-->

رواية جديدة براديسيا (التميمة الملعونة) لبسمة بدران - الفصل 6 - 1 - الثلاثاء 4/6/2024

  

  قراءة رواية براديسيا (التميمة الملعونة)  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية براديسيا (التميمة الملعونة)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل السادس

1


تم النشر يوم الثلاثاء

4/6/2024



 في مملكة النورس وبالتحديد جناح الملكة جورية 


تجلس فوق المقعد الخاص بطاولة الزينة وخلفها وصيفتها المقربة ياقوت تمسك بفرشاة خشبية كبيرة تمشط لها خصلاتها البندقية الطويلة وصوت ضحكاتها تملأ الأركان بعد أن قصت لها سيدتها باختصار ما حدث بينها وبين ذلك الغريب 


شعرت بالغضب من ضحكاتها تلك فخاطبت صورتها المنعكسة أمامها في المرآة: يكفي ضحك يا ياقوت فما الذي يضحك فيما أخبرتك به؟


ذلك الأبله أقسم أنني سارد له الصاع صاعين  فأنا الملكة جورية ابنت الملك الراحل نعمان  سأعرفه كيف يتحدث معي هكذا؟


وقبل كل هذا سأجعله ينحني أمامي 


بترت حديثها عندما استمعت إلى صوت تنهيدت ياقوت المرتفعة التي غمغمت بحالمية: رائع كم أعشق ذلك النوع من الرجال 


فما أجمل أن يكون الرجل متكبرا متعاليا  قويا  شرسا  ناهيك عن كل ذلك وسيما  وسيما جدا 


رمقتها بدهشة ومن ثم سألتها باهتمام: ومن أين لك كل تلك المعلومات عنه؟


إجابتها باندفاع: لقد أصبح حديث المملكة منذ أن وطأت قدميه إلى هنا 


أما عن وسامته فقد رأيته منذ قليل من الشرفة المطلة على الحديقة وهو يدلف للخارج 


سادة الصمت بينهما حتى قاطعته ياقوت وهي تكتم ابتسامتها: جلالة الملكة هل لك أن تسدي لي معروفا؟


اومائت موافقة 


فاستطردت: أريد من جلالتك أن ترسليني لأقوم بخدمة ذلك الأمير المدعو عروة 


عروة  حتى اسمه جميل مثله 


نهرتها الملكة جورية بحدة: كفي عن هذا الهراء واغربي عن وجهي الآن 


فأنا غاضبة وأنت تمزحين 


كلا يا مولاتي أنا لا أمزح فقط أريد أن أراه عن قرب 


الجميع يتحدث عن شجاعته وبسالته في الحروب 


كما أنه معروفا بعقله الرشيد 


تجمدت الكلمات على شفـ تيها عندما استدارت لها الملكة جورية ترمقها بنظرات حانقة 


فانحنت بسرعة ومن ثم استدارت دالفة للخارج 


تذكرت شيئا فنادتها وهي تعود إليها: جلالة الملكة هناك شيء أريد أن أخبرك به 


وما هو يا ياقوت؟


جلالتك ترفضين الأمير فخر لأنه شخصية انتهازية وترفضين جميع الخطاب لأنهم ضعفاء أمامك 


لكن ذلك الأمير يختلف كثيرا عنهم 


فماذا لو 


شهقت بقوة وهرولت للخارج عندما أبصرت الملكة جورية تمسك بالفرشاة الخشبية وتقذفها باتجاهها 


أغلقت باب الجناح وهي تقهقه بمرح تاركة خلفها بركانا على وشك الانفجار 


❈-❈-❈


مرحبا بك يا سمو الأمير عروة 


لقد شرفت مكان التدريب الخاص بنا 


تلك الكلمات هتف بها السيد يزيد الذي تولى قيادة الجيوش بعد سفر الأمير فخر إلى براديسيا 


منحه الأمير عروة ابتسامة صغيرة ومن ثم مد يده ليصافحه مغمغما: أشكرك يا سيد يزيد 


ثواني وتجمهر الجميع حول الأمير عروة يهللون ويرحبون به مما جعله يشعر بالألفة نوعا ما تجاه ذلك الشعب 


