-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 8 - 3 - الأحد 21/7/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن

3

تم النشر يوم الأحد

21/7/2024



رفرفرت بأهدابها لبرهة من الوقت، تتمالك ذاتها من الدوار الذي لفها منذ لحظات قليلة، لتعي على نفسها بحضنه وهذا القرب منه ، فقد كان وجهه لا يفصله عنها سوى انشات قليلة، يخاطبها بقلق واضح، ولكن الوضع لم يكن مريحًا بالمرة، لتستحضر على الفور ارادتها ، فتنتصب، ثم تدفعه عنها بخفة ، ولكنها، وما كادت ان تقف جيدا حتى سقطت مرة اخرى بين رحاب ذراعيه، ولكن هذه المرة فاقدة للوعي تماما، مما اضطره ان يدنو ثم يرفعها من اسفل ركبتيها، فيحملها اليه، 


وجهها الملائكي بصورة تختلف تمامًا عما تدعيه من قوة ، عظامها اللينة برقة ألهبت مشاعر قد كبتها منذ زمن ، لتعود الاَن وبشدة، هو بالكاد حاول تخطي قبلة الحياة التي فعلها مجبرًا من أجل افاقتها من الغرق، 


ماذا بها هذه الفتاة لتجعل هذا الخافق بين ضلوعه، ينتفض كعصفور بللته امطار الشتاء القارص، بمشاعر امتزجت بالقلق واشياء اخرى لا يعرف تفسيرًا لها.


زفر بنفض رأسه من كل ما يعتريها من افكار ، ليتحرك بها نحو افاقتها. 


❈-❈-❈


بداخل السيارة التي كانت تقلهم للعودة، وهو يقودها ينقل بنظراته كل لحظة نحوها،  متابعًا صمتها المستمر منذ خروجهم من المشفى،  وردودها المقتضبة، على عكس طبيعتها المشاكسة معه، ليخرج عن صمته فجأة موجها حديثه اليها بانفعال:


- لا بقى، كتر السكوت دا بقى يقلق، لتكوني صدقتي يا صبا كلام العيل الأهبل ده؟ انتي تعرفي عني الاخلاق دي؟


خرج ردها بحدة بعدما اجبرها على الألتفاف اليه:

- ما هو مش بكلام العيل الأهبل يا شادي، افعاله متدلش غير على حاجة واحدة،  وهي ان عنده اسباب، حتى برغم تفاهته ورغم كل عمايله، لكن الحرقة اللي بيتكلم بيها ناحيتك مش هتيجي من فراغ.....


يعلم انها شديدة الذكاء، ومدامت قد وصلت به لهذه النقطة،  هو ابدا لن يبخل عليها بالحقيقة، وليحدث ما يحدث:


- ماشي يا صبا، انا هجيبلك من الآخر عشان تبقي على بينة، وارجو تحترمي شجاعتي وما تحمليش الامور اكبر مما تحتمل. 


يبدو ان القادم ليس جيدًا ولكنها لن ترضى الا بالمعرفة،  لتوميء له بتوجس:

- اتفضل يا شادي اتكلم. 


صمت قليلًا يستحضر الذكريات ، ليأتي بالاهم مباشرةً:

- سمير بيغل مني عشان انا اللي وقفتله في موضوع طلاقه من بهجة،  هو مكانش عايز يطلق ولا يحلها من جوازه منها ، وهي بعد ما نزل من نظرها في موضوع ورث ابوها من الوكالة، كانت بتفضل الموت على انها ترتبط بيه؟ وانا مقدرتش اقف متكتف، ساعدتها بالمحامي اللي يخلص، وجمعت كبار المنطقة حكموا حكمهم بعدم جبر اليتيمة على شيء هي مش عايزاه، ومن يومها وهو مش شايلني من دماغه، حتى بعد ما خطبتك، برضو المتخلف اللي في دماغه في دماغه. 


- حاولت تتقدملها عشان تتجوزها انت يا شادي؟

سؤالها المباشر اصابه بالتشتت،  ليحيد ببصره عن الطريق والتف اليها بفاه منفرج، ونظرة فهمتها على الفور، ليصحح موضحًا لها:


- مش عشان اللي في دماغك والله يا صبا، انا كنت عايز اضلل عليهم هي واخواتها،  واحميهم من جبروت خالي خميس ومراته وعياله، بس هي فاجأتني برفضها،  والاعتماد على نفسها ، وسبحان الله بعد ما كانت ضعيفة وتاكل عشاها القطة، ربت لها ضوافر وقدرت بعزة نفسها تفرض شخصيتها على الكل، انا مقدرش امنع نفسي من احترامها، ولا اقدر امنع نفسي عن حبك، اقسم بالله انا ما دق قلبي ولا عرف العشق إلا ليكي يا صبا.


استطاع بصدقه ان يصل بها الى بر الامان الذي تتنعم فيه بعشقه، حتى ارتخت ملامحها في إشارة لبدء اقتناغها، لكن سرعان ما انقلبت فجأة بتذكرها:


- بس بصراحة هي طلعت حلوة جوي يا شادي،  ازاي يعني عجلي ما يشتش ولا برج من نفوخي يطير. 


ضحك يرفع كفها اليه ، ثم يقبل ظهرها تعبيرا عن حبه، مرددًا بغزل واقرار:

- وانتي والله قمر واحلي من القمر نفسه، دا اللي عجبني فيكي ثقتك بنفسك يا صبا، يعني مهما كان جمال بهجة، هيجي ايه جمب جمالك وانتي متربعة في قلب حبيبك، ربنا ما يحرمني منك يا قلب شادي انتي. 


❈-❈-❈


استعادت وعيها اخيرًا لتفتح اجفانها للنور والحياة،  فوقعت ابصارها اولا على السقف الابيض والانارة الخفيفة،  ثم نزلت نحو المحلول المعلق بيدها،  لتنتبه على دفء بكفها الاخر، وتفاجأ بنجوان تحاوطها بكفيها الاثنين ، مشهد بقدر ما اثار ذهولها، بقدر ما اثر ليلمس نياط قلبها، ونظرة الحنان التي تطل من عينيها، لتسخر متسائلة:


- ليكون دخلت الجنة من غير ما اعرف ولا انا بحلم ولا ايه بالظبط. 


جاءها الصوت الرخيم من جهة النافذ الكبيرة والستائر البيضاء، معلقًا:

- عشان تعرفي بس خوفها عليكي، اهي ع الحال ده من ساعة ما انتي تعبتي، حتى والدكاترة بيسعفوكي برضو ماسابتش ايدك ابدا. 


استدركت لحالها الاَن، وما اردف به، لتتسائل بقلق:

- هو ايه اللي حصل؟ انا اغمي عليا مش كدة؟ طب ليه المحاليل والحاجات دي؟


اقترب قائلا بمطة صغيرة من شفتيه :

- انتي فقدتى الوعي خالص يا بهجة، والدكتور فحص حالتك واقر انك ضعيفة ومحتاجة تغذية، دا غير طبعا الاجهاد والإرهاق،  كلهم اتجمعوا عليكي. 


- يعني حاجة عادية الحمد لله، دا انا افتكرت حاجة خطيرة، اقوم بقى اشوف اللي ورايا. 

تمتمت بها بتقليل، ليتفاجأ بنزع ابرة المحلول من يدها، بصورة جعلته يتسائل بجذع:


- بتعملي ايه يا مجنونة انتي؟ مش تستنى الاول رأى الدكتور. 

نقلت بنظرة سريعة نحو نجوان ، لتلف حول رأسها الحجاب قائلة:

- واستنى ليه تاني؟ مدام المحلول جاب فايدته والحمد لله ورفع عني شوية، اروح بقى اطمن على اخويا، قبل ما اروح، زمان اخواتي البنات رجعوا من دراستهم.


وقبل ان يصدر اعتراضه، وجد والدته تقوم باللازم، في التشبث بها،  لتصدح ضحكته:

- انتي اللي بتجيبيه لنفسك، اهي مش هتسيبك حتى وانتي تعبانة،  ارجعي لسريرك احسن يا بهجة، خليكي عاقلة. 


وعلى عكس ما توقع من اعتراض منها لحالة الوهن بها، رحبت بسماحة تذهله:

- وماله خليها تيجي، ع الاقل يراعوها معايا شوية، مدام بتفرح بلقاهم، انا عمرى ما هقولها لا. 


❈-❈-❈


انتهت جولة اخرى من المحاكمة المستمرة طوال اشهر في الشد والجذب من اجل تحديد مصيره، ليعلن القاضي تأجيلها كالسابق،  ولكن هذه المرة هناك بارقة امل، بعد مرافعة المحامي الجديد، وقد اثبت انه داهية ويستحق رزمة النقود الكبيرة والتي تحصل عليها من والدته، بعدما شكك في شهادة الشقيقتان واتهمهم بتلفيق تهمة قتل ابيهم من اجل الاتتقام منه، فكرة شيطانية فاجأه بها، مع مجموعة من الحجج والقصص المؤلفة عن صحة خطف شهد من الأساس ، وانه مجرد خلاف عادي تطور لتشابك بالأيدي،  ومنه اتجهت الفتيات لتلفيق التهم اليه.


- بشرة خير يا ابراهيم،  شكل المحامي عقر وهيجيب البراءة المرة دي. 

كان هذا صوت والدته، والتي هرولت اليه خارج قضبان القفص المحبوس به، عقب قول القضاة ليفتر فاهه بالابتسام بتردد:


- اما اشوف ياما ، هتكمل على كدة ولا هتتقلب من تاني. 

أتت الإجابة من المحامي المحنك، يحدثه منتفش الريش بزهو:

- متقلقش يا ابراهيم،  انا ياما عدى عليا قضايا من النوع ده وانيل مية مرة، تجار مخدرات وسلاح وقتل وجميع الجرايم، كلهم طلعوا بفضل مهارتي، واظن والدتك حكتلك عن سمعتي .


- حكتلي يا متر، بس انا برضو مليش غير النتايج، غير كدة متقوليش. 

- ان شاء الله هتظهر النتايج قريب ، بس انت متفولش. 

قالها الرجل ليسحب حقيبته ويذهب من جوارهم، فتعلق سميرة من خلفه:


الصفحة التالية