-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 10 - 3 - الأحد 28/7/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل العاشر

3

تم النشر يوم الأحد

28/7/2024 

ماشي يا حبيبي هبقى افتكرك.


تمتم بها بسخرية، يظهر عدم اكتراثه، بقناعة رسخها بداخله ، ان العشق ضعف وهلاك، ولا شيء يستحق شغل جزء في تفكيره،  سوى العمل والنجاح،  لكن لماذا صورتها لا تفارقه؟ تلك البهجة التي حلت قريبًا بمحيط حياته، لماذا لا تتركه الاَن بتركيزه الجدي في عمله؟

بعلمه انه لا يفصله عنها الاَن، سوى طابق واحد،  

هي في الأسفل تعمل ضمن طبقة العمال لديه، وهو في الأعلى بين اعماله والمناقشات مع شريكه. 


بعد مغادرة كارم، ظل لفترة من الوقت يحاول التركيز ولكن عقله المتمرد، ابى الاستمرار.


لينهض فجأة مقررًا الذهاب بنفسه للاطمئنان على سير العمل بين العمال، بلفتة لا يفعلها تقريبا الا في الضرورات القصوى، او نادرا. 


 هبط الدرج الرخامي، يقف في المنتصف،  عيناه تجول على العمال وانشغالهم على الماكينات الحديثة بجد ونشاط في تفصيل الملابس بحرفية عالية الدقة.


الاعداد ضخمة والبحث عنها وسطهم كالأبرة في كوم من القش، 

رجال ونساء، كالنحل ميز وسطهم صباح نظرا لجسدها الضخم، او ربما لأنها هي من انتبهت عليه لتهرع من وسطهم مهرولة، وقبل ان تصل إليه، وقعت عينيه على تلك البهجة، بملابس العمل، منكفئة على احدى القطع، وكأنها تصنع لوحة بدقة عالية، حتى انها لا تلتفت للحديث مع احد، لا يستغرب الاَن سر تمسكها بالعمل هنا، لكن مهلا من هذا الذي أتى يقف جوارها ويحدثها ؟!

- رياض باشا، يا أهلا وسهلا نورتنا، دي مفاجأة ولا هلال العيد والله. 


كان هذا صوت صباح التي هللت بفرحة لمجيئه،  فكان رده ان اومأ لها على عجالة، قائلا بعدم تركيز :

- هلال العيد ليه بس؟ انا جاي اطمن على سير العمل، ايه الاخبار؟


سمعت منه، لتسهب بالحديث عن ما تم تنفيذه في التصميمات الجديدة، وانجاز الطلبيات القديمة، والخ والخ.

وهو غير منتبه لاي جملة منها ، فعيناه كانت تتابع بشغف تلك الحورية،  وذاك الغراب الذي يدور حولها،  يتصنع الحديث ليلفت انتباهها، ثم يسحب منها ابتسامة توزعها كالبلهاء اليه،  ثم تتناول منه كوب الشاي فترتشف منه متلذذة، وتلك الشفاه تترجم الشكر والامتنان له، وكأنه قد أتى لها بعلبة شيكولاتة فاخرة، تبًا. 


- عندك تعليمات عايزني ءأمر العمال بيها؟

اردفت بها صباح، حينما طال صمته معها وعدم تعقيبه على كل ما استرسلت به من حديث في التو، ليستدرك بفطنته، قائلا لها:


- لو عندي تعليمات هبلغهالك يا صباح ومش هستنى تطلبي مني. انا بس كنت عايز أسألك ، هو مين اللي واقف هناك عندك بهجة وبيكلمها؟ 


شبت ببصرها نحو ما يرنو اليه، لتجيبه على الفور:

- دا تميم، شغال معانا هنا تبع قسم القص، بس ايه، واد شاطر وايده تتلف في حرير. 


وجه كلماته بحدة نحوها:

- ولما هو واد شاطر وايده تتلف في حرير، سايب مكانه ليه وبيلاغي في العمال؟


دافعت على الفور صباح عن الشاب بلهفة:

- لا يا باشا، هو اكيد خلص شغله، اصله شاطر زي ما بقولك،  وان كان على وقفته عند بهجة،  فدي عشان ليها وضع خاص معاه. 

- خاص.


دوت الكلمة برأسه، لتبرق عينيه بلهيب مخيف، جعل المرأة تسرع في التصحيح:

- خاص مش بمعنى غلط يا باشا، انا قصدي انه رايدها بحلال ربنا، عايز يتجوزها، ربنا يارب يفرحنا بيهم قريب.


تتحدث بتلقائية وابتسامة حالمة بغباء، وكأنها ستفرح بأبنائها، غافلة عن ذاك الذي كان يرمقها بغيظ متعاظم ، يجاهد للمحافظة على ثباته امامها، رغم حمم البراكين التي تغلي بداخله، ليغتصب ابتسامة ليس لها معني في مخاطبته لها:


- طب روحي يا صباح اندهيلها خليها تيجي ورايا ع المكتب،  عشان عايزها في امر ضروري. 


