-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 30 - 2 - الإثنين 29/7/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثلاثون

2

تم النشر يوم الإثنين 

29/7/2024


ارتجف جسدها من صوته مستشعرة تلك النبرة القاسية التي تراها لاول مره في حياتها في عينيه، رغم انها تعلم جيد كيف كانوا جاحدين وقلوبهم قاسيه واذا استطاعت ان تقول ليس بشر ستقول! لكن تحاول أن تاخذ دور الزوجه الصالحه وتصلح ما بينهما حتى لو كان جزء بسيط، ثم هتفت مرددة بتوسل


= يا حبيبي انا عارفه كل ده زيك ومش بقدر اسامحهم وبقول الله يكون في عونك بس انا بتكلم من ناحيه اني..


لحقها قبل ان تتحدث بالمزيد وهو في حاله غاضبه، وهنا زاد شحوب وجهها وزاغت أبصارها عليه عندما جذبها منذر من ذراعها بقبضته العنيفة وتحدث بصوت آمرًا بجمود


= ما تجيبيش سيره الناس دول وانا ما ليش اهل! اعتبريهم ماتوا يا ستي زي ما انا اعتبرت كده من اول يوم طلعت من البيت و سبتهم.. انسي زي ما انا نسيتهم من زمان واي حد يسألك زي ما بيسالوني قوليلهم ان انا مقطوعه من شجره ويتيم الأب والام وماليش اخوات كمان.


❈-❈-❈


كانت رنا تقف في المطبخ تحضّر الغداء لخالتها وابنها ففي تلك الفترة السابقة، تغيرت معاملة الاثنين لها بعد رفض والدها إعطائها المال الذي طلبته منه، بعد أن فاجأها بزواجه و إنجابه لطفل غيرها، شعرت حينها بأنه بدأ يتخلى عنها ولم يعد يهتم بها أو قد مل من اسلوبها الغير مهذب معه.. لكنه أخبرها أنه سيعطيها المال المطلوب إذا جاءت إليه بفواتير لمشترياتها للتأكد من أنها لا تنفق المال في أمور غير ضرورية.


في الأساس، كانت تأخذ تلك الأموال وتعطيها لابن خالتها أو للخالة نفسها عندما يحاولون خداعها بأنهم بحاجة إليها، وهي تعطيهم دون تفكير ولكن بعد أن توقفت عن أخذ المال من والدها، بدأت المعاملة الحقيقية تظهر.. في البداية كانت تمنعها خالتها من القيام بأعمال المنزل مثل الطبخ والتنظيف وهكذا، ولكن الآن أصبحت تجبرها على فعل ذلك.


جف حلقها والثواني تمر عليها كأنها ساعات هنا، لم تستطع التوقف عن البكاء والنحيب وهي تفكر هل والدها كان محقًا عندما كان يقول لها أنهم لا يبحثون إلا عن مصلحتهم ولا يهتمون بها.. لا تزال تتحمل كل ذلك لأنها تحب ابن خالتها وقد تعلقت به أملها وكانت أمه تطمئنها دائمًا بأنهم سيتزوجون بوقت ما عندما تكبر، ولكنه أصبح يتجاهلها تمامًا ولا يهتم بأمرها.


ولا تفهم إذا كان كل ذلك بسبب عدم قدرتها على الحصول على أي أموال من والدها مجدداً فإذا كان هذا هو السبب الحقيقي، فهذا يعني أنها فقدت الكثير، سواء في السنوات التي قضتها هنا أو في السنوات التي ابتعدت فيها عن والدها بسبب معاملتها السيئة وعدم اهتمامها به أيضًا.


كم خسرت من خسائر فادحه لم تستطيع تعويضها، و هذا يعني أن والدها آدم كان الشخص الوحيد الذي أحبها في حياتها، لكن أين ذهب ذلك الحب فقد ذهب وتزوج وانجب غيرها! و بالتأكيد لم يعد يفكر بها ولا يريد رؤيتها بالمره .


❈-❈-❈


تم عقد القرآن ثم رحلت عائله بسمة بعد أن عادت ابنتهما من جديد الى زوجها، تنفست الصعداء براحه كبيره عندما رحلوا و أنها ظلت هنا جانب طفلها، صحيح لم تكن تريد العوده الى معاذ لكن الأمر كان خارج ارادتها بالفعل.


فعندما عادت إليه، أدركت أنها تعرفه بشكل أفضل من أي شخص آخر هناك، بالإضافة إلى أنها كانت سترتبط بشخص لم تعرفه على الإطلاق وكانت على وشك أن تبتعد عن طفلها الوحيد وهي مستعدة لفعل أي شيء لتظل جانبه و ليست مستعدة للابتعاد عنه. 


كانت بسمة ممتنا لعائلة معاذ اليوم كثيرة رغم أنهم انفصاله لكن كانوا في مقدمة الحضور الذين تواجدوا في كافة إجراءات الجنازة من دفن وصلاة على جثمان والدها في المقبرة وقبول التعازي.. فقد جاؤوا من كل شيء للقيام بواجب العزاء.


نظر لها معاذ بتردد لا يعرف ماذا يفعل الآن، لكنه تحرك نحوها قائلاً بحذر


= طب الوقت أتأخر انا همشي بقى، كمان عشان اهلي زمانهم قلقانين عليا عشان ما قلتلهمش حاجه لسه.


ازدردت ريقها بتوتر و بادٍ عليها التردد وهي تشبك أصابع يديها مرتبكه


= ما تبات النهارده مع مالك هو كمان حالته وحشه كان متعلق بجدو أوي واديك شايف ما فيش حد غيرنا


تطلع إليها باندهاش للحظات يستوعب ما قالته وقد آلم قلبه عندما استشعر من كلامها أنها خائفة من فكرة البقاء وحدها في المنزل بعد وفاه والدها، مظهرها كان يدعو للشفقة حقا، ابتسم لها معاذ بملامح ودودة رغم شحوبه ثم قال


= هجيلك من بكره الصبح عشان بس اطمنهم عليا هناك، كمان أمي وابويا لسه ما يعرفوش اننا رجعنا لبعض .


أمسكت بسمة بيده بسرعه بخوف وهي تردف

بلهفة


= ارجوك اوعي تسبني .


تفاجئ من فعلتها التي أيقظت جيوش شوقه الضاريه وقد أصبح الأمر خطرًا للغاية فقد أوشكت الأمور أن تنفلت أمام قربها المهلك لثباته فتحمحم بخشونه قبل أن يقول 


= انا عمرى ما اسيبك أبدًا.. طب يالا عشان تنامي أنتِ تعبتي اوي النهاردة.


هزت رأسها بالايجاب ثم تحركت معه ففتح باب غرفتها و ربت عليها بحنان


= أدخلي يا بسمة نامي جنب إبنك، وانا زي ما قولتلك هنزل أروح عند أمي و لو محتاجة أي حاجة رني عليا وانا هجيلك على طول. 


أمسكت بيده و قالت من بين بكائها


= أرجوك ما تسيبنيش لوحدي النهارده. 


رأي الخوف في عينيها فسألها بتعجب 


= خايفة تقعدي لوحدك؟ 


أومأت له كطفلة صغيرة تشعر بالخوف فعانقها و أخذ يربت عليها مرددًا بقله حيله 


= ما تخافيش هم خلاص مش هيرجعوا تاني .

بس حاضر هقعد معاكي مش هسيبك. 


تنهدت بارتياح بينما تأمل وجهها الملئ بالبكاء كان مستغرب حالتها بشده فهو لم يراها هكذا ضعيفة ولا مره! لكن من المحتمل فراق والدها وأفعال أهلها جعلوها تشعر بذلك الإحساس الصعب والخوف، أخذ يجفف عبراتها بأطراف أنامله و لم يجد أحد ملام غير سواه، بوخ نفسه علي أفعاله معها أنه جعلها تترك المنزل و تذهب إلي هنا و تتعرض للتهديد ورؤيه أسرتها الظالمه التي لا يرأفوا بها يوماً.


أحست بالعاطفة تكاد تخنقها بينما جلست على طرف السرير بجانب مالك تمد يديها لتمسك يده وتجذبه لها قبل أن تحضنه، بينما عين معاذ تمشطان ملامح وجهها بتدقيق لم يفعله يومًا.. نعم.. كانت المرة الأولى الذي يسمح لنظره التمعن بوجهها الملطخ بالدموع و عيناها المكلومتين بعطف. 


صباحا، فتحت بسمة جفنيها بتثاقل تأخذ نفسًا عميقًا سرعان ما بترته حينما بدأت تعيد ذكريات أمس وهي تلوم نفسها كيف تطلب منه ان يكون جانبها، نكست رأسها حرجاً وعتاب فلا يجب أن تستحسن معه وتتساهل حتى لا تعود لتلك الدوامه الماضيه وتعود تحت رحمه تلك العائله من جديد.


خرجت للخارج و تفاجأت بمعاذ يجلس مع ابنهما وابتسم حين رآها قائلاً باهتمام 


= صباح الخير عامله ايه دلوقتي.؟ بقيتي أحسن 


لكنها مرت أمامه دون ان تتحدث وتجاهلت إياه طول اليوم، لتحاول ان تصل إليه ما حدث ليلة أمس كانت لحظه ضعف ولم تعود له او تنسى ما حدث منه طول فتره زواجهما.



الصفحة القادمة