-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 9 - 1 - الأربعاء 24/7/2024

 

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع

1

تم النشر يوم الأربعاء

24/7/2024 


بخطوات مسرعة رغم حرصها المعتاد، عبرت المساحة الفاصلة بين غرفتها والغرفة الأخرى ، لتطرق على بابها متجاهلة الحرج، او الخجل في ازعاج البشر وايقاظهم في هذا الوقت المبكر. 


حتى اذا فتح باب الغرفة قوبلت بالسخرية والاندهاش على الفور : 

- يا نهار ابيض، معقول ! انتي جاية من اوضتك لحد هنا برجليكي ومن غير توصيلة كمان؟ هو فين حسن؟ ازاي يسمح بالتسيب ده. 


وقبل ان يفتر فاهها بالرد ظهرت من خلفه زوجته هي الأخرى تتضامن معه عليها ضاحكة: 

- اه صحيح دي شهد، وعلى باب اوضتنا صح يا امين، اكيد حسن نايم وهي بتغفله كعادتها. 


صاحت تسكتهم هما الاثنان بنزقها: 

- دا مش وقت هزار الله يخليكم، انا جاياك في سؤال يا امين،  ارجوك تجاوب عليه لو تعرف. 


لفتت بجديتها انتباههم، ليتخلى امين عن عبثه سائلا لها بتوجس: 

- ايه الحكاية يا شهد  قلقتيني؟ تعالى ادخلي الاول مش هتفضلي واقفة ع الباب. 

في الاخيرة هم ان يجذبها من قماش عبائتها للداخل ولكنها تشبثت بالأرض معبرة عن رفضها: 


- دا مش وقت كلام ولا راحة، انا عايزاك بس تشوف صاحبك دا اللي غايب عن عروسته من امبارح،  وعماله تتصل بيه ما بيرودش، هي بس رسالة يتيمة،  رد بها على اخر العشية وقال انه مشغول جدا، بعدها قفل تليفونه وكأنه فص ملح وداب، لدرجة اهله نفسهم واخته اللي حضرت الحنة معانا امبارح كمان قلقت وبقت مش عارفة تبرر تصرف اخوها. 


- اختفى! وليلة حنة العروسة كمان! ازاي يعني؟ 

تمتم بها عاقد الحاجبين بشدة، ليدلف على الفور داخل غرفته، متوجهًا نحو الهاتف: 

- انا هشوف الواد دا راح فين يا شهد متقلقيش، اتصلي على أختك وطمنيها، عصام من اول ما اتعرفت عليه وهو راجل،  يعني لو في أي حاجة هيتكلم على طول،  مش هيقل بنفسه ولا يستندل في شيء مهم زي ده. 


تبعته زوجته الى الداخل وقد اصابها القلق هي الأخرى،  وتوقفت شهد تلتقط انفاسها بتوتر يعصف بها، تتابع اتصاله في محاولات باءت بالفشل لعدم استجابة الاخر بالرد عليه، لينتقل شعور القلق داخله هو الاخر، فجاء رده الحاسم: 

- انا نازل دلوقتي، ولو في سابع ارض هعرف اجيبه. 

ردت باستجداء تخاطب نخوته: 

- ياريت يا امين، دا البت ما قادرة تنام من امبارح، هتموت من القلق والخوف، دا عمره ما عملها ولا ردش على مكالمتها الا لو في الشديد القوي، اللي يمنعه. 


اومأ يوافقها الرأي، فهو الاعلم بلهفة الاخر في الارتباط والزواج من شقيقتها، وعقله الاَن على وشك التوقف بحيرة اصابته، عن ماهية هذا التحول العجيب،  في ظرف هام كهذا. 

- شهد واقفة مكانك بتعملي ايه؟ 

كانت هذه صيحة زوجها، بنبرة الجزع التي تعلمها، لتدافع مبررة على الفور : 


انا كنت جاية في طلب مهم يا حسن وماشية اهو . 

قالتها وكادت ان تميل بسيرها،  لولا ذراعيه التي لحقت عليها كي تسندها، فغمغم بتوبيخ: 

- وتجيلو انتي بنفسك ليه؟ ما كنتي كلميني انا وانا اجره من قفاه لحد عندك، عايزة تتعبيني في اللف وراكي وبس يا شهد. 


تجاهل امين الرد على مزحته، وتركه في الأخذ والرد مع زوجته، طوال طريق وصولهم لغرفتهم، اما هو فقد اغلق الباب سريعًا ليخلع عنه التيشرت البيتي الذي يرتديه،  باحثًا عن شيء يصلح للخروج في خزانة الملابس بعجالة اجبرت زوجته للتساؤل: 


- طب انت هتخرج كدة من غير ما تحدد وجهتك، مدام بتقولك ان اهله مش عارفين مكانه،  يبقى كدة هتروح على فين تسأل عليه بقى؟ 


التف نحوها باستدراك متذكرًا تغيره بالأمس،  ليلتف عائدًا لهاتفه على الفور، يتصل بأحد ما : 


- الوو يا صبري انا الظابط امين............ يا أهلا وسهلا بيك يا حبيبي، معلش انا كنت بتصل في استفسار سريع كدة...... تسلم يا حبيبي الله يخليك؟ شوف يا سيدي انا عارف طبعا ان انت كنت مرافق عصام في مشوار المحكمة امبارح ونقل المساجين و.......... بتقول ايه؟........ 


اعتدلت لينا من جسلتها تتابع رد فعل زوجها في تقلص ملامحه وهو يستمع الى الطرف الأخر عبر الهاتف، وسرده عما حدث دون انتظار السؤال: 


- ازاي يعني اتخانق في المحكمة؟ ومع مين؟........ السجين ابراهيم بتاع قضية الخطف والقتل القديم....... 


تمتم الاخيرة بملامح انقبضت تعابيرها بشدة،  وهذه المفاجأة بذكر اسم هذا البغيض،  تشعل برأسه ملايين التساؤلات،  عما قام بفعله، ليحدث هذا التغير بشخص هاديء كعصام. 


❈-❈-❈ 


خرج من غرفة مكتبه ، بعد فترة طويلة من مراقبتهم من خلف الحائط الزجاجي، وحالة السكون تلك التي تميز بها والدته هذه الايام، رغم قلقه في بعض الاحيان ، فهي ليست مضمونة على الإطلاق،  ولكنه لا ينكر ارتياحه باندماجها مع هذه الجميلة، كزهور الحديقة من حولها، تشيع بهجة بالمكان رغم حزنها، مشرقة مثلهم، وصافية بصفاء السماء فوقها، وخضار العيون الساحرة يمتزج مع لون الخضرة بجوارها، بامتزاج يثير الدهشة. 


- صباح الخير. 

القى التحية بصوته الرخيم مفاجئًا لهم، ف انتفضت والدته برد فعل اعتاد عليه، ولكن اثار غيظه: 


- في ايه بقى يا ماما، مش عفريت انا واقف قصادك يعني عشان تتخضي كل مرة كدة . 


لطفت بهجة على الفور بعد ترديدها التحية وكأنها تولت مهمة الدفاع عنها: 

- معلش يا رياض باشا،  بس هي كدة مع الكل، شكل نجمها خفيف زي ما بنقول عندنا في الحارات الشعبية. 


حدق بيدها التي كانت تضعها على ذراع والدته كدعم لها، وكأنها تبثها الاطمئنان بلفتة بسيطة جعلته يعلق بابتسامة: 

- ماشي يا بهجة نديها عذرها، طب ممكن تسمحولي اشاركم الجلسة على الترابيزة ولا اشرب من العصير اللي بتشربوه؟ 

- يا نهار ابيض يا فندم، اتفضل حضرتك. 


تفوهت تنهض عن مقعدها بفعل اثار استيائه: 

-  انا بقول اشاركم يا بهجة، مش تقومي واقعد مكانك. 


اكتنفها الحرج لتعود لجلستها تتمتم بالاسف بكلمات غير مترابطة من فرط ارتباكها، وجلس هو مقابلا لها، بقرب اثار الخجل بها،  رغم المسافة الفاصلة بينهم بالطاولة، لديه هالة وهيبة تثير بقلبها الرهبة فتفقدها التوازن، على الاقل داخلها : 


- ما قولتليش بقى، عن سر تعلق ماما بعائشة الصغيرة. 


على اثر سماع الاسم انتفضت نجوان بانتباه، جعله يعلق بمرح: 

- يااه للدرجادي عائشة معلقة معاكي؟ 


تبسمت تجيبه بسجيتها: 

- يمكن عشان بترغي معاها، اصل انا اختي ما تتوصاش ابدا في الحتة دي، تجيب الشرق ع الغرب وما بتملش، انا وجنات وايهاب بنتعب منها ونسيبها، أما بقى نجوان هانم بحسها تنبسط من رغيها مش عارفة ازاي؟ 


ختمت باتساع ابتسامتها التي زادتها جمالا ليحدق بها برهة من الوقت جعلتها تعود لخجلها ، حتى استدرك هو ليتحمحم من حالته تلك ، ليقول بجدية: 


- على فكرة انا كلمت دادة نبوية من شوية طمنتني المرة دي عليها وبشرتني انها هتعود قريب لمزاولة شغلها . 


- بجد ، يعني انا هرجع لشغل المصنع من تاني؟ 

قالتها بلهفة بقدر ما ادهشته، بقدر ما اثارت استياءه من الداخل ليشاكسها بلؤم: 

- زهقناكي وتعبناكي اوي معانا يا بهجة صح؟ 


افتر فاهها واغلقته عدة مرات وقد غمرها الحرج كطفلة صغيرة تعجز عن الرد للحظات حتى تمكنت بتلعثم: 


- لا والله يا فندم..... ااا مش حكاية اني زهقت ولا تعبت، انا بس اشتقت لشغلي ولصحبة البنات الغلابة اللي زيي والريسة صباح. 


لطف يخفف عنها رغم استمتاعه بهذا الوهج الذي طغى على بشرتها الشفافه حتى اصبحت كتلة ملتهبة امامه، ثم برائتها التي تكاد ان تطيح بعقله. 


- انا فاهم يا بهجة مفيش داعي تبرري، مهمها كان المميزات هنا لكن انتي برضو محتاجة تخففي عنك المسؤولية. 


قال الاخيرة بنظرة جانبية نحو والدته التي تتابع وكأنها تفهم ما يدور بعقله، رغم ان الظاهر غير ذلك . 


تحمحم يستفيق من حالته، لينهض فجأة عن الجلسة الممتعة متذكرًا ما ينتظره من اعمال: 

- انا هقوم اشوف الشغل اللي ورايا، رغم ان القعدة هنا ما يتشبعش منها، محتاجة حاجة يا بهجة قبل ما اخرج؟ 


- انا يا فندم؟ لا طبعآ. 

نفت بها وعلى الفور حتى تسبب في ضحكة عابثة على شفتيه ليعود موضحًا: 

- انا بسأل يعني عن الست الوالدة يا بهجة ، ولا دي كمان مش محتاجة؟ 


تبسمت باضطراب لتتذكر ما ينقصها من دواء: 

- اه صحيح حضرتك انا كنت عايزة اقولك عن العلاج المستورد ، هو قرب يخلص والاحسن يعني نجيب غيره قبل ما ينقص مننا، بس انا دلوقتي مش فاكرة اسمه، اصله تقيل اوي،  اروح بسرعة اجيبهولك.

الصفحة التالية