-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 26 - 1 الأحد 21/7/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل السادس والعشرون

1

تم النشر يوم الأحد

21/7/2024

❈-❈-❈


زمجر شاهين بشراسة من بين أسنانه المطبقة بقسوة


=ما تحترم نفسك يالا مين ده اللي صايع! ازاي اصلا تكلمني بالطريقه دي فلوسي وانا حر فيها اعمل اللي انا عاوزه بيها، انت هتنسى نفسك ولا ايه انت شغال عندي زي اي عامل تاخد فلوسك على الجزمه وتسكت وما لكش دعوه بالباقي؟ ولا مفكر عشان سايبك تدير كل حاجه هتفكر نفسك صاحب الوكاله بجد وانا اللي شغال عندك 


ظل منذر بمكانه عدة لحظات بجمود وهو يتطلع له باعين مظلمة ممتلئة بالغضب العاصف قبل ان يرد بانفعال ظاهر


= انت إللي ما تنساش نفسك ولا ابنك! الوكاله دي من غيري ما تعرفوش تدوروها وانا اللي كبرتها وكبرت الشغل وطورت كل حاجه فيها 

وانت بقيت في الفتره الاخيره زيك زي ابنك تيجي تاخد الفلوس على الجاهز من غير ما تتعب وتشقى، اوعى تفكر ان ساكت ضعف لا كنت بقول معلش ابويا في الاول وفي الاخر وكلمته تمشي غصب عني لكن لما توصل انك تاخد شقيه، وتروح تشتري لابنك بيه عربيه عشان يتمنظر بيها قدام صحابه وانا كنت بحوش الفلوس دي بقيلي شهور كثير عشان أعمل مشروع تبقى لا بقى وكفايه أوي لحد كده انا استحملت اللي ما حدش يستحمله.


في تلك اللحظه انفتح الباب على اثر الاصوات العاليه، وتقدم معاذ وخلفه زوجته وهم قد استمعوا إلي بعض من الحديث، تصلب جسد شاهين فور سماعه كلماته تلك بينما اشتعل بداخله غضب عاصف غمغم بحدة وهو يضغط على فكه بقسوة


= هو إيه اللي استحملته هي فلوسك واحنا إللي شغالين عندك ولا إيه، انت هتصدق نفسك وتخيب انت من غيري ولا حاجه 


تقدمت والدته التي كانت تتابع الموقف من بعيد ولم تتحمل تطاول منذر علي والده وهي تقول بتوبيخ حاد 


= هو في حد لعب في دماغك ولا ايه؟ مالك بتكلم ابوك كده ليه ما تحترم نفسك و مالك داخل شايط في الكل كده ليه


نظرت إليها ضحي التي دخلت من باب المنزل أثر الأصوات لكن لم ترد عليها إنما انشغلت مع حاله منذر وهي تطلع له بقلق وخوف، بينما تحدث معاذ مغمغماً بحدة و نفاذ صبر


= ما تهدي يا منذر و خلينا نحل المشكله بالراحه هو انت ايه اللي مضايقك في كل ده، يا سيدي خلاص انا مستعد ارجعها طالما حته العربيه دي اللي عامله المشكله 


اقترب منذر من والده ولم يهتم لأحد غيره وهو يهتف بشراسة وغضب و قد بدأ يفقد السيطرة على غضبه فكل ما يحدث يضغط على اعصابه و قوة تحمله


= عاوز تعرف مستحمل ايه! مستحمل من اول ما إبنك الحيله عرفت انه تعبان وعنده القلب وانا عمال اتنازل واقدم تضحيات مش مفروض عليا؟ بلاش تلعب اللعبه دي عشان اخوك ما يتعبش حاضر؟ بلاش تكمل دراستك وكفايه عليك لحد كده عشان اخوك بيرجع من المدرسه تعبان و زمايله بيضربوه حاضر؟ عينك تبقي عليه علي طول ولو حصله حاجه حتي لو هو اللي غلطان انت اللي هتتعاقب مكانه؟ ما هو عيان وما ينفعش يحس ان اقل من غيره لكن انت تنفع تحس وتتعاقب و تتضرب وتاخذ بالجزمه وتتعب وتشقى وما تفتحش بوقك. 


اغتاظ معاذ بأنه يهين إياه بذلك الشكل أمام الجميع ولم يفهم علاقه ذلك الحديث بمشكلته مع والده هل كان يراه حمل ثقيل عليه لتلك الدرجه، أضاف منذر هاتفاً بصوت منكسر وهو يشعر انه يدور بدوامة لا يعلم متى ستتوقف و يخرج منها


= وكل دول وليه عشان استاذ معاذ ما يحسش انه اقل من حد لكن عمرك فكرت فيا انت ولا الهانم اللي وراك ان انا برده ابنكم و محتاج اهتمام ورعاية ولا بتعب ولا بشتكي من حاجه زيه؟ لكن مش مهم هو انت هتقارن نفسك بيه عيان زيه مثلا! انت عندك فرص كتير عنه اي حاجه تيجي قدامك هو عاوزها سيبها له.. و مش مهم انت في داهيه و تتهزق وتضرب بالجزمه كمان عشان يعجب استاذ معاذ.. و شيل الشغل مكانه انت لسه بصحتك وسليم! ولازم اجي عليك وانت تتحمل وما تفتحش بقك حتى لو هزقتك قدام مين عشان أنت الكبير.. و هتشيل المسؤوليه لوحدك وهتكون كبير العيله! هو انت مفكر نفسك أب اصلا أنا عمري ما حسيت بكده بحياتي وما حسيتش غير أني يتيم وسطكم .


وضعت ضحي يدها فوق فمها وجسدها كان يرتجف بينما تقاوم بصعوبة الدموع التى  انسابت بصمت على وجنتيها و هى تدرك بانه

عاني كثيره ومهما يتحدث لم يفهمه احد و يشعر به، بينما وضع الآخرين كان منهم من مصدوم وحزين.. وغاضب!. وهم يشاهده بتلك الحاله لاول مره بحياته.


شعر بانفاسه تنسحب من داخل صدره كما لو  ان المكان يطبق جدرانه من حوله، فقد اكتشف أمره بأنه غير مهم بالنسبة لهم مهما قال و تحدث، نظر إلي والده شزرًا وتمني لو ان يري طيف ندم واضح على محياه لكن لم يجد شخص منهم أعترف بأنه كان مقصر معه و ظلمه بالأساس، وهو قد نفذ صبر وانتهي ليصرخ بتشنج


= يا اخي ملعون الكبير على الصغير على المرض على اليوم اللي فضلت تفرق بيني وبينه لحد ما كرهتني في حياتي كلها وخلتني احس نفسي ضعيف ما ليش اي قيمه، وخليت الكل يجي عليا عشان شافوك بتعمل كده من اول اللي في الوكاله و الناس اللي في الشارع ومن الزفته اللي جوزتها لي ومن كل الناس وكل حد كان باختيارك انا دفعت ثمنه اضعاف حياتي كتير.. ولسه بعد كل ده بتسال مالي؟؟ أنت حتى مش حاسس بيا ولا شايفني ايه؟؟ للدرجه دي معمي وناسي أن ليك ابن تاني ومحتاجلك .


هز أبيه رأسه وهو يحاول التحكم بالغضب المشتعل بداخله


= بتقل ادبك على ابوك، وكل ده عشان ايه خدت فلوس الوكاله اللي فاتحها باسمي! ما الشقه اللي انت فيها كمان بتاعتي وجيت خدتها على الجاهز وسكنت فيها.. و دلوقتي بتقارن اللي كنت بتعمله زمان معانا عشان اخوك يتعالج طب ما احنا كلنا قدمنا تنازلات اشمعنا يعني انت اللي شايف نفسك المظلوم  


زفر بعنف و النيران التى بصدره تشتعل اكثر وهو يري امامه مجرد تماثيل ليس لهم تعابير تدل على الشفقه والعطف، إلا ضحي.. ابتلع الغصة التى تشكلت بحلقه فور وهو يقول 

