رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 40 - 2 - الثلاثاء 9/7/2024
قراءة رواية تمرد عا شق
الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية تمر د عا شق
الجزء الثالث
(عشق لاذع)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل الأربعون
2
تم النشر الثلاثاء
9/7/2024
برودة اجتاحت جسدها ليشحب وجهها ويصبح كالأموات، ابتلعت ريقها الذي شعرت كالأشواك تغزو جوفها
-بتقول ايه ياجواد، انا مش قولت لك هكشف عليه تاني، اسكت ياجواد بلاش تحرق قلبي اكتر ماهو محروق لو سمحت..احتضنت ذراع ابنها بدخول ربى وأوس ..توقفت توزع النظرات بينهما ، ثم تحركت بوهن إلى أن وصلت لأبنتها، تنظر لثيابها :
-إنتِ لابسة اسود ليه حبيبتي ، ليه الفال الوحش دا، روحي غيري وتعالي، خدها يأوس خليها تغير
رفع أوس بصره لوالده غير مستوعب حالة والدته ..توقف جواد متكأ على عصاه واقترب منها يجذب رأسها لأحضانه ثم همس بجوار أذنها:
-احتسبيه عند ربنا شهيد وياخد بايدنا للجنة
جحظت عيناها بصدمة وكأن حجرًا ثقيلًا ضرب صدرها، ناهيك عن غصتها التي أصبحت كالنيران المشتعلة به لتشعر بانسحاب أنفاسها قائلة بتقطع:
-بتقول ايه ياجواد، ابني ..قصدك جاسر ..يعني هو راح خلاص ، يعني هيبقى ذكرى زيه زي خاله، يعنى اسمه بس ..هزت رأسها تتراجع بتخبط
-لا ..لا ..متصدقش الكلام اللي قولته، انا هثبتلك، فاكر لما قالوا إنك مت وطلعت عايش، هو كمان هيطلع عايش، انا هروح أنعش قلبه، هو محتاج لحضن أمه بس وهتسمع النبض تاني..هتشوف دلوقتي وتتأكد ..تحركت خطوة إلى أن توقفت بسبب بكاء ربى الذي ارتفع بالمكان بشهقات مرتفعة قائلة بصوت باكي متقطع:
-جاسر اندفن بقاله شهرين ياماما، يعني مابقاش موجود .. حبيبي اتحرمنا منه ومبقاش له وجود، ربنا يصبرنا
ضربات عنيفة وعيون زائغة تطالعهم بجسد شُل بالكامل حتى فقدت حواسها وصوت ابنتها يصفع اذنها، شهرين..اندفن ..ربنا يصبرنا، مبقاش موجود
ماهذا الحديث المميت لقلبي ياالله ، ماهذا الألم الذي اخترق الروح ونزف ليمنع التنفس، ربي لقد أرهقت روحي فازهقها، ربي لم اعد اتحمل كل هذا
كلمات تخترق صدرها وهي تتراجع تهز رأسها وعيناها على زوجها الذي صمت بالكامل وهو يحتضنها بعيناه التي ترجاها بها
-حبيبتي يكفي مااشعر به ، لا تزيدي فوق آلامي آلام ..قابلته بحديث عيناها
لم يعد للقلب مكانًا للاحزان فلقد اكتمل وكفى !!ماهذا ياالله ليتك اخترتني ولم اشعر بكل هذا الألم، فآلامي اليوم تخطت كل آلام الكون..
هوت بمكانها وتحجرت دموعها تنظر بتيه بكل مكان كالضائع الذي فقد كل مايملك، اقترب جواد يشير إلى أبنائه
-ساعدوا ماما ترجع سريرها
ساعدها اولادها إلى أن وصلت لفراشها بخطوات متعثرة وروحًا فارقت جسدها
-أوس شوف الدكتور..تحرك أوس ونظراته الحزينة على والدته، إلى أن خرج من باب الغرفة ...
ساعدتها ربى بالجلوس ووضعت خلفها وسادة محتضنة وجهها:
-ماما حبيبتي سمعاني..لم تنظر الى ابنتها، نظرات شاردة بعيون كالشلال لم تتوقف عبراتها
❈-❈-❈
جلس بجوارها واحتضن أكتافها
-زوزو حبيبتي، بلاش تخوفيني حبيبتي ، شوفي ولادك منهارين ازاي، انتِ اقوى من كدا..ينفع نعترض على ربنا ونقوله ليه
دموع صامتة فقط، لايوجد صراخ ولا أي ردة فعل عيونا جاحظة ببكاء كزخات المطر
مسد على رأسها واستعطفها بكلماته:
-كفاية وجع قلبي ..جوزك بيسند نفسه بالعافية يازوزو، شكلي هلحق ابنك
شهقة خرجت من فمها تطالعه بعتاب
-خدني معاك ياجواد، مبقاش ليا لازمة، هعيش ازاي وقلبي بقى تحت التراب
انا تعبت ياجواد، تعبت الناس بتدفن واحد وانا بدفن اتنين، قولت اخلي اسمه يستمر في الدنيا، وكأن الاسم مالوش أنه يعيش، هو لدرجة دي اسمه وحش وربنا مش حابب وجوده، والله لو اعرف لكنت غيرته، كنت هغيره، بس ابني يفضل في حضني
-ماما..قالتها ربى ببكاء تضع رأسها على ساق والدتها ونشجت بمرار
-أنا عايزة جاسر ياماما، عايزة اخويا
أشار جواد إلى ياسين الذي هرب إلى النافذة يزيل دموعه بعنف
-خد اختك حبيبي ، خليها ترتاح ..مسد على رأس ابنته
-قومي حبيبتي شيدي حيلك علشان ابن اخوكي، كفاية جنى وغنى..قومي ياروبي كدا كتير على ابوكي حبيبتي
امال ياسين بجسده يحتضن أخته يضمها لأحضانه:
-تعالي نطمن على غنى ياروبي، بلاش تتعبي ماما
دلف الطبيب بجوار أوس ، وقام بفحص غزل متحدثًا:
-دكتورة غزل الزعل والانفعال مش كويس لحالتك إحنا قولنا ايه ..أشار جواد لأوس لخروجه خلف الطبيب
أغمضت عيناها عندما لاحت أمام نظراتها فلذة كبدها، ضحكاته ، حديثه ..صرخة ملتاعة من قلب ام مكلوم ..بكاء بشهقات مرتفعة تخرج بها قيح جراحها..وكأنها تخرج آفات لذكرياتها الحزينة
-ليه الألم مكتوب عليا من اول ماجيت للدنيا، كأنها بتعاند وجودي وبتقولي وجودك عليا تقيل فاستحملي بقى
❈-❈-❈
شهقات مرتفعة وهي تخرج تلك آلالام من ذكريات مستعصية النسيان، هنا تقلبت مرارة حياتها وتناست نعم الله عليها ..تضم جسدها تبتعد عن زوجها، لتستأنف حديثها بقلبٍ ينزف :
وجيت وكملت عناد الدنيا معايا، روحت دفنت ابني ياجواد، دفنت ابني من غير ما أودعه
دنت من وجهه وغرزت مقلتيها التي تلونت بلون دمائها تهمس بحرقة قلبها:
-استكترت عليا اخر حضن ياجواد، طيب كنت سبني اشم ريحته، والله كنت عايزة اشمه بس علشان اقفل عليها بأنفاسي ..ريحته ياجواد ، ريحة ابني ضاعت من الدنيا ياجواد، ليه تعمل فيا كدا..هونت عليك ، هونت عليك واستكترت الوداع الاخير
أغمض عيناه يستمع إليها بقلبًا مفتت حفر بثقوب الحزن ..كأن عقلها نكر ماحدث..ماذا عليه فعله اليوم، اليوم فقط تعتريه نوبة قلق ممزوجة بالحزن على زوجته، سحب نفسًا طويلا يزفر عندما شعر بانسحاب :
-دا ايمانك ياغزل، دا ايمانك بربنا وثقتك في حبيب عمرك
نهضت تستند على الجدران
-عايزة ازور ابني ياجواد، وديني لابني هو هيحس بيا ويعذرني، ياحبيبي دلوقتي قلقان عليا علشان مرحتلوش
-لا إله إلا الله..رددها جواد ثم توقف بعدما وجد إصرارها ..قابله أوس على باب الغرفة
-بابا رايحين فين ..!!
-ساعد والدتك حبيبي، علشان نزور اخوك ..اومأ له دون حديث :
بعد قليل بالمقابر ..ترجلت من السيارة
تنظر حولها ..ليه هنا منزلتش الفيوم
-حبيبتي مينفعش الفيوم علشان يكون قريب..تحركت تردد بلوعة نيران قلبها
-قريب مننا!!.خطت بعض الخطوات إلى أن تحركت إلى منتصف المقابر، توقف فجأة برجفة وكأن ذاك المشهد تكرر مرة أخرى، ليعود بعد مرور ثلاثون عامًا مع اختلاف الكنية
بخطوات مرتعشة وجسد منتفض، ولسانًا ثقيل رددت:
-السلام عليكم ايها المؤمنون السابقون ونحن بكم لاحقون"
قالتها تتحرك مستندة بابنها وخلفها زوجها ..إلى أن وصلت إلى مقبرته..، هنا شعرت بانسحاب الأرض من تحت أقدامها عندما توقفت ببصرها على تلك اللافتة التي يدون عليها:
"الشهيد بإذن الله الرائد جاسر جواد الألفي"
اااااه حارقة كادت تزهق روحها عندما رددت الاسم بشفتيها لتهوى على الأرض بعدما فقدت الشعور بما حولها
تضع رأسها على مقبرته تبكي بعويل
"ياحبيبي يابني..تلمست باناملها اسمه المنقوش فوق مقبرته
تردد بقلبها قبل لسانها
"جاسر" ياروحي انا هنا ..آسفة يانور عيني..وحشتك ياحبيبي..انت وحشت ماما اوي ياجاسر..مع كل كلمة نطقتها تنساب عبراتها تحرق وجنتيها وتعتصر قلبها لينزف دون دمًا...وآآه تصرخ بها تود لو تحطم تلك المقبرة التي تبعدها عن احتضان فلذة كبدها ..وضعت رأسها بعدما شعرت بعجزها من الوصول إليه :
انطفى قلبي برحيلك ياروحي وفقدانك
صعب قوي ياجاسر، اوي ياروح ماما، رفعت عيناها إلى جواد :
-إزاي قدرت تتحمل الوجع دا ياجواد، انا مش قادرة اتحمله، قلبي مش قادر يصدق ..قلبي مش قادر يصدق أن ابني راح من الدنيا..جلس بجوارها يهمس لها ببعض الآيات القرآنية ليبرد نار قلبها ..حتى هدأت تمامًا بأحضانه، لقد نالت اليوم أعظم مصائب الدنيا ..قلبي مولع نار ياجواد، أطفي نار قلبي ياجواد ، كأن وجع الكون دخل قلبي، ازاي أبرد قلبي من ناره ياجواد
ادعي له ياغزل، واحتسبيه عند ربنا ياقلبي، هو محتاج دعواتك اكتر من اي حاجة..نظرت إلى أوس الذي انحنى بجسد يضع رأسه فوق مقبرة أخيه وكأنه يشكي له مما يشعر به ..فنهضت وتحدثت بتقطع :
أحتسبته عند الله شهيداً وجمعني الله بك في جنات النعيم، رحمك الله يا بني.رحمك الله ياروح غادرت الدنيا دون وداع امك ..لك الجنة بإذن الله.
قالتها محتضنة أوس الذي ضعف وشهق ببكاء مرتفع ليضع رأسه بأحضان والدته:
-ربنا يصبرنا ياحبيبتي ، ربنا يصبرنا ياأمي
تحركت تحت جناح أوس الذي ضم أكتافها واتجه إلى السيارة ، بينما ظل جواد بمكانه لبعض الوقت يدعو إليه