-->

رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 40 - 3 - الثلاثاء 9/7/2024

  

قراءة رواية تمرد عا شق

الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تمر د عا شق 

الجزء الثالث

(عشق لاذع)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد 



الفصل الأربعون

3

تم النشر الثلاثاء

9/7/2024 



بعد اسبوع اخر بحي الألفي الحزين 

تجلس بالحديقة تضع رأسها على ركبتيها تنظر بشرود، وأطفالها يلعبون حولها..جلس بجوارها يمسد على خصلاتها :

-عاملة ايه حبيبتي النهاردة!!..ظلت كما هي لبعض الوقت دون حديث إلى أن تحدث بيجاد مرة أخرى !!

-غنى ياله حبيبتي علشان ترتاحي جوا 

ابتلعت غصتها المؤلمة متسائلة ومازالت على حالتها:

-تفتكر جنى صح يابيجاد، ممكن يكون جاسر لسة عايش، واللي اندفن دا مش هو ..نهض من مكانه وانحنى يحملها فكانت فقدت كثيرًا من وزنها ..ضمها لصدره وهو ينادي على مربية أطفاله 

-خلي بالك من الولاد ..قالها متحركًا حيث غرفتهما ..وضعها على السرير بحنو وظل يمسد على خصلاتها قائلًا:

-نامي ياحبيبة قلبي ..حاولي تنامي 

أغمضت عيناها ولم تنبت بحرف اخر 

ظل بجوارها إلى أن ذهبت بنومها ..انحنى يطبع قبلة حنونة على جبينها ..يحمد الله على نومها فمنذ خروجها من المشفى لم يغمض لها جفنٌ..استمع الى صرخات ابنائه ..تطلع إليهم من الشرفة، وجدهما يهرولون إلى غزل..استدار ينظر لزوجته ، ثم تحرك للأسفل ..توقف أمام غزل 

-حمد الله على سلامتك طنط غزل ..هزت رأسها وتحركت تجيبه بصوتًا متقطع :

-الله يسلمك حبيبي..توقفت أمام المصعد متسائلة :

-فين جنى وكنان ..هرولت إليها عاليا 

-ماما غزل حمدالله على سلامتك ..رسمت ابتسامة حزينة 

-فين جنى وكنان ، في اوضتهم فوق 

وجهت نظرها إلى جواد الذي وصل للتو واجابها:

- جنى في بيتها ياغزل، مش راضية ترجع ..استدارت تطالعه بصدمة كادت أن توقف قلبها

-عايزة جنى وكنان هنا حالا ياجواد، بلاش تستكروا عليا ريحة ابني واسم ابنه من حواليا، روح لها يااوس. وقولها ماما بتؤمرك ترجعي بيت جوزك فورا


اقتربت ربى تحتضن ذراعيها 

-ماما اطلعي ارتاحي الأول وبعد كدا هنشوف جنى..ارتفع صوتها رغم بكاؤها :

-عايزة ابن اخوكي حالا، هو ومراته اللي فضلني منه، ايه صعبة 

-ماما لو سمحتي بلاش توجعينا اكتر مااحنا موجعين، جنى اصلا مش مصدقة إن جاسر الله يرحمه مبقاش موجود مش بعقلها ..قالها ياسين متألمًا


-ايه ..ايه اللي بتقوله دا ؟!

طلعي ماما وساعديها حبيبتي تاخد شاور وتغير هدومها..قالها جواد متحركًا إلى غرفة مكتبه 


بمنزل حازم بغرفة جواد التي يكسوها الظلام ..يجلس على مكتبه ينحني بجسده يضع رأسه فوق المكتب، يحمل غصته داخل روحه يتذكر حديثه بعدما نزل من فوق التلة ليجذبه لاحضانه

-جاسر افتح عيونك، شوية وهنوصل للمستشفى، سامعني، جاسر اياك تستسلم 

ارتجف جسده الذي شحب يهمس بتقطع: 

-جواد..ابني، انقذ ابني ، هيقتلوه ..انحنى جواد يضمه بقوة ويبكي قائلاً:

-ابنك رجع حي الألفي، المهم انت قوي نفسك ياجاسر، سمعني اقوى علشان جنى، جنى من بعدك هتموت ..ابتسم بعينيه يهمس اسمها ثم غاب عن الوعي ..صرخ جواد باسمه بصوتًا زلزلت له الجبال ثم نهض يرفعه بقوة لأحضانه بوصول أحد الشرطيين ليساعدونه ليخرجوا به من ذاك المكان بوصول سيارة الإسعاف ، فاق من ذكرياته المؤلمة حينما  استمع الى طرقات على باب الغرفة، ولجت إلى الغرفة بعد السماح إليها بالدخول ..أشعلت الضوء ثم اقتربت قائلة: 

-جواد ..رفع رأسه إليها فكانت حالته لا تقل المًا ووجعًا عن البقية، بل أكثرهم تألمًا لوجوده بالقرب منه بأخر أيامه 


جلست "هنا" بمقابلته على الفراش وتسائلت بنبرة متألمة:

-هتفضل حابس نفسك كدا ياجواد، طيب لما تعمل كدا جاسر هيرجع، دا أمر وكلنا هنمر بيه 

جذب سجائره وبدأ ينفثها ولم يجيبها، نهضت من مكانها تجذب منه السجائر

-مش شايف نفسك بقيت عامل ازاي، كفاية لو سمحت، العيلة كلها واقعة مش ناقصين حد تاني 


طالعها متسائلاً :

-لسة خالو صهيب مفقش ..هزت رأسها بدموع انحدرت من مقلتيها كالشلال مجيبة بنبرة متحشرجة:

-لا والدكاترة بيقولوا رافض الواقع، عقله رافض الواقع 

ضغط على شفتيه يمنع دموعه قائلًا:

-يابخته، ياريتني اكون مكانه، عارفة ياهنا اكبر أن ربنا رحيم قوي بخالو، لانه لو حاسس باللي احنا حاسين بيه ممكن يموت 


هزت رأسها وارتفعت شهقاتها 

-عقلي مش قادر يستوعب ياجواد، ازاي اصدق اني مش هشوف جاسر تاني ، اه على وجعنا من فراقه ، ولا جنى اللي رافض اي حد يقول قدامها أنه مات 


آ اآه لو محصلش قدامي كنت مستحيل اصدق ..لحظة بلحظة يا"هنا" كله راح، حاولت أنقذه بس معرفتش والله حاولت ..تفتكري دلوقتي خالو بيقول عليا ايه، اني فرطت في ابنه صح، أكيد هيقول كدا 


كانت تقف على أعتاب غرفته واستمعت إلى حديثه الذي شق صدرها ، فدلفت سريعًا للداخل 

-ايه اللي بتقوله دا ياحبيبي ، خالك عمره مايفكر كدا، دا عاش الأحداث دي وعارف ان دا أمر ربنا..نزلت دموعه يزيلها بعنف 

-أنا هروح لخالو وافهمه مكنش بايدي حاجة..توقفت مليكة أمامه 

-جواد بلاش توجع قلب خالك، احنا ماصدقنا وقف على رجله حبيبي ، عجبك يعني يرجع يتعب تاني، ابعد عن خالك ابوس ايدك 


خطت "هنا "إلى الخارج بعدما فقدت السيطرة على بكاؤها..جلست بين منازل اعمامها تتلفت حولها كأنه تبحث عن السعادة التي كانت تصخب هنا وفجات تلاشى كل شيئًا، نظرات ضائعة وعيونًا باكية إلى أن جلست تقى بجوارها تحتضن كلتاهما الأخرى وكأن شعارهم البكاء على الفقيد الحنون بات يلازم حياتهم اليومية 


بجناح ياسين بعد وصوله لوالدته لغرفة جاسر، وطلبت من الجميع تركها ..لم يعد يتحمل الصمود، دلف لجناحه يختلي بنفسه ، حتى لا يرى أحد ضعفه 

جلس بشرفته وذكريات أخيه امامه كأنه حي يرزق، مسح على وجهه بعنف يدعو الله بسريرته

-اللهم اربط على قلوبنا بالصبر، كيف لك امي أن تتحملي هذه الآلام التي تنخر العظام ..تنهيدة حارقة لو وصلت لأحدهم لأحرقته، يريد أن يحطم كل مايحاوطه، ليس اعتراضًا ولكن نيران بداخله على ذاك مصاصين الدماء الذين ليس لهم دين ولا ذمة عند الله 

كأن الله نزع من قلوبهم الرحمة ليتحولوا لعبدة شياطين يتاجرون بأروح الناس..دلفت إليه تحمل طعامه ، وضعت الطعام على طاولة دائرية كحال كل يومًا، فلم يعد يوجد التفاف حول المائدة التي تضج بتجمعهم وضحكاتهم كأنه أخذ كل شيئا كانوا يتمتعون به معه


مسدت على خصلاته تحتضن رأسه

-ياسين جبت لك الغدا ..هز رأسه بعدما فقد سيطرته على غصة بكاؤه قائلًا:

-شيلي الاكل ياعاليا ماليش نفس..قالها وتوقف ..منعته من الحركة بوقوفها أمامه :

-وبعدين قلة الاكل هترجع اللي راح، فين ايمانك ياحضرة الظابط 


-وفين النفس اللي تاكل وانا اخويا تحت التراب ياعاليا، قوليلي فين النِفس اللي تقدر ترجع تضحك تاني وأنتِ دافنه روحك وسندك تحت ومش قادرة تحتضنه أو تتكلمي معاه..امال بجسده وانهار اخيرا أمامها، انهار ذاك الجليدي يبكي كالطفل 

-تعرفي حاسس بايه ..هز كتفه ودموعه تسبق كلماته يهمس بشهقاته لأول مرة منذ شهرين بعد دفن أخيه 

قائلًا بنبرة متقطعة مؤلمة :

-حاسس إن انا عريان، هز رأسه يشير لنفسه :

-اه عريان ياعاليا، أصله مكنش مجرد اخ وبس دا كان ابونا رغم صغر سنه بس كان بيعرف يحتويني، رغم هزاره بس كان قوته جواه، وضعفه لنفسه 

انا تعبان ومش قادر اقول تعبان مش قادر اقول بقيت ضعيف ومكسور من غيره، علشان شايف اللي حواليا كلهم بقوا زي اشجار الخريف اي ريح بتوقعها، امي منهارة، وابويا بيحاول يتماسك علشان المفروض يبقى كدا، مالوش أنه يضعف علشان عارف ضعفه هيوقعنا كلنا..اقترب منها ينظر بداخل عيناها :

-مين يصدق إن جواد الألفي يقعد على كرسي متحرك شهر ياعاليا، انت كنتِ تصدقي قوة الراجل دا تنهار، بصي حواليكي وشوفي جنى اللي اتجننت ومفيش على لسانها غير أنه هيرجع، انا مستنياه وهيرجع، ابعدي ياعاليا عايز انام يمكن ماقومش بعدها اهو محسش بالألم الصعب دا 


ألقت نفسها بأحضانه تبكي بانهيار 

-بعد الشر عليك ياحبيبي متقولش كدا وتوجع لي قلبي ياياسين، حرام انا مش متحملة وجع، انا بتحصر على جنى، وبدعي ربنا ماعشش احساسها ابدا 


لف ذراعيه حول جسدها يطبع قبلة فوق رأسها :

-هنام شوية واروح لها ، لازم أقنعها تيجي هنا، دا لو أوس مقدرش عليها، انا خايف على أوس قوي، دا من وقت موت جاسر مبيتكلمش مع حد خالص، غير إن قعدته كلها عند عمو صهيب في المستشفى ، بتمنى يطلع حزنه بدل مايحصل له حاجة 


بالوادي بمنزل الجيار تجلس بشرود بغرفتها، دلفت والدتها :

-عاملة ايه دلوقتي حبيبتي..نهضت متألمة تهز رأسها وأجابتها:

-الحمد لله ياماما، احسن ..جلست والدتها تمسد على شعرها 

-عرفتي اللي حصل..

رفعت عيناها تنتظر حديث والدتها 

-الظابط اللي كان عامل دكتور. هزت راسها منتظرة التكملة 

-عمل كمين لأبوكي ووقعوه هو التميمي بشر اعمالهم، ودلوقتي هربانين زي الفيران والحكومة بدور عليهم في كل مكان

ابتسمت سمر قائلة:

-يعني خلصنا من شرهم ..طالعتها بأسى ثم تنهدت بألمًا بصدرها 

-فرحانة علشان ابوكي هيتسجن ياسمر 


اشتعلت حدقيتها كجمرات ملتهبة

-كنتي منتظرة مني ايه ياماما وهو بيمص دم الشباب، انا ابويا يطلع تاجر مخدرات.. علشان كدا انفصلتي عنه

مسدت على خصلاتها وأخبرتها بما يشق صدرها:

-ابوكي اتجوزني علشان ابويا كان عمدة البلد ، علشان الاطيان واسم العيلة هما اللي وصلوه لكدا، وقبل مايتجوزني كان متجوز ام عزيز ومخلف وضحك عليا ومثل الحب لحد مااتمكن من كل حاجة وللاسف لما عرفت كان فات الوقت 

تمددت تضع كفيها موضع جراحها 

-متزعليش ياماما ، ربنا اخد حقك، وبعتلك واحد زي حضرة الظابط يرجعهولك 

اومأت لها ثم استأنفت حديثها بأسى

-بيقولوا اتقتل ..

هبت من مكانها متناسية آلامها

-ايه مين اللي اتقتل ..غريب !!

ابتسمت والدتها ساخرة تهز رأسها بأسى:

-طلع اسمه جاسر مش غريب ياسمر 

-"جاسر" رددتها بقلب ينبض بحبه وانسابت عبراتها متذكرة حديثه عندما حاورته متسائلة عن اسمه



الصفحة التالية