تحدث أحد الجنود بجدية وهو يناول السيف للأمير عروة: هيا يا سمو الأمير نريد منك أن تبارز السيد يزيد ونحن سننقسم إلى فريقين فريقا مؤيد لك وفريقا مؤيدا للسيد يزيد 


صفق الجميع بحماس فما كان للأمير عروة بدا سوى الانصياع لطلب ذلك الجندي 


شكل الجميع حلقة كبيرة حولهما 


ثواني وبدأت المبارزة 


في بادئ الأمر كانت كفتهما متعادلة  لكن عندما اندمج الأمير عروة راح يستعرض كل ما يعرفه عن القتال وسط انبهار المتابعين ودهشتهم مما يروه  


فقد كان الأمير عروة صلبا كأنه جبل شامخ لا يتزحزح يصد ضربات خصمه وهو واقفا مكانه 


دقائق قليلة وعاد الأمير عروة للهجوم فأوقع سيف السيد يزيد أرضا مما جعل الجميع يصفقون ويهللون له 


مد يده لخصمه بابتسامة هادئة فوضع الآخر يده بيده وهو يبادله الابتسام 


أثنى عليه السيد يزيد بكلمات جعلت الأمير عروة يشعر بالخجل الشديد 


فهو لا يحب الإطراء الزائد 


اقترح أحد الجنود بصوت جهوري ما رأيك يا سيد يزيد لو أننا نقيم سباق للخيول في مملكة النورس والأمير عروة يشارك معنا؟


وجه السيد يزيد بصره إلى الأمير عروة يستشف ردة فعله 


فأومأ موافقا عندما وجد الأمير عروة يبتسم له ويهز رأسه دليلا على الموافقة: إذا بعد ثلاثة أيام سيكون سبق الخيل 


عليكم أن تعلنوا في أنحاء المملكة بذلك السباق  وأنا بنفسي سأذهب إلى الملكة جورية كي تستعد للحضور 


❈-❈-❈



تولى الملك تميم تعريف الأمراء بالأمير فخر 


ومن ثم أمر أحد حرسه باصطحابه إلى قصر الضيافة الذي يقع على مقربة من قصر براديسيا الرئيسي الذي يمكث فيه العائلة الملكية 


وما هي إلا دقائق حتى ولج الأمير فخر القصر وراح


يتأمله بانبهار شديد 


اتسعت ابتسامته عندما حصل أخيرا على ما أراد فهو من اقترح على الملكة جورية فكرة تبادل السلام بين المملكتين كي يتثنى له الذهاب إلى هناك واستكشاف مملكة براديسيا بنفسه ونقاط الضعف والقوة بها وعلى الفور وافقت الملكة جورية على اقتراحه غافلة عن السبب الرئيسي وراء ذلك الاقتراح 


فكل ما فهمته حفظ السلام لكلتا المملكتين 


وسبب آخر جعلها توافق على تلك الفكرة وهو إبعاد الأمير فخر عنها ولو لفترة قصيرة 


رغما عنه راح عقله الباطن يصور له صور دموية وخراب لتلك المملكة 


وبعدها يقضي على الملك تميم  الملك المحبوب من جميع الناس والذي يحصل على احترام وتقدير جميع الملوك في الممالك 


لماذا لم يحصل هو على كل تلك المميزات؟


وهو لا يقل شأنا عن ذلك الملك تميم 


ارتسمت ابتسامة شيطانية وهو يتخيل عندما سيحصل على مملكة براديسيا والنورس معا بعد أن يحصل على ابنة عمه العنيدة التي ترفضه باستمرار 


أجفل من شروده على صوت الحارس الذي هتف بتساؤل: هل أعجبك القصر يا سمو الأمير؟


أومآ له موافقا ولم يعقب 


فاستطردت: إذا اصعد إلى الجناح الرئيسي وأستريح قليلا


فالملك تميم أصر على أن تتناول العشاء برفقة العائلة الملكية 


رمق ذلك الذي يقف أمامه بتفحص 


ومن ثم ربط فوق منكبه بخفة: ما هو اسمك أيها الحارس؟


أجابه بسرعة: عمرو يا سمو الأمير 


حسنا يا عمرو لقد أحببتك كثيرا 


هلا أسديت لي معروفا؟


أجابه وهو يشير على عنقه: مرني يا سمو الأمير 


أريد أن اعلم كل شيء عن العائلة الملكية 


انصاع له الحارس ومن ثم راح يروي عليه كل ما يحتاجه لدراسة عائلة الملك تميم 


والآخر يستمع إليه بانصاط شديد 


❈-❈-❈



انتهت من انتقاء الثوب الذي سترتديه مساء 


والذي كان عبارة عن فستان من اللون الزهري يصل إلى كاحلها بأكمام طويلة وعقدا من الزمرد 


ومن ثم هبطت إلى الحديقة على أمل رؤيته 


وها قد صدق حدثها عندما أبصرته يلج من إحدى بوابات القصر الرئيسية 


خفق قلبها في قفصها الصـ دري ومن ثم راحت تتأمل قسمات وجهه بتفحص شديد 


بدءا من زرقة عينيه التي تماثل لون السماء الصافية ولحيته المهذبة المشربة بشعيرات بيضاء زادته وقارا فوق وقاره  لم تشعر بسـ اقيها اللتان انصاعا لقلبها 


ثواني ونادته بصوتها الهادئ: زيدان 


تنفس بعمق وهو يستمع اسمه من بين شفـ تيها ويتذوقه ببطء 


كررت ندائها فلم يجد بدا سوى الالتفات إليها  ويا ليته لم يفعل 


فقد كانت جميلة بشكل يخطف الأنفاس رغم أن زوجته الراحلة كانت تفوقها جمالا لكن عينين المحب ترى ما لا يراه الآخرين 


صمت الحديث وتحدثت الأعين ربما لثواني أو لدقائق لا يعلمان 


لكن كل منهما يشعر وكأنه يحلق في سماء الكون الواسع من شدة السعادة واضطراب أنفاسهما 


اجفلا على صوت الحارس الذي هتف باحترام: سيد زيدان 


غمغم وهو ينحني: جلالة الملكة تحياتي 


اومأت برأسها ومن ثم ألقت نظرة أخيرة على الذي يقف بشموخ وهرولت بخطوات واسعة إلى الداخل تاركة إياه يتتبع أثرها في شرود شديد 


انتفض على نداء الحارس له مرة أخرى 


فرمقه بحدة: نعم ماذا تريد؟


أجابه وهو يجذب يده: تعال معي لقد نظفت لك المكان الملحق بالقصر 


سارة برفقته وعقله ما زال يفكر بتلك المرأة التي رغم مرور السنوات لا زالت متربعة على عرش قلبه 


❈-❈-❈


وفي نفس التوقيت 


في جناح الملكة علياء 


التي كانت تجلس برفقة رونق وجاريتها ماسة 


تولت رونق مهمة تزيين وجهها بمستحضرات التجميل 


بينما ماسة اختارت أن تصفف لها خصلاتها 


وكان المرح سيد الجلسة 


فكانت رونق تقص عليهن بعض القصص الطريفة التي كانت تفتعلها منذ الصغر وردود أفعال الآخرين تجاهها 


تذكرت رونق مهمتها التي جاءت من أجلها فسألت الملكة علياء باهتمام: جلالة الملكة هل أمير النورس سيبقى هنا كثيرا؟


إجابتها بهدوء: تسعون يوما يا رونق من أجل حفظ السلام بين المملكتين 


هل فهمت؟


اومأت موافقة

 فاستطردت : لماذا تسألي؟


إجابتها بتلعثم: لا شيء يا مولاتي فقط فضول ليس أكثر 


أومأت لها متفهمة 


فتابعت رونق أسئلتها: وهل الملك تميم يمارس رياضة معينة؟


تولت ماسة الإجابة عن مولاتها إذ أردفت: الملك تميم يجيد السباحة وركوب الخيل 


فيوم الخميس مخصص لركوب الخيل  ويوم السبت المخصص للسباحة 


اتسعت ابتسامة رونق فهي الآن ستبدأ بعد أن حصلت على معلومات كافية تساعدها على بدء خطتها 

الصفحة التالية