-->

قصة قصيرة جديدة هواك آسري لنونا أحمد - الإثنين 22/7/2024

  

قراءة قصة جنون الحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قصة هواك آسري 

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نونا أحمد

تم النشر يوم الإثنين

22/7/2024

الفصل الأول


افرجها من عندك يارب، انا تعبت، ونفسى أفرح زى باقى البنات.


كان هذا دعاء ومناجاة(هيا) لخالقها، فهيا فتاة لها من اسمها نصيب، حيث هدوءها ورقتها، وجمالها الباهر، وحسن أخلاقها.

فى تمام الساعه الثانية بعد منتصف الليل، كانت هيا تصلى قيام الليل فهذه عادتها منذ الصغر، وواظبت عليها حتى الآن، وبعد أن أتمت عامها الثلاثون بدون زواج، لم تجد سلواها، وراحتها الا فى مناجاة ربها فى آخر الليل، حيث الهدوء، والسكينة، وطمأنينة النفس، والروح.

 وبرغم عملها كمهندسة فى احدى اكبر الشركات بالعاصمه، ولكن وحدتها خاصة بعد وفاة والدتها منذ أكثر من سنتين تؤرق مضجعها، وبشده.


أنهت هيا صلاتها وتبتلها لله -عزوجل- وآوت إلى فراشها لتنعم بقليل من الراحه قبل الاستيقاظ لصلاة الفجر، تنحى عقلها عن التفكير فيما ينغص عليها معيشتها.


فى تمام الساعه السابعه صباحا

كانت هيا تجهزت للخروج إلى عملها، حيث أنها تتناول إفطارها بعد صلاة الفجر، وترتب منزلها، وتنهى واجباتها المنزلية قبل الذهاب إلى العمل.


خرجت من المنزل لتركب سيارتها القابعه أمام مدخل بنايتها، لتستقلها وتنطلق فى طريقها ذاكرة اسم الله، واورادها الخاصه حتى تصل إلى عملها؛ لتُفاجئ اليوم بعقد إجتماع لجميع عاملين الشركة للتعرف على مالكها الجديد.


يدخل من باب الشركة رجل وسيم، قوى البنية، نظراته الحاده تغطيها نظارة شمس، ليقف جميع من بالشركة ترحيبا به، كيف لا؟ وهو المالك الجديد للشركة(يوسف الشاذلى).


صعد إلى الطابق الأخير من الشرطة، حيث مكتب رئيس مجلس الإدارة لتقف سكرتيرته، ومديرة مكتبه(مدام حسناء)مرحبة به،ليوجه لها أوامره بصوته العميق الذى يبعث على الرهبه، والطمأنينة فى آن واحد:


مدام حسناء، عشر دقايق واشوف كل الموظفين ورؤساء الأقسام مجتمعين فى غرفة الاجتماعات. ليكمل بنظرات قاسية ونبرة تحذيرية:


واللى حابب آخر يوم يكون ليه النهاردة فى الشركه، يدخل بعدى.


ليدخل مكتبه، تاركا حسناء، وقلبها ينتفضان من الخوف، والرهبه من الوقوع فى قبضة يوسف الشاذلى.

❈-❈-❈

الفصل الثانى


فى مكاتب الشركة والخاصة بالمنشئآت الهندسيه كانت تجلس هيا على مكتبها، ويجوارها ثلاثة مكاتب اخرى خاصة بزملائها(مها-عصام-عايدة)، وفى اثناء تحدث عايدة، ومها، وانشغال هيا ببعض الرسومات الهندسية، تلقى عصام اتصال هاتفى من مكتب رئيس القسم بضرورة ترك جميع الأعمال، والتوجه إلى غرفة الإجتماعات حيث لقاء المالك الجديد.


اجتمع موظفى وعاملين الشركه للترحيب بالمالك الجديد، والذى يعرفه البعض، والبعض الآخر فى انتظار معرففة هويته، حتى دخل عليهم بهالته؛ لتفاجئ هيا برؤيته حيث أنه كان أستاذها الجامعى، وكانت مبهورة بشخصيته، وأعجبت به، بل يمكن القول بأنها أحبته، ولكن هو لم يكن يراها حيث كان مرتبطا بزميلته، فأسرت مشاعرها فى نفسها ولم تلفت نظر أحد لما تشعر به، خاصة ووالدتها كانت قد أصيبت بمرض جعلها طريحة الفراش، ولم يكن بجانبها إلا هيا بعد سفر ولديها(مروان- مراد).


