-->

رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 20 - 1 - الأحدد 2/6/2024

  

قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تعويذة العشق الأبدي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل العشرون

1

تم النشر يوم الأحد

2/5/2024


كم هي قاسية تلك الحياة
تبتسم وتعطينا الأمل
وتسلبه منا في ذات اللحظة

سمر إبراهيم

تهرول وهي تتلفت يمينًا ويسارًا بخوف، يحيط بها الظلام من كل مكان ويزيد من فزعها تلك الخطوات التي تسمعها خلفها جعلتها تزيد من سرعتها لتجد أمامها بصيص من الضوء فأطمانت قليلًا واتجهت نحوه فوجدته واقفًا ينظر إليها وهو يبتسم باسطًا إليها زراعاه فأقبلت عليه وهي تشعر بالطمأنينة ليمسك بيدها مقربها إليه واضعًا إحدى يديه حول خصرها والأخرى يمسد بها على شعرها دون أن ينطق مقربًا وجهه من جهها وهو ينظر إلى شفتيها نظرات تعرفها جيدًا، احمر وجهها وابتسمت بخجل وهي تغمض عينيها وقبل أن يقبلها بدأ يتسرب إلى مسامعها صوت رنين هاتفها الذي يعلو شيئًا فشيئًا فبدأت تستعيد وعيها مدركة بأن كل ذلك لم يكن سوى حلم لذيذ تمنت لو استمر إلى الأبد.

مدت يدها وهي تتأفف لتجيب على الهاتف بنعاس دون أن تنظر إلى هوية المتصل:

- ألو

جحظت عيناها وتنبهت جميع حواسها ليذهب نعاسها ادراج الرياح عندما استمعت إلى صوته البغيض التي تعرفه جيدًا ولا تكره في هذه الحياة أكثر منه:

- يعني انتي فاكرة إنك لما تعمليلي بلوك مش هعرف أوصلك.

ازدردت ريقها وأجابت بصوت مهزوز حاولت أن يخرج طبيعيًا ولكنها فشلت في ذلك:

- مين معايا.

استمعت لضحكاته المتهكمة وهو يجيبها بسخرية:

- إيه يا حلوة معقول لحقتي تنسي صوتي؟

أجابت بصراخ:

- لو مقولتش انت مين أنا هقول السكة.

تحولت لهجته للحدة وهو يحدثها بتهديد:

- جربي تعمليها كدا وانا أندمك عاليوم اللي عرفتيني فيه.

لم تجد فائدة من نكرانها معرفتها به فعقبت بتردد:

- انت، انت عايز مني إيه؟ وإيه اللي فكرك بيا بعد المدة دي؟ مش مكفيك اللي حصلي بسببك يا عديم الضمير.

ابتسم بخبث وهو يجيبها:

- يعني طلعتي فاكراني أهه كان لازم أدخل فيكي شمال يعني علشان تتظبطي وتتكلمي عدل.

لم يجد منها ردًا لحديثه فاستأنف قائلًا بنبرة هادئة خبيثة:

- يعني دي غلطتي إن قولت أكلمك أطمن عليكي وحشتيني على فكرة يا ترا أنا كمان وحشتك  ولا موحشتكيش؟

تأففت بضيق وأجابته بحزم:

- لو سمحت يا أحمد معنتش تتصل بالرقم ده تاني وكفاية أوي اللي حصل لحد كدا أنا دلوقتي ست متجوزة ومش عايزة يحصلي مشاكل ع جوزي.

ابتسم بمكر فور سماعه لكلماتها ف فيما يبدو أن مهمته ستكون أسهل مما تخيل فتحدث وهو يحاول التظاهر بالحزن:

- اتجوزتي؟ قدرتي تنسي اللي بينا بالسرعة دي وتكوني لحد تاني؟

لم تتمالك أعصابها فور سماعها لكلماته التي أثارت جنونها:
- اللي بينا؟ اللي بينا إيه تقصد تمثيلك الحب عليا واستغلالي وانت متجوز ولولا ستر ربنا ومجي مراتك في الوقت المناسب الله أعلم كان ممكن يحصلي إيه انت واحد معندكش ضمير ولو عندك دم متتصلش بيا تاني وأنا غلطانة إني مغيرتش الرقم دا خالص بعد اللي حصل.

كادت أن تغلق الخط ولكنها تسمرت مكانها وانحبست أنفاسها فور سماعها لصوته الكريه:

- طب اسمعي بقى يا حلوة اوعي تتجرأي وتقفلي السكة قبل ما أخلص كلامي لازم تعرفي إن متخلقتش لسة اللي تفكر تسيبني بمزاجها ولو فكرتي تعمليلي بلوك ولا تغيري الرقم دا هتلاقي صورك وفيديوهاتك واصلة لجوزك ومش جوزك بس دنا هنزلها عالنت واركبك التريند سنة قدام أصلي نسيت أقولك إن عندي نسخة من كل حاجة كنتي بتوريهالي كنت شايلهم للذكرى وأهو جه وقتهم.

صدمة حلت عليها ألجمت لسانها ليمر أمامها ما فعلته معه منذ بداية علاقتهما لتلعن غباءها الذي أوصلها لما هي فيه الآن فكيف كانت بتلك البلاهة لتفعل ما فعلته؟ هل كانت مغيبة؟ أم منومة مغناطيسيًا؟ وكيف لم يخطر ببالها أنه من الممكن أن يقوم بتسجيل ما يحدث بينهما؟ كيف سمحت لنفسها أن تسقط إلى الهاوية هكذا؟

انهمرت الدموع من عيناها وهي تهز رأسها يمينًا ويسارًا بإنكار لما سمعته منه فهو يهددها ليس أكثر ولن يستطيع أن يفعل ذلك كما أنه من الممكن أن يكون كل ذلك ما هو إلا كذبة ابتدعها ليقوم بابتزازها حتى تفعل ما يريد.

استجمعت قواها وعقبت بصوت جاهدت الا يخرج مهزوز:

- أعلى ما في خيلك اركبه أنا مش خايفة منك.

ضحك بصخب وتكلم بنبرة متوعدة:

- طب أنا هوريكي أنا أقدر أعمل إيه أنا هبعتلك دلوقتي نبذة عن اللي معايا علشان تعرفي إني مبقولش كلام وخلاص ومعاهم عنوان الشقة معاكي يومين تفكري فيهم ولو مالقتكيش بتخبطي على بابي في اليوم التالت صورك وفيديوهاتك هتبقى في كل مواقع السوشيال ميديا.

أنهى حديثه وقام بإرسال بعض الصور والمقاطع المخلة التي يحتفظ بها لها ومعهم عنوان شقته الجديدة التي استأجرها بعد طلاقه حتى لا يمكث في منزل والديه والموعد الذي يريدها به.

ابتسم بشر وهو يتخيل ردة فعلها فور رؤيتها لهذه الأشياء ولكنه تجهمت ملامحه فور وصول رسالة إليه على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي بها صورة لطليقته وهي تجلس مع شخص ما في أحد المقاهي وكُتِبَ أسفلها:

- كانت قاعدة امبارح في كافيه مع الشخص ده وهو ده اللي قعدت معاه في النادي أكتر من مرة قبل كدا.

عقب على رسالته بكلمات مقتضبة:

- خليك وراها وعرفني بخط سيرها أول بأول.

قام بالضغط على زر الإرسال وألقى بهاتفه بغضب وهو يتمتم من بين أسنانه بتوعد:

- بقى هي الحكاية كدا بتقرطسيني يا بنت ال.. أنا هعرف أربيكي إزاي وأخليكي تجيلي زاحفة تبوسي رجلي علشان أرضى أرجعك.

❈-❈-❈


تمسك هاتفها بيد مرتعشة تضع يدها الأخرى على فمها وهي تبكي بقهر وهي تتنقل بين الصور ومقاطع الفيديو التي أرسلها لها لا تصدق أنه بهذه الخسة لكي يحتفظ بمثل هذه الأشياء تلعن غباءها الذي أوصلها لهذه الحالة لا تعلم ماذا تفعل هل تستجيب لذلك الابتزاز الحقير وتخسر نفسها أم تقص ما حدث على زوجها وتخسره هو إلى الأبد؟

خياران أحلاهما مر ولا تستطيع أن تفعل أيًا منهما فالموت أهون عندها من أن تفعل ذلك وهنا لمعت الفكرة في رأسها فإنهاء حياتها الآن هو الخيار الأفضل للجميع.

أماءت برأسها لأعلى ولأسفل نعم هذا هو الحل الأمثل للتخلص من كل شيء.

قامت بتثاقل تجر ساقيها نحو المرحاض لتنفذ ما عزمت عليه، وقفت أمام المرآة تنظر لوجهها الباكي التي تغرقه الدموع ممسكة بشفرة حادة مقربة إياها نحو معصمها بيد مرتعشة لترى أمامها صورة شيقتها ووالدتها وكيف ستكون حالتهم إن فعلت ما تنويه.

ازدادت شهقاتها وسقطت الشفرة من يدها خاصة عندما توارد إلى ذهنها أن موتها من الممكن ألا يمنع ذلك الحقير من فعل ما هددها به وتكون بذلك قد خسرت كل شيء.

انتابتها حالة من اليأس وهي لا تعلم ما الذي يمكنها أن تفعل لتقرر في النهايةأن تهاتف شقيقتها فهي الوحيدة التي يمكنها أن تخبرها بما تفعل فخضوعها له هو درب من دروب الخيال.

❈-❈-❈

تنفست الصعداء فور انتهائها من تلك المقابلة الثقيلة على قلبها وفور خروجها من مكان التصوير انتبهت إلى رنين هاتفها لتبتسم فور رؤيته ينير بإسم شقيقتها ولكنها فزعت فور سماعها لصوتها الباكي:

- ألو عهد الحقيني.

- مالك يا حبيبتي فيكي إيه؟

- مش هعرف أتكلم في التليفون ينفع تجيلي دلوقتي.

- مسافة السكة وأكون عندك.

أنهت المكالمة وهي توقف سيرة أجرة متجهة نحوها في الحال يتآكلها القلق عليها لا تعلم ما الذي حل بها لقد حدثتها بالأمس وكانت في غاية السعادة هل تجادلت مع زوجها؟ أم حدث شيء آخر؟ العديد مو الأسئلة التي تبادرت إلى ذهنها وهي في طريقها إليها لتشعر بطول الطريق وكأنه لا ينتهي لتخبر السائق أكثر من مرة بأن يسرع حتى تصل إليها في أسرع وقت

❈-❈-❈

تقف تلهث أمام باب الشقة واضعة إصبعها على زر الجرس دون توقف تشعر وكأن قلبها قد قارب على التوقف من شدة القلق، وما هي إلا لحظات حتى انفتح الباب لتطل شقيقتها من خلفه شعرها أشعث عيونها حمراء من كثرة البكاء وما أن رأتها حتى ارتمت بين أحضانها تبكي بشدة ليتقطع قلبها عليها فأخذت تمسح على ظهرها برفق وهي تحاول تهدئتها ودخلت بها وأغلقت الباب وهي تتحدث برفق:

- مالك يا حبيبتي إيه اللي حصل؟

لم تتحدث واستمرت في البكاء دون توقف ليزداد قلقها فأجلستها على أقرب مقعد وقامت بالامساك بيدها لتشد. من أذرها لتحثها على الحديث فهي لم تعد تتحمل أكثر من ذلك:

- طب اهدي بس وخدي نفسك واحكيلي مالك فيكي إيه؟

لم تستطع النظر إليها فكيف لها أن تقص عليها ما حدث وما أوقعها به غباؤها فنظرت أرضًا وهي تفرك يديها دون أن تتوقف عن البكاء فربتت على يدها وهي تزفر بقلة حيلة:

- اتخانقتي مع مروان طيب؟

هزت رأسها يمينًا ويسارًا بنفي فوجهت لها سؤال آخر:

- أومال ايه؟ فيه حد من أهله زعلك؟

نفت برأسها مرة أخرى فأخرجت الهواء من رئتيها وتحدثت بنفاذ صبر:

- أومال إيه اللي حصل يا بنتي؟ قلقتيني.

حاولت استجماع قوتها لتقص عليها ما حد فهي أملها الوحيد الآن فتحدثت بتلعثم دون أن ترفع نظرها عن الأرض:

- اللي، اللي حصل إن، إن أحمد كلمني من شوية.

عقت حاجبيها محاولة تذكر من يكون صاحب ذلك الإسم ولكنها فشلت في ذلك فعقبت باستفهام:

- أحمد مين؟

ازداد تلعثمها وهي تجيبها بعد أن حمحمت:

- أحمد دا، دا اللي كنت أعرفه قبل ما اتجوز.

زادت عقدة حاجبيها وهي تجهل ما ترمي إليه شقيقتها:

- وعايز إيه الندل دا كمان؟

تعالت شهقاتها فور تذكرها حديثه وتحدثت بحروف متقطعة:

- عايزني أروحله الشقة ويا كدا يا يفضحني.

لم تستطع تمالك نفسها فصاحت بصوت مرتفع:

- نعم؟! انتي بتقولي إيه؟ وليه عندك ايه الكلب ده علشان يقولك كدا؟ وازاي يجرؤ يطلب منك طلب زي ده؟ ويفضحك بإيه بالظبط؟

العديد من الأسئلة التي وجهتها لشقيقتها التي ازداد بكائها وهي تجيبها:

- بيهددني بصور وفيديوهات ليا معاه.

- صور وفيديوهات ازاي يعني.

- الندل كان، كان بيسجل كل المكالمات وال video calls  اللي كانت بينا ودلوقتي بيهددني بيها يا أسمع كلامه يا إما ينزل كل حاجة عالنت.

صدمة ألجمت لسانها فعن أي شيء تتحدث وهل هي بهذه السذاجة حتى تفعل ذلك؟ حاولت تهدئة نفسها حتى لا تزيد الطين بلة فأخرجت الهواء من رئتيها بقوة وتحدثت بنبرة جاهدت أن تخرج هادئة:

- بالراحة كدا واحكيلي اللي حصل من الأول علشان أعرف أتصرف.

قصت عليها كل شيء من البداية وكيف استطاع الإيقاع بها واستغلالها وجعلها تفعل كل ما يريد فكادت أن تفقد عقلها من سذاجة شقيقتها ووقاحة الآخر، جاهدت لتمنع نفسها من صفعها بصعوبة شديدة فيجب عليها التحلي بالهدوء الآن وعندما يتخلصان من هذه المشكلة لها معها حديث آخر:

- دلوقتي مفيش قدامنا غير حل من اتنين يا إما نبلغ البوليس وهو يتصرف مع الحيو ان ده يا إما تحكي لمروان وهو أكيد هيعرف يتصرف.

أخذت تهز رأسها برفض لما تقوله شقيقتها وتحدثت من بين بكاءها:

- لا مش هقدر أنا عندي أموت نفسي ولا إني أقول لمروان ولو بلغت عنه هتفضح.

بلغ غضبها عنان السماء فكيف تفكر تلك البلهاء فعقبت بصياح:

- وانتي فاكرة إن انتحارك هو الحل ثم إن إيش عرفك إنه مش هينشر الصور والفيديوهات دي حتى بعد موتك إنسان حقير بالشكل ده محدش يضمن ممكن يعمل ايه.

- طب والحل؟

- مفيش حل غير إنك تحكي لمروان كل حاجة بصراحة مهما كانت العواقب طالما مش عايزة تبلغي البوليس يبقى تحكيله وهو أكيد هيتصرف على الاقل يعرف منك انتي اللي حصل ويبقى عنده خلفيه عن الموضوع تحسبًا لأي ردة فعل من الحيو ان التاني.

- أنا كدا هخسره للأبد.

حاولت طمأنتها وحثها على فعل ذلك فحدثتها بحنو وهي تربت على كتفها:

- إن شاء الله مش هتخسريه ولا حاجة مروان عاقل ومعتقدش يحاسبك على حاجة حصلت قبل ما تعرفوا بعض اهدي بس ولما يجي اتكلمي معاه بهدوء وأيا كان قراره لازم تتقبليه مفيش قدامنا حل تاني.


الصفحة التالية