-->

نوفيلا كارثة حلت على قلبي لنورهان ناصر - الفصل 2 والأخير - الثلاثاء 30/7/2024

 

قراءة نوفيلا كارثة حلت على قلبي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


نوفيلا كارثة حلت على قلبي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نورهان ناصر

الفصل الثاني والأخير

تم النشر يوم الثلاثاء

30/7/2024



كان مازن يمسك بيد زوجة عمه صافي ، التي من الصدمه كادت تموت من الفرحة ، يربت عليها وهو يناولها كوب الماء لتشرب ، ارتشفت القليل منه ثم نظرت له وابتسمت بملء شفتيها وهي تسأله وأعينها تدق بالسعادة :


_ اللي سمعناه ده صح يا مازن ؟ وأخيرًا هخلص منها .


كتم مازن ضحكته يردف بنبرة هادئة:


_ آه أمنية حياتك قربت تتحقق يا صافي وهتشوفيها متجوزه ومتسترة في بيتها ويارب يفضل بيتها وما ترجعلناش تاني . 


طالعتهم رحاب بتهكم وهي تهز قدمها بسخرية تقول بحاجب مرفوع :


_ أنتم مالكم كدا مش طايقيني ؟؟؟ إيه باكل عشاكم ؟؟.


تبادلت صافي ومازن النظرات وقالا في صوت واحد:


_ أيوه واليوم اللي هاتمشي فيه من هنا هايكون عيد عندنا. 


ابتسمت رحاب بسمة غير صافية وهي تقول ببساطة شديدة ترمق زوجة عمها بخبث شديد :


_أنا مجرد إني هشوفه متفرحيش أوي كدا يا ست صافي ، هايترفض زي اللي قبله وهفضل على قلوبكم كدا مش هتخلصوا مني بسهولة .


توسعت عيني صافي بصدمه وذهبت ابتسامتها أدراج الرياح ، ثم نظرت صوب مازن وقالت وهي تمسك بيده وتكاد تبكي :


_ لا يا مازن أنا لو عشت معاها زيادة عن كدا هتجلط يرضيك ؟؟.


_ مش أحسن ما اجلط الغريب أهو أنتِ مننا وعلينا الغريب ذنبه إيه ؟؟ . 


ولم تكن تلك إجابة مازن ، بل رحاب التي جلست أمامهم تضع قدمًا على أخرى وتتحدث بابتسامتها المستفزة ، بنبرة خافته خرج صوت صافي وهي تسأل مازن وتنظر بعينيه بنظرات باكيه:


_أنا مش هعرف ارتاح منها ، هموت يا مازن هتموتني كل يوم بمصيبه شكل ولسه انهارده أم مياده مشرشحاني في وسط الحارة من تحت رأسها وفلت من أيدهم بالعافية كانوا هيضربوني وأنا في السن ده ، عماله تقولهم إني بجلدها وبعاملها معاملة زفت ، منها لله أختك دي ، خلصوني منها بقى أنا تعبت وده كله ليه ؟ إسالني يا مازن قالتلهم كدا ليه ؟؟.


كتم مازن ضحكته وهو يقول بنبرة خرجت ضاحكه:


_ ليه يا صفصف ؟؟.


بغيظ شديد قالت صافي وهي تضرب على فخذها :


_ علشان الست ميمي بتاعتها ، روحت بالغلط يا مازن وبنت أختي شبطت فيها فروحت اديتهالها .


قالت رحاب بتهكم شديد :


_ أيوه بالغلط ها ؟ كله إلا ميمي وأنتِ عارفه إني متعلقه بالعروسة دي وهاخدها معايا لما اتجوز ولا نسيتي قطتي برقوقه عملتي فيها إيه هي وعيالها يا سفاحه سربتيها كل اللي بحبه بتبعدي عني يا شريرة ، مش عايزاني ابقى مبسوطه يا مازن بتحقد عليا . 


نفخ مازن الهواء بسخط وهو يشعر بالملل من هذا الحوار والذي يتكرر يوميًا في هذا المنزل ، يقول بنبرة أكثر حنقًا وتذمرًا :


_ خلصوني ورايا شغل ، مليون مرة يا صافي قولتلك ملكيش دعوه بحاجتها وأنتِ يا ست رحاب هدي شوي علينا ، احنا مش بنعذبك هنا ناقص تجيبيلنا جميعة حقوق الإنسان يعتقلونا ، اهدي يا ختي شويه،  مش بنطفي السجاير في قفاك هنا . 


صمت لثواني ثم تابع متهكمًا وهو ينظر لزوجة عمه :


_أنا نفسي يا صافي مسلمتش منها ، لما مرضتش اجبلها الشكولاته اللي قالت عليها بوظت لي السماعه الهيد فون بتاعتي القادرة ، بصي أنا بطني اتملت منها ونفسي نخلص منها انهارده قبل بكرا . 


نظرت صافي لها بعينين حانقتين وهي تقول :


_ يا شيخه حرام عليك اللي بتعمليه فينا ده ، ما دام قولتي عليه تبقي عارفاه و موافقه صح؟؟ أنتِ موافقة بس هتعندي علشاني ، يا بت أنا بحبك والله بس خلاص من كتر حبي ليك مش عايزه اشوفك هنا تاني.


مطت رحاب شفتيها وهي تطالعها بنظرة حانقه ثم قالت :


_ واضح يا مرات عمي الحب طافح أهو ، المهم هو هياجي هو ووالدته الساعه تسعه ، ابقوا صحوني قبلها بعشر دقائق .


قالت حديثها واتجهت صوب غرفتها أغلقت الباب وجلست على فراشها تفكر في طلبه هذا ؟؟ 


_ يكونش عايز يتجوزني علشان ينتقم مني على اللي حصله بسببي .


حركت رأسها بعنف تطرد تلك الأفكار وهي تغمغم بسخرية:


_ لا روايات بير السلم لحست عقلي ، أنا هقابله وارفضه وخلصنا أنا ما هتجوزش جواز صالونات أنا أبدًا .


رن في تلك الأثناء هاتفها المحمول أخرجته من سترتها ، كانت صديقتها داليا ، وضعت الهاتف على مكبر الصوت واستلقت على الفراش ، صدح صوت داليا تسألها بقلق :


_ بت عملتي إيه ؟ كان عندي امتحان ومعرفتش أخرج ، سمعت عن اللي منار كانت هتعمله أنتِ كويسه ؟؟.


تحدثت رحاب بهدوء شديد وهي تنزع عنها حجابها :


_ مفيش حاجه حصلت ، يوسف جه واتدخل ولمينا الموضوع بس ضربتني حتت قلم والله لاندمها عليه .


غاب صوت داليا لبضع ثواني فقالت رحاب باستغراب :


_ أنتِ روحتي فين ؟؟ داليا ؟؟.


ردت عليها داليا بهدوء وهي تدلك ما بين عينيها أثر الصداع :


_ هنا أهو معاك ، إلا إيه حكاية يوسف هي السنارة غمزت ولا إيه ؟؟ كل مرة يطلع ينقذك من مشكله شكل ، هو بردو اللي قولتيلي إنه لما منار كانت عايزه توقعك في حمام السباحه في الرحلة اللي طلعناها الشهر اللي فات انقذك وهو اللي وقعها قبل ما تزيحك ؟؟.


تنهدت رحاب بصوت خرج من داخلها مهمومًا وهي تقول :


_ بصي مش متأكدة هو أو لا ، لأني مشوفتش ملامحه كويس ، لأن أخويا مازن جه وقتها وأنا كنت بضحك على شكلها وهي بتغطس .


استشعرت داليا نبرة صوتها المهمومه تلك ، ضيقت عينيها تسألها بشك :


_ مالك يا بت مهمومه كدا ؟؟.


زفرت رحاب أنفاسها في ضيق ثم عبثت في شعرها بانزعاجٍ وهي تقول لها مباشرة :


_ داليا هو انا اطاق ؟؟.


_ إيه ؟؟.


_ بسألك يعني في حد يستحملني ؟؟.


ردت داليا سريعًا وهي تكبت ضحكتها:


_ وده سؤال بردو يا رحاب ، يا بنتي أنت متتعشريش أربع دقائق على بعض ، الله يكون في عونه اللي أنتِ من نصيبه .


نظرت رحاب للهاتف بقرف وردت عليها بضيق شديد:


_ وأنتِ إيه اللي مخليك تستحمليني كدا لغاية دلوقتي ؟ .


_ لأني زيك كاتك داهيه محدش بيطيقني غيرك ، اتنيلي بقى واخرجي من الاكتئاب ده لأنه مش بيليق علينا إحنا دماغنا هربانه مننا . 


ابتسمت رحاب برضا من إجابتها:


_ طيب وتفتكري هنلاقي حد يتقلبنا ؟؟ .


مطت داليا شفتيها تقول بسخرية:


_ علميًا لأ عمليًا بقى مفيش حاجه صعبه على ربنا وأكيد هيرزقنا باللي يستحملنا متفقديش الأمل. 


رقت عيني رحاب ما إن طرأت صورته على عقلها ، وابتسمت بخجل وهي تقول :


_  امممم اقدر اقول إني شبه لقيت الشخص ده .


_ مين يا بت ؟؟ ده أنت قلبك فاضي ليتلك سوده حصل ايمتى الكلام ده ؟؟ بتحبي من ورايا ؟؟ وبتصاحبي ، شربتي بانجو ولا لسه يا سعديه ؟؟ 


قلبت رحاب عينيها وهي تقول ببسمة ساخرة :


_ تعرفي عن الكلام ده اتنيلي ، المهم يوسف طالب أيدي .


فتحت داليا عينيها على وسعها بدهشه تقول :


_ آه يا كلبه ومكونتيش هتقولي ، ده شكله واقع بقى زي ما قولتلك .


_ ولا واقع ولا نيلة أنا وافقت أشوفه بس علشان أعرف عايز يتجوزني ليه ؟ واللي يشوفه يقول ده يطيق العمى ولا يطيقنيش .


علقت رحاب نظراتها على سقف غرفتها ثم تابعت وهي تتثاءب :


_ بصي أنا هنام دلوقت ما تيجي عندنا هو جاي على تسعه ابقي تعالي نطرده سوا والعقبى ليك .


_ يا شيخه منك لله ، الشاب خلوق ومؤدب عايزه تطرديه ده خسارة فيك يا موكوسه اومال بتقولي حاسه إنك لقيتي الشخص ومش عارفه إيه ليه ؟؟ ولا أنتِ قصدك حد تاني .


قلبت رحاب عينيها بملل مغمغمة بنبرة ساخرة:


_ مجرد فضفضه معاك بصي جوايا حاجات كتير متلخبطه ، هامتحنه نجح هوافق عليه سقط زي اللي قبله يبقى ميلزمنيش .


❈-❈-❈

مرت الساعات سريعًا وها هي الساعه دقت التاسعه مساءًا.


وكان مازن وبرفقته داليا يحاولون إيقاظها ولكن عبثًا يحاولون ، زفر مازن بحنق شديد وهو يقول لداليا :


_ لا انا تعبت حاولي تصحي الجثة دي الناس وصلت برا .


كتمت داليا ضحكتها وهي تنظر إلى رحاب النائمة كالقتيل ، وهي تهز رأسها بالإيجاب ، خرج مازن وتقابل مع صافي التي أشارت له أن يأتي إلى المطبخ وتحدثت بنبرة متهكمه : 


_ هي لسه مخموده ؟؟ 


أومأ مازن بيأس وهو يقول:


_ آه سيادتها نايمه زي الجثه ومش راضيه تصحى .


مسحت صافي يديها في المنشفة تضعها على رخام المطبخ وهي تقول ببسمة مغتاظة:


_ هتفرسني بتصرفاتها دي الله يكون في عونه اللي هي من نصيبه هيتبلي بلوى منيلة بستين نيلة. 


_ بقولك إيه مش وقت الكلام ده ، هاتبقى بلوته هو ومشكلته ، المهم احنا نرتاح منها ، أنا هجوزها واتبرى منها خلاص طهقت ، هروح اقعد معاهم وأنتِ روحي شوفيها قامت ولا لأ.


دخلت صافي إلى غرفة رحاب بعد أن طرقت الباب وسمعت داليا تجاوبها ، نظرت لرحاب بغيظ شديد ثم أمسكت كوب الماء الذي على طاولة الزينة وبلا أي تفكير ألقته على وجهها وهي تقول ببسمة مغتاظة:


_ الأشكال دي تصحوها كدا إنما جو الصوت الناعم ما يكلش معاها . 


شهقت رحاب بقوة وهي تفتح عينيها تنظر لها بغضب وهي تقول حينما وقعت عينيها على داليا التي تقف قرب رأسها :


_ شايفه يا داليا بتغرقني عايزه تقتلني ودلوقت هاتجيب القماشة تكتم نفسي ، قولتلكم الوليه دي بتكرهني .


ضحكت داليا بقوة على ملامح صافي المندهشه ثم تمالكت نفسها تقول ببسمة صغيرة:


_ قومي يا رحاب ، قومي ربنا يهديك ، يوسف وصل برا هو و مامته ، جهزتي حاجه تلبسيها ؟؟.


نفخت رحاب الهواء تقول وهي تعتدل في جلستها تمسح عن وجهها الماء :


_ لا جهزت ولا اتنيلت ناوليني أي دِرس من عندك وخلاص .


طالعتها صافي بضيق وهي تردد بنبرة غاضبه:


_ أي تصرف أهبل منك هوريك الوش اللي زهقتيني بيه وهاشكيك لعمك يشوفله صرفه.


❈-❈-❈

وخارج الغرفة ، حيث الصالة الرئيسية كان يوسف يجلس متوترًا وبجواره والدته التي تنظر له بضيق تهمس بحنق :


_ هما متجاهلينا كدا ليه ؟؟ .


همس يوسف بصوت خافت وهو يبتسم في وجه مازن :


_ متجاهلينا إيه بس ؟ أرجوك يا ماما عدي الليلة على خير.


تزامن حديثه مع خروج صافي وجلوسها معهم تداولوا بعض الأحاديث المعتادة في مثل تلك الجلسات حتى نهضت صافي تقول ببسمة صغيرة:


_ هروح اشوف عروستنا .


غابت بضع دقائق وهي تتأفف بغيظ منها دخلت إلى الغرفة تقول بحدة :


_ ما تخلصي الناس بدأت تزهق .


قالت داليا وهي تنهي لف حجابها :


_ خلاص طالعين أهو.


زفرت صافي الهواء من أنفها بغيظ وهي تشير لها صوب المطبخ :


_ خلصي وتعالي اديك الصينية وربنا يستر وما توقعها فوق رأسه.


نظرت لها رحاب من المرآة بقرف وهي تقول ببسمة باردة :


_ ودي تيجي بردو ، هاكبها فوق رأسك إن شاء الله ، ما تقطعيش أنتِ بس ، بطلي بقى توتريني .


وأخيرًا هلت عليهم تحمل بيدها صينية المشروبات وهي تسير ببطء كالسلحفاة وبجوارها داليا تدعي داخلها أن تمر الليلة على خير ، جلست صافي بتوتر شديد تتبادل النظرات مع مازن والكل ينظر صوبها وهي تحمل الصينية بيدها ويوسف يبتلع لعابه من حينٍ لآخر وهو يدعي أن لا توقعها عليهم .


ألقت السلام واتجهت صوب رجاء التي كانت تطالعها بنظرة غامضة أربكتها ، نظرة كانت كفيلة باهتزاز الصينية من يدها لتسقط على حجر رجاء بكل ما تحمل ، والتي صرخت بتهكم شديد ، أغمض الجميع عيونهم لثواني وملامحهم متشنجة هذا ما لم يسمعوا به من قبل توقع الصينية بأكملها على حماتها من أول لقاء ليتولانا الله برحمته .


