-->

نوفيلا جديدة في شقة الحي الجديد لمها مطاوع - الأحد 28/7/2024

 

قراءة قصة في شقة الحي الجديد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


نوفيلا في شقة الحي الجديد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مها مطاوع

تم النشر يوم الأحد

27/7/2024


الفصل الأول

الأضواء الملونة معلقة على جدران المنزل من الخارج و أصوات الموسيقى تصدح بأغاني الأفراح قديمها و حديثها و تجلس سارة إلى جوار طارق غارقة في خجلها و الابتسامة تعلو ثغرها البسام في حياء ينظر نحوها عريسها طارق والذي كان في أبهى حلة يرتدي بذلة الزفاف. كان الحفل بسيط و راق في المنزل بحضور عدد قليل من المدعوين الذين كانوا قد بدأوا بالرحيل فقال طارق : ما يلا بينا نروح بقا ، الناس بتمشي اهي.

ردت سارة في حياء : مستعجل ليه ؟ خلينا قاعدين شوية مع ماما و بابا.

ضحك لحيائها و قال : ما هو في الآخر هنسيبهم و نمشي برده ، فيلا بينا بقا.

ابتسمت ملء ثغرها و أخفضت رأسها و هي تقول : خلاص براحتك.

استأذن طارق من والد سارة في الرحيل فأذن له على مضض، فهو لا يرغب في فراق صغيرته أبدا و هي التي كانت له أما على صغر سنها و رفيقة رغم حداثة عمرها، و لكن ما باليد حيلة.

في الطريق ، لم يترك طارق كف سارة حرا بالمرة بل احتضنه و قبل ظاهره و باطنه عدة مرات، و كيف لا و هي محبوبته طوال سنوات الجامعة.

ما أن وصلا إلى البناية التي تحوي شقتهما حتى وجدا البواي يركض نحوهما و هو يلهث و يقول : الحق يا طارق بيه، الحق يا طارق بيه

أجفل طارق و تساءل : في إيه يا عم أيوب ؟

رد ايوب من بين انفاسه المتسارعة : الكهربا في الدور عندكم عملت قفلة و خايف على الأجهزة اللي في شقة حضرتك ليكون جرى فيها حاجة.

تعجل طارق و هو يطلب المصعد حتى كاد أن يترك عروسه و يصعد ركضا خوفا على منزله الجديد لولا أنه شعر بخوفها ففضل مرافقتها في المصعد. ما أن وصلا إلى الشقة و فتح الباب حتى وجد ظلاما دامسا يقابله فأشعل ايوب قداحته حتى يستطيعوا الرؤية . اتجه طارق إلى صندوق معلق على الحائط فيه مفاتيح الكهرباء الخاصة بالشقة فإذا بها كلها مغلقة. سمى الله و فتحها كلها ثم انار الضوء فإذا بالشقة سليمة ماعدا التلفاز، فخلفه على الحائط سواد يوشي بما حدث . لقد انفجر مخلفا خلفه لوحه من الرماد. شهقت سارة و هي ترى هذا المنظر و تساءل طارق : إزاي حصل كده يا عم أيوب ؟

قال ايوب بصوت خائف : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا رب يا ستار

رد طارق و عصبيته تزداد : مالك يا عم ايوب ؟ ماترد عليا

فتحت سارة باب الشرفة لأن رائحة الرماد تملأ المنزل فما ان فتحته حتى أغلق وحده و شعرت هواء ساخن يتنفس بجوار وجهها يلفح وجنتها. التفت نحوها طارق فوجدها متجمدة مكانها خوفا فسألها عن السبب فقالت : حسبت بنفس جمبي ، هوا سخن عدى من جمبي

صرخ ايوب : بسم الله الحفيظ .....و تحرك يريد الخروج من ابمنزل حتى امسكه طارق يمنعه قائلا : تعالالي هنا يا عم ايوب ، فهمني الشقة دي مالها؟ و احنا بنشتريها سالتني عشرين مرة إذا كنت متأكد إني عايزها ولا لأ،و الحاجات الغريبة اللي كانت بتحصل ساعة التحضير للفرح ماكنتش راضي تفسرهالي، دلوقتي مش هاسيبك غير لما تقولي الشقة دي مالها

قال ايوب بهمس مرعوب : الشقة مسكونة يا بيه ، اتقتلت فيها قتيلة قبل كده.

صرخت سارة صرخة مكتومة و هي واضعة اطراف اناملها على ثغرها في حين تساءل طارق : و جاي تقولي كده دلوقتي؟ ليلة فرحي يا عم ايوب؟

رد أيوب بيأس: يا بيه أنا عبد المأمور ،  صاحب العمارة محرج عليا ماجيبش سيرة لحد.

قال طارق و هو يشيح بيده نحو باب الشقة : طب اتفضل انت يا عم أيوب ، متشكرين جدا.

أغلق طارق الباب و التفت ليجد سارة تقف لصيقة به يكتد يسمع صوت اصطكاك اسنانها خوفا و قالت : اوعى تقولي هنبات هنا.

تعجب طارق : أمال هنبات فين ؟ ماهو بيتنا.

أزاحته من أمام الباب تريد فتحه : أنا رايحة لبابا.

