-->

قصة قصيرة جديدة جحر الأفاعي لزينب خالد - الأحد 21/7/2024

 

قراءة قصة جحر الأفاعي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




قصة جحر الأفاعي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب خالد

تم النشر يوم الأحد

21/7/2024


_ أي القرف دة، قولت مية مرة مبكلش الأكل دة تروحيه عاملاه.


انتفض جسدي بذعر وظل يرتعش أثر صياحه وظهر ذلك على حديثي عندما لم أجد ما أجيب به، فلم يرحم حالتي بل أكمل صياحه ف تحدثت بنبرة مرتعشة سريعة:

_ كل الأكل غالي في السوق وأنت مش بتديني فلوس كافية اني أجيب 


نظر إليها أمجد بغضب يمتزج بقسوة لا تنضب أبدًا من عينيه ف أجاب عليه بنبرة متشددة غاضبة: 

_ دة اللي أنتي شاطرة فيه الكلام وبس لكن لو بالفعل مفيش، مش عارفه تعملي زي الستات بتدبر وتوفر من أقل الامكانيات وبتعيش أجوازتها في جنة لكن أنت خايبة ولا بتعرفي تعملي أي حاجة .. غوري سديتي نفسي 


انهى حديثه وقام برمي الصحن بإشمئزاز وخرج من المنزل بأكمله، نظرت تجاه الباب بعدما أغلقه وجسدي لم ينفك من رعشته، تشعر وكأن جسدها أصيب ببرد ولا يهدأ أبدًا، تحركت المم الباقي من الطعام بعدما بعثره ولكن توقفت فجأت وانفجرت من البكاء لما يفعله معي دائمًا، جلست على المقعد أضع وجهي بين يدي وعيني لا تتوقف عن ذرف الدموع تحرق وجنتي كما تحرق روحي من داخلها .. لم أرى يوم واحد بحياتي هادئ دون مشاكل أو قسوة معتادة منه، كنت أعتقد بأنه السند الذي سأتكئ عليه بعد وفاة والدي عقب زواجي ولكن ما حدث العكس تمامًا، حيث لا ينضب أبدًا عن غضبه وقسوته الغير مبررة وليس هو فقط بل والدته تسانده وتزيد من الطين بله ف أصبحت أحارب جانبين يتصارعان على من هو أكثر صلابة وغلظة عن الآخر .. اتمنى الآن بأن يرد الله أمانته الآن حتى أشعر بالراحة الأبدية 

❈-❈-❈

باليوم التالي..


نزلت لمنزل والدة زوجي لأن اليوم هو يوم عودتها بعدما قضت عدة أيام بمنزل أقاربها، كنت أشعر بالراحة لعدم وجودها ولكن يبدو بأن الراحة لا تدوم كثيرًا معي.

_صباح الخير يا طنط

 

_هنشوفه منين الخير بوشك العكر دة

تحدثت بها والدته بتهكم، المتعارف دائمًا بوجود وصلة صباحية يتم بها توبيخي بسبب وبدون وأظل ملزمة بالسمع والطاعة ك أخرس لا يقدر على الحديث وإلا ستشتكي لزوجي وهو يجيب عليها بالضرب المبرح على جسدي.



_حمدلله على سلامتك .. اعملك أي 

_ أول حاجة تفتحي الشقة كدة، مالها بقت مكمكمة كدة ليه، وبعدين تمسحي الشقة كلها عشان كلها تراب وتقرف وأنا مبحبش أقعد كدة .. وبعدين اعملي الأكل عندك الحاجات جوة تعمليها 


وما أمرت به ظللت أعمل طوال اليوم دون راحة لدقيقة واحدة وعندما أقارب على الإنتهاء يظهر شيء جديد علي فعله وكل ذلك دون التذمر أو الهتاف بكلمة إعتراض واحدة.

وبعد نهاية اليوم الشاق صعدت أنا وأمجد لمنزلنا فوقها، لم أكن أشعر بجسدي من كثرة التعب ولكنه أكمل علي بقوله ببسمه كريهه:

_ يلا خشي البسي أي حاجة حلوة كدة 


اقترب وبدأت انامه تسير ببطأ على ذراعي ولكن حقًا لم أكن أطيقه بهذه اللحظة، شاعرة بالكره والاشمئزاز منه ومن كل شيء .. فتحدث بنبرة مهتزة ضعيفة: 

_ أنا مش قادره، تعبانة ومش رايقة 


_تعالي بس وأنا هفوقك 

اقترب مني أكثر ولكن راودني إحساس بالغثيان والقرف لم أعد أطيق قربه وملامسته لي، فصرخت بوجهه بصلابة: 

_ يا أخي سبني بقى قرفانة منك، لو قربت مني تاني لموت نفسي .. كفاية بقى ظلم وقهرة لحد كدة 


يبدو بأن حديثي أشعل فتيل غضبه المتواجد دائمًا، فوجدت عينيه ك ظلام دامس دليل على هلاكي ثم لم أشعر إلا وبصفعة على وجنتي ولم يكتفي بل ظل يصفعني حتى شعرت بالتنميل يزحف رويدًا لوجنتي ولم يكتفي بذلك بل ظل يصيب جسدي بضربات مبرحة قوية وأجاب بخشونة مهتجة: 

_ دة أنا هخليكي مش نافعة لحاجة بعد كدة 


ف أدركت بأن ما يفعله ما هو إلا بداية ممهدة لما هو أقسى وأصعب، فحاولت الفرار منه ومن قبضته ولكن إصراره على النيل مني كان أقوى من أي شيء، حاولت معاطفته والتوسل إليه والصراخ بالرحمة ولكن ما هي الرحمة بالنسبة لرجل تجردت منه جميع صفات الرجولة والأخلاق، فبدأت جامدة لا تتحرك كأنه أجهر علي وأخذ روحي بالبطيئ.


ابتسم بتهكم ونظرات متشفية وقال: 

_ اشرحيلي بقى قرفانة مني ازاي دلوقتي


ذرفت الدموع دون صوت وانكمشت بجسدي أحميه تحت الغطاء الذي أخذته بصعوبة بالغة، لم أقدر على مجابهه ولا حتى الصراخ بوجهه فلم أشعر بنفسي إلا بدخولي لدوامة سوداء ابتلعتني برحابة صدر.


❈-❈-❈

اليوم التالي..


_ قومي يا مزغودة .. بقينا الضهر، قومي 


وجدت يد قوية تحرك جسدي بعنف بدون إهتمام للآلام التي تسببه، لا أعلم ما يحدث لي ولم أشعر سوى بكوب ماء مثلج انسكب على رأسي بقوة، فشعرت وكأني أغرق وحقًا لم أدرك ما يجري، نظرت بخوف وشهقت بقوة وكأني عودت من الغرق بصعوبة ف كمشت الغطاء حول جسدي أحاول الرؤية ولكن يوجد ضباب يمنعني، فتحدثت بإضطراب مفزع:

_ في أي .. أنتي مين 


تفاجئت بوجودها أمامي بل إقتحامها علي بمنزلي وخاصة غرفة نومي وأنا عارية بهذا الشكل، فصرخت بوجهها بقوة وأسترسلت قائلة: 

_ أنتي ازاي تدخلي عليا أوضتي 


ناظرتها بتهكم يشوبه السخرية ف أجابت بسخط: 

_ دة على أساس إنك زي الستات وكدة، يكش في الآخر بتعرفي تبسطيه .. قومي قومي بلاش دلع ماسخ عشان البنات جايين انهاردة عزماهم، أنتي لسه هتبصيلي .. قومي يلا 


أنهت حديثها بصراخ حاد بوجهي وجسدي مازال يرتعش بقوة آثر المياه والخجل يكتنفني بشدة ولكن الحياء لا يعرف طريقها أبدًا ومهما استنجدت بأحد لن يقف معي ويأزرني، فصمت بقهر نابع من قلبي ولكن ما الفائدة لا شيء .. دلفت لأخذ حمام دافئ لجعل جسدي يشتد ولو قليلًا، حاولت البكاء لعلى هذا يريح قلبي ولكن لم يعد شيء ينفع.


نزلت للأسفل ثم بدأت بعملي المعتاد ولكن هذا اليوم يعد من أسوء الأيام وذلك لأنه يوم تجمع العائلة وعندما يأتي الجميع يصبح على عاتقي فعل كل شيء حتى كوب الماء يظل كما هو حتى أتي، أضع الأطباق على السفرة ولم ينهض أحد منهم ليساعدني وبينما أعمل .. اقتربت شقيقته وسألتني بتكبر:

_ عملتي المكرونة بالبشاميل 


أومأت برأسي بصمت فأجابتني بغلظة شديدة:  

_ هو أنا مش بكلمك ولا اتخرستي 


تحدثت شقيقته الأخرى بسخرية: 

_ سبيها تلاقيه قطع لسانها، كويس أحسن ما تصدعنا أدينا مرتاحين 


ساكنة هذا كل ما أفعله عندما يتحدث أحدهم إلي، لم يعد هناك طاقة للمجادلة وإذا تحدثت ولو بكلمة سينقلب الأمر ضدي والآن جسدي لن يتحمل أي ضرب آخر .. انهيت الطعام وجلست بالمطبخ أي أمر؛ لأنه لا يجوز الجلوس معهم وأنا بالنسبة لهم خادمة لا أكثر ولا أقل .. وبالنهاية لا أكل إلا بواقي الطعام وذلك لو وجدت من الأساس، طلب أحدهم كوب ماء فنهضت لكي أجلبه وعند دخولي مرة أخرى وجدت زوجي يدلف ويديه ملتفة حول خصر سيدة .. ناظرته بإستفسار وتعجب فقطع نظراتهم المتعجبه بقول وهو يبتسم ويقربها أكثر تجاه: 

_ أقدملكم مراتي سهير 


صاعقة ضربت الجميع وكأنه القى أحد الدعابات، فضحك على هيئتهم واسترسل:

_ مالكم مبلمين كدة ليه .. مفيش مبروك 


ببسمة متسعة تحدثت سهير بوداعة: 

_ ازيك يا ماما، مش حضرتك ماما أمجد بردوا 


استفاق الجميع من صدمتهم ونهضوا يهنئونهما وأنا متسمرة لم يتحرك شيء بي، لم أستطع تجاوز كل ما يحدث ليأتي بزواجه ويكمل فعلته .. شعرت بشيء غريب يدور بداخلي لا أعلم ما هيته فيقظ عقلي عندما تحدث أمجد بفرحة وهو يقوم بتعرفيها ويده تقربها أكثر وكأني لا أعنيه إطلاقًا:

_ ودي يا ستي سمر مراتي، تقدري تعتبريها من انهاردة الخدامة بتاعتك، معلكيش بس غير إنك ترتاحي وهي هتقوم تعمل أي حاجة 


حضنتني بود زائف وتحدثت والمكر يلون عينيها:  

_ دي من انهاردة هتبقى صاحبتي وحبيبتي كمان .. ازيك يا قمر


التفت للداخل دون حديث وكأن ما يحدث كابوس ولا أستطيع الخروج منه، بحثت عن سبب فعلته ليحدث كل هذا ولكن لم أجد طوال عمري وأنا أعيش مسالمة لا أذي شخص ولكن ما يحدث يدل على أني سأظل معاقبة طوال حياتي .. استمع لضحكاتهم بالخارج وللسخرية يتعاملون بشكل طبيعي وكأنه لم يفجر قنبلة منذ قليل، ولكن أعلم المغزى وهو أن أشعر بالقهر ولم يعلموا بأني لا أشعر بأي شيء بهذه اللحظة وكأنه تم دفن إنسانيتي. 


انتهت الأمسية وعاد كل منهم لمنزله فخرجت ووجدت ثلاثتهم يقفون وقال أمجد بحنان:  

_ يلا يا حبيبتي نطلع 


ناظرتني سهير بحنان مزيف وأجابت ببسمة: 

_ طب يلا يا سمر 


رمقتني والدته بتحذير من الموافقة وأجابت بدلًا مني بود: 

_ لا هتفضل بايتة هنا انهاردة، الليلة دخلتكم يا بنتي 


أجابتها الأخرى بإعتراض: 

_ لا طبعا دة بيتها ولازم تطلع، دة أنا اللي ضيفة 


رفع إحدي يديها وقبلها بحنان وتحدث بدفئ: 

_ الليلة دي ليلتك ودة بقى بيتك ومملكتك، وزي ما قولتلك دي اخرها تبقى خدامة بس غير كدة لا 


رمقتهما والدته بفرحة عارمة وقالت ببسمة متسعة: 

_ لا طبعا خلاص بقى .. بعدين هي هتفضل هنا تروق الدنيا أنتي شايفة المكان يضرب يقلب ازاي .. يلا مبروك يا حبيبتي ويارب يجعلها جوازة الهنا ويرزقكم الذرية الصالحة


الخبث لون عينيها بقوة مزيفه حبها ولكن أعلم نيتها من الداخل ولم أشعر سوى والباب يغلق على كلينا فقط وبعدها استمعت لحديثها البغيض حيث قالت: 

_ يلا نضفي الدنيا دي كلها، أنتي شايفة الدنيا تقلب ازاي وبعدين استني صح 


دلفت للداخل وخرجت وبيديها تحمل وسادة وغطاء وقذفتهما بوجهي واسترسلت حديثها بإشتمزاز : 

_ بعد ما تخلصي التنضيف تروحي تنامي في المطبخ أكيد مش هتنامي على السرير يعني 


انهت حديثها ودلفت لغرفتها تغلقها بقوة في وجهي، يبدو بأن اليوم انتهى وأخيرًا بعدما اعتقدت بأنه لن ينتهي أبدًا .. وقفت لثواني انظر حولي وللوحدة التي اكتنفتني وصاحبتني لأيام طويلة، حاولت التنفس براحة ولكن كيف وهناك بركان ثائر بداخلي يغلي بقوة يحاول الإنفجار .. أحاول التنفس براحة وتمنيت بهذه اللحظة البكاء لكن حتى هذا جفت ينابيع المياه ولم يعد ينفع شيء، كنت اليوم أتقاذف بين الجميع وكأني قمامة يحاولون التخلص منها والمرعب بأن الأمر يثير متعتهم لأكثر حد وكأنه يخرج الطاقة الوحشية بداخلهم .. بدأت بالعمل بصوت خافت حتى لا تنهض وتقوم بإهانتي، خرجت كل طاقتي حتى استنفزت ودلفت لمكان نومي ثم وضعت جسدي على الأرض الباردة وفوقي الفراش أحاول النوم بالأجواء التي اشتدت برودة هذا اليوم وكأنها تعاندني كما يفعل الجميع وسريعًا ما خلدت للنوم لعلي لا أنهض مجددًا.

❈-❈-❈

بعد تلاتة أشهر .. 


كنت اتعامل خادمة لوالدته الآن أصبحت لزوجته رسميًا، تحاول دائمًا رسم الود والتقدير الزائف ولكن أعلم خلف هذه النظرات ظلام دامس .. تحاول خلق أي شيء يمكن فعله وتختلق الحجج أمامه فيقوم بالصراخ والإهانة بسبب وبدون ولكن أقسم بأن هناك خطوة واحدة ومن بعدها سيقوم الطوفان.


_ انجزي وخلصي الغداء بسرعة عشان حبيبي على وصول 


أومأت برأسي وأنا انهي بطهي الطعام، أشعر اليوم بأن شيء سيء سيحدث ما هو لا أعلم ولكن داخلني ينذرني فشعرت بالاضطراب ولكن ظهرت عكس ذلك.


دلف أمجد وذهبت سهير لتقبله من وجنتيه بحب ف ابتسمت بداخلي بأنهما حقًا يشبهان بعضهما البعض .. فدلفت وبعدها خرجت بعدما تنتهي وصلة الحب المائعة وفجأة بكت بشدة وكأنها أصيبت بشيء ما حتى أننا تفاجئنا من تحولها الغريب فحاول أمجد الاستفهام منها وقال متعجبًا:

_ مالك يا حبيبتي .. حصلك أي 


أجابت من بين دموعها التي تنهمر بزيفة تظهر وكأنها حقيقة ونبرة مبحوحة قالت: 

_ تعبانة أوي مش قادرة، ضهري تاعبني جدا 


_ طب تعالي معايا، اهدي .. أنتي بسرعة اجري هاتي كباية مية 

ذهبت لأجلب الماء وانتظر ما سيحدث وما نهاية هذا الحديث، فقام بإحتضانها بدفئ وداخلي ينكمش من الخوف بما ستتحدث محاولة توقع أسوء الأفعال واسترسل بقلق : 

_ اهدي .. اهدي عشان افهم 


أزالت دموعها وشربت ثم حاولت التحدث بنبرة خافتة:

_ أنا تعبت .. حقيقي تعبت أوي .. كل حاجة أنا بعملها وهي أي مفيش حاجة ولا حتة تقول أقوم أساعد 


نظرها بنفاذ صبر الذي لا يتواجد من الأساس وقال بنزق : 

_ مش فاهم ياريت تقوليلي فيه أي على طول، متخلنيش قلقان كدة 


رمقتني بشر وبسمة خبيثه ولكن عادت لملامحها الباكية وقالت بإرهاق : 

_ سمر مراتك مش بتعمل حاجة في البيت نهائي .. كل حاجة أنا بعملها، وهي طول اليوم نايمة على ضهرها وأول لما تيجي البيت بتتقلب عشان تفهمك العكس .. عديت مرة واتنين وقولت مش مشكلة احنا الاتنين واحد ولكن خلاص مبقتش قادرة ولا متحملة 


أجابها بعصبية:

_ أنتي ازاي متقوليش حاجة زي كدة 


تنهدت بحزن زائف وأجابت: 

_مكنتش حابة اتعبك ولا اشغل دماغك بمشاكلي وقولت كام يوم والموضوع يتحل بس خلاص مبقتش متحملة 


وضع قبلة إعتذار على جبهتها بحنان وقال بحب: 

_ حقك عليا أنا .. حقك هيجيلك لحد عندك ودلوقتي هخدك للدكتور ونروح نكشف 


نهض أمجد بجسده المتشنج وملامحه تحولت لظلام يأتي من الجحيم، انكمشت معدتي من الخوف الشديد ولكن أظهرت عكس ذلك فقال بنبرة غلظة قاسية:

_ هو أنتي دورك أي غير إنك تبقي خدامة .. أي نسيتي العلقة اللي كنتي بتاخديها، شكل الموضوع عجبك 


ابتسمت ساخرة مجيبة ببرود: 

_ كدة كدة مبقتش فارقة معايا، أصل في الآخر أنت كلمة بتجيبك وكلمة بتوديك معندكش مبدأ 


كلماتي أشعلت فتيل غضبه وكأني تلاعبت بالوحش الكامن بداخله فظهر بعينيه ظلام دامس ف أجاب بقسوة بالغة:

_ يكش تموتي يا شيخة ولا يدوسك قطر، هوريكي بقى إزاي المبدأ بيكون أي 


انهى حديثه ثم ابرحني ضربًا بجميع جسدي ولكن لم أستغيث حتى لا تشمت بي وهذه هي الشعرة الذي من بعدها سيقوم الطوفان .. فتركته يخرج جميع طاقته المكنونة دون إظهار الم واحد، جسدي بأكمله تحول للونين الأزرق والأسود والدم يسيل بغزارة .. لم أشعر نهائيًا ولم يصمت إلا وقدمه تطرحني بقوة بمعدتي حتى خرجت الدماء من فمي فكانت حالتي بعداد الموتى، تحدث بغضب مستعر وتهكم: 

_ بقيتي ست مقرفة، عرفتي بقى مبدأي عامل أي اللي زيك مبدأه اضربه عشان يتعدل زيك زي الحيوان في الشارع دة يضرب يجري في الشارع جري 


صرخت سهير بزيف على ما فعله ولكن بداخلها تشعر بالبهجة فضحكت بإهتزاز ساخر وقالت وقالت سهير بخوف شديد: 

_ خلاص كفاية كدة .. هتموتها، هتموتها 


أجابها بأنفاس متلاحقه من المجهود : 

_ اللي زي دي متستاهلش غير كدة .. وبعد كدة لو لقتيها اتنفست نفس معجبكيش اضربيها واديها فوق دماغها


حضنته سهير وقالت بحب:

_. خلاص يا حبيبي .. تعالى ارتاح وسيبك من وجع القلب دة، تعالى وأنا اريحك خالص


أخذته لغرفتهما وهي تلقي عليه إحدى دعابات حتى يهدأ قليلًا بينما أنا متكومة بجسدي لا أعرف النهوض وانصت لضحكاتهما المقززة ولكن لمع الإصرار بعيني للأخذ بالثأر.


                                *******

بعد مرور شهر.. 


دلف أمجد وتعالى صوته ينادي على سهير :

_ سهير .. حبيبتي أنتي فين 


خرجت من المطبخ ووجهي خالي من الحياة ملامح دائبة وعينين غائرة، قلت بنبرة عادية: 

_ نايمة .. قالت محدش يصحيني لأنها تعبانة و واخدة مسكن عشان تعبانة 


تملك الخوف منه مجيبًا : 

_ تعبانة .. تعبانة فيها أي 


ابتسمت ساخرة على قلقه وأجبت ببرود: 

_ معرفش، قالتلي انها هتاخد منوم عشان تعرف تنام .. هروح احطلك الغداء 


دلفت مجددًا بعزم على تنفيذ ما بدأت به، كنت أعلم بأنه سيطمئن عليها ف انتظرت حتى يخرج ليأكل .. انهيت وضع الطعام ولأول مرة جلست معه فقشر بوجهه ورمقني بغضب وقال بغلظة: 

_ أنتي أي اللي مقعدك .. قومي اقفي، أنتي فاكرة نفسك مين 


ضحكت براحة وأجبت بوضوح:

_ تصدق صح أنا مين .. هقولك بقى أنا مين، أنا واحدة اضحك عليها بكلمتين حلوين ورسمة حلوة قدام أهلي وتمت كل حاجة والدنيا ماشية وزي الفل، وأول ما أهلي راحوا كل حاجة بانت على أصلها 


ضرب المنضدة بقوة وبشدة تحدث: 

_ أنتي اتجننتي .. باينك كدة عايزة عقلة 


ضحكت ولأول مرة اضحك من قلبي حقًا واسترسلت بسخرية : 

_ يا شيخ قول كلام غير دة .. لما تعرف تقوم الاول بس 


فجأة شعر بالالام بمعدته ومغص شديد يدور ببطنه فشعر بالاختناق تدريجيًا وظهر على ملامح وجهه فقولت بحنان زائف : 

_ اي دة مالك يا حبيبي .. بطنك وجعاك ولا أي 


صرخ أمجد بقوة وقال بألم: 

_ بطني بتتقطع .. أنتي حطيتي أي على الأكل


ابتسمت بإتساع وفرحة أجبت : 

_ سؤال حلو اوي .. والله محطتش حاجة غير بسيطة كدة، سم أد كدة هو وصيت حد عليه بس باينه زود العيار 


_ اااااه 

قالها ماجد و وقع على الأرض من كتر المه، رمقته بإستعلاء وشر يكمن عينين تعودت على البكاء فقط .. مشاعر كثيرة تداهمني وجميع ما عايشته ينعاد أمامي وأردفت بوجع مشتعل : 

_ بس يا سيدي ومن بعدها عينك ما تشوف الا النور .. مفيش حاجة وحشة ومؤلمة معيشتهاش كأن مكتوب عليا المرار و الألم وبس .. بس تعرف أن مكنتش عايزة أعمل كدة ولكن أعمل أي بقى، عملك الأسود حضر وأنا حبيت انهيه بنفسي.


شخصية جديدة تلبستها لا أعلم ما أفعله ولكن الطوفان ظهر ولن ينجو أحد من فعلته حتى ولم يكن بنفس مقدار ما عايشته، رغبة الانتقام كانت قوية لدرجة لم أحاول التلذذ بها كل ما يهمني هو التخلص منه نهائيًا حتى ولو بطريقة لم تشعرني بالراحة.


أردفت حديثي وأنا أراه يعافر للنهوض والاستنجاد بأحدهم ولكن الألم يزداد أكثر حتى فقد تحكمه بنفسه وبتنفسه فشعرت ببعض الراحة المؤقتة وقولت ببسمة متسعة مرعبة: 

_ على فكرة بقى سهير مش نايمة .. سهير بتتعذب دلوقتي في جهنم اللي هتحصلها فيها بإذن الله .. مالك أنت تعبان ولا أي 


حاول إخراج أي صوت ولم يعرف نتيجة الألم الكامن الذي لا يهدأ وبذات الوقت يتعجب من قوتها وبما فعلته فتحدث بتقطع: 

_ أ..نت... عم..ل..تي...في..نا..أي 


شعرت بالفرحة وهو يتلوى أمامي وقلت بفرحة إمرأة حققت إنتقام بعدما تخلت عن رداء الذل: 

_ عملت اللي المفروض يتعمل من زمان .. وقت ما أول مرة رفعت ايدك عليا فيه، تعرف أن حماتي المصونة المفروض كانت تبقى معاكم بس للأسف حابة أشوف قهرتها على ابنها وهو ميت، أنت عارف مفيش أغلى من الضنى


سكن ولم يتحرك فنظرته بحزن بأن الألم انتهى سريعًا دون عذاب ولكن لا يهم المهم إنها تخلصت منه فتحدثت بإضطراب وحزن زائف: 

_ ليه كدة .. كنت خليك شوية أفرح ياربي حتى في موته معرفتش افرح .. وشه فقري في كل حاجة، يلا كفاية عليهم كدة 


أخدت حقيبة ووضعت بها كل ما تطاله يدي وبحثت عن أموال حتى وجدت الكثير منها .. لا أعلم بأي مكان علي الذهاب ولكن المهم بأن أركض سريعًا من هنا قبل أن يحدث أي شيء، ابتعدت كثيرًا واستمريت بالمشي حتى اهتديت بمحطة القطار وصعدت لاول قطار يقابلني لا أعرف إلى أين أذهب ولا أهتم بالسؤال المهم بأني تخلصت من حياة الذل التي عشتها .. هل ما فعلته صحيح أم لا؟ لا .. إجابة واحدة تكفي إختصارًا لما حدث ولكن أعلم بأني حققت العدالة التي انتظرتها ولم تأتي فحققتها بنفسي واقتنصت الفرصة، شعرت براحة تنساب بداخلي ببطأ مع تحرك القطار، غادرت كل شيء وسأذهب لحياة جديدة ومستقبل مجهول .. أتمنى بألا أخوض تجربة قاسية مثلما عشت ودعيت بداخلي أن أجد نفسي مرة أخرى فها أنا طويت صفحة من حياتي والبدأ بصفحة جديدة لا يشوبها غبار


تقسو علينا الحياة بأكثر الطرق صعوبة ف إما النجاة أو الهلاك.


تمت

 لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة