قصة قصيرة جديدة خيوط واهية لماهي عاطف - الجمعة 19/7/2024
قراءة قصة قصيرة خيوط واهية
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة قصة خيوط واهية
قصة قصيرة جديدة
من روايات وقصص
الكاتبة ماهي عاطف
الفصل الرابع والخامس
تم النشر يوم الجمعة
19/7/2024
ظلت تجول بغرفتها ذهابًا وإيابًا تكبح غيظها من تجاهلهُ نحو معرفته بأمر خُطبتِها التي ستُقام اليوم أرادت أن يأتِ مسرعًا وانهاء هذه الزيجةِ قبل حدوثها لكن لا جدوى،
تسألت ذاتها ككل يومٌ لِمَ لم تَعُد تدور بمخيلتهُ كما قبل؟
لِمَ ابتعد عنها وتركها بطريقٍ وعرٌ لم تستطيع التعايش فيه بتاتًا؟
زفرت بحنقٍ وترقرقت العبرات في مقلتيها لكن تآبى الهبوط يكفي تقليل من شأنها والتفكير بهِ فهو لا يستحق حبها قط، رجلٌ سيكوباتي مثلهُ يهوىٰ السيطرة وعندما تأباه أنثىٰ يصبح تنين مجنح لإرضائه وإرضاء غروره فقط؟
ظلت تضرب بقبضتها فوق قلبُها لاعنة ذاتها لنبضات قلبها التي تنبض بقوةٍ وكأنها تقابل وحشًا لأجله،
تحطمت أحلامها كقلاعٍ واهيةٍ من الرمال حينما أخبرها برغبته في السفر للخارج والعودةِ بعد وقتٍ قصير لإنشاء حياتهما سويًا لكن اصبحت الوعود كالرماد حينما غادر ولم يعود لثلاثةِ أعوامٍ!!
استمعت لصوت شقيقته"حنين" تطرق الباب فسمحت لها
ولجت لتجدها بهيئتها المكسورة تلك كأنها فقدت عزيزٌ للتو!
شعرت بالشفقةِ نحوها لكن لا بيدها حيلةٍ لتفعلها بعدما قامت بالمشاجرة مع شقيقها أمس وبنبرةٍ رجاء ليعود لكنه أجاب بلامُبالة بأنها لا تعني له شيء سوىٰ إنها ابنة خالتِه!
اسرعت تجذبها نحوها لتُعانقها حينما وجدت شهاقتها تتعالى ربتت فوق ذراعيها بحنوٍ مُردفةٍ بآسفٍ: حقك عليا أنا يانيرة علشان خاطري متعيطيش، هو أخويا آه لكن بقولك والله مايستاهل زعلك عليه
ابتعدت عنها تمسح عبراتها المتساقطة فوق وجنتيها مُجيبة بمرارةٍ: لية سابني ياحنين؟ لية علقني بخيوط وهمية وكنت حاسة خلاص إن الدنيا هتضحك ليا، عمل فيا كده لــيــة؟
تحدثت بعصبيةٍ فارطة ثم امسكت بقنينة العطر الخاصة بها لتلقي بها بقوةٍ داخل المرآة ليتناثر الزجاج إلىٰ أشلاءٍ كقلبها المهلك بحبه امسكت "حنين" بيدها لتجلس فوق الفراش مُبتعدة عن الفجيعة التي قامت بها زفرت بضيقٍ لتسترسل حديثها بدعابةٍ: عاجبك كده الميكب باظ ووقعتي حاجتي علىٰ الأرض كده مليش دعوة أنا عايزة حقهم
ارتسمت ابتسامة فوق شفتيها قائلة بإمتعاضٍ: اخرجي بره أنا أصلا مش طايقاكي ولا طايقة أخوكي
قهقهت "حنين" ضاربة كف فوق الآخر بجنونٍ: دا أنتِ راحت منك خالص والله، أنا بقول اروح اجيب الجاروف اظبط الكارثة إللى عملتيها دي وأعملك ليمون يفوقك كده منهم لله الرجالة
خرجت من الغرفة لتنظر يمينًا ويسارًا قبل أن تُهاتف شقيقها بخفوتٍ: سمعت اهو لسه بتحبك اتفضل بقي اطلع أوضتها وصلح كل حاجة يعني خلي عندك دم ومتزعلهاش
بالداخل كانت تقف بالشرفةِ مشدوهة ملجمة اللسان لا تستطيع الحركة والحديث شاردة في الضجيج الذي تقيمه رأسها كل ليلةٍ كحفلةٍ صاخبة تُفكر بهِ، كلما شعرت نحوه بالاشتياق تتفحص حسابه الشخصي عبر الفيسبوك تتمعن بصورته تشعر بالفخر بالانجازات الكثير التي حققها بالفترةِ الماضية لكن مهلًا أين هي؟
اطلقت شهقة بفزعٍ حينما شعرت بهِ معها اتخذت خطوة مرتجفة إلىٰ الخلف عند رؤيته امامها هل ماتراه حقيقة أم حُلمٍ جميل يراودها كما أحلامها الباقية؟
مهلًا مهلًا هو يتقدم منها إذًا لم يكُ حُلمٍ قط!
ابتلعت ريقها بصعوبةٍ من هيئته الخاطفة للأنفاس رائحته التي تغلغلت بين طياتها كل شيء بهِ يجذبه نحوها دون عناءٍ .
توقف عن كثب يرتشف ملامحها الهادئة باشتياقٍ شديد تمنىٰ لو عانقها الآن ليحطم ضلوعها لكن أراد التريُث كي لا يفعل شيء يشعرهُ بالندم لاحقًا.
بعد امتداد غابة السكون بينهم حمحم بصوته الرجولي مُردفًا بإحتدامٍ: سمعت إن النهاردة جنازتك الكلام دا صح؟
شهقت من حديثه المحتدم القوي غير عابئ بوجودها؟
هل يُريدها أن تغادر كما اخبرها عقلها بأنها لم تعُد شيءٍ بحياته؟
رمقته بإستحقارٍ جَليًا بوضوح فوق قسمات وجهها بإستهزاء أجابت: لأ سمعك تقيل شوية النهاردة خطوبتي مش جنازتي ..
بتر حديثها مُشيرًا بسبابته بنبرةٍ تحذيرية:
كلام في الحوار دا مش عايز اسمعه أنتِ عارفة وكله عارف إنك ليا يانيرة والنهاردة أنا جاي علشان نكتب الكتاب ونسافر سوا
عقدت حاجبيها بصدمةٍ ألجمت لسانها لكن قهقهت بصوتٍ عالٍ كأنه أخبرها بمزحةٍ للتو!
رفع حاجبيه ليقول بتساؤلٍ وحدةٍ في آنٍ واحد:
إيه إللى بيضحك هو أنا قُلت نكتة والا حاجة؟
توقفت عن قهقهتها الساخرة من حديثه المثير للإشمئزاز ووقاحته هل يُخبرها بأنه جاء ليصك ملكيته ويأخذها معه للخارج وكأنها آلة يُحركها كما يشاء!
استطردت بنبرةٍ حادة: ومين قالك إني هوافق علىٰ الهبل دا؟، أنا خلاص خرجتك من حياتي ومش عايزاك أصلا خلاص كده خلصت
نبرتها القوية الحادة جعلته يرتبك بعض الشيء مُضيفًا بسخريةٍ: وعلشان مش عايزاني في حياتك رايحة ترمي نفسك في النار وتتجوزي واحد أخرس؟
لكزته في صدره بقوةٍ مُجيبة بنبرة استهزائية:
هو الأخرس دا كلب والا إيه؟ وبعدين حتىٰ لو كلب علىٰ الأقل الكلاب وفية مش زي ناس
كبحت ضحكتها علىٰ هيئته والشرارة التي اطلقتها من حديثها المُشير نحوه بترت صرخته بها بغضبٍ سافر:
اطلع بره بقي يلا، بدل اقسم بالله لهصوت واخلى الكل يعرف بوسختك وانانيتك يابن خالتي
امسك بخصلاتها المتدلية بنعومةٍ علىٰ وجنتيها ليقول بإعجابٍ صارخ مصطنع: الله حلو أوي الميكب دا مين إللى عامله
بتعالٍ أجابت: أختك الميكب ارتست بتاعت العائلة و ..
لم تستكمل حديثها نظرًا لِمَا فعله بوجهها فقام بدمج كل شيء علىٰ وجهها فاصبحت مثل المهرج بهيئة جعلتها مُثيرة للضحك
لم تجد ماتفعله سوىٰ الجلوس فوق الفراش وعبراتها تتساقط بغزارةٍ اشفق علىٰ حالتها السيئة بسببه فاقترب من موضعها يجلس علىٰ ركبتيه مُلتقطًا يدها واضعًا قُبلة بسيطة بباطنها مُستطردًا بحنانٍ: حقك عليا متزعليش، بس شكلك مش بشع أوي كده علشان تعيطي للدرجادي
رمقته بصدمةٍ ظن أنها تبكي بِما فعله بوجهها فماذا عن قلبها؟
ظلت تلكمه بقوةٍ في صدره تارةٍ وتبكي بنحيبٍ تارةٍ أخرىٰ، امسك يدها لتكفي عن وجعه بقبضتها القوية فأراد تركُها تفعل ماتريده كي تأخذ حقها منه تنفس بعمقٍ مسترسلًا بنبرةٍ هادئة:
حقك عليا بجد يانيرة متزعليش منى علىٰ أي حاجة عملتها بس والله غصب عني كل إللى حصل أنا فضلت تلات سنين بره مصر بس إللى متعرفيهوش إني كنت مُهدد بالخطر ومعرفتش انزل خالص ولا اقول لحد علىٰ إللى حصل علشان محدش يقلق
شدد فوق خصلاته بعنفٍ ليُتابع بجنونٍ:
مكنتش مصدق أي حاجة بتحصلي ولحد ماعرفت بخبر خطوبتك اتجننت ولما صدقت وعرفت انزل مصر قررت اكسر عضمك إزاي تفكري ترتبطي وتتجوزي واحد غيري؟ إزاي جالك قلب تكسريني كده إزاي بجد؟
رمقت حديثه بعدم تصديقٍ لكن لم تصمت كعادة الفتيات ترغب بجرعة النكد دون أدنى سبب بعصبية فارطة ردت: وأنت مكنش عندك دم وطمنتني لية؟ مسألتش كنت مبسوطة والا قلبي حزين والا بموت والا فيا إيه لية؟ مفسرتش لية يانور لية كنت ناوي تهد كل حاجة بينا بلمح البصر هونت عليك اروح لغيرك؟
حرك رأسه بالنفي مُتقدمًا منها ليأخذها في عناقٍ مُشددًا بقوةٍ عليها تغلغلت بروحها السعادةِ جعلتها كفراشةٍ خفيفة الظل تتحرك بسرعة بين الأزهار من شدة سعادتها بعودته لها بعد مشقةٍ انغمست بها في حياتها ..
دغدغ مشاعرها وهي تستمع لكلماته التي اذابتها حينما أضاف بخفوتٍ: وحشتيني أوي ياضي عيون نور
أصبحت وجنتاها بلونٍ أحمر قانٍ من شدة الخجل لاعنة ذاتها علىٰ تسمُرها هكذا لكن ارتسمت ابتسامة علىٰ شفتيها بإنتشاء من كلماته التي شعرتها بسعادةٍ تملك كيانها فأردفت بمراوغةٍ: ابعد كده مينفعش إللى أنت بتعمله دا أنت ناسي إن خطوبتي النهاردة
جذبها من رسغها قائلًا بصوتٍ فحيحٍ: هموتك خلي بالك
اقتربت منه بدلالٍ أنثوي بتلاعبٍ أردفت:
موتني ياحب مين حاشك؟
ابتلع ريقه بصعوبةٍ من اقترابها المُهلك لقلبه الضعيف المشتاق لها مُستغفرًا بداخله كي لا يجعل تلك الشفاة تصمت للأبد عن هرتلتها ابتعد عنها قبل مُغادرته القىٰ علىٰ مسامعها حديثٍ أرادت الركض نحوه لتُقبله مُرسلًا غمزة عابثة لها:
كتب الكتاب النهاردة هبعتلك الميكب ارتست بتاعت العائلة تظبطك عقبال مانزل اخلص الحوار مع أبوكي
تهلل وجهها من حديثه المخترق لقلبها مما جعل نبضاته في تزايد ظلت تقفز فوق الفراشِ من شدة الشعور بالارتياح التي تملكا بها، توقفت كي تهدئ قليلًا من جنونها رامقة ذاتها بسخريةٍ بالمرآة التي تحطمت بفعلتها : إيه العبط إللى عملته دا
صدعت طرقات تلو الأخرىٰ فابتسمت عندما علمت بأنها والدتها و"حنين" بوجه بشوشٍ سعداء فركضوا يعانقوا إياها بما أخبرهم بهِ "نور" ..
فتحدثت "حنين" بمكرٍ: من نص ساعة مكنتيش طايقة اخويا إيه إللى حصل؟
لكزته بخفةٍ قبل أن تُعقب علىٰ حديثها بغيظٍ: وأنتِ مالك وبعدين مش هقولك غير لما تكبري ياحشرية هانم
قهقهت الأخرى قائلة بإمتعاضٍ: رخمة بجد، طب علشان تعرفي بقي أنا إللى كلمته وسمعته كلامك الوحش عنه تستاهلي
حملقت بها بدهشةٍ فبترت والدتها هذه المناقشة
لتقول بصياحٍ : بس بقي أنتوا الاتنين، وأنتِ يا آنسة نيرة روحي غيري فستانك الأزرق والبسي الأبيض دا نور اشتراه وصمم تلبسيه
رمقت الفستان بإعجابٍ صارخ ثم هرولت نحو الخزانة لتضع بها الفستان الأخر ودخلت الحمام كي تُبدل ثيابها ..
❈-❈-❈
تحدث والدها مع عائلة العريس ليرفض تكملة هذه الخطوبة بعد الصراع والمناقشة الكلامية الحادة التي دارت، هو يعلم بأن ابنته تَكِن مشاعر لـ"نور" وبرغم العوائق التي حدثت ترك كل شيء يسير علىٰ وتيرةٍ واحدة كما خطط الأخر لها ..
علىٰ الجانب الأخر ارتدى حلته السوداء الأنيقة لينظر في المرآة برضا من مظهره ليهبط لأسفل ينتظر حبيبته تطلع بالخاتم الذي يحمله ببنطاله كَهديةٍ لها فابتسم داعيًا أن تمر هذه الليلة دون حدوث عوائق فهو لم يتحمل ما يبعدهُ عن حبيبته مرةً أخرىٰ.
استمع إلىٰ الزغاريط ليتطلع إلىٰ الدرج بلهفةٍ وجدها تهبط بهيئتها الفاتنة بفستانها الأبيض الضيق الذي أبرز منحنياتها بشدةٍ
جعلها كأميرة هاربة من كتب الاساطير، شعرها الشبية كخيوط الذهب حريري، نظرات عسلية بريئة، اقسم بأنه لم يرىٰ فتاة مثلها من قبل، نظراته تتعمق وتلمع لرؤياها يرغب في احتضانها لكنه تماسك قليلًا تقدم من والدها واضعًا قُبلة فوق جبهتها مُستندًا بخاصته فوقها قبل أن يتأبط ذراعها:
زي القمر يانيرة ربنا يباركلي فيكِ
جذبها نحو الساحة لتتراقص معه علىٰ الموسيقى الهادئة الرومانسية حاوطت عنقه تتحرك معه واضعة رأسها فوق نبضات قلبه مُغمضة جفونها تتمنىٰ ألا تستفيق علىٰ كابوس مزعج لهما ..
بعد ساعةٍ صعدت معه إلىٰ الغرفة الخاصة بها بعدما أخبرهم بسفرهم غدًا لقضاء العُطلة دلفت إلىٰ الغرفة بخجلٍ شديد يصاحبه ارتباك من هذا الوضع امسك بيدها بقوةٍ يعتصرها غير مُصدقًا بأنها معه وأصبحت له بعد مرور هذه المشاحنات بينهما حلمه تحقق وباتت معه للأبد؟
ظل يغلق عيناه ويُعاود فتحهم علىٰ مصراعيهم لتستغرب من حالته مُبتعده عنه بتوجسٍ هل جن أم ماذا؟
تحدثت بقلقٍ: أنت بتعمل لية كدة أنت كويس؟
أومأ لها بإيجابٍ ثم جلس فوق الفراشِ ليجذبها كي تجلس بجواره ينعم بقُربها مُردفًا بتساؤل هائم: هو أنا فين، في الجنة؟
ابتسمت لتُجيبه بدعابةٍ: لأ في اسكندرية.
قهقه فتلاقت أعينهما سريعًا فشرد للحظاتٍ يتأمل حدقتيها
قائلًا بعبثٍ: دمك خفيف بس وحياة امك بلاش تبصيلي كده علشان بتوه في عيونك الحلوين دول
ابعدت عينيها عنه حتىٰ تلونت وجنتيها بالحمرة من شدة خجلها نتيجة حديثه ليبتسم مُستطردًا بخفوتٍ: اوعدك إني هعوضك عن التلات سنين دول وعن أي زعل كان بينا،
بحبك أوي أوي ياضي عيون نور، آه نسيت اديكي الهدية دي
تطلعت نحوها بفضولٍ ثم أخذتها منه قائلة بإمتنانٍ وإعجابٍ:
الله حلو أوي بجد ربنا يخليك ليا
قامت بإرتدائه بسعادةٍ وعيناها تلمع بوميض الحب ناظرة له بتعمقٍ كأنها تُخبره بأنني مُمتنة لإنك معي أُحارب بكَ جلّ مخاوفي وأغفر للحياة لإنكَ عودت ليّ وكأن وجودك ينزعُ من قلبي الأسىٰ يضمدني يمحو آثار الماضي ويحمي روحي الرقيقة من جلفة العالم، مُمتنة لإن الحياة معك أكثرُ رحابةٍ أكثر إتساعًا وسعادة لأني أبدو سعيدة معك دون سواك ..
لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..