أمسكها يحاول منعها : على فين بس ؟ انت عايزانا نتفضح؟

 قالت بعصبية : نتفضح؟ والله أحسن ما أسكن في شقة مسكونة؟

قال يطمئنها : بصي ، احنا نعدي الليلادي و نشوف هيحصل إيه

قالت بيأس : ماهو انا استحالة هيجيلي نوم كده

وعدها قائلا : أنا هافضل جمبك و مش هنام لغاية ما اتأكد إنك نمتي و اطمنتي خالص، تمام؟

نفذ طارق وعده و ظل بجوار سارة التي تدثرت جيدا و ظلت عيناها مفتوحتان عن آخرهما تخاف أن تغلقهما حتى غلبها النعاس فجرا فاستسلم طارق للنوم هو أيضا

❈-❈-❈

الفصل الثاني

 

في الصباح ، استيقظ طارق قبل سارة و ذهب لتحضير وجبة الإفطار لها كترضية بعد ما حدث بالأمس. فجأة و هو في المطبخ سمع صرخة سارة فترك ما بيده و اتجه نحوها سريعا فوجدها منكمشة في الفراش ممسكة بدثارها و عيناها مفتوحتان رعبا عن آخرهما تحدق نحو أحد أركان الغرفة بفزع فسألها : مالك يا حبيبتي ؟ في إيه؟

أشارت نحو هذا الركن : ست كانت واقفة هنا، ست شكلها وحش قوي.

قال يجاريها : و بعدين

استرسلت : بتقولي امشوا من هنا احسنلكم

قال يحاول تهدئتها : طيب قومي يا حبيبتي معايا، أنا حضرتلك فطار عشان نفطر سوا

صرخت في وجهه : فطار إيه ؟ بقولك بتقولي امشوا من هنا أحسنلكم تقولي فطار ؟

يستمر في محاولاته : طيب بلاش فطار ، تعالي نخرج من الأوضة دي .

في هذا الوقت دق جرس الباب ليتحرك طارق يريد الخروج من الغرفة فتمسك سارة بملابسه قائلة : متسيبنيش لوحدي

قال يحاول الحفاظ على هدوئه : طب قومي تعالي معايا نشوف مين ع الباب

خرجا سويا و فتح طارق الباب ليجد أيوب أمامه يقول : صباح الخير يا طارق بيه ، انا جيت أطمن عليكم بعد اللي حصل امبارح .

أمسك طارق يد أيوب يجره إلى الداخل و هو يقول : جيت لقضاك يا عم أيوب ،انت تدخل تحكيلي الموضوع من طأطأ للسلام عليكم.

ولج أيوب ليحكي ما كان في هذه الشقة سابقا منذ عدة سنوات و عندما انتهى من حديثه قال طارق : منك لله يا عم أيوب ، و أنا كنت تاهم العمال في تكسير السيراميك و تهدير المونة و أتاري في موضوع تاني خالص.

بعد عدة سويعات، استطاع طارق أن يهدئ من روع سارة بعد أن وعدها أنه سبجد حلا لما رأته في الصباح. دق جرس الباب مرة أخرى و لكن كانوا أهل كل من سارة و طارق هذه المرة. لاحظ والد سارة ما حل بوجه ابنته من خوف و فزع غسألها : مالك يا بنتي وشك  مصفر كده ليه؟

أجاب طارق : أبدا يا عمي ، ماهي زي القمر آهي.

انطلقت سارة إلى حضن أبيها لتبكي فيه فنظر الأخير نحو الزوج المغلوب على أمره بغضب و سأله : انت عملت فيها إيه يا طارق؟ مالها البنت؟

أقسم طارق : والله ما عملت حاجة خالص، أنا هاحكي لحضرتك.

اصطحب طارق سارة و والدها إلى غرفة الضيوف ليروي له ما صار منذ البارحة و حتى تلك اللحظة فما كان من الأب سوى أن قال لابنته : متخافيش يا بنتي ، يا ما بيوت فيها من الحاجات دي كتير و مفيش حاجة وحشة بتحصل لأهلها . انتو بس شغلوا سورة البقرة على طول في البيت.

ركهم الأهل مرة اخرى و نفذ طارق ما اقترح والد سارة فجعل سورة البقرة تتردد بين جنبات المنزل طوال الليل . استقر الوضع لعدة أيام بلا مشاكل او زيارات من تلك السيدة ، و في أحد الأيام كان طارق قد عاد إلى مواعيد عمله الرسمية تاركا سارة في الشقة وحيدة كع خوفها و لكنها لم تستطع فعل شيء سوى أن قالت في نفسها : أنا اشغل نفسي في شغل البيت بدل ما الخوف و القلق ياكلوني.

بدأت سارة في حملة تنظيف لجميع أرجاء المنزل لتبعد تفكيرها عن أي شيء آخر و اغلقت المذياع عن طريق الخطأ و الذي كام يصدح بسورة البقرة دائما كما نصحها والدها. كانت تعد طعام الغداء في نفس الوقت و ولجت إلى المطبخ فجأة لتجد ان النار قد نشبت في جزء من الموقد ففزعت و فرت نحو الخارج، تذكرت المذياع فأعادت تشغيله سريعا ثم نظرت من جانب باب المطبختتلصص فوجدت أن كل شيء على ما يرام و ان النار قد انطفأت من تلقاء نفسها.ركضت نحو هاتفها لتحدص طارق الذي كان مشغولا بين أوراق عمله فرد عليها باهتمام قليل قائلا : أيوة يا سارة ، خير ؟

روت له سارة ما صار في عجالة فتساءل : و دلوقتي الوضع كويس؟

ذهلت من سؤاله الذي لا ينم عن أي اهتمام بما حدث فصمتت هنيهة حتى ردد اسمها فردت تتعجب : دلوقتي مفيش حاجة بس بقولك المطبخ كان هيولع

قال مشغولا : طيب بس شغلي الراديو و إن شاء الله خير .

وافقت بيأس و أنهت المحادثة بهدوء .فتحت المذياع مرة أخرى و جلست مكانها لدقائق لم تغلم طالت أم قصرت حتى قالت : استعنت بالله...و نهضت لتكمل ما بدأته

❈-❈-❈

الفصل الثالث

 

في أحد اﻷيام ، كان طارق يسلم عم أيوب كيسا من القمامة كالعادة في نهاية اليوم فسمعا صراخا من الدور الذي يعلوهم فتساءل طارق عن شببه فقال أيوب : لا ده دكتور أيمن، دكتور نفساوي و بيحصل عنده كده كتير

قال طارق : يا ستار يا رب ، ربنا يعافينا.

شعرا فجأة بهواء ساخن يلفح وجهيهما فنظرا إلى بعضهما نظرة ذات مغزى و زم طارق شفتيه فاهما : اتوكل على الله يا عم أيوب ، شكلها الليلة بدأت بدري.

رد أيوب : ربنا معاكم يا بيه .

ما أن أغلق الباب حتى سمع صراخ سارة في دورة المياه ، فهي تدق الباب بتوتر و تصرخ بصوت عال فنظر طارق حوله في الفراغ قائلا : عملتي إيه تاني ؟

ركض نحو مصدر صوت سارة محاولا فتح الباب عدة مرات بلا طائل حتى قال بصوت تسمعه : سارة حبيبتي ، اهدي يا سارة أنا معاكي و هافتحلك الباب بس اوعديني تهدي و تتنفسي بالراحة .

سكنت سارة بعض الشيء ة هي ترد بلهاث : حاضر ، حاضر.

حاول طارق تحريك مقبض الباب بلا نتيجة فنظر حوله مرة أخرى و قال : طب إيه؟ مفيش فايدة؟

جاء في خاطره أن يقرأ آية الكرسي من سورة اليقرة فما أن أنهاها حتى استطاع فتح الباب بسهولة و أخرج سارة التي ما أن أمسك بيدها حتى سقطت مغشيا عليها لولا أن منعها طارق بذراعه الفتي و حملها حتى الفراش و سجاها عليه محاولا إفاقتها بالتمسيد على  وجهها و كفيها حتى استجابت لمحاولاته و عادت لوعيها فقالت : عشان خاطري نمشي من هنا يا طارق ، وحياتي عندك.

احتضنها قائلا : نمشي نروح فين بس يا حبيبتي ؟ اهدي بس أنا معاكي آهو .

قالت وهي تبكي : يا طارق حرام عليك، افرض اتحبست في الحمام وانت مش موجود، كان مين اللي هيفتحلي ؟

قال يجاريها : ابقي سيبي الباب مفتوح

قالت بعصبية : طب بالذمة ده حل تقوله ؟

قال يهدئها : طب بس اهدي دلوقتي و بعدين نتفاهم .

ظل إلى جوارها يحاول تهدئتها بقراءة آيات من القرآن الكريم حتى هدأت و نامت فسحب ذراعه الذي كان يلفها من تحتها و دثرها جيدا و خرج إلى الصالة. جلس يفكر فيما حدث و في الحلول الممكنة فلا يجد حلا قابلا للتطبيق. قرر أن يهاتف صديقه حسام  وهو على دراية بكل ما حدث مع طارق منذ بداية تملكه بهذه الشقة و حتى حينه، و بعد السلام...

طارق يتشبث بأي خيط يمكنه من حل مشكلته : فاكر الشيخ اللي حكيتلي عنه قبل كده؟

حسام : .......

طارق : طب أنا عايز يجيلنا البيت يمكن يقدر يعملنا حاجة

حسام : .......

طارق : تمام، و انا هستنى رسالتك اللي فيها تليفونه.

بعد عدة أيام ، زار الشيخ عبد الرحمن منزا طارق و سارة فقص له الأول ما كان منذ شرائه لهذه الشقة و حتى حينه فقال الشيخ : بسيطة بإذن الله. هاتول بس كباية مية لو سمحتم.

لبى له طارق طلبه فقال الشيخ : هنقرأ على الكباية دي آيات من القرآن الكريم و  ربنا ييسر الخير.

أمسك الشيخ عبد الرحمن بالكوب في يمناه و ظل يقرأ همسا آيات من القرآن الكريم ثم نهض من مجلسه و ذهب إلى أركان المنزل ينثر فيها من هذا الماء و هو لا يزال يقرأ حتى انتهى و عاد إلى مقعده مرة أخرى و قال : الصراحة يا جماعة أنا مش عارف اللي عملناه ده هيجيب نتيجة ترضيكم و لا لأ، بس احنا بنتمنى من ربنا و نتعشم فيه الخير.

قال طارق و سارة في وقت واحد :يارب.

في هذا الوقت كان باب الشرفة مفتوحا فأغلق بقوة غير مبررة لا بهواء ولا بفعل فاعل من الحضور حتى قال الشيخ عبد الرحمن : بسم الله الحفيظ ، يارب سلم .

انكمشت سارة بجوار طارق تتمسك بملابسه كعادتها عند الخوف حتى قال الأخير : مفيش فايدة برده؟ طب نعمل إيه تاني ؟

تجسد كيان اسود امام الجميع يقول بصوت انثوي غليظ بعض الشيء : قلتلكم امشوا من هنا .

قال طارق باستجداء : نمشي نروح فين بس ؟ مالناش مكان غير هنا.

قال الكيان بغضب بصوت أعلى : امشوا من هنا.

قال الشيخ عبد الرحمن والذي كان أكثر الحضور ثباتا : السلام عليكم و رحمة الله. ممكن تقوليلنا نرضيكي ازاي أو محتاجة إيه نقدر نعملهولك ؟

يردد الكيان بغضب متصاعد الوتيرة  : امشوا من هنا

قال الشيخ عبد الرحمن مرة أخرى : طب مين زعلك؟ اللي قتلك؟

أطلق هذا الكيان صرخة عالية كادت أن تصم آذان الحضور فاستمسكت سارة بملابس طارق اكثر و بدا صوت اصتكاك أسنانها جليا و ما كان من طارق سوى أنه يستعيذش بالله من الشيطان الرجيم مرارا و تكرارا.

استرسل الشيخ عبد الرحمن طيب مين قتلك و احنا نحاول نجيبلك حقك؟

تحول صوت الصراخ إلى بكاء يقترب من العويل و ران صمت ثقيل حتى رد الكيان : أيمن

قال طارق بسرعة : دكتور ايمن؟

 قال الكيان مرة اخرى بغضب : أيمن.

استعاد الشيخ عبد الرحمن دفة الحديث و قال : طب انصرفي لحال سبيلك لا تاذينا ولا نأذيكي.

و ردد المعوذتين بصوت عال فأخذ هذا الكيان الأسود في الخفوت حتى اختفى تماما.

❈-❈-❈

الفصل الرابع

 

هنا فقدت سارة وعيها و حاول طارق إفاقتها مرارا حتى استفاقت و بكت بكاء مريرا حتى سألها طارق : طب انت بتغيطي ليه دلوقتي؟

قالت بحزن : أنا تعبت يا طارق ، تعبت والله .

استأذن الشيخ عبد الرحمن في النصراف و لدى الباب دار الحوار التالي...

الشيخ : لازم تعرفوا مين أيمن ده و تحاولوا تفهموا الموضوع كله

طارق بعرفان : أنا متشكر جدا لحضرتك ، مش عارف أشكرك ازاي

الشيخ بتواضع : لا أبدا، ولا شكر ولا حاجة. أنا تحت أمركم ، ربنا يعينكم.

دخل طارق نحو سارة التي كانت لا تزال على حالتها و حاول تهدئتها حتى تمكن من ذلك لكنها طلبت منه ان تذهب إلى بيت أهلها و تبقى هناك لعدة أيام حتى تهدأ قليلا فوافق على مضض.

بعد عدة أيام في منزل والد سارة ، كان طارق يزورهم و دار الحوار التالي ....

والد سارة : و بعدين يا بنتي ، هتفضلي سايبة بيتك و جوزك كده كتير؟

سارة بصدمة : إيه يا بابا؟ زهقت مني؟

رد والدها : لا طبعا ، بس الوضع كده مش تمام أبدا.

نظرت نحو زوجها تلومه فقال: واللع ما اشتكيت ، مش كده يا عمي؟

رد والدها يبرؤه : حرام متظلميهوش ، ماشتكاش الراجل. بس انت بقالك عشر ايام هنا و الراجل ماقالش إن حصل أي حاجة في شقتكم اهو.

استدرك طارق : الصراحة يا عمي ، هو حصل حاجات بس بصراحة انا اتعودت لأنها حاجات بسيطة ، باب يتقفل ، راديو يتفتح ، هوا سخن يعدي من جمبي.

تناولت أطراف الحديث : يعني يرضيك يا بابا أعيش بابشكل ده في شقة مسكونة؟

قال واولدها يحاول مجاراتها : طب انت إيه اللي يرضيكي؟

اقترحت : شقة تانية في مكان تاني.

رد طارق سريعا : أنا صرفت كل اللي معايا في شقتنا دي يا سارة وانت عارفة كده كويس.

قالت بدلال: عشان خاطري ، بيعها و نأجر غيرها.

قال والدها بغضب و إن قل : احنا بنلعب يا سارة ؟ هي دي شقتكم و خلاص.

بدأت دموعها في الانهمار بصمت فقال والدها : طيب ما تجيبو شيخ ولا حاجة.

أخبراه عن زيارة الشيخ عبد الرحمن و نتائجها التي هي كارثية بالنسبة لسارة و منطقية بالنسبة لطارق فقال والدها :طب ماتحاول تفهم القصة يا طارق ، يمكن البواب يفهم حاجة و يفهمك

وافق طارق : حاضر يا عمي هحاول

وجه حديثه لابنته : يلا بقا قومي لمي حاجتك عشان تروحي مع جوزك

ردت بدلال نزق : برده يا بابا؟

رد بغضب مفتعل : أيوة يا سارة ، يلا قلت

نهضت من مكانها تدق الأرض بقدميها كالأطفال و لكنها توجهت نحو غرفتها لتلملم اغراضها المبعثرة في صمت غاضب.

ما أن فتح طارق باب شقتهما حتى قال : نورتي بيتك يا أحلى سارة في الدنيا كلها.

ولجت بتردد و هي تقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، يا رب سلم.

أغلق الباب و قال: متخافيش ، انا جمبك اهو.

كانت ليلة عادية لم تخل من خوف سارة الذي اجبر طارق على انتظارها حتى تغط في سبات عميق ثم نام بعدها مطمئنا.

في احد الأيام ، قابل طارق عمأيوب فسأله : هي الساكنة اللي اتقتلت دي كان اسمها إيه؟

رد ايوب : كان اسمها كريمة يا بيه ، بس بتسأل ليه .

رد طارق يظهر عدم الاهتمام عمدا : لا ابظا، فضول بس يا عم أيوب .....صمت هنيهة ثم استرسل : هي كانت بتتعالج عند دكتور أيمن اللي فوقنا ده؟

رد أيوب بإسهاب : تتعالج بس يا بيه ؟دي فضلت تزوره عشان تتعالج لغاية ما خطبها كمان بس كان بينهم مشاكل كتير.

جلس طارق و جذب أيوب إلى جواره و هو يقول : لا ده انت تحكيلي بقا يا عم ايوب.

❈-❈-❈

الفصل الخامس

 

روى أيوب : أصل يا بيه الخطوبة دي كانت غصب ، أنا سمعت الدكتور أيمن بيقولها كده قبل كده .

استفهم طارق : غصب ؟ إزاي و ليه ؟

فع عم أيوب يديه قائلا : آهي دي بقا معرفهاش يابيه.

فكر طارق قليلا ثم تساءل :  انت قلتلي اسمها كريمة إيه؟

رد أيوب في التو : كريمة محمد الرفاعي ، ده كان اسمها في عقد الإيجار .

م تخل الأيام من زيارات متفرقة لروح كريمة فكانت تارة تظهر كظل أسود يتحرك بحرية في الشقة ، و تارة أخرى تتسبب في إغلاق و فتح النوافذ و الشرفات حتى ظهرت لسارة في إحدى المرات قائلة : امشي من هنا عشان خاطر ابنك.

وضعت سارة يدها بشكللا أرادي على بطنها و ظلت مكانها تحملق في الفراغ حتى عاد طارق من عمله فوجدها على هذه الحال و لما علم ما جرى قال : ابنك؟ هو انت لك ابن من ورايا ؟

قالت سارة بخجل : أصل أنا شاكة في حاجة كده و كنت مستنية أتأكد عشان أقولك.

رد طارق بعد تفكير : اوعي يكون اللي في بالي ؟ ....ضحك ملء شدقيه و تساءل :  انت حامل؟

فقالت بابتسامة :أنا لسه شاكة مش متأكدة .

قال طارق بسعادة غامرة : شاكة إيه بس ؟ قومي البسي لما روح نتأكد.

سألته تتعجب : مش هتتغدى الأول ؟

د و سعاده تتزايد : مش مهم اتغدى، ولي العهد أهم من الغدا.

عادا إلى المنزل بعد عدة سويعات و قد غمرتهما السعادة بعدما تأكدا من نبأ حمل سارة و لكن بعد وقت قليل ذهبت عن سارة السعادة و عاد بالها مشغولا بالطريقة التي علما بها هذا النبأ السعيد فقالت لطارق : انت فاكر أنا عرفت ازاي؟ كريمة اللي قالتلي ، انت فاهم المشكلة ؟

بدأت سعادة طارق في التلاشي حتى قال : أنا لازم أخلص الموضوع ده بسرعة.

بعد عدة ايام ، صعد طارق إلى عيادة أيمن و سال السكرتيرة بعد السلام : لو سمحتي ، في مريضة كانت بتيجي هنا اسمها كريمة؟

قالت السكرتيرة : دي اسرار مرضى يا أفندم مقدرش أقول عنها حاجة .

أخرج بعض النقود من جيب بنطاله و قدمها لها خلسة و هو يقول : أصلها كانت قريبتي و متقدملها و عايز أعرف هي كانت بتيجي هنا ليه ؟

تناولت منه النقود تخبئها من الحضور من المرضى و قالت : الصراحة يافندم أنا لسه جديدة مابقاليش شهرين يعني ممكن أقولك كانت بتيجي ولا لأ لكن بتيجي ليه مش هاقدر أفيدك فيها.

تساءل: أمال أقدر أعرف منين؟

قالت تهمس : السكرتيرة اللي كانت قبلي ، ممكن أدي لحضرتك تليفونها.

أخذ طارق منها ورقة عليها رقم هاتف جوال و اسم (محسنة) السكرتيرة السابقة و وضعها في جيبه و عاد لمنزله بهدوء لولا أن سمع صراخ سارة لدى الباب فولج سريعاحتى وصل لها في الحمام و وجد الحائط مليء بالدم الذي يسيل بشكل يثير الرعب في النفس فدخل إلى الحمام و احتضن سارة بشدة و استطاع بصعوبة إخراجها من الحمام حيث كانت كل عضلاتها في حالة تشنج تام. رافقها إلى الفراش و أجلسها بهدوء و جلس إلى جوارهايلفها بذراعيه و يقرأ المعوذتين و خواتيم سورة البقرة و آية الكرسي و ظل يكررهم حتى هدأت سارة قليلا و ارتخت عضلاتها بعض الشيء فاستطاعت التحدث إليه قائلة : مشيني من هنا أرجوك ، أنا مابقيتش هاستحمل كده .

قال يريدها ان تهدأ أكثر : طب ممكن تحكيلي اللي حصل الأول؟

قالت برعب يحفها : ولا حاجة، كنت بنضف حيطة الحمام لقيتها بتنزل دم زي مانت شفتها ماحسيتش بنفسي غير باصرخ لغاية مانت جيت.

احتضنها طويلا بصمت ثم قال : طيب أنا بدأت أوصل لحاجة كده، ممكن تديني فرصة لغاية ما أوصل لحاجة أوضح ؟ و أوعدك لو مفيش حل غير إننا نسيب الشقة هنسيبها .

نظرت لها بعيون مغرورقة بالدموع :بجد؟ هنمشي؟

نظر لها بحب غامر و سألها :طب انت بتعيطي ليه دلوقتي ؟

أجابته و هي تنشج بالبكاء : أصلي بدأت أتعود ع الشقة و أحبها

قال يربت على كتفها : طب خلاص متزعليش نفسك هنلاقي حل بإذن الله.

في اليوم التالي اختار طارق توقيت سارة كانت مشغولة فيه تماما و خرج إلى الشرفة و أخرج الورقة التي استلمها من سكرتيرة الطبيب أيمن و جواله و بدأ في طلب الرقم حتى سمع صوت امرأة خمسينية ترد عليه فتساءل : محسنة ؟

قالت باعتداد بنفسها : أيوة، الحاجة محسنة معاك ، مين معايا؟

رد : أنا واحد متعرفيهوش و عايزك في خدمة صغيرة

ردت بتحفز : و جبت نمرتي منين بما إني معرفكش بقا يا أستاذ ؟

قال بهدوء : من عيادة د. أيمن.

قالت بغضب : الله يقطعهم، يعني مش سايببني في حالي برده حتى بعد ما مشاني من الشغل؟

رد بنفس الهدوء : طيب ممكن أقعد مع حضرتك و نتكلم كلمتين بس مش هتعبك خالص.

استمر غضبها : أنا مش عايزة أتكلم في حاجة ليها علاقة بالدكتور ايمن ولا عيادته .

استمر يحاول :طيب نقعد نتكلم سوا و هراضيكي ، أوعدك.

اتفقا على اللقاء في منزل محسنة بعد بضعة أيام و ما ان أنهى المكالمة حتى سمع سارة خلفه تسأله : بتكلم مين؟

 ارتبك قليلا ثم قال : لا دي مكالمة شغل يا حبيبتي .

قالت :طب يلا ادخل ، عاملالك شاي و كيك .

حاول فتح باب الشرفة ليدخل لكنه لم يفتح نهائيا ففزعت سارة و قالت : بسم الله الرحمن الرحيم ، يارب سلم .

قال يهدئها : متخافيش يا حبيبتي ، شوية و هيفتح .

ظلا يرددان آيات من القرآن الكريم حتى استطاعا فتح الباب و ما كادا يفعلان فلما دخل قال يمازحها : بس انت بدأتي تتعودي و متخافيش آهو

ابتسمت ابتسامة يخالطها الخوف : هاعمل إيه بس ،تعالى قبل الشاي ما يبرد.

جلسا سويا يحاولان الخروج من جو الخوف الذي سيطر عليهما منذ دقائق يتحدثان في شتى أمور الحياة.

❈-❈-❈

الفصل السادس

 

في اليوم التالي ، ذهب طارق لمقابلة الحاجة محسنة ، و بعد التحية دار بينهما الحوار التالي ...

طارق بهدوء : بقا يا حاجة محسنة انا كنت عايز منك خدمة صغيرة .

قالت بنزق : خير ، أؤمرني.

استمر بهدوئه : عايز أعرف معلومات عن مريضة كانت بتروح لدكتور أيمن اسمها كريمة محمد الرفاعي .

عاجلته : يا ستار يا رب ، اجعل كلامنا خفيف عليها.

قال مسرعا : سبقا انت عارفة اللي حصل بقا

سكتت قليلا تفكر ثم قالت : أكيد عارفة ، بس دي أسرار مرضى

سكت بدوره ثم مد يده في جيب بنطاله ليخرج ظرفا صغيرا به بعض النقود يمده نحوها و هو يقول : بس أنا قلتلك إني هراضيكي ، اتفضلي حاجة كده صغيرة على قدي .

ترددت و هي تمد يدها لتأخذ الظرف : أيوة يا استاذ ، بس أصل ...

قاطعها : من غير أصل بقا ، أنا عايز أعرف كل تفصيلة عن كريمة محمد الرفاعي ، أرجوكي .

وضعت الظرف إلى جوارها على الأريكة ذات الطراز القديم ثم قالت : بقا يا أستاذ كل اللي أعرفه إن البنت اللي اسمها كريمة دي كانت بتحب دكتور أيمن و ده طبعا بعد ما كانت مجرد مريضة في الأول . حالتها كانت صعبة و كانت بتيجي للدكتور أحيانا من غير حجز و تفضل تعلي صوتها و تعمل مشاكل لغاية ما يوافق يدخلها بالرغم من الناس المنتظرة دورها . لغاية ما الدكتور أيمن اتغصب يخطبها .

اطعها : اتغصب ؟ ازاي يعني ؟

استرسلت : في مرة جت و هي معيطة و مضروبة و فضلت معاهم في الأوضة لغاة ما تاخد المهدئ عشان تقدر تتكلم بهدوء .

قاطعها ثانية : معيطة و مضروبة ؟ ليه ؟

قالت بملل : ما تسيني أكمل يا أستاذ

اعتذر قائلا : حقك عليا ، أنا آسف . كملي .

أكملت : كريمة كلنت من الحالات اللي دكتور أيمن كان بيفضل أكون موجودة معاه أثناء الكشف فيها ، فكنت دايما معاه عشان كده فهمت إن أهلها كانوا عايزين يغصبوا عليها تتجوز و هي رفضت و لما ضغطوا عليها قالتلهم إن في بينها و بين دكتور أيمن حكاية و إنهم بيحبوا بعض و إنه كمان واعدها بالجواز لغاية ما في يوم دخلت العيادة و معاها شوية رجالة لابسين لبس صعيدي و على وشهم غضب الله وأصروا يدخلوا سوا عند الدكتور و فهمت منه بعد ما مشيوا إنهم هددوه يا يخطب كريمة يا إما هيقتلوه و لما لقى نفسه محاصر بينهم وافق على موضوع الخطوبة دي غصب عنه و لما الفترة طولت و كان بيتحجج كل ما تطلب منه يكمل موضوع الجواز جت مرة تانية و هي مضروبة و تقريبا وشها متشلفط ع الآخر و إيدها كمان كانت مكسورة و لما الدكتور سألها إيه اللي جرى قالتله إن أهلها مستحلفينلهم هو و هي و إن هي قالتلهم إن حصل منه تجاوز معاها و إنها لازم تتجوزه هو و بس . و في يوم اترجته بكل شكل إنه ينزلها الشقة اللي هي قاعدة فيها لوحدها عشان بتدرس هنا لوحدها و لما وافق اتضح إنها عاملاله كمين مع اهلها و لما الدكتور فهم و اعترض و صوته علي واحد فيهم طلع مسدسه و ضرب نار على الدكتور لكن كريمة وقفت بينهم و الطلقة جت فيها هي فاتلموا عليه أهلها و ضربوه لما كسروه و سابوهم هما الاننين سايحين في دمهم و هربوا و لغاية دلوقتي هربانين و البوليس مش عارف يوصلهم لأن الدكتور حتى ماكانش يعرف اساميهم

استمر في صمته عدة دقائق بعد انتهائها ثم قال :  يعني فعلا اتقتلت.

أكدت على كلامه : ايوة فعلا.

استدرك قائلا : عشان كده مش سايبانا في حالنا و مسودة عيشتنا في قلب الشقة

تعجبت محسنة : مسودة عيشتكم ازاي و هي ميتة و شبعانة موت ؟

اقترب منها هامسا :روحها يا حاجة محسنة ، روحها معانا في الشقة و بتعمل حاجات تشيب .

قالت فزعة : يا ستار يا رب ، اجعل كلامنا خفيف عليهم .

شكر طارق محسنة بشدة و خرج من عندها و هو يفكر في كل ما روته له من احداث و يفك أيضا في طريقة تمكنه من التخلص من وجود روح كريمة في شقته فلم يأت بباله شيء أو شخص سوى الشيخ عبد الرحمن فهاتفه و روى له ما كان فما كان منه سوى أن قال : يبقا لازم روحها تسامح دكتور أيمن ولازم يكون موجود في وقت هي كمان موجودة فيه في الشقة .

تساءل طارق : و دي أعملها ازاي يا ربي بقا .

 

❈-❈-❈

الفصل السابع و الأخير

 

بعد عدة أيام في عيادة د. أيمن ، طلب طارق مقابلته بشكل عاجل و لما علم بمسكن طارق تبدلت ملامح وجهه حتى قال طارق : أنا عارف المشكلة اللي حصلت لحضرتك بسبب كريمة و عارف إنها ضرتك هي و أهلها أكتر من مرة

رد أيمن باقتضاب : و يا ترى حضرتك عرفت منين؟

قال طارق : من الحاجة محسنة ، بس أمانة عليك ما تئذي سكرتيرتك اللي موجودة دلوقتي بسببي .

رد بجمود : و المطلوب ؟!

رد يرجوه : تساعدني أتخلص منها ، مش عارف ازاي بالتحديد بس هي لما ظهرتلنا قالت اسمك أكتر من مرة .

قال بملل : هو مفيش أيمن في الدنيا غيري ؟

قال يؤكد : أنا متأكد إنك انت المقصود لأن انت اللي كان بينك و بينها قصة .

تزايد ملله إلى غضب : أيوة يعني عايز مني إيه؟

قال بعيون لامعة بعد أن اعتدل في جلسته على المقعد الوثير : أنا هاقولك .

 

بعد عدة أيام ترك طارق زوجته لدى منزل والها بحجة أنها تحتاج إلى الراحة بسبب الحمل و استدعى كلا من الشيخ عبد الرحمن  الدكتور أيمن إلى المنزل و بدأ الأول في قراءة بعض آيات من القرآن الكريم حتى بدأ الجميع في الإحساس بحركة غريبة حولهم حيث شعروا بتحرك الهواء في اتجاهات عدة مما أدى إلى غلق و فتح النوفذ و الشؤفات في كل أرجاء المنزل حتى تشكل كيان أسود أمامهم ثم أخذ في التحديد على شكل امرأة شعثاء غاضبة قالت بصوت عميق : سيبوا البيت و امشوا من هنا أحسنلكم

فقال الشيخ عبد الرحمن : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته يا ست كريمة ، أنتم السابقون و نحن إن شاء الله بكم لاحقون .

قالت بصوت أهدأ : و عليكم السلام و رحمة الله ، عايزين مني إيه ؟

استمر الشيخ عبد الرحمن : عايزينك مرتاحة و روحك هادية ، تؤمرينا بإيه؟

استعادت بعض غضبها : امشوا من هنا و سيبوني لوحدي في بيتي .

قال الشيخ عبد الرحمن : بس الأستاذ طارق اشترى الشقة خلاص وماكاناش يعرف إنك ساكناها.

قالت بصوت أقرب للبكاء : خلاص ، هاتولي حقي من اللي كان السبب في موتي .

قال طارق في عجالة : طب اللي قتلك واحد من أهلك و استحالة نعرف نوصلهم.

ردت ببعض الغضب: ماكنتش أنا المقصودة بالطلقة.

قال أيمن : كنت أنا المقضود ، بس انت اللي وقفتي بيني و بينه من غير ما اطلب منك كده.

عادت لصوتها الباكي : يعني أنا غلطانة إني حميتك و منعت قتلك؟

رد أيمن : ش غلطانة والله و كتر خيرك بس أنا مش عارف مطلوب مني إيه؟

ردت بصوت ملؤه الحقد : مطلوب تفضل ليا باقي عمرك أو على الأقل ماتبقاش لغيري.

رد الشيخ عبد الرحمن : انت عارفة إنك بتطلبي حاجة مستحيلة في عرف الدنيا .

ازدداد صوتها الباكي يأسا : يعني كده خلاص ؟هفضل لوحدي؟

رد الشيخ عبد الرحمن : إن شاء الله تكوني في مكان احسن و ربنا يعوضك عن اللي حصلك في الدنيا بروح و ريحان و جنة نعيم و يزوجك في الجنة بأحسن مما كنتي بتتمني في الدنيا

سكن الكيان الأسود لدقائق مرت كدهر حتى استرسل الشيخ عبد الرحمن : دلوقتي ممكن نقولك اذهبي إلى جنة عرضها السموات و الأرض بإذن المولى عز و جل ... ثم طفق يقرأ خواتيم سورة البقرة و المعوذات و عدة آيات متفرقة من الذكر الحكيم لمدة لم يدر الحضور أطالت أم قصرت حتى اختفى ذلك الكيان الأسود نهائيا بعد أن شعر الجميع بريح قوية حولهم ثم ران عليهم سكون و هدوء لدقائق طويلة لم يقطعها سوى صوت الشيخ عبد الرحمن وهو يقول : إن شاء الله تكون آخر زيارة لروح كريمة وتكون اقتنعت إن مفيش في إيدينا حاجة ممكن نعملهالها.

انفض الجميع و استقر الحال في شقة طارق حتى أنه لم يذهب لإحضار زوجته لعدة أيام حتى اطمأن لاختفاء روح كريمة نهائيا أو على الأقل كان هكذا يمني نفسه .

 

بعد عدة شهور و بعد ولادة سارة بأسلوع كانا يقيمان احتفالا صغيرا لطفلهما الذي أنار دنياهما بعدما أتعب أمه بعض الشيء و عندما غادر الجميع كان العتب قد استبد بهما فغطا في سبات عميق حتى سمعت سارة صوت بكاء الطفل و لكنها كانت نصف نائمة من شدة تعبها لم تستطع أن تستيقظ لتسكته، و بعد برهة سمعت صوت غناء لصوت أنثوي جميل لا تدري مصدره فنهضت في فراشها و فركت عينيها لترى كيان من نور بجوار مهد طفلها لامرأة جميلة ذات شعر طويل و وجه مضيء تغني ترنيمة أطفال للولد الصغير حتى هدأ. شهقت سارة جزعة فأشارة لها المرأة بسبابتها أمام فمها ان تصمت فوضعت سارة كفها أمام فمها و ظلت  تحاول إيقاظ طارق حتى استيقظ و شهد معها وجود هذا الكيان الذي ما أن صمت الطفل حتى نظر نحوهما و ابتسم ثم اختفى بهدوء فلم يكن منهما سوى أن تبادلا نظرات ذات مغزى و فهم كل منهما ما يدور في خلد الآخر عن ماهية تلك السيدة . 

تمت

لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة