-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 19 - 1 - الإثنين 24/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل التاسع عشر

1

تم النشر يوم الإثنين

24/6/2024 


ترجلت بسمة من سيارة التاكسي وهي تمسك يد طفلها ورمقته بنظرات ناعمة وهي تتحرك معه للأمـــام وكان في الخلف معاذ الذي كان متجهم الملامح فلقد أصــر إبنه مالك على حضورهم حديقة الحيوان وهو لم يحبذ تلك الأماكن مطلقاً ولا يشعر بالاستمتاع لكن كان يسير معهم على مضض لانه اذا اخبرهم بأنه يريد الرحيل سوف تثور عليه بسمه وطفله أيضاً، لأن هذه المره كانت غير !. 


وحتى تحسم بسمه ذلك الجدال أخبرته بمكان يشبه حديقه الحيوان وبه احصنه، حتي لعله يشعر بالاستمتاع مثلهما ولا يصر على الرحيل مبكراً 


وكانت حقا سعيدة بالاجواء وأرادت أن تمكث ساعات إضافية فالرحيل أضنى قلبها و تمنت عندما تخبر زوجها برغبتها لم يدخــر وسعه من أجل إرضائها، ويلبى لها أمنيتها على الفور ويبقون وقت إضافي ..


استمرت بسمة وطفلها بالتنزه داخل الحديقة بسعاده فاصطحابهم هنا كلاهما، ما عدا معاذ الذي لم يستمتع بالأمر مطلقاً لكن حاول ان يجبر نفسه على السير معهما لانه يعرف جيد اذا طلب منهم الرحيل سيرفضون بشده ومن المحتمل أن يحدث شجار.. لذلك فضل الصمت.


توقفوا عند سور الاحصنه وكانت بسمه تطلع إليهم بانبهار، بينما تطلع معاذ بجانبه لابنه الذي كان يمسك مثلجات مزينة بالشكولاتة يأكلها بتلذذ وهو يتمتع ببرودتها وبالاجواء ايضا.


فسأله معاذ أثناء تناوله وسعادته البسيطة والغير معقدة


= عاجبك أوي الآيس كريم والمكان هنا.


أومأ مالك برأسه بالايجاب ثم رد بحماس 


= المكان جميل أوي يا بابا يا ريت نيجي كل جمعه هنا كلنا .


تطلع أبيه له بعدم رضا ثم لاحظ تلك الواقفه منكسه الرأس بالخلف بقرب سور الاحصنه منبهره لما تشاهده أمامها وهي تأكل بالملعقة البلاستيكية الصغيرة أخر ما تبقى من المثلجات ببطء وبلا شهية فتكاد تذوب المثلجات، ثم أومأ معاذ له قائلًا بحماس منطفأ


= آه وماله بس لما تخلص الخروجه دي ونروح


في حين بسمة مازالت تلتزم الصمت والهدوء مكانها لا تشاركهم الحديث وعلت أصوات الفرحة من طفلها الذي قال منفجر الأسارير


= وعد يا بابا صح، هيييه .


نظرت زوجته له بطرف عينها ثم ابتسمت قليلاً من سخرية الموقف و ضغطت فوق أسنانها من شدة الغضب ورغبتها في ضرب زوجها الذي يوعد طفله بشيء لم يستطيع فعله فهي ليست غبية وترى جيد ملامحه المتهجمه من أول خروجهما الى وصولهم هنا، 

ثم هتفت مبتسمة بسخرية طفيفة 


= يا سلام لو ربنا يهديك وتفضل كده على طول يا حبيبي 


أجاب بصوت رخيم وهو يجذب ياقة سترته للأسفل بثقة


= يا حبيبتى أنا طول عمرى حنين بس إنتٍ اللى ما بتشوفيش كويس


هزت رأسها باستخفاف ثم رفعت رأســها نحوه الاحصنه مجدداً، لتردف بنبرة عالية وهي ترسم تلك الإبتسامة اللطيفة على ثغرها 


= الله الحصان شكله حلو أوي، هو فعلا بيكون الحصان أصيل مع صاحبه اللي رباه ورعاه زي ما بيقولوا!.


رد عليها المدرب بنبرة هـــادئة وهو يشير بإصبعه


= طبعا يا مدام الحيوانات في العموم اصيله و مش بتنسى اللي بيهتم بيها، ولما بنتعب يكون هم اول ناس جنبنا وبيحاولوا باي طريقه يهونوا علينا 


صمتت لحظة واحدة ثم علقت بتلقائية بالغة وأنظارها مازالت مسلطة على الاحصنه 


= ماشاءالله حاجه تفرح بجد، هو انا ممكن ابدله بجوزي !. 


قطب زوجها الواقف جانبها جبينه مندهش و رمقها بنظرات ذهول وهو يرد عليها بتوبيخ قليل 


= بسمة اتلمي انتٍ بتقولي ايه؟. انا سامعك على فكره .


مطت شفتاها للإمام وهي تبتسم بتشفٍ عظيم ثم ردت عليه بإقتضاب


= في إيه يا حبيبي مش قصدي حاجه ما تقفش كده انا قصدي يعني اجيبه يسلينا وقت غيابك، وبالمره تتعلم منه شويه أصل 


تقدم منها خطوة بغضب مكتوم، وهو يقول بحده 


= هو انتٍ هتلمي نفسك ولا اروحك وتكملي وصله النكد بتاعتك في البيت كويس؟ ولو قعدتي من هنا للصبح تتحايلي عليا تخرجي تاني مش هيحصل.


كان طفلهما يستمع الى ما يقولون وعندما هتف والده بالرحيل، هتف بلهفة وهو يلعق المثلجات بلسانه 


= لا يا بابا عشان خاطري انا لسه عاوز الف تاني في الجنينه واتفرج على باقي الحيوانات، خلاص يا ماما مش لازم حصان طالما بابا متضايق، ممكن نجيب كلب انا نفسي اربيه في البيت! وكمان في واحد صاحبي في المدرسه قال لي أنهم مش بينسوا الناس اللي بتاكلهم في الشارع وبيدافعوا عنهم.. 


ارتفع حاجباه للأعلى في صدمة واضحة، و شهق بصدمة خافتة


= نعم أنت التاني؟! 


تفاجأت بسمة هي الأخري من حديث أبنها لكن لم تهتم كثيرة، و هزت رأسها بتفكير وهي تتحدث مع نفسها بنبرة واهنة بحسرة 


= يعني الحصان بيخفف عن صاحبه الزعلان 

والكلب مش بينسى اللي بياكله! وانا بقيلي اكتر من خمس سنين براعي في بني آدم حيا يرزق.. و ما نونوش حتى بكلمه شكر !!. 


نظر معاذ إلي صمت زوجته ببلاهة وهتف غير مصدق


= ما تردي يا هانم ولا خلاص مش قادرين تستحملوني وعاوزه تبدليني! انتٍ بحصان وابنك بكلب.. مش طايقني للدرجه دي! 


لوى معاذ فمه بضيق ونفـــخ بصوت مسموع فأدركت بسمة أن زوجها ليس في حالة مزاجية جيدة تسمح بالمزاح، رفعت يدها تخفي ابتسامتها بكف يدها ثم تنحنحت بخشونة وهي تجيبه بطريقة مرحة 


= بنهزر يا حبيبي.. وأنت خلاص يا مالك، عشان بابا لما الجنونة بتمسك فيه مش بيشوف قدامه!


جز علي أسنانه بغيظ ثم تحدث بتحذير وهو يرمقها بنظراته الدقيقة


= ها، هنغلط؟ تاني انا بقول نروح احسن.


ضغطت بسمة على شفتيها بقوة وهي تجيبه 

بضيق 


= هو انت كل اللي نازل عليك نروح.. نروح

خلاص اتكتمت اهو 


هز رأسه برفض تام قائلاً بصوت جـــاد 


= لا المره دي بتكلم بجد يلا بينا عشان نمشي انتوا بقيلكم كتير اوي هنا من الصبح اظن انا عملت اللي عليا وزياده خروج وخرجت مش عاوز بقى زن لحد آخر السنه ولا حد منكم يفتح معايا موضوع عاوزين نخرج معاك .


التفت ليرحل على الفور دون الانتظار الى سماع ردهم، بينما هتف مالك بصياح وهو يقفز في مكانه 


= بابا استنى انا كنت عاوز اتصور معاك 

عشان اوري لاصحابي الصور ويصدقوا ان انا عندي بابا زيهم وبخرج معاه.


❈-❈-❈


وصل آدم ومعه ديمة الى بلدها نحو منزل اعمامها حتى يضع حد لذلك الموضوع ولا يتعرضون لها مجدداً، بدى على وجهها الحزن وترقرقت العبرات في عينيها عندما ظهر غضب اشقاء والدها أول ما رأوها وبمنتهى الصراحه أيضا اخبروها بانفعال


= إيه اللي جابك هنا مش رحتي اتجوزتي من ورانا ومن غير ما تعتبرينا انتٍ واخواتك اننا موجودين في حياتكم يبقى ما توريناش وشك وحتى لو شفناكي بتموتي مش هنعبرك!. 


هز رأسه معترض الأخ الصغير الذي يدعي فضل وقال بسخط 


= هو أنت يا كامل أتأكدت بالأول ان اللي معاها ده جوزها مش ممكن يكون واحد كده ماشية معاه! ما احنا عارفين من زمان تربيه اخوك حاجه تكسف انت ناسي اللي عملوا فيا زمان لما اتبلوا عليا 


رمقها عمها كامل بنظرات إحتقارية وهو يرد بتهكم 


= اكيد حاجه زي كده مش هتفوتني إلا كنت قتلتها وغسلت عارها بايدي.


نظرت ديمة إلى عمها الآخر الذي يدعي"فضل" بذعر بائن في نظراتها فذلك نفسه الذي تحرش باختها وهي صغيره وبسببه انفصلت العائلتين بحكم لم يصدق الجميع أختها رانيا، لكن والدها لم يكذب اختها وفضل الانفصال عنهم حتى لا يتطور الأمر لاحقاً لانه كان يعرف شقيقه الصغير جيد متهور جدآ في أفعاله و مدلل لأنه كان اصغرهم.


تأملها آدم بقلق وسألها بجدية 


= انتٍ تمام ؟


أفاقت من شرودها على صوته الهاديء، ثم أومــأت برأسها وهي تجيبه بوهن بصوت منخفض 


= أهـا، بس يا ريت نمشي من هنا بسرعه انا مش مطمنه ليهم! أصلك ما تعرفهمش كويس قدي وبلاش تثق فيهم زياده


الصفحة التالية