باحتجاج


= انا مش شايف نفسي مظلوم، انا مظلوم فعلا عشان انت راجل ظالم ومفتري ومش انت لوحدك واللي مفروض كمان تبقى امي و المفروض كمان اسمه اخويا، كلكم ظلمتوني ومش راضيين لاخر لحظه حتى تعترفوا بكده، وعشان تعرف اكبر دليل والفرق بين تضحيتكم وتضحياتي ان انا بتعالج عند دكتور نفساني بسببكم وكل ما اوصل لنقطه كويسه ترجعوني لنقطه الصفر تاني بسببكم، بس خلاص مش مهم ما بقاش فارق حاجه 


كانوا كمن تلقوا صفعة قوية في وجههم و ضربة موجعة في مقتل وذلك حينما أخبرها بأنه يتعالج عند طبيب وهم السبب بذلك...

كادت أن تقترب منه ضحي والدموع تلمع في عينها لكنها ثبتت بمكانها عندما سمعته يهمس بصوت ضعيف محبط 


= هو انا بكلم مين اصلا هو انت عمرك عرفت عني حاجه ولا بهمك! انت بتتعامل معايا كاني بنك اجيبلكم فلوس وخلاص ومهما تعملوا فيه ما لوش انه يتكلم ويشتكي.. لكن ولا تعرف عن الاكتئاب اللي بعاني منه ليالي طويله لوحدي ولا الفلوس اللي كانت بتسحبها الهانم اللي جوزتها غاده عشان تكتم على اسراري وكانت بتساومني وانت شايفها ملاك.. ولا الدكتور اللي بروح لي في السر عشان اتعالج منكم.. ولا اي حاجه ما فيش بس الا ضحى اللي كانت غريبه عني ومن اول يوم ساعدتني انما اهلي ولا كان ليهم اي لازمه في حياتي، لو في حاجه بندم عليها دلوقتي ان انا كنت بسكت لكم .


اشاح منذر وجه بعيداً لكن ليس قبل ان تري زوجته خطوط الدموع المتساقطة علي خديه مما جعل ضعف غريب يستولي عليها تنحنحت وهي تتقدم قائلة بصوت متحشرج و هي تقاوم المشاعر التى تعصف بداخلها


= منذر خلاص لحد كده تعالى معايا فوق عشان خاطري.


هز رأسه عده مرات بالايجاب وهو يتحدث  بصوت معذب بينما عينيه اصبحت محتقنة بالدموع


= هي خلاص فعلا، اطلعي لمي هدومك وكل حاجاتنا احنا ما لناش مكان في البيت ده، مش لسه بلسان قايل شقته ياخدها و ياخد كل حاجه انا مش عاوزها، لكن كل حاجه انا شقيت وتعبت فيها هاخدها غصب عنك.. و وريني بقى هدير الوكاله ازاي من غيري انت وابنك الصايع اللي مستني كل يوم مصروفه يخده من شقايه.


شحب وجه الجميع فور ادراكه معنى كلماته تلك وأنه سيرحل، ومن ضمنهم شاهين لكن أنكر تأثره وهو يصيح بشراسة وشرارت الغضب تتقافز من عينيه 


=ما في 60 داهيه انت هتذلني! الشغل ده انا اللي علمتهلك لو كنت ناسي و لولايه ما كنتش زمانك شربت الصنعه وعرفت تشتغل بدل ما كنت زمانك قاعد على القهاوي مستني حد يشغلك، وتمسك قرش.. دلوقتي بتتقلب عليا.. بتتقلب على ابوك


اشعلت كلماته تلك الألم الذي ينبض بداخله و قد تذكر جميع ما حدث له بسببه وهتف مأكدا حديثه بصرامة شديدة 


= انت صح أنا عيل فاشل وعمري ما كنت مسؤول عنكم ولا بفهم حاجه ولا ليا فايده اديني هسبها لكم اعملوا مبادلكوا بقى.. بس اقسم بالله العظيم لو جيتوا تترجوني حتى ما هرجع لكم تاني.. وخليك فاكر كويس كل حاجه عملتها معايا لأني عمري ما هنساها ولا هسامحك عليها .

الصفحة التالية