فاقت هيا من شرودها على صوته الحاد:


أهلا بيكم جميعا، أعرفكم بنفسى أنا الباشمهندس يوسف الشاذلى، أكيد كتير منكم يسمع عنى، بس اللى ميسمعش عنى أنا راجل عملى جدا، مفيش فى حياتى غير الشغل، وعلاقتى بيكم شغل فى شغل، يعنى تشتغل بذمة وضمير، هشيلك على راسى، هتقصر فى شغلك، أو هتلعب يبققى من قصيرها كده اتفضل خلص ورقك، وسلم عهدتك، وشوفلك مكان تانى.


خاف جميع العاملين من قوته، وشعروا بأنه شخص لايرحم، وتمنوا من الله ألا يقعوا تحت براثنه يوما ما، أثناء كلامه شردت هيا لماذا لا يرتدى خاتم الخطبه أو الزواج؛ أم أنه لا يحبذ ارتداء تلك الأشياء، استفاقت من شرودها عندما وجه حديثه إلى قسم مهندسى المشروعات بلهجة آمرة:


اتفضلوا على مكاتبكم، واتمنى تبدأوا العمل الجادى من دلوقتى، لكن؛ استاذ مختار رئيس قسم المشروعات وفريقه يستنوا هنا.


لينصرف الجميع زافرين أنفاس الراحه، شاكرين المولى على خروجهم سالمين من أمام هذا الرجل ذو الهيبه، والنظرات القاسيه، ليتبقى فقط قسم المشروعات ليبدأوا التعريف بأنفسهم حتى تظهر هيا أخيرا معرفة عن نفسها والتى كانت طوال فترة الاجتماع تحاول الاختباء حتى لايراها، وحتى تستطيع تمالك أنفاسها من حضورها.

ليصدم يوسف لأول وهلة من رؤياها ويتمتم بذهول قلما يظهر على سماته:


مش معقول هيا قدرى. ليكمل بفخر بعدما رأى نظرات تعجب ممن حوله كونه على معرفة بزميلتهم المنطوية دائما:


هيا دى كانت تلميذتى، وكانت من أشطر طلابى فى الجامعة، ودايما كانت الأولى على دفعتها، والوحيدة اللى كان مسموحلها تناقشنى الند بالند، وتعارضنى فى كلامى، لانها دايما بتبقى ياعايزة تعرف معلومة صحيحة، أو بتبقى عندها معلومة ومحتاجة تثبتها.


لتخجل هيا وتطرق رأسها مع احمرار غزا وجنتيها من اطراء أستاذها، وحبيبها لها بهذا الشكل أمام زملائها، ليكمل أستاذ مختار موافقا:


كلام حضرتك كله صح، هيا فعلا من أكفأ مهندسين الشركه، والقسم ده كله مهندسينه دايما كانوا أوائل دفعتهم، وأفكارهم وشغلهم كريتيف.


ليومأ يوسف برأسه مقدرا لمجهوداتهم، ثم يناقشوا خطة الأعمال القادمة، وبعد الانتهاء يأمرهم بالانصراف متمنيا لهم التوفيق، ليجلس على كرسيه، مبتسما، شاعرا بسعادة لاحدود لها، محدثا حاله بهيام:


ياااااا ياهيا، معقول الصدفه دى، يارب اجعلها من نصيبى، ولو مفيهاش خير ليا، اجعل فيها الخير، واكتبهالى، يارب.


ليغمض عينيه شاعرا بالانتشاء، والاكتفاء من مجرد نظرة عيونها.

❈-❈-❈

الفصل الثالث


مضى الوقت سريعا مابين عمل، وتوتر، وترقب من جانب الموظفين، ومابين حب، وحنين للماضى من جانب يوسف، وهيا.


انتهى اليوم أخيرا بخروج هيا من الشركة فى تمام الساعة الرابعة عصرا، ورجوعها لوحدتها القاتلة، ولكن؛ اليوم مختلف حيث مادفنته بداخل أعماقها ظهر مجددا أمامها، وبقوة.


نظرت لنفسها فى المرآة تتأمل ملامحها الجميلة المشرقة، ولكن؛ من وجهة نظرها أنها ليست بها اى مقومات للجمال، فكيف هذا؟ وهى تمتلك جسم رشيق، ولديها من مقومات الاثارة مايثير أعتى الرهبان، بشرتها بيضاء، نقية، شعرها الحالك كسواد الليل ينساب كالحرير إلى ماقبل ركبتيها بقليل، آية فى أخلاقها، كالنسمه الرقيقه اذا مرت بك أنعشتك، ورغم هذا هى مقتنعه أنها ليست جميلة؛ لتجذب أى رجل لطلب يدها؛ خاصة اذا كان من أوسم الرجال؛ كيوسف الشاذلى.


شردت فى ذكرى قديمة~حيث كانت والدتها من النوع الذى يعبر عن الحب الأمومى بتلبية احتياجاتك من مأكل، وملبس، ومصروفات، ولكن؛ الحب المعنوى، والدلال فهذا ليس فى قاموسهم، وعلى الرغم من طيبة الأم وحنوها فى بعض الأوقات، ولكن؛ السائد والمسيطر على شخصيتها هو القوة، وجرح القلب بحجة أنها الأم وليس من حق أى أحد محاسبتها، وأنها هى الأم وليس العكس.

وفى يوم تشاجرت هيا مع والدتها كما يحدث فى كل البيوت، وخرجت هيا لتلبية بعض الطلبات، وأثناء نزولها الدرج سمعت والدتها وهى تسب فيها مغتاظة تصيح بقوة:


اهى علشان مش بتطيعنى، ودايما مطلعه صوتى ومسمعة الناس بينا، شكلها بقى عامل زى اللى عليها غضب ربنا، دى آخرة اللى يعصى أمه ويزعلها، ربنا منزل على شكلها لعنة ولا لعنة اليهود.


فاقت هيا من شرودها على بكاءها بشكل هيستيرى متذكرة، كيف آلمتها أمها بكلماتها، ومنذ ذلك اليوم واقتنعت هيا أنها ليست جميلة، وحاولت أن ترتدى النقاب ليس لفتنة الجمال، وانما لتخفى قبحها، ولكنها حتى اليوم مترددة فى هذه الخطوه، وتخشى الأ تكون ملتزمة بالنقاب كما يجب أن يكون، وأقسمت بداخلها الأ تفكر فى يوسف مرة أخرى، فهى ليس من حقها الحب، ولكن؛ هل تستطيع أن تبر بقسمها؟!


على الجانب الآخر.. وفى منزل واسع، كبير دخل يوسف يلقى التحية على والدته المسنه، جليسة الكرسى المتحرك مقبلا يديها، وجبهتها متمتما بحب:

أخبارك ايه ياست الكل، يارب تكونى بخير.


لتنظر إليه والدته بحنان، وتردد بابتسامة جميلة: بخير ياحبيبى، طول ماانت بخير..لتكمل بتفحص لمعالم السعادة على وجهه:


بس قولى ايه اللى مفرحك أوى كده، شكلى مبسوط وسعيد، ورايق على غير عادتك.


ليضحك يوسف بقوة من كلام والدته، وهى تنظر له بتعجب من حالته، فمتى كان يوسف هادئ البال هكذا، تقفز السعادة من ملامحه، ليلاحظ يوسف تعجب والدته فيصارحها كما اعتاد دوما:


النهاردة ياأمى شوفت البنت اللى حكيتلك عنها زمان، طالبتى الفاتنه، المميزة، متتخيليش ازاى كنت هطير انى شوفتها قدامى، وكمان بتشتغل فى شركتى،

ليكمل بهيام عند تذكرها وبعض الندم لما فعل: أنا هفاتحها باذن الله بكره، انى عايز اتقدملها بعد اذنك طبعا ياست الكل، وخير البر عاجله، ايه رأيك، كفاية اللى ضيعته من عمرى بغبائى.


لتنظر إليه والدته بسعادة نابعه من أعماق قلبها لسعادة ابنها تومأ له بالإيجاب، داعية الله فى سرها، أن يتمم لولدها على خير، ويرزقه سعادة الدارين، ويجعل عروسه زوجة صالحة له، ويرزقه أولاد بارين يكونوا قرة أعين له.

❈-❈-❈

الفصل الرابع


مر اليوم بأحداثه السعيدة على البعض، والمنهكه للبعض الآخر ليأتى الصباح سريعا، ليبدأ كل شخص فى عمل روتينه اليومى قبل الذهاب إلى العمل، ولكن؛ اليوم كان مختلف وحزين بالنسبة لهيا، حيث تلقت اتصالا هاتفيا من أخيها الأكبر،مروان.

حيث أبلغها نصا بما جعلها تنهار وتثور فيه بسبب لامبالاته هو وأخيه بمشاعرها فكان يتحدث ببرود ولامبالاة شديدة:


بصى ياهيا، انا قولتلك تعالى وعيشى معانا بره البلد، وانتى رفضتى، وحاولت معاكى انا، واخوكى ومفيش فايده، وسكتنا، لكن جواز وحجتك انتهت ماما اللى انتى كنتى عايشه معاها وشيلاها، وكنتى بترفضى تتجوزى علشان متسيبيهاش لوحدها واحنا مكنش ينفع نسيب أشغالنا وننزل مصر، لكن دلوقتى ايه الحجه، انتى مش صغيره انتى كلها كام سنه ومحدش يتقدملك خالص، يبقى الحقى نفسك.


لترد عليه بصراخ هيستيرى مما سمعته:


انت بتقول ايه، يعنى علشان مخدش لقب عانس، اتجوز واحد معدى الخمسين وارمل، ومعاه طفلين، فى شرع مين ده.


ليجيبها بما أنهى طاقتها فى التحمل: وايه المشكلة، أرمل ولا مطلق، ليه وهو انتى فاكره هيجيلك واحد عازب منين، وايه المشكله معاه طفلين، دول أيتام تاخدى ثواب تربيتهم.


لتجيبه بضعف وقلة حيلة من قسوته وبروده: أيتام ربنا يعوضهم بأم تانى، بس أنا مش قد مسؤولية زى دى، وأنا قلبى مش جاحد، بس من حقى أرفض أشيل شيلة مش بتاعتى، وأنا مش بايرة علشان اتجوز جوازة زى دى، ولا أنا حتة لحمه بتتباع فى السوق، علشان يبقى ليا سعر ووقت معين لو متجوزتش فيه مش هتجوز، أنا لو ربنا كاتبلى الجواز هتجوز ولو عندى سبعين سنه، وريح نفسك يامروان أنت وأخوك، ومراتاتكم، أنا لا بطلب قرش من حد، ولا هطلب فى يوم من الأيام، أنا الحمدلله بشتغل، ومعايا فلوسى، ومعايا ورثى من بابا، ولو خايفين لتكون أمكم كتبتلى حاجة قبل ماتموت فااطمن حتى وأنا قاعدة تحت رجليها بخدمها، وانتوا محدش فيكم حتى فكر يرفع عليها سماعة تليفون، برضه كانت بتدعيلكم انتوا بكل خير، وبتدعى عليا أنا وقدام عينى وأنا شيلاها على كتفى، طمن نفسك، وطمن أخوك، أمك لولا خوفها من ربنا كانت كتبتلكم كل حاجه باسمكم اصلا.

أنهت كلامها، وأنهت معه الاتصال حتى قبل أن تسمع رد أخيها، ودخلت فى حالة بكاء هيستيرى طلبت معه إجازة من العمل لمدة ثلاثة أيام قابلة للتجديد، فنعم العمل هو مصدر راحتها، ولكنها؛ فى حالة نفسيه غير قابله للتعامل مع أى كائن بشرى على وجه الأرض.


من جهة أخرى دخل يوسف شركته مقررا مفاتحة هيا فى طلب يدها ودخل مكتبه موجها حديثه لسكرتيرته، بقوة، وبعض الحماس من فرط مايشعر به تجاه هيا:


مدام حسناء، اطلبيلى الباشمهندسه هيا من قسم المشروعات، ولو مش موجوده أكدى عليهم أول ماتوصل تجيلى علطول. لتومأ حسناء بالإيجاب قائلة بخوف من هيبته:


تحت أمرك ياباشمهندس. ليتركها يوسف ويدخل مكتبه يمشى ذهابا وايابا منتظرا دخولها فى أى لحظه، لتنفذ حسناء أمره ثم تدخل عليه بعد فتره تبلغه بجدية:


باشمهندس، أنا طلبت قسم المشروعات زى ماحضرتك أمرت، بس هم بلغونى ان الباشمهندسه هيا طلبت اجازة كام يوم.


لينظر لها يوسف بحده يخفى غضبه، فهو كان مشتاق وبشده أن يطلب يدها اليوم، ويطلب تعجيل عقد القران ليجتمع بها سريعا، ليتدارك نفسه ويصرف حسناء باشارة من يده، ويفكر ماذا يفعل، فحتى ان علم عنوانها، فلا يصح أن يذهب إليها فى منزلها فهى كم علم تعيش وحيدة بعد وفاة والدتها، لم يجد حلا إلا أن يصبر حتى تعود إلى العمل، ليزفر أنفاسه بحده متضايقا، ولا يجد فى نفسه طاقة للعمل، ولكن؛ لن ينسيه كربه إلا العمل.

 

على جانب آخر، وعلى مدار الثلاثة أيام المنصرمة كانت هيا تعانى من ذكرياتها السيئة والتى هاجمتها من وقت مكالمة أخيها القاسية، فتذكرت وقت من الأوقات عندما ارتدت بليزر نسائى جميل، ولكنها كانت نحيفه بعض الشئ فعندما رآها أخويها تهكم منها أخيها مراد: 


ايه يابنتى اللى انتى لبساه ده، منظره مش حلو عليكى خالص، ده بيقولك اقلعينى، ايه القرف ده.


وانصرف ضاحكا، غير عابئا بما فعلته كلماته فى قلب تلك المسكينة.


أفاقت هيا من ذكرياتها كالعادة مقررة أنه لا مجال للعواطف، ولن تسمح لرجل أن يدخل حياتها، فما ذنب الرجل المسكين بأن يُبتلى بزوجة قبيحة مثلها مدى الحياة، أقنعت نفسها بهذا ودخلت فراشها تستدعى النوم غصبا حتى تعود إلى عملها غدا، فيكفيها ذكريات لا تسمن ولا تغنى من جوع.

❈-❈-❈

الخاتمة


فى صباح يوم جديد، استيقظ يوسف مع آذان الفجر، أدى صلاته وجلس يدعو، ويناجى الله-عزوجل- أن تأتى هيا إلى العمل اليوم، فقد تأخر طلبه الزواج منها لمدة خمس سنوات، ولا يستطيع تحمل المزيد.

أنهى روتينه المعتاد، وخرج من منزله قاصدا عمله داعيا إلى أن يجعل له من أمره يسرا.


من ناحية أخرى كانت هيا تقف أمام المرآة تكمل ارتداء ملابسها، متجنبة النظر إلى ملامحها الدميمة من وجهة نظرها، لتلقى نظره أخيرة على هيئتها، وتتفقد أشياءها، ثم تتوكل على الله قاصدة عملها.

أمام الشركه.. وفى نفس توقيت نزول يوسف من سيارته، كانت هيا أيضا تترجل من سيارتها قاصده مدخل الشركه، لتلتقى عيناها بعينيه لتحكى قصص عشق، وغرام تحاول طمسها بين طيات الألم، لتلقى عليه التحية:


صباح الخير ياباشمهندس.. لينظر لها يوسف بوله، وهيام متمتما بحب ظاهر:


صباح النور ياباشمهندسه، ممكن بعد ماتحطى حاجتك على مكتبك، تحصلينى على مكتبى ضرورى.


لتومأ هيا بالإيجاب وبداخلها ألف سؤال عن ماهية هذا الشئ المهم جدا، لتشعر بالقلق، والخوف من توبيخه لها على إجازتها، ولكن نظراته، وهدوءه يحكى عكس هذا، لتمنى نفسها بأنه يحبها، ولكنها وعت على حالها، مذكرة نفسها بأنها لا ترقى لمستوى يوسف الشاذلى.


استفاقت هيا من أفكارها محدثة حالها: بأنها دقائق وتعرف ماذا يريد منها، لتصل إلى مكتبها، تلقى التحية بهدوء على زملائها، ترد على بعض استفساراتهم بشأن تغيبها عن العمل، والاطمئنان على صحتها، لتستأذن منهم مغادرة إلى مكتب يوسف، لتصل إلى مكتبه وتطلب من مدام حسناء الدخول إليه، لتأذن لها بالدخول حيث أمرها بذلك يوسف مسبقا بجدية:


مدام حسناء، باشمهندسه هيا أول ماتيجى دخليهالى علطول، ومتدخليش حد لحد ماهى تيجى وتمشى.

لتوافقه حسناء تحت تعجبها، وذهولها من مدى عمق العلاقه بين مديرها الجاد ذو الهيبه القويه، وبين هيا الرقيقه.


لتدخل هيا لمكتبه بهدوء، وخجل ليأذن لها بالجلوس، ثم يستقيم من كرسيه ليجلس أمامها قائلا بصراحه، ووضوح لا يليق إلا به:


أولا، اسمحيلى أرفع التكليف وأقولك هيا بس من غير ألقاب. لتوما بالإيجاب تردف بخجل فطرى بها:


حضرتك أستاذى قبل ماتكون مديرى، فطبعا حضرتك من حقك ده ومن غير ما تستأذن.


ليعجب يوسف برقيها فى الحديث، وأسلوبها اللبق الذى ليس بجديد عليها، ليهز رأسه باستحسان ناطقا بحب:


طيب أنا نفسى اكون أكتر من أستاذ، ومدير، ليكمل بجدية تحت ذهولها وعدم تصديقها:

أنا هتكلم معاكى من الأول، ومن فضلك متقاطعنيش.

لتهز رأسها بالإيجاب، ليستحسن فعلها ثم يبتسم مردفا:

أنا داخل دلوقتى على الأربعين، زمان لما كنت لسه متعين مكنتش شايف قصادى غير الشغل، والنجاح فى الحياة العملية، وكان اعتقادى إن ده الأهم من أى حاجه فى الحياة، شوفتك وانتى طالبه فى أول سنه وأنا بدرسلك، ومن حسن حظى إنى كل سنه كنت بدرسلك ماده أعجبت بيكى، لا؛ حبيتك، عشقتك بس كنت غبى فكرت ده هيعطلنى عن مسيرتى العلميه، ونجاحى، علشان كده خطبت دكتورة زميلة حسيت أنها مناسبة خصوصا أنها كان تفكيرها عملى زيى، حاولت مظلمهاش معايا، بس مقدرتش طول الوقت شايفك قدامى، فسخت خطوبتى، وحاولت بعدها أدور عليكى، معرفتش أوصلك، كنت بصلى يوميا قيام الليل، وادعى ودموعى مغرقانى إنى الاقيكى، ومصدقتش عينى لما شوفتك تانى، وحلفت انى عمرى مااضيعك من ايدى مرة تانية.


ليكمل تحت صدمتها: تقبلى تتجوزينى ياهيا، وأوعدك طول ماربنا مدينى عمر، مستحيل أزعلك، ويشهد ربنا عليا إنى عمرى ماأظلمك.


كان يوسف يتحدث، ويتحدث، وهى لا تستوعب، ولا تصدق، كيف أعجب بها، كيف أحبها، هل مثلها يمكن أن يحبها رجل، لتستفيق من شرودها على نظراته المتلهفه لموافقتها، لترد بارتباك، وتوتر:

ازاى. أقصد يعنى حضرتك اشمعنى أنا، حضرتك أجمل جميلات العالم تتمناك، ليه سبتهم كلهم، وطلبتنى أنا.


نظر لها يوسف بحدة من تقليل لشأنها، وأردف بغضب بسبب رأيها عن نفسها:


انتى ازاى تتكلمى عن نفسك كده، لولا إنى راجل يعرف ربنا، وبحبك من كل قلبى، كان ممكن أستغل ده وألعب بيكى، ليكمل بحدة أفزعتها:


إياكى تانى مرة تقللى من قيمتك كده، إنتى غالية، وجميلة، حتى لو إنتى مش حلوة لازم يكون عندك ثقة بنفسك علشان تجبرى اللى قدامك يقدرك ويشوفك بعينك، لما إنتى تصدرى عن نفسك الصورة دى مستنية الناس تشوفك إزاى؟

وعلشان شايف من نظراتك إنك عايزانى زى ماانا عايزك فاانا مش هسمحلك بأى تقليل لنفسك تانى، ومش هسمح إنك تردى عليا بالرفض إلا فى حالة إنك تصلى استخارة وربنا ميكتبش ليكى الخير معايا، وباذن الله ربنا كاتبنا لبعض، اتفضلى على مكتبك ومعاكى أسبوع وتردى عليا بالموافقه ان شاءالله علشان أكلم أخواتك.


لتنصرف هيا صامته، متعجبه، لاتعى ماحدث، وماقاله حتى الآن، وكيف استطاع إلجامها بهذه الطريقه، بل أين وعودها أنها لن تسمح لرجل بالولوج إلى حياتها، كل هذه المشاعر والانفعالات تحت ناظرى يوسف المبتسم ععلى تشتتها، وحبها له، والمغتاظ بشدة، حانقا من نظرة لذاتها.

مر أسبوع على هيا تصلى يوميا صلاة الإستخارة، وتشعر بالراحة لمجرد فكرة وجود يوسف فى حياتها، حتى جاء آخر يوم فى المهلة المحددة للرد على يوسف، لترى نفسها ترتدى زى أبيض جميل، شعرها مزين بأطواق من الورود، تنزل على درج مزخرف، المكان حولها ملئ بالورود الجميلة، لتجد يوسف بابتسامته المشرقة، يحتضن كفيها بحب؛ لتستيقظ من نومها على آذان الفجر، لتنهض للصلاة تكاد تطير من فرط سعادتها.



فى مكتب يوسف، وقبل أن يطلب هيا كانت حسناء تستأذنه لدخول هيا ليأذن لها بلهفه وشوق، لتدخل هيا تمشى على استحياء ودلال فطرى بها متمتمة بخجل:


صباح الخير يا... ليقاطعها بسرعه:

لو موافقه قولى اسمى من غير ألقاب، لو مش موافقه يبقى قولى ياباشمهندس بس اتمنى انك تكونى فعلا صليتى استخارة قبل ماتردى


احمرت وجنتيها خجلا، وأجابت بصوت رقيق:

صليت يايوسف، نهض يوسف بقوة من على مكتبه مما أثار جلبة بالمكان، واقترب منها حتى كاد أن يحتضنها، ولكن؛ ابتعد سريعا قائلا بلهفه:


لالالا مينفعش، حرام بصى أنا هكلم اخواتك دلوقتى، ونحدد ميعاد الفرح كمان شهر ونص،


كادت أن تقاطعه معترضه، ليحذرها بشدة: ولا يوم زيادة والله، كفاية اوى بقولك داخل على الأربعين، هتجوز وأخلف امتى، واحمدى ربنا سايبلك وقت اهو علشان ميبقاش بيكى حجه،


لتضحك بخجل ورقه على تصرفاته، وجنونه الجديد على عقله ورصانته، ليشاركها الضحك بسعادة.


فى نفس اليوم وبعد ان انصرفت هيا من مكتبه، اتصل بأخويها وطلب يد هيا منهما، وبعد اتصال أخيها بها ومعرفة رأيها بارك لها، وأبلغ يوسف بالموافقة.


مرت الأيام مابين تجهيزات، وتحضيرات ، وعدة لقاءات بين هيا ووالدة يوسف التى أحبتها بشدة، حتى أتى يوم الزفاف لتجد هيا القاعه مزينة بنفس الطريقة التى حلمت بها، تلاقاها يوسف بين ذراعيه بحب، وسعادة يدور بها، لتشعر بأنها نسمة ترفرف فى السماء من فرط ماتشعر به من حب وسعادة داعية الله أن يديم عليهم السعادة، والفرح.




تمت

لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة