-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 29 - 1 - الأحد 28/7/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل التاسع والعشرون

1

تم النشر يوم الأحد

28/7/2024


بعد مـــرور سـبـع أشهـر .


شبك معاذ أصابع يديه واتكأ بذقنه فوقهم وهو يفكر ما الذي دهاه، عندما شعر بالضعف وعدم الاتزان وعدم الاكتمال، وجد نفسه يفكر في ما حدث له فلم يعتاد أبدًا أن يكون بهذه الحالة. يشعر الآن بأنه رجل مهدم لم يعد قادرًا على تحمل الألم. والأمر المحزن هو أن كل ما حدث له في الحياة كان بسبب فقدانه لزوجته الصالحة التي كان يعتقد أنها ستكون معه. وفي المقابل فقد حياته. حياة لن تعود كما كانت في السابق.


يشعر دائمًا بالوحدة، حيث أن والدته مشغولة طوال الوقت بأعمال المنزل ولم يعد له أولوية بعد الآن، آخر ما يخطر في بالها هو أن تسأل عن حاله وكيفية تعامله مع الصعوبات في عمله مع والده و هذا الأمر يحزنه بشدة، أن يشعر بأن بسمة ووالدته انسحبوا فجأة من حياته بعد أن كانا محور اهتمامهما.


ولكن بين كل ذلك، ما يثير اهتمامها هو أن تزوجه بامرأة غير بسمة في أسرع وقت ممكن. تذكر يومًا ما عندما دخل غرفة المعيشة وشعر بالخجل عندما لاحظ وجود شخص غريب في منزلهم، وقف في مكانه بتجهم، مما جعل والدته تحثه بشغف على الدخول قائلة بلهفة 


= معاذ تعالي سلم على منال بنت جارتنا اللي ساكنه في العماره اللي قدامنا.. بنت جميله وما شاء الله عليها تتحب وشاطره أوي في عمايل 

شغل البنت


عبّر حاجيبة عن دهشته واستياءه، ثم أوجعه الأمر عندما فهم أن تلك الفتاة قد تكون زوجته المستقبلية، بناءً على رغبة مايسة في أن تكون جيدة في أعمال المنزل لتساعدها وتخفف عنها، كما كانت تفعل بسمة وهذه كانت رغبتها الوحيدة في زواجه وعندما بدأ يفهم ذلك مؤخرًا سبب استعجالها في الزواج، بدأ في كل مرة يجد عيبًا في تلك الفتيات حتى لا يكمل الموضوع حتى النهاية.


وعندما يئست من ذلك الأمر ثارت عليه بعصبية منفعله


= هو في ايه؟ هو انا كل ما اجيبلك عروسه هتطلعلي فيها عيوب الدنيا كلها ما تفهمني في دماغك ايه، لو في واحده قولي ونروح نخطبها لك انا وابوك.. لكن تفضل كده من غير جواز أهو ده إللي مش هسكت عليه ابدأ .


جلس بحذر وبطء بجانبها حتى لا يسقط رغم عنه طبق الحلويات الموضوع فوق الطاوله وحينها ستغضب والدته وتثور عليه وتجبره على تنظيفها بنفسه، جلس على أريكة مقابلة لها ثم تهكم معاذ من كلماتها ساخراً بلا مرح


=بقى عاوزه تتجوزيني عشان ما افضلش كده 

ولا عشان اجيبلك واحده تساعد في البيت


هزت رأسها باعتراض وهي تقول بمراوغة 


= وافرض ان ده غرضي فيها ايه، طالما ما جتش منك يا عديم الاصل بقيلي كام سنه بربي فيك و اخدمك، كفايه ابنك اللي متشحطط هنا وهناك بينك وبين طليقتك هو ده يرضي ربنا 


تحفزت ملامح معاذ ليتساءل ببطء 


= تقصدي ايه بكلامك بقى اني ارجع بسمه على ذمتي تاني عشان ابني ما يترباش بعيد عنا.


استنكرت أمه من استنتاجه الذي وصل له من كلامها لتهتف به بصوت غاضب


= واشمعنى دي اللي جت في دماغك على طول؟ آه تلاقيك بترفض تتجوز عشان في نيتك ترجع القديم؟ وعاوز اللي يشجعك على كده لكن على جثتي البنت الكذابه دي تدخل بيتي تاني


امتعضت ملامح معاذ لكلام أمه التي غادرت المكان غاضبة..وظل صامتاً في ذلك التيه الذي يضرب رأسه دون فائدة أو حل لحاله.


