علي وجهها... لكن لا ينكر بان داخله جزء صغير يريد مساعدتها.. و يخبرها حينها؟
أعلم أنك تشعرين بالوحدة المُوحِشة، ولكن ليس لنا سوى بعضنا.."
علي الجانب الآخر دمعت عينها دمعة ثقيلة أثر تلك الأجواء الحزينة مع العزف! تعبت من هذا الوضع الرخيم ومن شدة ثقل دمعتها حفرت مجرأ على خدها، ثم ابتسمت بحزن فهي تشبه طائر حزين مبتور اجنحته ولا يستطيع العيش بحرية كباقي الطيور فقط ابسط حقوقه! كما حدث لها أغمضت عينها بألم وعادت تعاتب نفسها بذنب بانها من اوصلت نفسها الى تلك الحاله ولم تستطيع او من حقها التعبير عن الندم او عدم تقبل ذلك الوضع الجديد عليها.
لذلك لم تعد تريد سماع شيء بعد الآن...
بعد الأن.... تريد أن تبقى صماء وبكماء عن الواقع! وكانها تعاقب حالها بذلك الوضع.
فنحن مع الاسف لا نفكر بعواقب إختياراتنا
نَجِد في الغالب الهروب الحل الأفضل حينما
نتعب من التمشك، عواطفنا هي التي تُسيرُنا في أغلب قراراتُنا وهذه هي الكارثة، نحن لا نتوقف عن تدمير ما حولنا بسبب عاطفة وحينما تنتهي ندرك الخطأ الذي وقعنا فيه...
❈-❈-❈
كانت منذر يقف خلف الستائر بالغرفة يراقب الوضع بالخارج بقلق شديد! منذ أن جاءت كوثر حماته لتطمئن على ابنتها وهو بوضع غير جيد؟ خائف بأن تعترف ضحى بكل شيء لها وبالطبع كوثر حينها لم تصمت و ستعرف الجميع ومن المحتمل أن تاخذها معها أيضاً.. لذلك هو يقف بفروغ صبر ليعرف كيف ستتولى ضحى الأمر؟ هل ستعترف بالحقيقه أم ستصمت..
وعلي الجانب الآخر كانت ضحي تمسح بيدها على فرو القطه الصغيره التي احضرتها والدتها معها لها بأمر منها، علي أمل أن تجعلها تلك الصغيره تنسى معاناتها قليلاً وتشغلها، تساءلت أمها بفضول قائله
= هاااه مبسوطة مع منذر ؟