-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 21 - 1 - الأحد 30/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الواحد والعشرون

1

تم النشر يوم الأحد

30/6/2024 



= مين اللي بيخبط بالطريقه دي .


قالتها ضحي بقلق عندما فوجئت بباب المنزل يطرق بقوة، هز منذر رأسه بعدم معرفة لتنهض ضحي تركض لتفتح الباب وتفاجات به شاهين 

سألته مهتمة 


= خير يا عمي في حاجه؟ حد حصل له حاجه 


صـاح هاتفًا بطريقة محرجة وهو يفتح الباب بقوه ليدخل بكل غضب 


= و هيجي الخير منين طول ما جوزك مش عاوز يتحمل المسؤوليه ويريحني، انت هنا يا بيه وسايبني في المصيبه دي لوحدي انا مش عارفه لحد امتى هقعد افهم فيك؟ 


تفاجئ منذر من طريقته الفجه الذي لا يتوقف عنها ولا يمل، ثم نظر له بغضب مكتوم وهو يجيبه بصوت مغتاظ


= ايه اللي حصل لكل ده عملتلك انا ايه دلوقت


صرخ به شاهين مشيرًا بنظراته النارية


= اللي خلاك تدي عربيتك لاخوك وهو ما لوش في السواقه اهو خبط واحد وكان هيتسجن 

بسببك


عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بصدمة


= عربيه إيه اللي اديتها له؟ هو طلبها مني فعلا وانا رفضت يبقى اكيد خدها من ورايا عشان انا سايب المفاتيح تحت 


هدر بعصبية جلية وقد تشنجت عضلات جسده بالكامل


= وانت طالما طلبها منك تسيبها قدامه ليه؟ ما جايز فكرك رجعت في كلامك لما سبتها تحت ما تشغل مخك وخدها معاك ما تبقاش غبي كده وحمار علي طول، كان ايه اللي هيحصل دلوقتي لو الراجل ما كانش رضي ياخد التعويض وحبس اخوك 


اغتاظت ضحي من أسلوبه المستفز في التصرف بوقاحة وعدم احترامه لابنه أمامها ولا إحترام خصوصية المنزل، لكنها صمتت بحنق دون تعليق.


بينما هز رأسه رافضا حديثه بتلك الطريقه امام زوجتة وأردف بصوت ثقيل مشحون بالألم


= هو انت سامعني انا بقول لك ايه بقول لك خدها من ورايا يعني سرقها وانت برده جايب الحق عليا، ما تروح تحاسب ابنك انا مالي


ليرمقه بنظراته المحتدة وهدر بصوت مكتوم يحمل الغل


= ومين قال لك ان انا ما اديتوش كلمتين زي ما بحاسبك انت كمان يا فاشل، واتكلم على اخوك عدل اخوك مش حرامي وما تنساش ان العربيه دي اصلا جايبها بفلوسي وشغل الوكاله


كانت ضحى تتابع الموقف بقلق شديد وأرادت أن تتدخل لكن لا تعرف ماذا تقول وكلا منهم يتحدث بغضب أكبر للآخر؟؟ لكن الذي لا تفهمه ذلك الشخص الذي يدعو شاهين حماها رغم أن منذر اخبره بأنه لم يعطيه مفتاح السياره عن طيب خاطر وقد أخذها الآخر دون علمه فلماذا يصر على أنه هو المخطئ ولم يذهب ويحاسب ابنه الصغير، هل لهذه الدرجه معمي العينان ولا يرى كيف يظلم ابنه الآخر.. فماذا يقول ذلك المعتوه هل جن بالفعل، ام هناك كوابيس تدار بعقلها.


شعر منذر بأن نيرانه تآكله من داخله لمجرد سماع الحديث المهين ذلك ورفض الاعتراف بالحق وأن معاذ المخطئ الوحيد في ذلك الموضوع، وما آثار غضبه أكثر رفضه أن يقال عن ابنه لص! وانما هو طوال الوقت يهينه بابشع الألفاظ ببساطة، حاول أن يبدو صلب ولا مرة بحياته يرد بتحدٍ جريء


= لا معلش بقى العربيه بفلوسي وتعبي انا اللي في الوكاله، انا كل حاجه بجيبها بمجهودي مش زي إبنك باجي آخر الشهر أخد المرتب من غير ما اشتغل... ولا كل ما يعوز فلوس تديها له ويروح يتصرمح مع اصحابه ويصرفهم يعني انا اتعب واشتغل واكبر و ابنك ما شاء الله بيخلص على الجاهز، فبدل ما تيجي تحاسبني انا روح حاسب نفسك عشان مش عارف تربي وطلعت واحد فاشل بيعتمد علي كل حاجه تيجيله وهو قاعد من غير ما يتعب فيها بس هقول ايه ما هي تربيتك الزباله


قضت كلماته الأخيرة على أخـر شعرة من صبر أبيه فانقض عليه ممسكًا إياه من تلابيبه وهو يصرخ فيه بانفعال جامح 


= أنا تربيتي زباله يا واطي يا أبن الكلب.


ثم تراجع بجسده للخلف ليسدد له صفعه بعنف قاسية في وجـــه منذر الذي تلاقها دون انتباه، شهقت ضحي بذهول بينما شعر منذر من شدة الصفعه أن توقف الزمن.. توقف الوقت.. دوران الكرة الارضية أصابه سكون و جفول اللحظة هول الموقف رغم لم تكن المرة الأولى بكل تأكيد! لكن نفس الإحساس نفس الشعور ذلك الألم تلك التفاصيل الصغيرة فكه الحاد صوت ابتلاعه لريقه عُقدة حواجبه التي تظهر بوضوح بينما يواسي تلك التفاصيل هو صوتها وهي تهتف باسمه وعينها التي تشع حزن وصدمه عليه وبعض العطف .


❈-❈-❈


في منزل معاذ بعد عودته من المخبر وانتهت قصه الحادثة وتم تعويض الرجل الذي اصطدم به بمبلغ ليس بسيط، صعدت والدته حتي تطمئن عليه وظلت جانبه تخفف عنه، غمغمت مايسة الجالسة أمام الأريكة التي ينام عليها معاذ بينما كانت بيدها طبق طعام المميز لدى طفلها بالطبع والذي لم يمسه وهي كانت تحاول معه دون فائدة.


تفتت قلب أمه وهي ترى أبنها متمدد على الأريكة بوجه ذابل و واضح عليه من اثار الخضه لتقول بصوت متحشرج وهي تمرر أناملها بحنية بين خصلات شعره


= لا حول ولا قوة إلا بالله.. يا ابني ما انت لازم تاكل لقمه مش خلاص ابوك خلص الموضوع وقال لك الراجل اتصاب يا دوبك شويه كسور بسيطه ما تشيلش نفسك الذنب بقي، هو انت كنت قاصد يعني تخبطه. 


مط شفتاه بعدم شهية ثم هتف بزعل


= مش عاوز حاجه، انتٍ ما شفتش أبويا فضل يزعق فيا ازاي كنتي قوليله بقى الكلام ده و بعدين الراجل هو اللي طلع فجاه في وشي، وانا ما كنتش اقصد بيني وبينه حاجه يعني مثلا عشان اكون قاصد


قالت له أمه بحزم مشوب بحنان أمومتها وهي تمس علي شعره 


= طب يا روحي خلاص يا حبيبي انا مصدقاك هو بس اتنرفز من خوفه عليك، حقك عليا انا كل بقى المعلقه دي عشان خاطري


أومأ معاذ برأسه ثم قال بلا تعبير بصوته الأجش


= حاضر يا أمي عشان خاطرك بس.


تناول منها القليل لتبتسم أمه هاتفه بسعادة


= بالهناء والشفاء يا حبيبي يا نور عيني أنا.


كانت من بعيد تراقبهم بسمة وهي تفتح فمها بعدم تصديق من طريقة حماتها في الدلال مع زوجها أمامها ثم اشماز وجهها وهي تقول لنفسها بقرف


= حاسه ان انا عاوزه أرجع من اللي بشوفه قدامي، ايه المياصه الأوفر دي والدلع المايع.


تنهدت مايسة تنهيدة طويلة وهي تحمد ربها على سلامه طفلها ثم قالت بضيق وهي تشعر بالغضب من ابنها منذر 


= الله يسامحه اخوك التاني كمان عصب ابوك اكثر لما طلع يزعقله عشان ازاي يسيبلك المفتاح وهو عارف ان انت مش بتعرف تسوق


اعتدل في جلسته بعدم رضا وقال لوالدته بصوتٍ مجهد من إعياءه


= وايه اللي يخليه يعمل كده انا اصلا إللي اخذته من وراه بصراحه، و هو ما لوش دعوه.. ده حتى لما قلتله قال لي نفس الكلمتين اللي انتم قلتهملي طالما مش بتعرف تسوق ما تاخدهاش 


رفضت والدته ان تعترف بأنها أخطأت وزوجها أيضاً وقالت بتبرير حازم 


= برده كان لازم بعد ما طلبت منه يبعد عنك المفاتيح مش يسيبها قدامك! بس هو جري ورا السنيوره مراته ومش في دماغه حاجته.. ما انت اصلك ما تعرفش ان انا قبليها اتخانقت معاه بسببها، ربنا يصبرني على اللي بقيت اشوفه منكم ولا واحد من أحوال عيالي يسر حاله غير انت يا معاذ 


لوت بسمة شفتاها ثم رفعت وجهها بإباء وغرور وهي تقول بصوت عالٍ 


= معاكي حق يا حماتي.. البركه فيا بقي لأن عنده زوجة ذيي فاكيد حاله هيكون دائما بألف خير


نظرت حماتها لها بطرف عينها فكزت على أسنانها وهي تنهض قائله بامتعاض جلي


= طب يا اختي انا نازله اشوف عمك وتعالي انتٍ اكلي وما تنسيش تدي الدواء، تصبحوا على خير .


بمجرد أن أوصدت والدته الباب خلفها اقتربت منه زوجته بابتسامه عريضه وهي تقول


= سلامتك يا روحي كده برده كنت هتخبط واحد بيعدي الشارع عادي! وتوجع قلب امك وتعصب ابوك على اخوك 


عقد حاجبيه من طريقتها دون فهم فمررت يدها تربت فوق كتفه تسترسل برقة وحزن


= وأنا كنت هخسر زوج محب و وفي.. ولا إبنك مالك حبيبك كان هيخسر أب بيهتم بيه وبيرعية.. هو احنا هنلاقي زيك فين بس


رفع احدى حاجبيه يتساءل بينما يرشقها بنظرات قاتمة


= هو انتٍ بتتريقي عليا يا بسمه .


رفعت يدها تخبط علي صدرها وهي تشهق بصدمة مصطنعة ثم قالت بسخرية مبطنة


= انا برده هتريق عليك؟ هو انت بتشكك في كلامي ولا ايه.. ولا ما يكونش ده الصح واللي بيحصل 


نفخ بعصبية قبل أن يبعد يدها بغضب ضاغطًا على يدها بإصبعيه


= بسمه ابعدي عني انا مش طايق نفسي، وفيا اللي مكفيني مش حتي وانا تعبان هتستلميني تريقه .


لوت ثغرها للجانب على مضض ثم جلست جانبه وهي تعطيه كوب الشاي معلقة بهدوء وهي تبتسم بسخافة


= طب خد أشرب الشاي، ده انا عامله بايدي وما تنساش تقول عليه حلو وتسلم ايدك يا مراتي يا حبيبتي! 


كز معاذ على أسنانه مغتاظًا منها ثم قال هاتفًا بحنق


= لأ مش حلو، و وحش من قبل ما اشربه حتي.


هزت كتفها باستفزاز ثم ردت بنبرة باردة متهكمة


= عادي يا حبيبي ولا يهمك، وحش وحش زي اليوم اللي شفتك فيه بالظبط.


نظر لها بنفاذ صبر ثم هتف متساءلًا بفتور


= يووه بقي مش هنخلص، انتٍ مالك ومالي النهارده حد مسلطك عليا


تجاهلت كلماته لكن ضاقت نظراتها نحوه وهي ترد بحدة خفيفة


= عارف يا جوزي يا حبيبي ليه ربنا خلقنا عندنا اتنين عين مش عين واحدة؟ علشان اللي بيشوف بعين واحدة مبيشوفش كل اللي حواليه


عقد حاجيبة بعدم فهم وجاءها صوته قائلًا بتأفف موجز


= الكلام ده ليا.. وإيه بقى اللي انا مش شايفه بعيني الاثنين؟


تحولت ملامح وجهها إلي الجدية وهي تردف بنبرة حادة مقصودة 


= ان في ناس ما عندهاش دم ولا احساس بتعمل الغلط وغيرها يشيله، من غير حتى ما تفكر في نتائج اللي بتعمله واخرتها تضر غيرها 

صوت ابوك كان مسمع البيت كله وهو بيزعق لمنذر عشانك ومهما الكل يدافع ويقول انت اللي غلطان وما اديتهوش المفتاح وابوك دماغه متربسه وعاوز يطلع الغلط كله عليه ويفش غله.. ابقى افرح بقى بعمايلك بعد ما ابوك هزقه قدام مراته 


شعر بالذنب قليلاً ليرد بصوت خفيض يشوبه الارتباك


= انا اصلا قلت له ان انا خدت المفتاح من وراه وما طلبتش منه يزعقله ولا يعمل اللي عمله هو اللي عمل كده من نفسه انتٍ هتشيليني ذنب دي كمان.. 


ازدرد ريقه، ورغم هذا لم يظهر قلقه علي اخية من حديثه معها، فقال متسائلاً بحذر 


= هو أبويا زعقله جامد؟ طب حالته عامله ازاي دلوقتي 


اقتضبت زوجته في حديثها معه بعد حصولها على ما تريد، فهتفت قائله بجفاء


= أكيد حالته وحشه وبدل ما يطلعوا يطيبوا بخاطره قاعدين بياخدوا في خاطر الغلطان ويداده في زي العيال الصغيره.. يا ريته كان زعقلك انت بداله وخدت الكلمتين ممكن تتلم شويه وتفكر قبل ما تتصرف بالدفاع


أنهار جسده للأسفل أعلي الأريكة بتعب وضيق من ما حدث اليوم، ثم استمع الى صوت التلفزيون يعلوا بالداخل وصوت أغاني عيد الأم منبعثه منه اعتدل وهو يهز رأسه باستنكار 


= قولي لابنك يوطي التلفزيون ده دماغي مصدعه، عرفنا خلاص ان النهارده عيد الأم و بدل ما هو عمال يسمع في الأغاني ينزل يعيد على جدته ويقول لها كل سنه وانتٍ طيبه زي ما انا عملت الصبح وشكرتها . 


ضحكت بسمة متهكمة علي حديثه وهي تقول بهمس بصوت مغتاظ


= هو بيشكر أمه على ايه الرجل ده، دي معرفتش تربيك بلا خيبه .


رفع يده أمام وجهها قائلًا بعبوس


‏= بتقول ايه سمعيني انا عارفك لما بتبرطمي يبقى بتشتمي! 


ردت عليه زوجته ببساطة وهي تبتسم


= بفكر يا حبيبي في هديه لامك عشان اشكرها انا كمان .


حدق فيها زوجها بعدم تصديق، ثم لوت ثغرها مرددة بنبرة تحمل السخرية


= ولله نفسي ارجعك لأمك هدية بس أخاف تفهموني غلط . 


الصفحة التالية