- بخصوص الست الوالدة يا باشا ولا في حاجة تاني؟


 زفر بضيق من تدخلها :

- ميخصكيش يا صباح ، انتي عليكي تنفذي وبس؟

لم ينتظر ردها، وتحرك يستدير معاودا الصعود ليتفاجأ بلورا امامه، تسأل قاطبة:


- انت هنا بنفسك يا رياض باشا، مقولتليش ليه، لو عايز تعمل جولة على الأقسام؟


اجابها بنزق:

- مدام مطلبتش منك يا لورا، يبقى متقلقيش نفسك. 

قالها والتفت رأسه نحو صباح يشدد عليها:

- متنسيش اللي قولتلك عليه، ابعتي لبهجة خليها تيجي ورايا حالا .


اكمل طريقه بعد ذلك يتخطاها، غير ابهًا، بغروره المعتاد، لتتوجه هي بغضبها نحو صباح:

- البت دي طالبها في ايه؟

اومأت الاخيرة بهزة من اكتافها، تزيد من حيرتها. 

- والله ما اعرف يا هانم. 


❈-❈-❈


والى منزل بهجة، 

حيث ذهب الجميع منهم الى اماكن دراستهم والعمل، بعد  خروج جنات الى جامعتها على ميعاد محاضرتها، لتستغل هي انشغال أبنائها في الوكالة محل ابيهم ، بعد اختفائه هو الأخر، دون ان يخبرها بوجهته. 


لتصعد الدرج بخفة، وعيناها تدور في كل الأنحاء بحرص شديد، حتى وصلت الى باب شقتهم، لتُخرج من جب صدرها،  تلك النسخة من مفتاح المنزل، والتي مازالت تحتفظ بها حتى الاَن، رغم مرور السنين وموت اصحابها، وقت ما كان الود موصول، قبل ان يتبدل لعداء بعد موت خليل شقيق زوجها.


ليأتي الاَن فائدته، فتضعه في مغلق الباب ، ثم تدفعه بهدوء،  لتلج بداخل المنزل،  تتأمل محتوياته سريعًا، والتغيرات التي طرأت به حديثًا، ثم تخطو نحو وجهتها في غرفة بهجة.


بحثت سريعًا بعيناها نحو شيء ما تريده، وحين لم يعجبها شيء، لم تجد امامها سوى التوجه نحو خزانة ملابسها، لتعثر اخيرا على هذا الحجاب الصغير القديم ، ترفعه امام عينيه محدثة نفسها:


- هى دى، اكيد مش هتحس بيها لما تغيب ، طرحة قديمة ومرمية وسط الهدوم. 


وضعتها على انفها تشتم الرائحة، لتردد بارتياح اكبر:

- وكمان فيها ريحتها، يعني عز الطلب.


وضعتها سريعًا بجب صدرها، لتواصل حديث نفسها:

- كدة بقى سيدنا يشتغل صح.


جرت اقدامها نحو المغادرة بعد انتهاء مهمتها،  لتعيد غلق المنزل من الخارج، وتنزل الدرج بخطوات واثقة الى حد ما حتى وجدتها امامها فجأة لتشهق مزعورة، وتبصق في فتحة ملابسها في الأعلى:


- بسم الله الرحمن الرحيم،  بيطلعو امتى دول .

توقفت عائشة تطالعها بنظرات ثاقبة ترد بسخرية:

- بيطلعو للي خايفين منهم. 


اجفلتها بردها الغريب، ليتسلل القلق بداخلها، توبخها بشجاعة زائفة:

- واخاف منك ليه يا اختي؟ هتولعي فيا ولا افتكرتي نفسك بتخوفي صح؟ 


تعلم انها ملعونة وحادة الذكاء بإجرام لا يتوفر حتى في اشقائها الكبار، فتأخرها عن الرد ، وهي تحدجها برفع حاجب واحد بشر يبث بقلبها الخوف بالفعل، لتلسعها بالسؤال المباغت:


- هو انتي كنتي نازلة من فين يا طنط؟ ومرات ابنك وابنك مش في الشقة اساسا؟


ابتلعت درية ريقها الذي جف في حضرة هذه الملعونة، لتبرر بغضب:

- وانتي مالك يا اختي ان كانوا قاعدين ولا مش قاعدين، انا اطلع شقة ابني وقت ما انا عايزة،  وسعي كدة من قدامي،  مبقاش الا العيال كمان، وسعي.


تخطتها لتنزل رافعة رأسها بتعالي، تدعي عدم الاكتراث ، وقلبها يرجف من الداخل، تتخيل نفسها لو تأخرت دقيقتان ودلفت هذه الملعونة عليها الشقة، على اقل تقدير كانت ستتسبب لها بفضيحة، ان لم تلبسها تهمة سرقة، او تشعل بها النار وهي حية ، تجزم انها قادرة على فعل ذلك. 


التفت رأسها بدون قصد نحو الأعلى،  لتجدها مازالت محلها ، وابصارها منصبة عليها،  بصورة اعادت الفزع الى قلبها، لتدلف الى شقتها سريعا ، واضعة يدها على قلبها تلهث ببعض الارتياح:

- يا لهوي عليكي بت، وقفت شعر راسي من الخضة. 



الصفحة التالية