فتح يوسف عينيه ينظر لوالدته نظرة مترجية أن لا تحرجها ، بينما رحاب كانت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار على هذا الموقف الذي لا تحسد عليه وقبل أن تنبس بحرف شعرت بغشاء من الدموع بدأ يتكون في عينيها يحجب الرؤية لذا وبدون تردد ركضت باتجاه غرفتها .


كان الجميع يحدق في رجاء التي تتأفف بحنق واضح وهي تنظر لملابسها بضيق ، أول من نطق كان يوسف الذي اتجه إلى والدته يضغط على يدها وهو يقول لهم ببسمة صغيرة يداري ما حصل :


_ مالكم يا جماعه مفيش حاجه حصلت ، هي بس من التوتر عملت كدا أستاذنك يا طنط تروحي تشوفيها ولا إيه يا ماما عروسة ومن التوتر وقعت منها ؟؟.


قال الأخيرة وهو ينظر إلى رجاء بعيون يغلفها الرجاء ، وهو يضغط على كتفها بيده الأخرى ، نظرت له رجاء بتوعد وهي تهمس بصوت منخفض:


_ خلاص كتفي يا ابن الهبله ، مش عارفه هي سحرالك ولا إيه ؟. 


ثم اتجهت ببصرها صوبهم وقالت ببسمة مجبرة :


_ آه طبعا محصلش حاجه أنا بس عايزه اغسل العباية ممكن قبل ما الشربات يطبع فيها ؟؟.


نهضت صافي من فورها وقالت وهي تشعر بالحرج :


_ طبعا اتفضلي ، آسفه جدا على اللي حصل .


ذهبت رجاء معها ، وأشار يوسف إلى داليا بأن تذهب لرؤيتها ، أومأت داليا بصمت وبقى يوسف ومازن اللذين كانا يبتسمان لبعضهم بتوتر شديد.


❈-❈-❈

وبداخل الغرفة انكبت رحاب على وسادتها تخفي وجهها بداخلها وهي تبكي بشدة ، ربتت داليا على رأسها بحنان وهي تواسيها بكلماتها :


_ يا بت خلاص محصلش حاجه والست ما اتكلمتش بالعكس متفهمة اللي حصل ....


هبت رحاب تنظر لها بعينين دامعتين:


_ محصلش ده الوليه كانت هتاكلني بعينيها هي السبب أصلا ونظرتها وترتني ومحستش بايدي وهي بتتهز  أنا واحده مبعرفش أشيل صواني يعني مش باقية على الدنيا .


مسحت لها داليا دموعها بحنان ثم قبلت جبهتها :


_ وارد ده يحصل ، قومي اغسلي وشك وتعالي يالا ، الكل مستنيك برا ، طنط صافي اخدتها تغسلها العباية وهاتديها عباية تانيه من عندها عقبال ما تنشف الموضوع خلص .


_ مخلصش إيه اللي هيحصل يعني هاطلع اقعد معاهم وهي هتقول لابنها ماتلزمناش بلاها غيرت رأيي ، مش هتجوز أنا ، اطلعي مشيهم . 


مسحت داليا على وجهها بغيظ منها ثم سحبتها من يدها باتجاه المرحاض وهي تقول: 


_ بلاش جنان بقى ، وعدي يومك على خير ، يا بت يوسف متمسك بيك وكان قلقان عليك .


_ يا ست بلا متمسك بلا زفت هو عايز يطلع عليا اللي عملته كله فيه وهتشوفي .


ابتسمت داليا وتحولت البسمة لضحكات تحت تعجب رحاب التي ضربتها على كتفها بغضب :


_ ايه اللي بيضحك يا باردة ؟؟.


تمالكت داليا نفسها تقول وهي تضع يدها على فمها تخفض من صوت ضحكاتها :


_ أصل حكاية يطلع عينك دي مش مصدقاها يا بت ده أنتِ اللي هتطلعي عينه وعين أمه اللي قاعده برا دي ، أنتِ محدش يقدر عليك غير ربنا ، امشي قدامي . 


انتهت من غسل وجهها ثم عادت لهم تخفض رأسها أرضًا مغمغمة بصوت منخفض :


_ أنا آسفه يا جماعه على اللي حصل .


نظر يوسف لوالدته بتحذير والتي ابتسمت تقول بنبرة حاولت جعلها لطيفة بعض الشيء:


_ آسفك مقبول يا بنتي يالا اتفضلي اقعدي .


ابتسم يوسف بسمة صغيرة وهو ينظر صوب رحاب سريعًا والتي كانت تأكل أصابعها من شدة التوتر وهي تضغط عليهما ، رفعت بصرها فجأة لتتقابل مع عينيه شعرت برجفة حادة تسري في جسدها واحمرت وجنتيها لتسارع بخفض بصرها وهي تحاول أن تتمالك ذاتها ، العجيب هو كيف أن لابتسامه صغيرة منه أن تفعل كل ذلك بها من تسارع دقات قلبها لاحمرار خديها ، لذلك الشعور اللذيذ الذي يغمرها في كل مرة تقع عينها على ابتسامته.


تحدثت والدته بنبرة عادية وهي تنظر إلى صافي :


_ أنا طبعا يشرفني ويسعدني إني أضيف رحاب لعيلتنا باين عليها بنوته هادية خالص من وقت ما قعدنا مطلعش ليها صوت. 


سعل مازن فجأة بقوة وهو يكبت ضحكاته وشاركته داليا وصافي وحتى يوسف لترمقهم رجاء جميعًا باستغراب شديد ، ورحاب التي رفعت رأسها تنظر لهم بنظرات مُشتعلة ، توقفت صافي والبقية لما رأوا نظرتها و بقى يوسف الذي كان يسعل بقوة ، أشارت لها زوجة عمها بأن تعطيه كوب الماء .


تنهدت رحاب بصوت منخفض ثم نهضت من فورها تحمل كوب الماء وتخيلت أنها تلقيه على وجهه ترى ما سيحدث إن فعلتها ؟؟ ، مدت يدها له بالكوب وهي تبتسم بسمة صغيرة ، توقف يوسف عن السعال وهمس بصوت منخفض :


_ اعقلي يا مجنونه أي حركه كمان أمي هترميك من البلكونه.


فغرت رحاب فمها بصدمه كيف علم ما كانت تنوي فعله بالفعل ، لم يمهلها وقت لتستوعب ما حدث أخذ منها الكوب وارتشفه كله ، ثم عادت رحاب للجلوس وهي تستمع لحديثهم بصمت ومن حينٍ لآخر تلقي نظرة على يوسف وكأنها تحلل شخصيته ، حتى أتت اللحظة الحاسمة حينما رأتهم ينهضون فجأة ليسمحوا لهم بالجلوس ليتحدثوا بأريحية قليلًا .


ما إن اختفوا عن مرمى بصرها حتى رفعت رأسها ونظرت صوبه وبلا أي مقدمات قالت :


_ بقولك إيه أنا جواز الصالونات ده مبحبوش .


نظر لها يوسف يرميها بنظرات متهكمة وهو يرفع حاجبه بتشنج:


_ طيب تعالي نمشي مع بعض فترة ونحب بعض يا ختي .


شهقت رحاب باستنكار تقول وهي تعدل طرف حجابها :


_ أنت اتجننت أنا اللي عايزني ياجي لحد البيت يطلبني .


صمتت رحاب تستهجن حديثها الأحمق فماذا يفعل هو الآن في منزلها ، في حين طالعها يوسف بملامح متشنجة وقد فقد القدرة على التعبير حتى ، شعر أنه فقد النطق ، بحثت في رأسها عن شيء لقوله وطبعًا لم تجد ، خرج يوسف من صدمته يتجه نحوها ليجلس في طرف الأريكة التي تجلس عليها يقول بنبرة ساخرة :


_ اومال أنا بعمل إيه دلوقت ؟؟ ومين قالك إنه جواز صالونات بقى ؟؟. 


توترت رحاب من جلوسه بقربها نعم هناك مسافة بينهما ولكن إحساس أنه قريب منها لهذا الحد يزيد من ضربات قلبها ، هي لا تنكر تشعر بشيء يجذبها له ولكن كلما تذكرت أحلامها يعتريها اليأس هي تبحث عن قصة حب خيالية عن شخصٍ يتقبلها كما هي ، لا يفرض عليها أي تغيير في شخصيتها ، يقبل تصرفاتها برحابة صدر .


أخيرًا استطاعت النطق لتقول ببسمة صغيرة:


_ ليه تكونش بتحبني مثلا ؟؟ ولا أنت أصلا طلبت تتجوزني ليه وأنا كارثة زي ما بتقول وموارييش إلا المشاكل . 


أخرج يوسف تنهيدة قوية من جوفه ثم نظر لها بحب يقول:


_ أنا طلبت اتجوزك علشان اخلص من مقالبك دي يمكن تعقلي بعد الجواز وترحمي أمي الغلبانه وتبطلي تسحليني معاك وعلشان أنقذ البشرية منك .


حدقته رحاب بنظرة حانقة وهي تتنفس بصوت مرتفع تردف بنبرة ساخرة :


_ يا سلام على الراجل المضحي ، ومين قالك بقى إني لو اتجوزتك هاعقل ؟؟ ايه الثقه دي ؟؟ آسفه طلبك مرفوض .


تنحنح يوسف ينظف حلقه ثم ابتسم ابتسامته الهادئة وأردف بنبرة حانيه :


_ طيب نتكلم جد شوية ، أنا أعرفك من زمان يا رحاب مش أول مرة أشوفك فيها لما اتحبسنا في الحمام ، أنا أول مرة شوفتك فيها كنتي بتلعبي مع بنوته صغيرة من أطفال الشوارع وكان في إيدك عروسة حلوه ، كنت خارج من الجامعه مخنوق ومضايق وشوفتك قاعده على الأرض وفضلتي قاعده لحد ما خليتي البنت تضحك وتبطل عياط ، ساعتها اتمنيت إن الاقي الإنسانه اللي تفضل جنبي في وقت زعلي وحزني ومهونش عليها ومهما أنا رفضت وجودها هي تفضل متمسكه بيا ، البنت كانت عماله تعيط وتزيحك علشان تمشي وأنتِ رفضتي تسيبيها وهي زعلانه. 


نجح في جذب انتباهها لتوليه كامل الإنتباه ، ابتسم هو أكثر وهو يعود بذاكرته لتلك الأيام يخبرها بعينيه وبقلبه علها تستشعر ما يعانيه بسببها وهي لا تشعر به :


_شكلك كان جميل أوي وده كان أحلى مشهد شوفته في حياتي كلها لقيتني مركز معاك عايز أعرفك أكتر ، البنات في الوقت الراهن بقوا سطحيين ويهمهم المنظر والشكل واللبس والميكاب ومش عارف إيه ، لكن أنتِ قعدتي في قلب التراب تراضي بنوته صغيرة ومش ساعه واحده فضلتي قاعده معاها تلت ساعات تلعبوا وتضحكوا ، شوفت فيك طيبة وحنية ظهرت في أفعالك ، ده الجوهر بتاعك الحقيقي أنت انسانه جميلة وعفوية بشكل محبب لقلبي .


لمعت الدموع في عينيها وانتفضت بشهقات خافته وهي تستمع له وقبل أن تنبس ببنت شفة منعها وهو يسترخي في جلسته يقص عليها كل شيء :


_ فضلت مراقبك فترة طويلة لحد ما عرفت إنك في نفس الجامعه اللي أنا فيها ، كنتي كل يوم تخرجي من الجامعه وتروحي تلعبي معاها مرة الاقيكم بتلعبوا بالعرايس ومرة بالبِلي مهمكيش شكلك وأنتِ قاعده معاها في قلب التراب تلعبوا المهم إنكم مبسوطين ، ومرة مسكتوا واحده ومعاها بنت في نفس عمر صاحبتك الصغيرة دي ورنتوهم علقه لأنهم كانوا بيضايقوكم ....


ببسمة صغيرة ودموعها تنهمر أمام وجهها قالت رحاب :


_ شرين الغراب وأختها كانوا دايما مستقصدين حلا ، وأختها الصغيرة تضربها ومرة اخدت منها العروسة اللي جبتهالها ورمتهالها في النيل ...


أكمل يوسف عنها وهو يقول ببسمة :


_ وقتها حاولتي تنزلي تجبيها لأنها كانت لسه على سطح المايه ومبعدتش وحصل لدرجة كنتي هتوقعي وقتها . 


شهقت رحاب بصدمه تقول بنبرة بها ذهول حينما تذكرت شيئًا :


_ أنت اللي جبتها ليها ؟؟ أنا روحت أدور على حد من الصيادين يجيبها ولما رجعت لقيت العروسة مع حلا وقالت لي عمو اللي هناك ده جبهالي ، مخدتش بالي من ملامحك أوي ساعتها لأني كنت مبسوطه إن حلا مبقتش تعيط تاني . 


ازدادت ابتسامته وقال وهو يلعب في خصلات شعره :


_ أنا كمان البنت دي بقت مهمه عندي ولما بفضى بروح أقعد العب معاها .


_ فعلا حلا بتحبك أوي ، وحكت لي عنك بس ولا مرة اتقابلنا .


صمتت رحاب وأسرتها في نفسها وهي تقول : 


_ لدرجة حبيتك من كلامها عنك . 


أخرج يوسف تنهيدة قوية ثم قال بنبرة صادقة وهو ينظر لها مباشرة :


_ مكنتش عايز أظهر دلوقت وقولت استنى شوية أتأكد من اللي حاسه ، أنا شوفت فيك قوة غريبة لازم تستردي حقك ومتسمحيش لحد ياجي عليك ، كنتي تشكيلة عجيبة تصرفات طفولية وفي نفس الوقت شرسه وقوية ، وكل ما أقول بدأت افهمك الاقيني لسه على البر ، أسباب كتير خلتني آخد الخطوة دي ، حسيتك ملزمة مني .


شعرت بالدموية تتصاعد لتصب في وجنتيها ، وتبعها خفقات قلبها السريع وهي تنظر له بأنف أحمر من البكاء الصامت ، وكل ما فعله هو أن مد يده بالمنديل وهو يقول بنبرة مرحه :


_ خدي ده مؤقتًا لحد ما يكون لايدي الحق تمسح دموعك . 


ضحكت رحاب بقوة رغمًا عنها على طريقته ، ليبتسم يوسف بملأ شفتيه ، وضعت هي يدها على فمها تكتم صوت ضحكاتها .


❈-❈-❈

وخارج الغرفة في الشرفة ، كانت صافي تفتح عينيها على وسعها لا تصدق ما وصل لمسامعها ، مالت على داليا تهمس بصوت منخفض:


_ هي البت بتعمل إيه جوا ؟؟ بتضحك كدا ليه ؟؟. 


رفعت داليا كتفيها ومطت شفتيها تقول بعدم معرفه: 


_ مش عارفه بس يمكن قالها حاجه تضحك طيب ..


مصمصت صافي ثغرها في تشنج وهي تقول :


_ حاجه تضحكها دي تلاقيها هي اللي عملته مضحكه جوا وقعدت تضحك عليه ، قوم يا مازن شوفهم لتكون لبست الجاتوه في وشه اختك مجنونه وتعملها .


بينما رجاء كانت تجلس وكأن على رأسها الطير تحملق في وجوههم باستغراب من تهامسهم الغريب ، لتقول ببسمة صغيرة أجبرت ذاتها على رسمها : 


_ هو في حاجه يا ...


_ قولي صافي عادي ارفعي الرسميات دي ، لا مفيش حاجه بقول يعني تشربي شاي ؟؟. 


لكزها مازن في جانبها الأيسر يقول بنبرة متهكمه :


_ اهدي أنتِ كمان ، هتبوظي الدنيا أنا عارف أنها هربانه منها بس مش للدرجة تلبس الجاتوه في وشه، أول ما نسمع صوت يوسف بينادي لفيني سلاح عمي واخلص عليها وكلنا نرتاح . 


عودة لهم ...


ناولته كوب الماء ثم عاودت الجلوس موضعها ، وضع يوسف الكوب من يده ثم نظر لها  مكملًا في ابتسامه صافيه:


_ كنا فين ؟ آه حسيت إنك ملزمه مني بجد وإني لازم أدافع عنك واحميك من البلاوي اللي بتعمليها في كل مرة ، حبيت روح الطفلة اللي جواك وحبيتك أنتِ مع الوقت ولما اتحبسنا في الحمامات شوفت جانب تاني فيك جانب بسيط وبريء ها يا ستي بالمختصر أنا بحبك أصلا أنتِ ليه ما فكرتيش أنا مستحمل مصايبك دي ليه ؟ وليه بظهر قدامك مش صدفه زي ما أنتِ متخيلة ، أنا بحميك لأنك جزء مني ومش عارف أبعد لدرجة أمي بتقول عنك إنك مشعوذة وأكيد سحرتي لي . 


احمرت وجنتيها خجلًا وهي تمسح دموعها لا تستوعب كل ما قاله ، هل بالفعل يحبها ومن زمن ، كانت كاذبة حين ودت رفضه هي أيضًا تبادله هذا الحب وأفعالها تلك معه لم تكن تعي بها منار بل كانت تقصده ، تبحث به عن الشخص الذي لطالما حلمت به ، الشخص الذي يقبلها كما هي .


فمنذ أن حُبست معه في الحمامات وحرصه على سمعتها وأيضًا أخلاقه التي رأتها فيه ، وعدم استغلاله الوضع ، وأيضًا كل مواقفه الداعمة لها حتى وإن بدى لها حانقًا كارهًا كانت تعلم بأنه ليس كذلك كل ذلك حرك مشاعرها صوبه .


هي بالطبع لن تخبره بأنها تحبه كما يحبها وأنها كانت تضعه في اختبارات لترى قوة تحمله ، ربما تخبره بهذا السر حينما يتزوجان لكن ليس الآن.


خرجت من فقاعة أفكارها على صوته يسألها بنبرة حانيه وبسمة صافية :


_ ها يا ست البنات موافقه ؟؟ .


قبل أن تعطيه ردًا وجدت نفسها فجأة تسأله:


_ هي والدتك جايه معاك مجبرة ؟؟ وآه أنت حكيتلها إيه عني؟ 

مسح يوسف على شعره وهو يتذكر تلك المشادة بينه وبين والدته قبل ذهابهم ....


كانت تهز قدمها بغير رضى وهي تطالعه بنظرات متشنجة لا تستوعب ما قاله حتى الآن ، والآخر يبتسم بتوتر شديد ، خرجت رجاء عن صمتها تقول بنبرة مملوءة بالتهكم:


_ رايح بايدك للتهلكه يعني ، أنت مش بقالك شهر عمال تشتم فيها .


جلس يوسف بجوارها ثم تحدث بهدوء شديد:


_ كنت كدا في الأول ، بس لما تشوفيها هتحبيها هي بنوته جميلة وآه مطرقعه شويه صغيرين يعني أنا كنت ظالمها هي هادية يا أمي خالص دي ملاك هي بس حظها بيوقعها في المشاكل بس هي غلبانه بتمشي جنب الحيط وتقول يا حيطه داريني .


صمت يوسف يستغفر ربه من كثرة الكذب هو نفسه لا يصدق ما يتفوه به فمه ، تحاشى النظر لوالدته التي تطالعه بنظرة ساخرة وهي تقول :


_ كداب يا يوسف والنسمه الملاك بتاعتك دي تفلق رأسك بطوبه بردو وتمرمطك معاها كدا ؟؟.


نظر لها يوسف يقولها بصراحة :


_ بصراحه بقى أنا بحبها ومش فارق معايا أي حاجه قولتلك عليها قبل كدا ، هي طيبه والله هي بس حظها عامل حبتين والناس هما اللي مش سايبينها في حالها زي ما قولتلك.


طالعته رجاء بحاجب مرفوع وهي تعقب على حديثه بسخرية لاذعة:


_ حبيتها ؟؟ ممرمطاك ومشوفتش يوم عِدل معاها وكل يوم ترجعي لي متبهدل وتقولي بحبها .


أقبل يوسف عليها يجلس بقربها وقال وهو يمسك بيدها يقبلها :


_  وهو الحب ايه غير بهدلة ؟؟ كل ده هايتغير بعد الجواز ، دي عليها عقل يوزن بلد متقلقيش يا أمي ، هي دي الزوجه اللي أنا عايزها دي حنينه أوي وعلى نياتها هبله هاشكلها على أيدي اسمعي مني .


زفرت رجاء الهواء بقوة تقول بسخرية وهي تسحب يدها من يده  :


_ يا خوفي هي اللي تشكلك وتقلبك عليا ، قال متخافش من المكار وخاف من السهتان اللي عامل نفسه غلبان ، خلاص ناقص تكتب لي فيها شعر ، هروح معاك أشوفها وبس وإن معجبتنيش تنساها ، وحط في بالك إني كنت ناوية اجوزك لبنت أختي  .


زفر يوسف الهواء بحنق من تلك السيرة ، ثم ابتسم بوجه والدته ونهض يدلف إلى غرفته وهو يقول :


_ هنروح على الساعه تسعه ، وإن شاء الله لما اتجوزها مش هاتسمعي لينا حس ، وهاتشوفي يا ماما دي نسمه بقولك .


ضحك يوسف بصوت مرتفع وهو ينظر بعينيها قائلًا:


_ رجاء وحد يجبرها ، لا لا متقلقيش منها أمي دي سُكرة واثق إنكم هتحبوا بعض أوي ، المهم أنتِ موافقة ؟؟.


زفرت رحاب الهواء بهدوء ثم نظرت له تقول مبتسمة بسمة واسعه:


_ اسمع أما اقولك أنا مش بعرف اسلق بيضة ها ؟؟ ومش بحب أعمل حاجه أنا أكسل من إني أملى الكوباية لنفسي ، وآه مبعرفش أشيل صواني أنا !. 


_ لاحظت !.


_ ومش هاعقل بقولك أهو .


_ أنا بحب المجانين اصلا خدنا إيه من العاقلين يعني.


_ وآه هاتفسحني كل شوية وتلعب معايا بألعابي واياك اشوفك بتشتكي !.


_ هافسحك وادلعك والعب معاك كمان حاجه تاني .


_ هاتشتري لي كتب كتير وتقرألي قصص قبل النوم وتتفرج معايا على الكرتون . 


كلمة واحده نطق بها يوسف :


_ موافق. 


نهضت رحاب وقالت وهي توليه ظهرها :


_ تمام وأنا موافقه إياك بس بعد أول أسبوعين جواز مطلقنيش .


ضحك يوسف بصوته كله يردف بنبرة هادئة:


_ أنتِ ليه بتقلقيني منك ؟ متخافيش أنا صبري طويل ومش هاتسمعي لي صوت .  


❈-❈-❈


بعد مرور عدة أيام على يوم الخطبة والتي اقتصرت فقط على المقربين وتم تلبيس الدبل ، والحمد لله مرت على خير وبدون كوارث.


صدقتم ، هل تجتمع رحاب في مكان بدون أن يحدث كوارث ، دعوني أقص عليكم ما حدث ....


بداية رفضت الخروج لأن يوسف نسى إحضار باقة الورود لها ، وكادت تبكي وهي تقول لصافي أنها لا تريده ، لولا ذهابه لإحضارها رغم أن الخطبة كانت ستتم بدون الورود الحمراء ولم تكن لتمانع ، ولكن هذه رحاب إن نسيتم. 


وجاءت مرحلة اختيار الشبكة لم يعجبها العجب ، حتى استقرت أخيرًا على إحدى الخواتم التي اختارها يوسف لها وصممت على نقش كرتون سبونج بوب هو وصديقه بسيط على الدبلتين وهي تخبره بأن سبونج بوب لها وبسيط له ، ورغم تعجب العامل ومدير المكان من هذا الطلب الغريب ، إلا أن يوسف نفذ لها طلبها وجعلهم ينقشون الرسومات الكرتونية ، وبالخلف تتمنى صافي أن تنشق الأرض وتبتلعها ورجاء تلوي ثغرها بسخرية وهي من حين لآخر تهمس بتهكم :


_ من أولها وبتنفذ طلباتها بدون نقاش ، بعدين هتعمل فيك إيه ؟؟ يا ميلة بختك في ابنك يا رجاء كرتون إيه ده ؟؟ بدل ما تكتب اسمك كاتنا نيلة في حظنا الهباب . 


وهكذا انقضت حفلة الخطوبة وكانت رجاء كما يقال بالعامية المصرية  تعصر على رأسها مائة حبة ليمون حتى تقضي تلك الليلة لأجل ابنها المسحور.


نعود للوقت الحالي ....


كان يوسف يتحدث في الهاتف وهو يسير خارج حمامات الجامعه ، يبتسم بسمة صغيرة:


_ أنا كلمت مازن وأستاذنته أروحك أنا ، أنتِ فين كدا وإيه الأصوات اللي جنبك دي ؟؟.


صمت يستمع لصوتها لتتسع عينيه بصدمه :


_ خناقة تاني يا رحاب ؟؟ أنا لسه من يومين مخرجك من خناقة مع الراجل بتاع المراجيح .


صمت وهو يتذكر حينما كان يجلس على المقعد وهو يتصفح بعض المواقع حينما رآها تأتي صوبه وهي تكاد تبكي وبرفقتها حلا الصغيرة تمسك بيدها .


هتف يوسف بدهشه :


_ في إيه مالكم ؟؟.


تحدثت حلا بنبرة خافته :


_ عمو اللي هناك ده زعق لرحاب ونزلني وقالنا نمشي . 


اشتد جسده بالغضب وهو يقول بعيون متسعة:


_ انهو واحد فيهم ده ؟؟.


أشارت له حلا على أحدهم والذي يقف بجوار الأرجوحة ، ليذهب له يوسف من فوره يقول وهو يمسك بتلابيب الرجل :


_ أنت يا راجل أنت بتزعقلهم ليه وتنزل البنت من المرجيحه؟ .


نظر الرجل لرحاب بغيظ وهو يقول :


_ يا أخينا صلي على النبي كدا الأول.


_ عليه أفضل الصلاة والسلام .


تابع الرجل الحديث بغيظ شديد وهو يرمق رحاب بضيق يشير للأرجوحه خلفه :


_ دي إيه ؟؟.


نظر له يوسف متهكمًا وهو يردد ساخرًا:


_ أنت هتستعبط دي مراجيح للأطفال . 


قال الرجل وهو يبعد يدي يوسف عنه :


_ بس أديك قولتها اقنع مراتك دي بقى لأنها عايزه تركب وقولتلها دي للأطفال مش ليك يا مدام مفيش فايده ، زعقت ومُصره تركبها روحت منزلهم هما الاتنين . 


نظر يوسف لرحاب التي كانت تنظر بعيدًا وكأن الحديث لا يعنيها ، في حين كتمت حلا الصغيرة ضحكتها بصعوبه على ملامحه .


اعتذر يوسف من الرجل وحمل حلا ووضعها لتلعب مع الأطفال واتجه إلى رحاب التي لوت شفتيها بغير رضى وهي تهز قدمها في انزعاجٍ واضح .


همس هو لها وهو يحرك رأسه بيأس:


_ خلاص يا طفلة ، هركبلك مرجيحه في بيتنا اتبطي بقى وافردي وشك ده .


ضمت رحاب حاجبيها بانزعاجٍ وهي تقول بنبرة متهكمة:


_ قال أطفال قال راجل غتت وأنت المفروض بدل ما تعتذر منه تخليه يركبني ، لا أنا هروح وهركب بقى غصب عنه .


_ تروحي فين يا بت ، دي هتاخدك بتهزري للأطفال يا رحاب هو أي خناقه والسلام يا بنتي اعقلي.


_ لا أنا بقى مجنونه مش عجباك طلقني.


_ مش لما اتجوزك الأول ده باينه هايبقى مرار ...


قاطعته رحاب بعينين لامعتين وهي تستمع لضحكات الأطفال وهم يلعبون بمرح :


_ يوسف مليش دعوه عايزه اتمرجح اتصرف . 


_ اللي بتقولي ده على جثتي !. 


بعد خمس دقائق كان يوسف ينظر للرجل صاحب الأرجوحة وهو يتحدث معه للمرة الأربعين كي يقنعه ، وبعد إلحاح كبير وافق الرجل لم تمضي دقيقتين على ركوبها وصرخت بتهكم حينما انقطع الحبل لتسقط على الأرض تبتسم بسمة واسعه غبيه والرجل ينظر لهم بشر مال يوسف يحمل الصغيرة حلا ورحاب التي وقفت خلفه بخوف من نظرات الرجل ، ثانية ثانيتان وفروا هاربين ورحاب تضحك بقوة هي وحلا وبلا شعور وجد يوسف نفسه يضحك معهم على ما حدث والرجل يركض خلفهم .


آفاق من شروده وهو يصيح في الهاتف :


_إيه أنتِ مش هتوبي بقى ؟ هامشي أخرجك من الخناقات؟؟. .


جاءه صوتها تصرخ بغضب حينما ضربتها إحدى الفتيات في معدتها :


_ بطني ياللي تنشكي في امعاءك ، الحقني يا يوسف وبعدين هتوب والله آخر مرة وبعدين ده دورك تكون داعم ليا في كل حاجه شكلك زهقت وكنت بتثبتني بكلامك . 


شد يوسف على خصلات شعره وهو يقول بنبرة متهكمه:


_ داعم ليك ؟؟ أنا مزهقتش بس ممكن نخلي المشاكل دي كل شهر مرة ؟؟ أنتِ فين يا آخرة صبري ؟؟.


أخبرته بمكانها ثم أغلقت الخط ، هرع يوسف يركض صوب الجهة التي توجد بها وهناك وقف مبهوتًا لبضع دقائق وهو يرى حشد من الفتيات يضربن بعضهن بقسوة شديدة، بحثت عينيه عنها وهو ينادي عليها حتى جاءه صوتها .


_ أنا هنا فوق !. 


رفع يوسف بصره ينظر للشجرة خلفه حيث تجلس يقول بتشنج :


_ طلعتي هنا إزاي ؟؟؟.


ابتسمت رحاب بسمة واسعه غبية وهي تردف ببساطة شديدة:


_ محسوبتك قردة قديمه وبتعشق التسلق ياه الفيو تحفه من هنا تعالى يا يوسف اتفرج .


تبدلت نبرة صوتها للحنق وهي تقول :


_ اخلص أنت هتحقق معايا اتصرف ومشيهم أنا لو نزلت هيقطعوني !. 


دفعته فجأة إحدى الفتيات وهن يتشاجرن ينظرن صوبها وتحدثت إحداهن بغيظ شديد:


_ انزلي يا رحاب !. 


أخرجت رحاب لسانها لها تقول بسخرية:


_  مش هنزل أنا مغلطش فيك أنا بوعيك روحي ليها هي وخدي حقك منها يا شاطرة.


ألقت الفتاة نظرة حانقه عليها ثم ركضت باتجاه الفتيات الأخريات وهي تتوعد لها قائلة :


_ هخلص معاها وهرجعلك متنسيش . 


ليصرخ يوسف متهكمًا وهو يطالعها بسخط :


_ أنتِ عملتي إيه يا وش المصايب ؟؟ البنات دي هاتقطع بعضها ليه ؟ وهيموتوك كدا لدرجة تطلعي على الشجرة ؟. 


حركت رحاب كتفيها بجهل وهي تقول ببراءة شديدة:


_ أنا معملتش أيتها حاجه ، صدقني هما اللي بيتخانقوا كدا ولما جيت اسلك بينهم ضربوني .


ألقى يوسف عليها نظرة ساخرة وهو يركض للجهة الأخرى :


_ مصدقك يا بريئة . 


صرخت رحاب بغيظ وهي تراه يركض بعيدًا عنهم :


_ أنت رايح فين ؟؟.


وصلها صوته يردف بعصبية بعض الشيء:


_ هشوف صرفه للبلوى دي .


أومأت برأسها بهدوء ثم أخرجت هاتفها وبدأت بالتصوير وهي تقول بنبرة متهكمة:


_ بت يا نعمات ما تديها ياختي ولا شاطرة في ملي كرشك بس اضربيها يا وليه كويس ، سيباها تعلم عليك ليه ؟؟ وأنتِ يا ست منه هانم البت مشيرة كانت بتتنمر على لدغتك اضربيها يا بت ورجعي حقك ايوه كدا ماتسكتوش وخدوا حقكم لا للتنمر لا للعنف .


صمتت لثواني وهي ترى القتال على أوجه ثم عادت تكمل ببسمة واسعه غبية :


_  ربنا يقدرني على فعل الخير ، كدا رجعتوا حقكم ، مفيش داعي للشكر ودعوني أعمل بصمت ..... 


صرخت فجأة بتهكم حينما طار في اتجاهها حذاء ما لتقول حانقة:


_ جزمتك كانت هتشيل عيني يا أم بدوي أنتِ يا وليه احترمي نفسك بدل ما انزلك ده بدل ما تشكريني إني فتحت عينيك ؟؟.


تحركت إحدى الفتيات باتجاهها وهي تصرخ بغضب شديد:


_ اتلمي يا رحاب أنتِ عارفه إن الإسم ده بيعصبني !.  


لوت رحاب شفتيها في حركه شعبيه وهي تقول :


_ أنا مالي يا مريم  دي منار اللي مطلعاه عليك .


اسودت عيني مريم وتحركت بسرعه صوب منار التي كانت تقف بعيدًا عنهم وهي تصورهم بهاتفها وتضحك بقوة ، تمسكها من خصلات شعرها ثم بدأت بضربها ، لتضحك رحاب بملء شفتيها. 


أتى في تلك الأثناء يوسف وبحوزته رجال الأمن وعميد الكلية ، وما إن أبصرتهم رحاب تسللت تقفز على السور خلفها انحنت تستند بيديها على ركبتيها وهي تتنفس بقوة حتى خرجت من المبنى إلى المبنى الآخر وهي تكاد تلفظ أنفاسها من فرط الضحك . 


تذهب لإعداد الجزء الثاني من الخطه ، ويوسف يبحث عنها  فلم يعثر عليها في مكانها تسرب القلق إلى قلبه بينما تحول الجميع إلى مكتب العميد ، رأى داليا تتجه للخروج من الجامعه اتجه إليها وهو يسألها عن الكارثة المسماة بخطيبته:


_ شوفتي المصيبة رحاب انهارده ؟؟.


أشارت داليا إلى رفيقاتها بالذهاب وقالت له :


_ لا من وقت ما فطرنا سوا مشوفتهاش ، هو إيه اللي حصل وإيه الأصوات اللي كنا سامعينها دي ؟؟.


بضيق شديد وهو يشد على شعره أردف يوسف:


_ صاحبتك ناويه تجلطني مش عارف عملت ايه فتنة طائفية ولا هببت إيه ؟الكل كان ماسك بعضه ونازلين ضرب .


همست داليا بصوت منخفض ساخر :


_ وهو أنت لسه شوفت حاجه من جنانها ، ربنا يتولاك بقى .


ضيق يوسف عينيه يرمقها باستغراب :


_ أنتِ بتقولي إيه مش سامع ؟؟ .


ابتسمت داليا بسمة غبية وهي تضم كتبها إلى صدرها :


_ مقولتش بقولك متظلمهاش واسمع منها اللي حصل .


بسخرية قال يوسف :


_ مش لما الاقيها الأول .


صدح فجأة صوت هاتفه نظر إلى الاسم الذي يتصدر أعلى شاشة هاتفه بحنق شديد ، لم تتمالك داليا نفسها لتضحك بقوة وهي تقول ببسمة:


_ لا مش مصدقه أنت مسجلها إيه ؟؟ كارثة حلت على قلبي ؟؟؟.


_ ويعني هو أنا كدبت دي مش كارثة بس دي مصيبة من مصايب الزمن واتبليت بيها .


نظرت له داليا بمغزى وهي تقول بخبث :


_ بس بتحبها وبتموت فيها الكارثة دي !. 


مسح يوسف ما بين عينيه يقول بتهكم :


_ أعمل إيه بقى في قلبي المهزأ ده ؟. 


❈-❈-❈


بعد مرور بعض الوقت.....


وصل لها يوسف يرمقها بنظرات مُشتعلة وهو يراها تتوارى خلف أحد المباني ، ناداها بحنق واضح في نبرة صوته :


_ رحاب ؟؟.


ما إن استدرات له حتى صرخ يوسف بصوته كله مستنكرًا ما يراه حيث كان تحت أعينها محمرًا للغاية وهناك كدمات في وجهها وشفتيها تنزفان وانفها وهو يردد بصوت خرج من داخله مصدومًا:


_ إيه اللي عمل في وشك كدا ؟ أنا كنت سايبك كويسه .


_ اتكاتروا عليا يا يوسف وضربوني .


اسودت عينيه وسألها وهو يكز على أسنانه:


_ مين دول ؟! انطقي ؟؟. 


ما كادت تجاوبه حينما رأت الناس يلتفون حولهم بشكل غريب وسيده تصرخ بغضب شديد وهي تشد يوسف من قميصه .


_ شوفوا يا عالم الراجل المفتري عامل إيه في البنت ؟ اتفوا على الرجاله اللي من عينتك .


أبعد يوسف يدها عن قميصه يردد باستنكار لحديثها  :


_  عملت إيه يا ست أنتِ ....


قاطعه عن تكملة حديثه لكمه التحمت في فكه من رجل ضخم الجثة أتى فور سماع صراخ السيدة ،  لتشهق رحاب وهي تقف أمامه تقول بصراخ :


_ ابعدوا ...ده ده جوزي ومش هو اللي عمل كدا !.


تحدثت السيدة مرة أخرى وهي ترمق رحاب بشفقه:


_ معلش يا بنتي متخافيش منه ، احنا دلوقت هنطلع على القسم ونعمله محضر تأديب ونعرفه إن الله حق وحرام يعمل فيك كدا . 


توسعت عيني يوسف بصدمه شديدة وهو يضع يده على فكه حيث ضربه الرجل ، في حين ازدادت الهمسات والكل يرغي ويزبد من عنده وكلٌّ بكلمته ، لأننا بتنا في زمنٍ ضاع فيه إحسان الظن والكل يتربص للكل.


انفلتت دموعها حينما رأتهم يتكاثرون عليه وهم يحاولون سحبه ، تشبتث رحاب بذراعه بغير وعي وهي تصرخ ببكاء :


_ قولتلكم مش هو ، معمليش حاجه سيبوه .


لم يعيرها أي أحد انتباه بسبب المرأة التي أخبرتهم أنها فقط خائفة منه ، ليتحدث رجل كان يلتزم الصمت وهو يوجه حديثه للسيدة :


_ يا ست أنتِ قالتلك مش هو وحتى لو هو راجل ومراته بتحشري نفسك ليه ؟؟ أما وليه حشرية بصحيح.


توسعت عيني المرأة وصرخت بحنق وهي تشير إلى نفسها :


_ بتقولي أنا حشرية ؟ ومش عايزني اسجنه ما تلاقيك طور وبتعمل زيه في الجارية اللي اشترتها . 


أنهت حديثها وهي تضربه على وجهه بالكف ، ليشتعل العراك بينهم حينما هم الرجل بضربها .


استغلت رحاب تلك الفوضى وسحبت يوسف من بينهم والذي كان لا زال في صدمته .


ابتعدوا عنهم كفاية ، ويوسف يسير بجوارها ملتزمًا الصمت ، بكت رحاب بقوة وهي تقول بنبرة خرجت من حلقها ضعيفه أثر بكائها :


_ يوسف قول أي حاجه أنا آسفه ... آسفه كتير والله .


استدار لها يوسف وبعد صمت لثواني قال:


_ أنتِ مين عمل كدا في وشك ؟؟.


تهربت رحاب من نظرات عينيه مغمغمة بصوت مرتفع:


_ محدش عملي حاجه.


_ رحاب أنا على آخري انطقي .


انتفضت رحاب بفزع من نبرة صوته ، ليلعن يوسف تحت أنفاسه بضيق شديد ، مسح على وجهه كي يهدأ ثم تحدث بهدوء :


_ طيب هاهدى أهو ، قولي لي بقى مين عمل كدا ؟؟.


_ أنا عملت كدا .


قالتها رحاب بصوت منخفض للغاية وهي تفرك في أصابع يديها ، نظر لها يوسف بصدمه ومع ذلك تحدث بهدوء متذكرًا كلمة داليا " اسمعها الاول " 


_ ليه تعملي في وشك كدا وتأذي نفسك ...؟.


_ لا ده كله مكياج ، أنا اتجبرت أعمل كدا . 


ضيق يوسف عينيه يقول :


_ ومين جبرك ؟؟.


_ منار معاها فيديو لينا .


_ فيديو لينا إزاي يعني وفيه ايه الفيديو ده ؟ 


رفعت رحاب بصرها صوبه تقول بنبرة باكيه :


_ لما خرجت من الحمام بتاع الرجال وأنت طلعت بعدها هي صورتنا فيديو وبتهددني بيه تنشره في الجامعه .


_ اهدي ومتعيطيش ، ها وبعدين ده بردو إيه علاقته بأنك تعملي في وشك كدا ؟؟.


قالت رحاب بتوتر :


_ كنت هاروح اشتكي عليها إنها ضربتني وابتزتني  خليها تعفن في السجن علشان تبتز الناس بالطريقه دي .


ضحك يوسف رغمًا عنه تحت استغراب رحاب والتي ضمت ما بين حاجبيها بغضب:


_ أنت بتضحك على إيه احنا في كارثة دلوقت ؟؟. 


وبنفس النبرة الضاحكه قال يوسف :


_ والله ما في كارثة هنا غيرك ، أنتِ ناسيه إننا هنكتب كتابنا بعد بكرا ولا أي ؟؟ وهي مش هتنفذ تهديدها ده دلوقت واحنا كل ما علينا نقدم كتب كتابنا دلوقت ووقتها كنتي مع جوزك وحد ابن رخمه قفل الباب علينا وانتهت بسيطة أهي.


_ لا مش بسيطة وأنا مصره اسجنها لأنها ابتزتني وكمان هي السبب في الوضع ده.


تنهد يوسف بصوت مرتفع ثم قال بهدوء وجدية :


_ أولًا هي هددتك شفويًا ممعناش دليل تاني حاجه على حكاية الضرب لو أنكرت وطلبت فحصك هايبين إن ده مكياج واحنا اللي هنخسر ، أنتِ خايفه من إيه احنا مغلطناش وخليها تعمل اللي يطلع بإيدها،  أنا هعلن دلوقت على جروب الجامعه إننا كتبنا الكتاب وكدا سبقناها بخطوة وقتها هي بنفسها هتتراجع عن نشر الفيديو هتستفاد إيه واحد ومراته .


صمت لثواني ثم أكمل ببسمة صغيرة:


_ وغير كدا أنتِ ناسيه حاجه مهمه إن اللي فتح لينا الباب هما وأكيد ظاهرين في الفيديو وحتى لو لعبوا فيه فهما أغبياء لأن أصلا في الطرقه كاميرات ودي هاتبين إنهم هما اللي عملوا كدا ، لأن سكينة الكهرباء مكنتش نازلة زي ما احنا مفكرين دي اللمبات فيها مشكلة وكل يومين تقفل وتشتغل تاني لوحدها بتعلق ، متخافيش من حاجه صفحتك بيضه يبقى ليه القلق ؟. 


همست رحاب بلا وعي بصوت خافض : 


_ لو تعرف بحبك قد إيه ؟ .


نظرات عينيها أخبرته بما تهمس به داخلها ، دنا منها يوسف قليلًا مع حفظ مسافة بينهما وهو يبتسم بسمة صافية :


_ مش أكتر مني يا مصيبة ، أنا بقترح من هنا ورايح بلاش تشغلي دماغك دي وسيبي لي أنا أفكر ماشي . 


هزت رحاب رأسها بإيجاب ، ثم قال يوسف وهو يتحسس فكه بألم :


_ هقول إيه يالا الله يسامحك كنت هروح محكمة الأسرة قبل ما أدخل دنيا .


ضحكت رحاب بمشاكسه وهي تقول:


_ بتوجعك ؟؟ .


مثل يوسف أنه سيضربها لتركض رحاب وهي تضحك بقوة ، ناداها يوسف قائلًا :


_ بت اقفي هنا وبلاش جري في الطريق .


                              **** 


بعد مرور سنة ....


في أحد الفنادق في الغردقة ، حيث صممت أن يقام الزفاف هنا وبالطبع نفذ يوسف مجبرًا بعدما هددته بالهرب من حفل الزفاف ولأنها مجنونة فستفعلها وهو لن يغامر بذلك .  


كانت تنظر له بملامح غاضبه وهي تهز ساقها في حركات متتالية تعبيرًا عن ضيقها وهي تتابع ما يحدث أمام عينيها بحنق كبير ، انتهى هو من أخذ طلباتهم وابتسم بسمة صغيرة.


ثم دلف إلى الغرفة لتقع عينيه على زوجته التي ترميه بنظرات مُشتعلة وهو لا يدري ما سببها حتى ، ارتمى بجسده على الفراش يقول بنبرة مستغربة :


_ مالك لاوية بوزك كدا على الصبح وهتاكليني بعيونك؟.


اندفعت رحاب صوبه تمسك بمقدمة قميصه وهي تقول :


_ عجبتك مش كدا ؟؟ ونازل ضحك وابتسامات معاها .


أبعد يوسف يديها عن قميصه يردد باستنكار:


_ هي مين دي ؟ هو أي خناقة والسلام على الصبح يا شيخه اتقي الله وقولي صبحنا وصبح الملك لله .


_ يوسف شوفتها بتغمزلك .


_ لا مغمزتش بيتهيألك البنت مؤدبة جابت الطلبات ومشت .


_ يا سلام فاكرني مختومه على قفايا ها ؟! خد شوف يمكن تلاقي الختم .


ضحك يوسف بقوة وهو يجذبها صوب صدره يضمها بحنان أثناء قوله:


_ يا عبيطه يعني هخونك تاني يوم الصباحية أنت عبيطه استني طيب أما تقدمي شويه.


توسعت عينها بذهول لتبتعد عنه تمسك بمقدمة قميصه مرة أخرى :


_ يعني إيه أقدم ؟؟ ها ؟ يعني المبدأ موجود أهو وعندك نية تخوني بس  يا حرام علشان عروسة جديدة بقى مستحرمها ، ده أنت يومك مش معدي يا ابن رجاء .


ختمت حديثها وهي تلتقط الزُهرية الموضوعة قرب الفراش وبلا أدنى تفكير هي لم تمتلك عقلًا بالأساس ، حطمتها على رأسه ليصرخ يوسف بصوته كله وهو يقول:


_ مــــــنـــــــــك لله ، حسبي الله ونعم الوكيل في واحده تكسر الفازة على جوزها يوم الصباحيه.


_ وكمان بتحسبن عليا يا خاين طب خدي دي كمان .


ختمت حديثها وهي تضربه بالوسائد ، نهض يوسف ثم أخذ الوسادة من يدها وبدأ يضربها بها وهو يصرخ متهكمًا وبنبرة ساخرة وهو يشير لها : 


_ هي دي بوسي هي دي ملاك الرحمه ، منك لله يا بعيده .


__________


وقبل قول كلمة النهاية أراد يوسف قول كلمة أخيرة يصف بها نصفه الثاني. 


حلت على قلبي كارثة متحركة في هيئة طفلة كبيرة تعشق اللعب بالدمى ، وما لي من مفر منها فكما تقول أمي لقد سحرتني تلك المشعوذة ، لذا لا تنسوني من صالح دعائكم وادعوا لها بالهداية . 


تمت

لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة