-->

رواية جديدة خبايا الهوى لهاجر التركي - الفصل 29 - 1 - الثلاثاء 20/8/2024

  

قراءة رواية خبايا الهوى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى






رواية خبايا الهوى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي

الفصل التاسع والعشرون

1

تم النشر الثلاثاء

20/8/2024




أنها الليالي الأولي من بداية فصل الشتاء السماء غائمة رمادية توحي بطقسٍ سيئًا غدًا، نسمات هواء باردة، بداية جديدة لفصلٍ جديد، ومازال قلبها يقبع بالصيف الحار، نعم جسدها باردً بفعل الهواء وبرودة الجو من حولها في شُرفة شقتها، بجانب أنها ترتدي ملابس خفيفة لا تُلائم الجو، إلاَ أنَ قلبها كان حارً، تندلع منه البراكين مُنذ فترة وهي فقط صامتة........ 


صامتة ولقد طالَ صمتها كثيرًا، شهر..... شهر، كاملاً تحي العذاب بمفردها، عقلها لا يهدأ ولا يرحم ضعفها ولا قلة حيلتها، متغيرة نعم، الجميع لاحظ ذالك، لكنها تكذب ذالك أمامهم فقط، أنها حزينة وهذا واضحًا علي أفعالها وردات فعلها الباردة حتى وأن أستدعي الأمر الاحتراق، تتعامل هي ببرودٍ تامٍ، أليسَ لها الحق فأن تأخذ نصيبها من الحُزن وتتعافي ذاتيًا بمفردها..... 


ظلت تتابع تحرك المزروعات الصغيرة التي تزين بهم شرفتها، يتحركون بفعل الهواء، إلي أن أستمعت إلي صوت غلق الباب، أيّ أنَ" عُمر" قد عاد، نهضت من مكانها تخرج من الشُرفة وكَكِل يومٍ عندما يأتي، تتهرب منه وتهرول سريعًا إلي غرفتها التي تحتوي صمتها......... 


تقابلت أعينهم لوهلة، وزعت نظراتها عليهِ من أعلاهُ لأسفل، كم أشتاقت لهُ وحرق الشوق قلبها بجمرات نار لا ترحم، بُعدها عنه بتلك الطريقة يكوي روحها دون تمهلٍ، لكن ما يحدث بعقلها كان أكبر من حبها وشوقها...... كرامتها، الأمر كُلهُ يتمركز حول الكرامة، كرامتها التي لا تقبل أن تُهدر حتى لو في سبيل الحُب....... 


لقد وافقت قبل ذالك، وندمت ندمًا شديدًا، والآن حان الوقت للتعلم من خطئها وعدم تكرارها لنفس الخطأ، بعيدًا عن أنها بالفعل أحبت بصدقٍ وبقلبها كُلهِ قدمتهُ دون أنتظار مُقابل...... 


مظهرهِ كان مرهقًا اليوم، وجهِ شاحب جسدهُ أصبحَ هذيلاً تلك الفترة، وقد لاحظت هي ذالك لكنها لم تتحدث، من نظراتهِ تشعر أنه يحمل هموم العالم فوق صدرهِ، قلبها الخائن أراد أحتضانهُ وأدخلهُ بداخل ضلوعها، لكن لا وألف لا عقلها كان يبعث لها بالأنذار قبل أن تستسلم في آخر لحظة...... 


همست بكلمات بسيطة لا يسمعها منها سوي قلائل فالتفرة الماضية،: 


_الأكل عندك علي السُفرة..... تصبح على خير.... 


قالتها وتحركت قدميها إلي الأمام، تود الهروب من عينيهِ، تهرب قبل أن تضعف بعد أن تعاهدت علي أن لا تضعف، لكن صوتهِ المُتعب أوقفها يقول بنبرة حقًا يظهر فيها التعب واضحًا: 


_غالية أستني، عايز أتكلم معاكِ..... 


أغمضت عينيها تعتصرهم متنهدة بقوةٍ قبل أن تلتفت له وكأنها تستعدُ لمعركة ما، نعم معركة، معركة دامية بين عقلها وقلبها، قلبها الذي يود الأرتماء بأحضانهِ متناسيًا كل شئ ويكفي البعد إلي هنا، وعقلها الذي يضع كرامتها نصب عينيها ليزكرها كل مرة أنها كرامتها، ولا يوجد أغلي من الكرامة، حتى وأن كانت في سبيل الحُب..... 


_نعم يا عُمر!. 


تقدمَ يجلسُ علي الأريكة بعد أن نزعَ معطفهِ القُطني، وبقي فقط بالقميص أسود اللون، ثم أشارَ لها بيدهِ أن تتقدم للجلوس بجانبهِ قائلاً: 


_طيب مُمكن تُقعدي! 


خطت خطواتها بهدوء، ثم جلست أمامه علي بعد مسافة ليست بكثيرة، مسافة جعلتها تتشبع من ملامحهِ بعمقٍ، ملامحهِ التي حرمت نفسها منها لوقت طويل جدا بالنسبةِ لها، شهر كاملاً تتهرب منه تخشي المواجهة، تخشي أن يصدق حدسها وخوفها، تخشي أن يفوز عقلها علي قلبها في معركة لن يخرج أحدً منها خاسرًا سوى هي، لأنها للأسف أحبت بصدقٍ...... 


لم يقل هو عن حالها شيئًا،هو الآخر كان له من الأشتياق نصيب، بُعدها بتلك الطريقة يحرقهُ، تعاقبهُ بصمتها الدائم، صمتها يحرقهُ أكثر من أن كانت تحدثت، لا يعلم ما الذي حدث بينهم فجأة، لكنه هكذا وجد الأمور بينهم تتحول إلي هذا الوضع، هو طوال النهار يدفن نفسه بالعمل، ويأتي نهاية اليوم، وهي تتحشاه وتتجنب حتي الحديث العابر معهُ....... 


يعرف أن"غالية"، حين تحزن تصمت، لا تتحدث، أنها حاولَ الحديث معها مرات عديدة لكنها كل مرة تتهرب منه، وتتحجج بأنها متعبة طوال اليوم من أعمال المنزل وتود النوم، وظلَ الأمر بينهم يذداد سوءً يومً بعد يومٍ والفجوة تتسع، الأمور تفلت من بين يديه..... لكنه والله كاد يجن لا يفهمها، لا يفهم ما الذي حدث، ماذا فعل؟ ماذا قال؟ لا يتذكر بتاتًا أنهم قد نشب بينهم أي شجار أو حتى حديث حاد، حياتهم كانت هادئة تسير علي وتيرة جيدة....... 


لذا هو اليوم سيُنهي الأمر،ولن يتركها تلك المرة قبل أن تتحدث، إلي متي سيظلون هكذا، حقًا لا يحتمل البُعد عنها أكثر من ذالك، يشتاق إلي زوجتهِ الثرثارة المرحة التي تملء المنزل بهجة وحياة، أشتاقَ لـ"غالية " حبيبتهُ، ولست النسخة المعدلة والصامتة منها........ 


حمحمَ قائلاً بهدوء: 


_لحد أمتا؟ 


صمتت، صمتت لدقائق، لا تدري أي أجابة تقول هي نفسها لا تملك أجابة، وتسأل نفسها نفس ذات السؤال كل يومٍ لكن لا تملك أجابة، أو أنها تملك، ولكن ترفض ترسيخها واقعيًا وتصديقها....، أنفرجت شفتيها تُمثل الجهل: 


_لحد أمتا أي؟ 


_أنتِ عايزة تقنعيني أنك مش ملاحظة أحنا وصلنا لأي، وأنك شايفة الأمور طبعية وعادي...... 


ثم تقدم بجسدهِ للأمام يُكمل حديثهِ قائلاً: 


_غالية فيه حاجة بتحصل أنا مش فاهمها!، حياتنا أتقلبت كده فجأة بدون سبب، وأنتِ ساكتة وبتتعمدي تبعدي مُمكن أفهم ده ليه؟ سببه أي؟أنا هتجنن!. 


صمتت ثانيًا تطالعه بنظرات حزينة، وعيون مليئة بالعتاب والحزن، قهرت نفسها لفترة طويلة بالصمت والهروب، آنَ الآون لتُريح عقلها وقلبها ولا يَهم النتائج، هتفت بشفاه ثقيلة وكأن الكلمات ثقيلة علي قلبها وشفتيها ولا تود قولهم: 


_بعفيك... 


رفعَ حاجبيه بعدم فهمٍ، يردد كلمتها الغريبة تلك: 


_نعم؟ بتعفيني؟ بتعفيني من أي مش فاهم؟؟. 


رفع أهدابها، مُجيبة إياه بنبرة ضعيفة حزينة: 


_من أنّك تبقي مُجبر تمثل عليا دور الزوج البار بزوجتهُ وبيأدي كل واجباته علي أكمل وجه،بعفيك من أنك تيجي علي نفسك أكتر من كده؟ 


وكأنها تُلقي طلاسم، حقًا لا يفهم شيئًا مما قالت، فسألها بعدم فهم: 


_لا برضو مش فاهم!، أنتِ تقصدي أي؟ 


_أنتَ عارف كويس أوي أنا أقصد أي.... 


نهضت من مكانها تُشبكُ يديها ببعضهم متنهدة قبل أن تتابع قائلة: 


_وعلشان أجيب من الآخر وأوفر عليك أعذار وتبرير وأنا أصلاً مقدرة موقفك،وكفاية عليك لحد كده، وأظن آن الآوان ننهي كل حاجة بهدوء، وأوعدك مش هجيب لحد سيرة عن اللي دار بينا..... 


إلي هنا وكفي، نهض هو الآخر يقترب منها، بضيقٍ بات لا يفهم حقًا إلي ماذا ترمي، كلامها غريب،: 


_غالية لآخر مرة بقولك فهميني في أي؟ ومن غير كلام غريب أنا مش فاهمه!. 


_تمام، عايزة أطلق يا عُمر، عايزة أعفيك من الوضع اللي أتفرض عليك لمجرد إنك مكنتش تقّدر ترد كلمة أو تكسر بخاطر الراجل اللي وقف جنبك وسندك، الراجل اللي جه وطلب منك تتجوز بنته وأنتَ صِعب عليك ووافقت...... 


أجل لقد ففهم، فهم إلي ماذا ترمي!، الرؤية أتضحت أمامهِ الآن: 


_أنتِ مين اللي قالك؟ 


تنفست بتسارع أثر أنفعالها، فردت عليه بنفس النبرة المُنفعلة، تقول: 


_والله هو ده كل اللي فارق معاك.... عالعموم مش مهم المهم إني عرفت وعايزة أوقف المهزلة دي 


_مهزلة؟ أنتِ بتسمي جوازي منك مهزلة يا غالية؟؟ 


أغرورقت عينيها بدموع كبريائها، كبريائها كـ أُنثي الذي هُدرَ أمام رغبات قلبها أنصياعًا له، وآلت بها الأمور مطعونة بخنجر الوهم...... وهم عاشت بهِ كل الحقائق كانت واضحة أمامها، مُنذ البداية، أفعالهُ... حديثهُ، سرعة زواجهم، تغيره المفجأ......... 


تحشرجت نبرتها قليلاً، بداخلها تحاول جاهدة منع الدموع المُتحجرة بعينيها، هتفت: 


_لمّا أعرف أن الراجل إللي آمنته علي قلبي بعد ما كُنت رافضة الحُب وسيرتُه، مُجبر عليا، يبقي مهزلة فعلاً، وأهدار كرامة.... 


رفعَ زاوية فمهِ لا يصدق كلماتها التي تخرجها هي بكل بساطة وتُلقيها عليه، أجابها بضيق: 


_غالية مُمكن تُقعدي ونتفاهم وبلاش الطريقة دي، لحد دلوقتي أنا بتكلم بهدوء!. 


_بتتكلم بهدوء، وأنتَ عايزة تعمل أي.... تضربني مثلاً، حقك ما أنتَ عملتها قبل كده مش جديدة عليك، والمفروض إني أسكت بقا علشان أفضالك عليا أنك وافقت علي عرض بابا و..... 


صاحَ بها بعصبية يُقاطعها صارخًا بها وقد وصلَ إلي أقصي درجة من الغضب من كلماتها الباردة: 


_بقولك أسكتِ، متقوليش كلام أنتِ مش عارفة بتقولي أي؟. 


دموعها خانتها وهبطت، رُغمًا عنها، خارت قواها، رجعت إلي الوراء، تجلس بقوة علي الأريكة من خلفها، تائهة هائمة، ضائعة، أرتعشت شفتيها تذمهم، في محاولة فاشلة منها أن تمنع البكاء، لكن عينيها لن ترضخ لها بالطبع، وبكت بحُرقة....... الآفكار تتأكلها منذ فترة طويلة، يكفي أكلاً بروحها..... 


عينيها تحولت إلي اللون الأحمر، جسدها أثلج، كان هو واقفًا بمكانهِ، يتابعها، يريدها أن تخرج ما بداخلها بالبُكاء، البُكاء سيُريحها، يريدها أنّ تُخرج شحنة غضبها بالبُكاء، كان قلبهِ حقًا يؤلمهُ عليها، الآن فهمَ ما بها، لا يعلم من قال لها أن والداها هو من طلبَ منه الزواج بها، لكنها تعلم نصف الحقيقة، نصفها فقط...... 


لا تعلم أنهُ الآن يرغب بتقبيل والداها وشُكرهُ من هُنا إلي سنة قادمة، لأنه طلبَ منه الزواج بها، لولاه لمّا كانَ حظي بها الآن........ 


أقتربَ منها بعد أن دام بُكائها لدقيقتين، لم يحتمل تدفق الدموع من عينها أكثر من ذالك، لم يتحمل أن يؤلم قلبها أكثر من ذالك، جثي علي رُكبتيهُ أمامها، مُمسكًا بوجههًا يرفعهُ، بعدما كانت تنكس رأسها أسفلاً تدفنهُ بين يديها وتبكي..؟.. 


تلاقت أعينها اللأمعة بالدموع، بعينيهِ الخضراء الدافئة، نظرة دافئة منه كانت كفيلة بزيادة الوجع بها أكثر، حائرة بين أن عليها أن تثأر لكرأمتها التي تعتقد أنها تبعثرت وتم دهسها، وبينَ قلبها  قلبها، الذي يعشقهُ، ويألفه أكثر من أي مخلوق خلقه الله....... 


مسحَ دموعها بأطراف أصابعهِ بحنو، ثم هتفَ بهمسٍ: 


_أتكلمي يا غالية، قُولي كُل إللي جواكِ، أتكلمي، طلعي كل حاجة حاسة بيها....


وكأنها بالفعل كانت تنظرُ أذنٍ، أنفرجت شفتيها بعد أن تهندت، قائلة دفعة واحدة: 


_أنا خايفة، خايفة أوي..... خايفة من أن دي هتبقي تاني مرة أفشل، تاني مرة أنتكس، والمرة دي تقيلة عليا، هتنهيني، أنا كُنت رافضة فكرة إني أحب تاني أو آآمن لأي رأجل تاني، قفلت علي قلبي بمية قفل علشان محدش يوصله..... ولمّا وافقت علي جوازي منك، وافقت بس لمّا شوفت فرحة ماما، وفرحة بابا بيكَ أنتَ...... 


كانَ يتابعها بأنصات، عينيهِ علي عينيها،يغدقها بنظراتهِ الحنونة، يدعمها بصريًا، يدفعها ويشجعها للتكملة والبواح بما يضيق بهِ صدرها، أكملت: 


_تعرف أنا لمّا حصل إللي حصل زمان، قلبي أتكسر وحسيت أن خلاص دي الضربة اللي هدتني وبوظت كل حياتي، وكرهتني في النفس اللي بيتنفسه أي راجل جنبي، بقيت عندي رهاب من الرجالة ومكرهم وقلوبهم اللي حاطين مكانها حجارة...... أكتر رد فعل قدرت عليه ساعتها إني هربت، هربت وحبست نفسي في أوضتي بين أربع حيطان، حبست نفسي مع عقلي إللي مرحمنيش، كلام الناس حواليا حتى القرايب كان بيخنقني، بحسه حبل بيتلف علي رقبتي يُخنقني أكتر مع كل كلمة أسمعها من حد عني...... 


_كُنت شايفة ماما وهي بتعيط كل ليلة عليا، وكلام الناس اللي مش بيرحم بيوجعها أكتر ما بيوجعني، كنت بحاول أبان طبيعية قدامهم، مبينش إني مكسورة من جواه....... ولمّا أنتَ دخلت حياتنا وجيت وطلبتني للجواز، أنا مكنتش موافقة، من جوايا، لأسباب كتير..... 


أبتسمَ إبتسامتهِ الدافئة المعهودة، يربت علي يديها، قائلاً عندما وجدها صمتت: 


_أي هُمّا الأسباب دي؟؟ 


_أولهم مش عايزة أعيد نفس التجربة وأرمي نفسي فالنار بنفسي، وبعدين أرجع أندم، مكنتش أعرفك، أنتَ كُنت غريب عليا و علي المنطقة كلها، كنت غامض بالنسبة ليا، وطلبك الجواز مني كان بالنسبة ليا صدمة، أي اللي يخلي واحد زيك يبقي عايز يتجوزني أنا، أنا مش من توبك ولا مستواك..... 


ثُمَ أبتسمت بمرارة تقول: 


_بس دلوقتي بس عرفتْ.... 


_غالية أنا مش عيل صغير علشان حد يجبرني أعمل حاجة، أنا راجل وكلمتي من دماغي، ووافقت بأرادتي وبمزاجي، الحاج مغصبنيش ولا أجبرني، هو بس طلب مجرد طلب، وكان مُتاح قدامي الرفض والقبول، مفرضش عليا الموافقة، وأنا اللي وافقت من نفسي لأن أنا إللي عايز كده........ 


_ليه؟ 


_هتصدقيني لو قُلت لك معرفش، بجد معرفش أنا لقيت دماغي بتاخدني في حتة كده أللي هو أنا أي اللي يجبرني فعلاً، وأنا مُش مُجبر أصلاً، بس لقيت حاجة جوايا بتقبل، بتقولي وافق، فالبداية أنا فعلاً قبلت علشان الحاج أفضاله عليا كتير وجمايله فوق رأسي، بس أكتشفت بعد فترة قليلة أن أنا كان جوايا حاجة الآهية كده ربنا وضعها جوايا في أني اوفق، أكتشفت أنّ مكانتش الغاية من البداية مجرد رد جميل..... أكتشفت أن ربنا كان شايل لي حياة تاني، حياة هعيش فيها أسعد أنسان، وراضي ومبسوط، علشان الحياة دي أنتِ، أنتِ الحياة الجديده يا غالية،من رضا ربنا عليا أنه كتبك من نصيبي...


قلبها الخائن للأسف يدق بعنف تحت تأثير كلماتهِ الأخيرة، ضعيفة، ضعيفة في حضرتهِ....... 


_تعرفي أنا أكيد من سنة بس ويمكن أكتر، عُمري ما كُنت أتخيل أنّ مُمكن يحصل لي حاجة من اللي حصلت دي، حاجه كانت بعيدة عن مجرد أن أفكر فيها مجرد تفكيّر بس، مبالك بقا تبقي حقيقة، أنا عارف إنك موجوعة من الفكرة، وحاسة إني جيت علي كرامتك، بس معاش ولا كان إللي ييجي علي كرامتك أنتِ مرات عُمر التُركي، يعني كرامتك من كرامتي أنا! غالية أنا مُش عايزك تفكري في الموضوع بالطريقة دي أو تأخديه من الزاوية دي...... 


جوازنا تم بطريقة سريعة، وطريقتي معاكِ فالبداية اللي أنتِ زعلانه وموجوعه بسببها دلوقتي، أنا كان غصبن عني، تعامل طبيعي الظروف جمعتنا بالطريقة الغريبة دي كنت بتعامل بحذر، بخوف، أنا كمان كنت خايف زيك، يمكن علشان مريت بنفس تجربتك مع أختلافات بسيطة...... 


قاطعته تسأل، وهي تعلم الأجابة: 


_أمل مش كده؟ 


تنهد تنهيدة طويلة، هي تغار الآن يري ذالك بعينيها التي لمعت بالغيرة ما أن ذكر أخر كلماتهِ، هتفَ بأبتسامة يزيد من أحتضان كفيها بين كفيهِ قائلاً بدفٍ: 


_أمل كانت مجرد تجربة بتأهلني لقدام، لأني أكون معاكِ، صدقيني يا غالية، أنا حسيت معاك بحاجات عمري محسيتها لا مع أمل ولا غيرها، أنت كان ليك سحر غريب علي قلبي، أحتليتِ قلبي غصبن عني علي فكرة، لقيتني بوسعلك مكان علشان تسكني جوايا...... أنا يا غالية طول عمري كنت شاب حياتي مختصرة في دراستي، ثم شُغلي، مكانش فيه في حياتي أي بنات، غيّر أمل طلعت لقيتها، تقدري تقولي حاجة روتينية مفروضة، أللي هو أنا طلعت لقيت دي يبقي هي دي...... هتقوليلي يعني أنتَ محبتهاش، أبقي كداب لو قولتلك لا، آه حبيتها، أو كنت مفكر ساعتها أن هو ده الحب، وإني خلاص لقيتّ الحُب، لحد ما عرفتك، كنت طول الوقت بحاول أهرب منك، ومن سحرك اللي كان خطر عليا وقتها.......... 


لاحظَ لمعان عينيها تغير إلي لمعان رقيق كرقتها هي، لمعة برأّقة، تعكس ما بقلبها من فرحة بكلماتهِ علي عينيها، فأكمل يسحرها أكثر: 


_بهرب وأنا مش فاهم بهرب ليه؟، لحد ما لقيت نفسي بهرب منك وبعدين برجع لك، كأني بلف في دايرة مُغلقة كلها أنتِ، والله مكنت متخيل أني فـ يوم هتكوني الحاجه اللي بتديني أمل فأني أكمل، وقفتي جنبي فأكتر الأوقات كُنت ضعيف فيها.... فضلتي مُتمسكة بيا بالرغم من اللغبطة والكركبة إللي فحياتي يا غالية، والله العظيم أنا مش مُجبر عليك ولا ندمان ولو لواحد في المية، لو رجع بيا الزمن برضو هوافق، طول منا عارف أن فيه دنيا جديده مستنياني قدام، دنيا فيها، أغلي غالية، وفيها حتة من غالية، يوُسف..... 


الآن وبعدَ كل ما قاله، أيعقل أن تحمل له بقلبها ولو ذرة غضب أو حُزن منه، بالطبع ليسَ عدلاً أتسعت أبتسامتها، والآن فقط شعرت بالفرحة، براحة القلب، كل ما كانت تتمناه هو أن يطمئنها، يطمئنها أنها ذات شأن في قلبه كما هو بقلبها، يطمئنها أنه بجانبها....... 


هتفت بأبتسامة واسعة: 


_وأنت‌َ كمان يا عُمر، مكنتش ناوية أحبك، بس لقيتني من أول مرة شوفتك فيها بقول العيون دي مينفعش تعدي كده عادي، لقيتني وقعت في من غير مجهود منك...... أنا آسفة علي الكلام أللي قُولته من شوية أنتَ أكيد مقدر.... 


_مع أنه كلام ميتعداش وتستاهلي علقة محترمة عليه علشان ميتقالش تاني، بس خلاص سماح المرة دى، ما أنتِ عارفة إني ضعيف قدامك هعمل أي بقا؟ 


قرصت وجنتيهِ بشقاوة: 


_حبيب عيون غالية يا ناس.... 


رفعَ حاجبيهِ يقول: 


_دلوقتي بقيت حبيب عيون غالية، ما من شويه كنتِ هترمي في وشي مية نار..... 


قاطعتهُ ترفع كفها تضعه علي فمه تمنعه من التكملة تقول بعتاب: 


_أخس عليك يا عُمر سلامتك متقولش كده تاني، أنا أقّدر برضو.


الصفحة التالية