-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 28 - 2 - الجمعة 26/7/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثامن والعشرون

2

تم النشر يوم الجمعة

26/7/2024

بالوقت السابق- قبل أشهر.


عــادت بسمة إلى منزل والدها وأولت والدها الرعاية الكاملة، ولم تبخل عليه بمجهودها رغم إرهاقها، فشعر الأخير بأنه كان مخطئاً في حقها، وأنه تسرع في زواجها وتقارب الإثنين إلى حد ما من جديد عكس سابق. 


أخرجت بسمة نفسا مرتجفا فلقد مر الوقت عليها صعب للغاية كلما تذكرت كيف اقتحمت السيدات المنزل واخذوا اختها بالاجبار و زوجوها رغم عنها الى شخص قعيد لتصبح خادمه له والى اولاده ومن يعلم ما الذي يحدث لها هناك أيضاً، منذ ذلك اليوم كلما سمعت الباب يطرق تنفض بذعر خوفاً من ان يسلمها والدها لهما هي الأخرى عقاباً على ما فعلته، وكيف كانت تكمل دراستها بالسر دون علم أحد.


لا تنكر بان أختها أخطأت و تستحق العقاب لكن بنفس الوقت تعطف عليها، وعلى نفسها من ان تذهب لها او تعود الى زوجها من جديد،

فلقد أذاقتها عائلتها بسبب شكهم بها شتى أنواع وأصناف العذاب للحد الذي جعلها تقبل أن تتزوج من معاذ الذي كان جزءً مما تعيشه لينتشلها من جحيم عائلتها! وهكذا صارت بين ليلة وضحاها خادمه الى حماتها ومتزوجة من شاب لا تعرف عنه شيء إلا أنه مستهتر و شغوف برفاقه السوء ومغامرتهم.. وبدأت تعيش في نفس المكان مع عائلته الغريبة و كانت تعيش كالميتة بلا روح، ثم لم تمر أشهر على زواجها منه حتى علمت بأنها تحمل طفل في أحشائها .


ولم تجد غير معاذ الذي اضطرت أن تكمل زواجها منه لتصب عليه وبال سخطها وغضبها وتعتبره مسؤولا عما حدث لها، لذا فهو أيضًا من يقع عليه اللوم في خسارتها للأبد.. وفي خسارتها لشهادتها الجامعية و خسارتها أحلامها وطموحها.. رغم انها حاولت اصلاح جزء بسيط واكمال دراستها لكن بنفس الوقت قطعت كل اتصالاتها مع العالم الخارجي بمن فيهم و صديقاتها الذين استهجنوا زواجها المفاجئ دون سبق دعوات أو علم، خوفاً من احراجها عندما يعلمون بأن زوجها يعتمد على المصروف من والده وهو رجل غير مسؤول.


لتشرد في حديثها مع والدها عندما قصت له باختصار عما كان يحدث لها في بيت شاهين وكيف كانوا يعاملوها، بالاضافه الى معاذ ولما كانت تصر على أن يعمل! بدأ صوتها مقهور ومستاء وهي تشرح كيف كانت تعاني أكثر مما كان يتخيل


= أنا قلتلك كل حاجه حصلتلي هناك واللي خلتني واجبرتني اكذب الكذبه دي على الكل، بس لازم زي ما تغلطوني تغلطوا نفسكم كمان.. بابا انت كنت لما تيجي تزورني عمرك ما بتسالني مالي لا بتسالهم هم انا كويسه معاهم ولا لاء مع ان انا اللي بنتك، لحد ما خليتهم يتمادوا اكتر في الغلط معايا .


ابتلع متولي ريقة بحزن وهو يقول بندم 


= هو انا كنت وحش معاكي أوي كده يا بسمه

انا كل اللي كنت خايف منه ان بيتك يتخرب ولا انك تبقي زي اختك قاعده جنبي، بس لازم تكوني عارفه كمان حاجه فكره انك تعملي حاجه من ورا جوزك حرام وانتٍ برده غلطتي


ربت أبيها على كتفها بلطف يضيف قائلاً 


= انا مش بقول كده عشان الومك، انتٍ بنتي و بحبك وكنت فاكر نفسي بعمل الصح ليكم بس ما كنتش اعرف والله انك بتتعذبي أوي في كده بيت حماتك 


أدمعت عينها بخيبة مرددة بغرابة


= أول مرة تقولي كدة يا بابا اول مرة تبقي في صفي !


شعر بالحزن لأجلها ولأجل تصرفاته معها بالسابق ثم هز رأسه رافض هاتفًا بجدية


= لأن هي دي الحقيقة أنا بحبك يا بنتي و كل حاجه كنت بعملها سواء صح ولا غلط كان هدفي مصلحتك، و لما بتختلفي انتٍ وجوزك باخد صفه علشان المركب تمشي.. ما كنتش عاوز الخراب بس اهو الخراب حل في النهايه

برده مهما عملت.


ازدردت ريقها هاتفة باعتراض


=الصح انك تعمل لبنتك كرامه في بيت جوزها وقدام اهله، عيله معاذ لما كانوا بيشوفك وانت بتقولي كبري دماغك واعملي اللي تقول لك عليه حماتك، كانوا بيتمادوا اكتر وعلى فكره طنط مايسه ما طلبتش منه يطلقني عشان غاده ولا حاجه؟ لا عشان حسيت اني بخرج عن طوعها ومش هساعد بعد كده في البيت وابقى خدامه في رجليها، شفت انت عشان تخلي المركب تمشي كنت مخليني أيه؟ ولا معاذ اللي كنت بعمل المستحيل عشان احاول اخليه في نظري انا وابني راجل يعتمد عليه .


بدأ حديثها مقنعًا بالنسبة له، ليقول مرددًا بحسرة 


= ياااه يا بسمة كبرتي بسرعة كده إمتى ؟! بس هيقول إيه؟! الظاهر كده كان العيب فيا مش فيكم


ترددت بسمة للحظة وهي تقول بقلق


= خلاص اللي حصل حصل وانا قلت لك كل حاجه، وعشان مش عاوزه اكدب عليك تاني نفسي تخليني اروح احضر امتحاناتي اللي قربت والمره دي برضاك، صدقني ده اللي هيكون سلاحي عشان اواجه وافهم الدنيا مش الراجل اللي ما لوش لازمه في حياتي .


اقترب منها بصمت بعد فتره يحتضنها، تفاجأت مما فعله متسائلة بتوتر مبالغ


= إيه! بتحضنيني ليه؟!


أومــأ برأسه ولم يصر على رأيه كعادته قائلاً بصوت مرهق 


= اوعي يا بنتي تخلي حاجة تقهرك ولا تجبرك تكوني زي أختك في يوم وتخسري دنيتك و اخرتك، انتٍ غيرها وربنا لي حكمة في اللي بيحصل لكل واحد!


فهمت بسمة بأنه لا يريد خسارتها هي الأخرى لذلك سيستسلم لطلبها، أخرجها من تفكيرها المتخبط صوته المردد بجدية


= أنا مش هعاتبك وأقولك ليه ماحكتيش معايا من الأول وأن مهما يحصل ما كانش لازم تكدبي، بس هانصحك تختاري اللي قلبك يرتاحه! وأنا موافق تكملي دراستك.


تطلع بأعين دامعه للفراغ يفكر في أبنته الثانيه وما فعلته، وهو يتضرع للمولى عزوجل أن يتجاوز عنها سيئاتها ويسامحها.


بعدها جلست بسمة تقلب بهاتفها بتركيز، لقد فعلت كما طلب منها والدها وها هي تبحث عن  دراستها التي اكملتها من ورا زوجها أو فعل شيء دون الاستئذان منه لكن يبدو أن الأمر أصبح معقداً جدا بالنسبة لها التمعت الدموع بعينيها لتلقي الهاتف بعيداً بضيق من معرفتها بالحقيقه يبدو أنها تساهت عن ذلك الموضوع دون المعرفه والخوص به اكثر وهذا جعلها ترغب بالبكاء فهي لم تكن سوي لأجل كذبها بل لأجل ربها، وظلت تدعي وتتمنى أن يغفر ربها لها هذا الخطأ.


عادت إلى الواقع وهي تتنهد، حيث جمعت أغراضها وذهبت إلى الجامعة وهذه المرة، كان والدها يعلم بذلك وعندما وصلت إلى الجامعة وقابلت صديقتها مروة، كانت ترد عليها بشكل مختصر وتتجاهلها احيانا، ولم تعطِها رقم هاتفها الجديد وأخبرتها أنها تواجه مشاكل لكن لم تخبرها عنها بالتأكيد هذه المرة لكن أخبرتها أنها ستغير مكان إقامتها، كانت تقصد أن تكون قاسية معها حتى تنهي العلاقة بينهما نهائيًا، فقد أقنعت نفسها بأن صديقتها مع شخصيه مثلها سيئه ستجعلها تصبح مثلها وأكثر.


❈-❈-❈


جلست كوثر على المقعد في منزل منذر الجديد، تضم جسد ابنتها التي كانت تبكي بحرقة شديدة لتقول أمها باستعطاف


= يا بنتي كفايه عياط هتوجعي قلبك، هو مش جوزك قال لك ما تخافيش وهيتصرف في الفلوس عشان يعمل لك العمليه اللي بتقولوا عليها دي 


كانت رافضة وبشدة لذلك الاقتراح، هي لا تريد دفع مبالغ مالية كبيرة في أمر لا تضمن عواقبه، لذلك عبست بوجهها بيأس مرددة بحزن شديد 


=يتصرف في إيه بس يا ماما الفلوس المطلوبه للعمليه كثير، لا و كمان الدكتوره بتقول يا عالم ممكن تنجح وممكن لأ، يعني كمان اذا اتصرف واتدين ممكن في الآخر ما يحملش.. 


لتختنق صوتها بالعبرات وتبكي وتتمخض بمحرمتها قبل ان تواصل قائله بحسرة 


= و بعدين حرام الفلوس اللي هتروح على الفاضي دي انا قلتله يتجوز لو عايز بس مش هقدر استحمل حاجه زي كده وانا على ذمته.. ومش هقدر في نفس الوقت أطلب منه الطلاق


عنفتها أمها بالحديث وحذرتها قائله بلهجة شديدة


= بس بطلي هبل هو انتٍ حتى لو وافقتي على الكلام ده أنا هسيبك على ذمته وفي واحده ثانيه غيرك! عاوزه تتقهري وتتوجع اكتر وأنا أقف اتفرج عليكي؟ ما تقوليش كده 

هو لو بيحبك فعلاً هيستحمل لا أما تعملي العمليه وممكن ربنا يرزقك. 


مسحت دموعها بيدها بعدم إقتناع وهي تقول 

ببؤس


=ده اسمها انانيه مني! ومنذر كان نفسه في أطفال بس مش عاوز يوضح ليا ده تاني عشان خايف على مشاعري فا اقوم انا حرماه من شرع ربنا .


هزت رأسها برفض وردت عليها كوثر بإلحاح 


=يا بنت ما تقوليش هبله لو طلعتيها في دماغه ووافق هتندمي بعد كده انا عارفاكٍ حساسه ومش هتستحملي، وهتموتي من القهر ما تسبقيش الأحداث ممكن تيجي من عند ربنا وتتحل! المهم انا كنت جايه عشان حاجه تانيه بس لما عرفت مشكله حملك اتلخمت ونسيت.


نظرت إليها ضحي بعدم فهم، ثم تنهدت كوثر بتنهيدة مطولاً و أجابتها بنبرة ذات مغزى


=الكلام كتير داير في المنطقه، ومش عارفه اقول زي الناس جوزك عمل عمل نبيل ويشكر عليه؟ ولا أعمل ذي الناس التانيه واقول لا مؤاخذه مش راجل عشان يقبل على نفسه حاجه زي كده! وإن يكتب عيل مش ابنه على اسمه وهو عارف أن مراته كانت بتخونه وساكت 


اتسعت حدقتيها على الأخير حتى كادتا تخرجان عن محجريهما، وهي تتساءل بتوتر 


= انتٍ عرفتي الكلام ده منين؟ وبتقولي كمان اهل المنطقه عارفه! هو ايه اللي حصل في الفتره اللي سيبنا فيها حي السيده زينب.


دققت أمها النظر في وجهها باستنكار وهي تقول بشك


= يبقى شكلك تعرفي! الوليه البجحه مرات الراجل اللي طليقه جوزك عملت معاه علاقه في الحرام جت و فضحتها في المنطقه كلها عشان كانت بترسم على جوزها من تاني، يا لهوي على اللي سمعنا منها البنت اللي اسمها غاده دي طلعت مش سهله لا كمان من جبرتها وقسوتها فضلت تهمل في أبنها لحد ما مات 


كتمت ضحي بيدها فمها لتمنع شهقتها المصدومة أثر حديث والدتها ناهيك عن موت الطفل! ثم أزاحت يدها عن فمها وهي تقول بنبرة غير مصدقة 


= إبن غاده مات؟!.

الصفحة التالية