-->

نوفيلا جديدة حفنة من هؤلاء لسلوى طارق - الفصل 1 - الجمعة 19/7/2024

 

قراءة نوفيلا حفنة من هؤلاء

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة قصة حفنة من هؤلاء 

قصة قصيرة جديدة

من روايات وقصص 

الكاتبة سلوى طارق

الفصل  الأول

تم النشر يوم الخميس

18/7/2024 

" فضيحة "




حين اتبعنا أهوائنا ومغريات الحياة الخبيثة، وتدنت الأخلاق إلى أدنى المستويات، أصبح المُـعلم كيان منسي، رسول بدون رسالة، وأب بالاسم وبلا معنى، فصار مُـدرس بلا

حين اتبعنا أهوائنا ومغريات الحياة الخبيثة، وتدنت الأخلاق إلى أدنى المستويات، أصبح المُـعلم كيان منسي، رسول بدون رسالة، وأب بالاسم وبلا معنى، فصار مُـدرس بلا هوية…

❈-❈-❈


بداخل هذا الصرح العظيم المُسمى بالمدرسة اجتمع المئات من الطلاب والطالبات في طابور صباحي مُـعتاد، اصطف بالقرب منهم عدد قليل من المُدرسين ومعهم المدير، وعلى بُعد خطوات قليلة أمام علم مصر الحبيبة وقف ثلاثة طلاب على هيئة شكل هندسي متساوي الأضلاع وكل طالب يقف عند زاوية من زواياه الثلاثة، قام أوسطهم بتقديم التحية العسكرية بانضباط ثم صرخ بعلو صوته بالنشيد الوطني، ولكنه مثله مثل أشقاؤه من  الطلاب لم يُدرك أهميته ولكنه اعتاد ترديده منذ أكثر من عشرة أعوام

مرت دقائق وكان النشيد انتهى وحان الوقت للصعود إلى الفصول الدراسية لاستكمال المناهج، عاد الطالب إلى الخلف خطوة واحدة ليكن بنفس مستوى زملائه الأخرين ثم التفوا إلى اليمن بخطى واحدة وثابتة ثم ساروا إلى الأمام بترو وكل هذا يُسجل على كاميرا يحملها أحد المُشرفون، ليتم إرسال ومشاركة هذه المقاطع على مواقع التواصل الاجتماعية.

❈-❈-❈

فور صعودهم إلى الفصل الخاص بهم جلسوا بأماكنهم، منهم من أخرج الكتب والدفتر الخاص بمادة التربية الإسلامية، ومنهم من لم يُعر للأمر أهمية كبرى فتعالات أصوات حديثهم حتى وصلت إلى من تقف خارج الفصل، زفرت ببطء تتهيأ للولوج إليه وخوض معركة هي تعلم بخسارتها بها ككل يوم منذ دخولها كلية التربية.

 

استجمعت شتاتها ثم وجلت إلى داخل الفصل راسمة ابتسامة رقيقة وألقت تحية الإسلام على الطلاب:

 

_السلام عليكم.

 

رد عليها الطلاب بنفس واحد ولكنه منخفض:

_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

وضعت أغراضها الخاصة بمادتها على الطاولة المُخصصة لها ثم أخرجت منها أقلامها، استدارت للسبورة البيضاء وكتبت عنوان الدرس بخط عريض منمق  " التأمل في صنع الله" ثم كتبت عناصر الدرس والتقويم، وبعد انتهائها التفتت للطلاب وبدأت في شرح الدرس بصوت منخفض لا يسمعه إلا من يجلس  بالصفوف الأولى؛ وكلما تعمقت بالدرس ازدادت الهمسات الجانبية فحاولت تدارك الأمر _ككل مرة_ بالطرق على الطاولة أمامها فهدأ الصوت لدقائق معدودات ثم عاد ليرتفع مرة أخرى.

 

انتقلت إحدى الطالبات من مقعدها ثم جلست بجانب صديقة لها لتستمع إلى شرحها جيدًا؛ لفتت نظر معلمتها بفعلتها الدالة على حبها للتعلم فأحيت بها ثقة ورغبة بتعليمهم فرفعت مستوى صوتها ليصل إليها ومازالت المنافسة بين صوتها وأصوات الطلاب قائمة.

❈-❈-❈

بفصل آخر بنفس المدرسة

ارتد صوت غليظ داخل القاعة المُمتلئة بالطلاب:

_ في حد مش فاهم الي أنا قولته.

 

لم يصله رد منهم فأعاد السؤال مرة أخرى، وحينما وصله الصمت كإجابة كاد باستئناف الشرح ولكن صوت منخفض شق السكون المُؤقت؛ فسأل المُدرس عن صاحب الصوت:

_ مين بيتكلم، ارفع ايدك عشان اشوفك.

 

رفع أحد الطلاب يده وهو يقف باعتدال:

_أنا يا مستر.

 

نظر له الأول بسخط ثم قال:

_ عايز ايه يا مالك.

كاد المعني أن يُجيبه ولكنه قاطعه وهو يُحذره بقسوة:

_واياك تقولي أنزل الحمام.

نفى "مالك" حديثه قائلًا:

_ لا، أنا مش عايز أنزل الحمام، أنا مش فاهم آخر جزئية  ، هو ازاي هنا "ب" طلعت 7.

 

أشار له مدرسه بالجلوس ثم بدأ وصلة من السباب اللاذع وهو يُشير إلى رأسه :

_طبعًا وهتفهم ازاي وفي هنا  طبق سلطة مش مخ!، بص على السبورة وركز معايا كويس لأني مش هعيد تاني.

 

قرر المدرس إعادة حل المسألة المطروحة مرة أخرى، فأمسك بالممحاة ومحى خطوات الحل ثم بدأ الشرح:

_ س2+ب س _8

معنى كده إن "ب" دي تساوي الفرق بين عددين حاصل ضربهم 8، ولو أنت يا فالح حافظ جدول الضرب كنت هتعرف إن:

1×8=8، 1-٨=7

2×4=8، 2-4=2

فهمت يا طور.

خجل "مالك" من سب المُدرس له المتكرر أمام زملائه وبرغم أنه لم يفهم لمَ "ب" هي ناتج الطرح بين حاصل الضرب إلا أنه لم يسأل ويستفسر عن السبب بل أجاب على السؤال الموجه له:

_ اه، فهمت.

 

أعاد المُدرس استئناف الدرس مرة أخرى ولم يرى ما زرعه بنفس أحد طلابه.

❈-❈-❈

بمدرية التربية والتعليم

سار في الرواق باتجاه غرفة المدير التنفيذي الموجودة بنهايته، القى نظرة سريعة على الملف المُمسك به يتأكد من وجود كافة الأوراق المطلوبة، التقطت أذنه كلمات سامة حينما مر بموظفين يقفان أمام مكتب أحدهما:

_ شوف عامل نفسه بتاع شغل قوي، وهو هنا بالواسطة اصلا!

 

لم يعيرهما أية اهتمام وأكمل طريقه مقررًا التغاضي عما سمعه، وصل إلى غايته المنشودة فطرق الباب ثلاث طرقات ثم انتظر أن يسمح له المدير بالولوج إلى الداخل وبالفعل سمع صوت غليظ يسمح له بالدخول إلى المكتب، ففتح الباب ببطء ثم دخل وأغلق من وراءه، سار باتجاه المكتب البني الجالس خلفه مديره وعمه السيد "حامد المصري"  وحينما وجده مشغول بالأوراق المثالة أمامه على طاولة المكتب قرر التزام الصمت لحين انتهاءه أو ملاحظته له...

مرت ثلاث دقائق وهو ينتظر فقرر أن يلفت نظر الأخر له فقال:

_ صباح الخير.

 

رفع المعني رأسه ثم ابتسم له وهو يُشير للكرسي المخصص للزائرين وقال:

_ أنس، صباح النور، اتفصل اقعد واقف ليه؟

 

شكره "أنس" ثم جلس على الكرسي المجاور له وقبل أن يتحدث سبقه  "حامد"   متسائلًا وهو يشابك كفيه ويضعهم على المكتب أمامه:

_ أنت عامل ايه؟ والبت نوسا عامل ايه؟ واحشتني بنت الايه.

رد له "أنس" الابتسامة بأخرى أكثر اتساعًا خاصة حينما ذكره بصغيرته المشاكسة:

_ الحمدلله بخير، وحضرتك وحشتها جدًا على طول بتسأل عليك ونفسها تشوفك.

 

_ وأنا والله، ابقى هاتها في مرة وتعالى زرنا يا عم ومتخفش مش هنشيلك كتير هما اتنين كيلو بصل وكيسين سكر.

مازحه عمه فضحكا على مزحته وأجابه "أنس"  من بين ضحكاه:

_ أومال لو كنت شيلتني كتير!

 

هدأت ضحكاتهم التي استمرت بضع ثوان، ثم أعطى "أنس" الملف لعمه وتحدث يُخبره بضرورة إرسال هذا الملف بعد امضاءه إلى الإدارة التعليمية:

_ محتاج حضرتك تمضي على الملف ده وتحتمه وبعدين نبعته للإدارة ومن هناك للوزارة.

 

أخذه منه "حامد" ثم القى عليه نظرة سريعة ثم وضعه على المكتب وقال:

_تمام سيبهولي دلوقتي هخلص الي في ايدي واقراه وبعدين امضي عليه، تقدر تروح أنت تكمل شغلك.

 

شكره "أنس" ثم خرج وذهب في طريقه ليكمل عمل اليوم الموكل له...

❈-❈-❈

خلف أسوار المدرسة

اجتمع ثلاثة أولاد شداد حول فتى ضعيف البنية يلقون على مسامعه كلمات جارحة تصف نحل جسده المبالغ به، وكأن كلماتهم السامة لم تكفي أولهم فلكم كتفه بيسراه بقسوة؛ بكى الضعيف متمتمًا من بين شهقاتها الخافتة خوفًا من لفت انتباه أحد المعلمين له ويعاقب المتنمرين فيترصدون له خارج الحرم المدرسي ويبرحونه ضربًا:

_ ماما، ياماما تعالي خوديني.

 

كلماته كان آثرها على نفوس مستمعينه  وقع النكات فتعالت الضحكات الساخرة وازدادت حدة الكلمات؛ فقلده أطولهم ذو الشعر المجعد:

_ماما، يا ماما.

ضحك الفتية مرة أخرى ثم اقترب أضخمهم ورئيسهما ثم وضع ساعده حول رقبته وأصبح يميل به لأسفل بعنف:

_ ايه ياض ماتنشف كده الله!

شعر بقطرات ساخنة تنهمر من بين قدماه جعل شعور الذل والمهانة يُسيطر عليه خاصة حينما ازدادت سخريتهم منه قائلين كلمات لن ينساها مادام على قيد الحياة …

 

بالقرب منهم  اختبئ  فتى_ متوسط الطول _ بجانب المبنى بحيث لا يظهر منه شيء، يحمل هاتفه ليسجل عليه ما يحدث بين هؤلاء الأولاد، حصل على ما كان يريده فأسرع يبتعد من المكان حتى لا تلتقطه أعين الفتية فيصبح مصيره كمصير ذلك المسكين...

 

_ مالك.

انتفض خائفًا حينما وصله نداء أحد الصبية له؛ ولكنه هدأ نفسه والفت للمُنادي ولحسن حظه وجده صديقه عمار:

_ عمار، بتعمل ايه هنا؟

سأله بحيرة عن سبب وجوده خلف المبنى الرئيسي خاصة أن وقت استراحة الغداء انتهى منذ دقائق قليلة، قطب عمار جبنيه بحيرة:

_ المفروض أنا الي اسألك بتعمل ايه هنا؟، كمان مش من عادتك تتأخر على الحصص!

 

 توتر "مالك" من كلمات صديقه الصادقة فأخذ يُفكر بما يُجيبه وكيف يُبرر له سبب تخلفه عن دروسه، ولكن صديقه كشف محاولاته للتهرب منه فلكزه بكوعه بمزاح:

_ بتفكر في ايه يا لوكة، متفكرش تكدب عليا  يابا ده احنا صحاب.

ابتسم "مالك"  لصديقه ثم أخذ نفسه ببطء وقال:

_ طب تعالى نروح الحمام ونتكلم هناك عشان محدش يسمعنا.

 

_لا دي الحكاية كبيرة اوي، اوعى تقولي انك لسه زعلان من مستر نور.

 

_لاء.

رد عليه "مالك"  باقتضاب يرفض الحديث بهذا الموضوع خاصة، وصلوا إلى الحمامات، دخلا فأسرع "عمار"  يسأله:

_يلا قولي بقا كنت بتعمل ايه ورا المبنى ومطلعتش ليه بعد الجرس؟

 

 أخرج من جيبه هاتفه المحمول ثم فتحه يعرض له ما قام بتصوريه، شاهد "عمار"  الفيديو وثارت بداخله مشاعر كثيرة أبرزها الغضب؛ فكاد يعود أدراجه عله يجد هؤلاء الأولاد ليلقنهم درسًا لن ينسوه، أمسكه "مالك" من ساعده ليوقفه عن حماقته من وجهة نظره:

_ أنت رايح فين اوعى تكون فاكر أنك بطولك ده هتعرف تعمل حاجه!

 

ازاد شعور الغضب بنفس صديقه فألقى  على مسامعه كلمات قاسية:

_هو ابه الي رايح فين!، رايح طبعا اكسر عصمهم ال.. دول، أصل أنا مش جبان عشان استخبى ورا الحيطة واسبهم بيضربوا زميلي!

 

تركه صديقه أثر صدمته وحزنه من كلماته السابقة ولكنه تحدث بهدوء وحزن ظهر بكلماته وصوته:

_ أنا مش جبان يا عمار، أنا بفكر بالعقل تقدر تقولي دلوقتي لو رحت وضربتهم ايه الي هيحصل بعد كده؟، أنا اقولك هنروح للاخضائي ويتعمل لينا استدعاء ولي أمر وطبعا بابا وباباك مش هيتوصوا بينا!

 

ثم حرك كفاه وأكمل:

_ياعم سيبك مننا فكرت هيحصل ايه للمسكين التاني، فكرك عمر وشلته هيسبوه بعد كده ده مؤكد مش احتمال هيزيدوا فيها ومش بعبد يستقصدوه بره المدرسة كمان!

 

كلماته العقلانية هدأت من روع الثاني فتسأل بحيرة:

_ طب وهنعمل ايه دلوقت؟، مهو مش هينفع نسيبهم يعملوا فيه كده تاني!

 

_ أقولك أنا، السوشيال ميديا دلوقتي بقت سلاح مهم في ايد الضعيف.

_ وده ازاي بقا يا أستاذ مالك، ايه هنعذبهم بفيديو شاهد ماذا حدث في النهاية ولا ببوست زعلان جدًا على الي حصلهم ولا بحماتي اكلت كل الأكل لوحدها!

وبرغم أنه لم يقصد أن يضحكه إلا أن حديثه كان سبب هروب ضحكة من حصار شفتي صديقه:

_لا ياعم مش ده الي اقصده.

 

صمت لثوان ليحصل على انتباه الأول ثم استأنف حديثه وقال:

_ الفيديو اللي أنا صورته هنزله على الفيس ونعمل فضيحه للمدرسة فتضطر تعمل فصل للعيال دي أو على الأقل استدعاء ولي أمر.

_ فرقت يعني، طب ما كده كده كانوا هيجلهم استدعاء  وبردو مش بعيد يستقصدوه بره المدرسة ايه الجديد أنا مش عارف!

 

لكزه صديقه بخفة وقال:

_ ياغبي، افهم لما ننزل الفيديو ده من على ايميلي الجديد الي محدش يعرفه بكده محدش هيعرف مين الي نزله وكمان أهل الولد هيعرفوا بالي بيحصل مع ابنهم في المدرسة وان معرفوش من النت المدرسة هتبلغهم وبكده هنكون حميناه وحمينا نفسنا وكمان مستر عادل مستحيل هيقدر يحل الموضوع من غير فصل 3 أيام على الأقل ويخرج بقا من جو مستقبل العيال ده.

 

أشاد به صديقه قائلًا:

_ ايه يا ولا، الذكاء ده أنت مكانك مش هنا أنت مكانك بره مصر.

 

ضحك الولدان بمرح ثم أضاف "مالك"  بغرور مصطنع:

_ عشان تعرف بس أنت مصاحب مين، وخد عندك كمان مش آدم بس الي هنساعده أي حد زيه سواء هنا في المدرسة أو أي مدرسة تانية.

_ أيوة بس في حاجه كده آدم هيتحرج.

 

فكرا معًا بحل لهذه المشكلة وآخر ما توصلا له هو عدم إظهار وجه "آدم" بالفيديو ومن ثم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي وحينما يصل الأمر للمدرسة يرسلان المقطع إلى الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة ليوصل الأمل لوالدي الفتى، كما قررا إرسال نسخة معدلة من الفيديو لأحد مشاهير تطبيق اليوتيوب يطلبون منه نشره ليحصل على مشاهدات عالية مع إرسالهم اسم المدرسة وأسماء الطلاب المتنمرين...

❈-❈-❈

مدرية التربية والتعليم

طلب حضوره إلى مكتبه بأسرع وقت حينما وقعت بين يده طلب نقل إلى أحد مدارس المحافظة للعمل بها والمضحك أنه لم يُحدد أية مدرسة هو يريد الانتقال لها بل ترك له الخيار لنقله لأي مدرسة كانت وأي وظيفة وجدت حتى وإن كان مدرس رياضة! …

 

وصله صوت طرقات على باب المكتب فسمح له بالولوج إلى الداخل وحينما أصبح على بعد خطوات من مكتبه صرخ به وهو يحمل طلب نقله بيمناه:

_ايه ده يا أستاذ أنس، طلب نقل لا ومش أي طلب نقل ده نقل لأي مخروبة وفي أي شغلانة!

 

توقع "أنس"  ثورة عمه عليه وتوقع ردة فعل أقسى من هذه بمراحل عدة فهيأ نفسه لها مسبقًا فكانت كلماته مرتبة وبسيطة:

_ ممكن حضرتك تهدى الأول عشان أعرف افهمك.

_اديني هديت، اتفضل قول ايه السبب في الهبل ده، ده أنت في مكان الكل بيحسدك عليه!

_ اديك قولت الكل بيحسدني عليه بس أنا مش عايزه أن...

_ نعم! مش عايزه ولما أنت مش عايزه جيت ليه من الأول.

 

قاطعه عمه بمنتصف حديثه فزفر برفق وقال:

_ ياعمي افهمني حضرتك عارف إني بعش مهنة التدريس برغم كل الي فيها من تعب وقرف بس أنا عايز أتعامل مع طلاب وتلاميذ اعلمهم ويعلموني مش اكون بين أكوام ورق وبس، أنا عايز أحس بروح مهنتي جوه الفصل وده بجانب طبعًا إني هكون هناك حر من غير ما أحط في دماغي اني هنا بسبب واسطة عمي واني مهما عملت هتفضل وصمة عار في سجلي!

 

ألقى حديثه دفعة واحدة ثم صمت ينتظر رأي عمه ورئيس عمله بكلماته ووصله بكلمة مقتبسة من حديثه:

_وصمة عار!، أنت فايق للي بتقوله ده ولا ايه الي جرالك بس.

 

_أيوة فايق.

اكد له بثقة، فتابع "حامد" قائلًا:

_ وبعدين هو ايه الي مدأكون بين كوم ورق هو أحنا هنا لنلعب ولا ايه!

 

تنفس بهدوء ثم قال آسفًا:

_مقصدش طبعًا ياعمي، أنا أقصد ان مش ده حلمي وحضرتك عارف كويس قد ايه التدريس مهم بالنسبالي فلوسمحت افهمني وحررني.

تفاجأ "حامد"  من نهاية حديثه فتسأل بدهشة:

_ حررني!  هو احنا يابني هنا حابسينك هنا ولا كنا بنعذبك لكل ده، ولا يكونس عشان الكام كلمة الي بتسمعهم من زمايلك في الشغل الي انت وهما عارفين كويس انك هنا حتى ولو بسبب واسطة فكمان عشان انت تستاهل المكان ده وانت اثبت ده اكتر من مرة.

 

_ أنا مهما حاولت مش هقدر أبعد كلامهم عني وأنا فعلًا تعبت بس زي ما قولت لحصرتك مش هو ده السبب الرئيسي أنا بحد واحشني التدريس اوي.

رد عليه "أنس"  بهدوء محبط خوفًا من رفض طلب نقله لإحدى المدارس، صمت عمه لثوان قليلة ثم زفر بيأس وقال:

_تمام يا أنس، الي تحبه بس استنى سوية وقت لغاية ما أسوف هنقلك فين.

 

سعد "أنس"  بكلمات عمه الموافقة فسكره واستأذن منه للعودة لعمله مرة أخرى، فسمح له الأخر وهو يدعو له بقلبه  بصلاح الحال وراحة البال...

❈-❈-❈

مساءًا بنفس اليوم

انتشر مقطع الفيديو بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة كاليتيوب والتيك توك وانستجرام وغيرها من المنصات كما تم تشويه الفيديو ووضع الكثير من البهارات لتلائم هذه التطبيقات وكل هذا في خلال بضع ساعات …

 

حُرف محتوى الفيديو ووضعت أسماء عدة لجذب الانتباه وكان من أبرز هذه الأسماء "شاهد قبل الحذف فضيحة مدرسة الحجاز الإعدادية المشتركة بمحافظة الاسماعيلية"...

                    

الصفحة التالية