رغم أنه يسمع من جهات مختلفة لكن مشوش ويرسم بعقله ألف تصرف و لا يوصل لأي قرار.. فقط ضجيج عنيف يعصف بعقله صريع التعثر والتشوش، وعندما نظر إلي والدته من بُعد، ثم عاد لينظر إلى طاولة الحلويات وهو يتذكر الماضي، حينما كان يسقط شيء ما سواء بقصد أو بدون قصد، كانت والدته تقول له بعدم اهتمام لا يهم وتطلب من بسمة تنظيف المكان بالكامل دون أن يفعل شيئًا، وعندما رحلت بسمة.


ظلت تشتكي وتشتكي مثل بسمة وأكثر و تجبره على تنظيف ما فعله، وتخبره أنه يجب أن يساعدها في ترتيب المنزل من الآن فصاعدًا وهذا واجب عليه! وما يخربه يصلحه بنفسه. 


ولم ينقص من رجولته شيء إذا ساعدها في أعمال المنزل أيضًا... إذًن كانت بسمة محقة عندما كانت تشكو من كثرة الأعمال في ذلك الوقت، وهي اعترفت بذلك بطريقة غير مباشرة أو مقصودة.


❈-❈-❈


انتهت بسمة من غسل الاواني في الحوض بينما كانت تراقب وتسمع طفلها مالك الجالس أمامها يقص إليها بحماس شديد كيف قضي وقت ممتع مع والده ليله امس وما فعله معه. طالعته بنظرات دقيقة وهي متعجبه من تغير معاذ وقربه الواضح من إبنه فكل يوم يأتي ليراه ويطمئن عليه أو يأخذه بنزهه، حتى بدأ ان يتعلق به الطفل.. من المتوقع أن تفرح بما حدث فهذا ما كانت تتمناه وأنه بدأ يقترب هو وابنه من بعضهم البعض.


لكن كانت تشك بالأمر وتشعر بانه يفعل ذلك متعمد حتى يراها! هي لا تفهم نواياه جيد، لكن تأكدت عندما سألت والدها عن زياراته المتكرره لهم حينها ابتسم و أجابها بهدوء جاد 


= هو انتٍ مفكره نفسك الوحيد اللي واخده بالك من تصرفات طليقه؟ ابوكي مش كبر للدرجه دي، هو اكيد بيقرب من ابنه عشانك عشان يشوفك ولو بتفكري ترجعي مش همانع  ممكن تكون فرصه كويس عشان ابنكم ما يترباش بعيد عنكم، بس المره دي مش هغصبك وهرجعك بشروطك .


ومع ذلك، فمن المستحيل الوثوق بتغير معاذ. لقد عانت وحاولت ذلك في الماضي وفشلت جميع محاولاتها، وانتهى بها الأمر بالاحباط.


بينما أيضا قد انتهت من دراستها وحاولت تعمل بشهادتها لكن والدها رفض ذلك الشيء، وقد أخبرها بأنه وافق على تعليمها فقط ولا تحلم بذلك الشيء.. حتى في الفتره الاخيره تدهورت حاله متولي بشده وقد توقف عن العمل وهم الآن يصرفون من المعاش... و مساعده معاذ البسيطه أيضا لهم.. لكن وسط ذلك ظلت وما زالت تتجاهل أمر معاذ .


وفي ذلك الأثناء سمعت صوت مالك وهو يركض بحماس ولهفة يردد 


= بابا جي! ده صوت عربيته.


لمعت عيناها بنظره شرسه تدل علي غضبها وهي تقول من بين اسنانها بصرامة حاده 


= برده مش هرجع تحت رحمه اهلك تاني يا معاذ حتى لو رجعتلك فعلاً.


فلم تكن راضية عن اقترابه من طفلها لهذا السبب فقط، أو ربما يفعل ذلك لجعلها تستسلم وتعود مجبرة بسبب الطفل.


❈-❈-❈


علي الجانب الآخر، كانت مايسة تمدد جسدها المتعب فوق السرير، تشعر أن جسدها متكسر وكأنها كانت في حلبه مصارعه.. تنهدت بحزن شديد تريد تشكو لأحد كيف أصبح الحمل كبير عليها أو ربما لكونها لم تعتاد على ذلك، و شاهين يجعلها تنهك نفسها في طهو الطعام له واحيانا الى اصدقائه بالعمل حتى يدخل الى صفقات جديده لكن بالنهايه تفشل، وهي تنهك نفسها بلا فائده.. بالإضافة إلى القيام بأعمال المنزل الشاقة من ترتيبها ونظافتها.


وطوال فتره زواجها الطويله تلك، قد تفاجأت بأن تلك الأعمال أصبحت شاقه عليها فلا تصدق بأنها بمفردها تقوم بكل هذا العمل الشاق الذي كان يستوجب في الأصل أن تقوم به من البدايه، تنهدت ببؤس وهي تشعر بأن كل ما كانت تجبر بسمة على فعله في الماضي بأمر منها ها هو يرد عليها!!. و هي مضطرة أن تقوم بكل هذا العمل المضني لوحدها.. 


لكن رغم كل ذلك لم تعترف بخطائها بالكامل فما زالت تبحث عن فتاه مشابهه لبسمه تساعدها، وعند ذكر المساعده تذكرت منذر! الذي طال غيابه حوالي ثلاث سنوات ولا تعرف عنه شيء حتى الآن؟ فهي كانت تحمله فوق طاقته مثل والده أيضاً.. بينما كانت توفر كل شيء لمعاذ من الطعام والراحه وعلى الجانب الآخر ترفض أن تصنع له طعام مخصوص عندما كان يعود من الخارج متعباً وأحياناً أخرى تطلب منه أن ينظف منزله بنفسه لأنها ليس متفرغه الآن ومشغوله مع معاذ بشيء ما.


وتضطر بسمة لإعداد وجبات المفضلة لمعاذ، وهي لا تهتم بأمر طفلها الاخر، و رغم أنها كانت تراه يعود من الخارج متعباً وجائع لكن تخبره بكل جبروت أن يجهز الطعام لنفسه فليس الأمر صعب عليه، فهل بعد تلك السنوات الطويله بدأت أن تراجع نفسها في معامله طفلها الكبير وكيف كانت قاسيه عليه؟ حالياً فقط لاحظت ذلك؟ بعد أن رحل ولا تعرف أين هو!.


مدت يدها على الكومودينو تبحث عن دواءها 

ولعقت شفتيها وهي تتنهد ببؤس وإرهاق عندما وجدت العلبه فارغه، رغم انها قد اخبرت معاذ و شاهين منذ شهر تقريباً أنها بحاجه الى علاج حتى يشتري أحدهم لها وهو قادم، لكن لم يتذكر أحد حتى اليوم أو يلاحظ تعبها.


تذكرت في الماضي، عندما تمرض كان منذر هو من يسهر عليها طوال الليل بعد ان يحضر لها الدواء! واذا وجب يفعل لها الطعام بنفسه

ويظل جانبها حتى يتأكد من شفائها واذا كانت بحاجه الى الذهاب للمشفى أو الأمر بسيط، بينما شاهين ومعاذ يذهبون الى النوم دون ان يهتموا الى حالها .


ورغم كل هذا الإهتمام لكن كانت لا تقوم بشيء سوى التذمر منه وانه يبالغ بالأمر دون ان تشكره حتى، وبعد شفائها تعود و تعامله بنفس القسوه رغم أنه الوحيد من أسرتها يعتني بها لكنه رحل عندما فقد صبره واكتشف أنه لم يتم تقديره في ذلك المنزل، وهنا لم تتحمل المزيد وبكت ومواقف كثيرة وأصوات أكثر تتداخل برأسها تتعلق بمنذر وأفعاله، حيث كان الإبن الوحيد الذي كان مطيعًا طوال الوقت دون أن يتلقى أي مكافأة أو ينتظر أي شيء منهما.


شهقت بالبكاء متحسره وهي تقول بندم 


= سامحني يا ابني، سامحني يا منذر لأني عمري ما كنت الأم اللي تستاهلك يا حبيبي.


مسحت دموعها التي تساقطت بيديها بعد فتره وهي حزينه على رحيل منذر وعلى افعالها، ثم خرجت من شرودها علي صوت زوجها من الخارج وهو يأمرها قائلاً 


= مايسة انتٍ فين انا جيت يلا قومي حضري  الغداء بسرعه قوام عشان نازل تاني.


هزت رأسها بيأس ورغم أنها كانت مرهقة وتكاد الآن أن تسقط تعبًا نهضت تتوجه نحو الخارج لتفعل ما يريد حتى لا يغضب عليها.


الصفحة القادمة