-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 15 - 1 - الثلاثاء 18/8/2024

 

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الخامس عشر

1

تم النشر يوم الثلاثاء

18/8/2024


قطر الحياة يسير رغم انفنا، لا يتوقف لمرض، ولا يحزن لوفاة، ونحن العالقين بداخله، ماضين في طريقنا معه، رغم كل ما نواجهه من ويلات، يدفعنا الامل في الوصول بالمثابرة والتحمل .

حتى تجبرنا الظروف على أشياء كنا نستنكرها قبل ذلك، بل ونمقت من يفعلها ، فتدور الدائرة ونجد أنفسنا بين شقي رُحى، إما التنازل والتكيف مع الواقع، وإما ان نصارع طواحين الهواء؛ في حرب بذل الجهد بلا نتيجة تذكر، او ربما هزيمة تصيبنا بالدهس تحت عجلاته.


ترى هل سيأتي ذلك اليوم ويتوقف بنا في محطة السعادة،  ام هي النتيجة الحتمية والمتوقعة، ولا ينتظرنا سوى المحطة الوحيدة التي نعلمها جميعا، علّ بها نجد الراحة الأبدية من كل شيء.


بنت_الجنوب


بداخل احد المطاعم الفاخرة. 


وقد اتى بها بعد اتصالها مباشرةً به، لتجلس امامه الاَن مقابلة له، على طاولة جمعتهما وحدهما في ركن مميز ومنزوي عن البشر، حتى تأخذ حريتها وتتحدث دون خجل:


- ها يا بهجة، تحبي اطلبك ايه؟

بادرها بالحديث، ينتشلها من شرود اكتنفها، وكأنها سبحت بعالم اخر، بتأملها لتلك التفاصيل الصغيرة، والمعبرة عن شيء مضاد تماما عن مغزى الجلسة، الاضاءة الخفيفة وهذه الشموع التي تزين وسط الطاولة، والموسيقى الهادئة، وكأنه يسخر منها بهذه الأجواء الرومانسية.


ابتسامة جانبية لاحت على زاوية فمها، لتلتف اليه قائلة:

- شكرا يا باشا، انا مش عايزة اي حاجة، خلينا ندخل في الموضوع اللي جينا عشانه. 


اومأ ملوحًا بيده امامها كي تتريث قليلًا، لينظر للنادل الواقف بالقرب منهما، يخبره بإسم اجنبي للمشروب الذي يريده له ولها. 


لتزفر هي متغاضية عن الاعتراض، وانتظرت حتى انتهى، ليعطيها اهتمامه بالكامل قائلا بابتسامة هادئة اثارت استفزازها من الداخل:


- انا طلبت لنا احنا الاتنين نفس المشروب، لأني متأكد انه هيعجبك، وان كان ع الكلام، احنا لسة في بداية القعدة.


سحب شهيقًا طويلاً قبل ان يزفره، في فعل فضح توتره، رغم اتزانه المبالغ فيه، ليستطرد:


- يلا يا ستي اتفضلي قولي شروطك.


تطلعت اليه ببعض الجمود وكأن العدوى اصابتها، لتجيبه بثبات:


- أولًا عشان نبقى واضحين من اولها، الجواز حتى لو في السر مش هيتم غير على ايد مأذون. 


تحمحم يحك جانب فكه الشمال في لفتة اظهرت إعتراضًا هم بالتعبير به، ولكنها سبقته قاطعة،  ناجزة، تجاهد غضبها من الداخل:


- لا حضرتك دا مش محتاج تفكير، لأن انا مبعترفش بأي حاجة تانية غيره، لا ورقة عادية ولا حتى مسجلة في الشهر العقاري، حتى لو كانت مباحة، في شرعي انا اسمها زنا وانا عمري ما كنت خاطية.


قالتها بانفعال جعلته يبرر بأسف:

- محدش قال الكلام دا يا بهجة، انا دارس برا وبشوف الحاجات عادية جدا، يعني بس.....


هم ان يتابع لإقناعها ولكن امام حدتها اضطر للإذعان يوميء على مضض:


- اللي تحبيه يا بهجة، كدة خلصنا من الاول، اللي بعده بقى.


لانت ملامحها بعض الشيء لعدم تشدده في هذه النقطة وموافقته السريعة، لكن سرعان ما عاد جمودها في التفوه بالاخر:


- ياريت المدة متزيدش عن شهر ولا شهرين، عشان منعطلش بعضنا كتير، وكل واحد يمارس حياته في.....


- استني هنا وقفي.

قاطعها سائلًا بضيق لا يخلو من ريبة:

- هو ايه اللي شهر ولا شهرين،  هو احنا رايحين رحلة؟


- امال يعني هنتجوز جواز طبيعي؟

تمتمت بها، تجفله بصراحتها، لتواصل بإفحامه:

- حضرتك من الاول حددت انها رغبة وقولتها في وشي بدون تزويق، واظن يعني الرغبة دي مهما كانت قوتها مبتزيدش عن كدة، يبقى لزومو ايه العطلة ع الفاضي؟


عض على نواجزه، يكتنفه غيظ شديد، لا تعجبه هذه الصراحة الفجة منها، لماذا لا تسهل عليها وعليه الامر؟

ضاقت عينيه بزفرة قانطة ينهي هذا البند:


- اللي بعده يا بهجة خلينا نخلص.

دارت مقلتيها بتفكير سريع تجيبه:

- اللي بعده يعتبر مش شرط، اصل مدام بانتهاء العقد هينتهي شغلي في المصنع....


قاطعها سائلًا بإجفال:

- شغل ايه اللي هينتهي؟ وتسيبي الشغل ليه اصلا؟ 


ردت ببساطة :

- عشان مهينفعش اكمل في مكان انت موجود فيه.


تبًا، لما يشعر بالقسوة خلف كلماتها، ولما هذا الضيق المفاجيء الذي يجثم على انفاسه لمجرد الفكرة، ليكن الصمت هو رده فتابعت هي:


- ومدام كدة كدة هكمل الشهر او الشهرين دول في الشغل يبقى ارجع لقسمي القديم مع زملائي اللي قضيت معاهم احلى سنين....


- لأ. 

خرجت منه سريعًا برفض تام، وقد لاح على الفور وجه هذا الفتى الذي يعمل معها وينتظر موافقتها على الزواج،  والذي قد يحدث فور انفصالها عنه، بعدما تتيسر حالتها المادية، اللعنه. 


تلك الافكار طرأت سريعًا بعقله لتعبث به، فيشدد هو بتعصب تام:

- رجوعك لقسم التفصيل تاني، انسيه خالص يا بهجة، عندي اقبل بكل شروطك إلا دي، اقلبي يلا ع اللي بعده خلينا نخلص.


زفرت بحنق يسري بداخلها من هذا المتسلط، يريد فرض امره حتى في شيء صغير كهذا .


- هتفضلي ساكتة كتير؟ ولا اعتبر كدة انتهينا؟

- لا طبعا مانتهيناش. 

صدرت منها في رد له، بعدما اجبرها لذلك، لتبتلع ريقها ، مردفة شرطها الاخير بحرج:

- انت قولت هتأمن مستقبلي انا واخواتي بمبلغ.....


- دي مسأله مفروغ منها يا بهجة، المبلغ هيتحط في حسابك مجرد ما توافقي ونحدد الميعاد. 


- طبعا ما بيعة وشروة وانت  تاجر شاطر ومحدش يغلبك .

غمغمت بها وكأنها تحدث نفسها ، لتثير بداخله الفضول بسؤالها:

- بتبرطمي بتقولي ايه يا بهجة؟ سمعيني .


- مش ببرطم ولا ازفت. 

رددت بها نافية بخشونة، ليعتلي التوتر ملامحها بعدها، وتردف بأمنيتها الاخيرة:


- بس انا كنت عايزة حاجة تاني غير الفلوس....... يعني لو...... 

- لو ايه يا بهجة؟ قولي.


تشجعت تجيبه:

- لو تقدر تشوف لنا بيت لينا انا واخواتي،  يكون فيه جنينة، مش عايزاه كبير، كفاية يكون محندق علينا، وبعيد عن اي جيران تأذينا، حتى بعدها، مش عايزة فلوس في البنك ولا اي حاجة تاني،  المهم يبقى أمان، بس كدة.


نبرتها الضعيفة اثارت التكهنات بداخله ليسألها بتوجس وغضب لا يعرف سببه:

- ليه يا بهجة؟ انتي حد بيضايقك في المنطقة اللي ساكنة فيها؟


- مش لازم حد يضايقني،  انا عايزة امشي وخلاص 

رددت بها بنفي قاطع اصابه بالإحباط، والغيظ ايضا لتكتمها الشديد في أمر كهذا يعتبره يخصه، ليعض على باطن خده من الداخل يردف:


- عايزة حاجة تانية غير البيت؟ لو هنشيل فرض الفلوس من اساسه.

اومأت برأسها بملامح تبدلت تمامًا ، بلمحة من اشراق اعتلت تعابيرها:

- نفسي في وكالة بدل اللي ضاعت من ابويا .


❈-❈-❈ 


والى سمير الذي مازال يتابع بأسئلته ، ينتابه الشك في حديث والدته وشقيقته واللتان لم يكفا عن القاء اللوم نحوه.


- ايوة برضو مش قادر اعقلها، ايه اللي يخلي بهجة توقف امي وتتبلى عليها؟ دي اكتر من سلام ربنا ما بتزودش غير لما احنا نلح عليها. 


- يعني قصدك ان انا اللي بتبلى عليها؟ طبعا وانا هستنى ايه منك يا خلفة الندامة، دا انت وقفت قدامها وريلت زي الدهول في عز ما الخناقة قايمة، بدل ما تدافع عني وتيجبلي حقي. 


دعمتها ابنتها تتهكم بسخرية:

- لا ياما ايه الكلام اللي انتي بتقوليه ده؟ هو يجيب حق السنيورة اولى، اصلها مظلومة يا عيني، واحنا الناس المفترية. 


كز على اسنانه ينهرها بغضب:

- اتلمي يا سامية بدل ما اديكي كفين يعدلوكي، انا على اخري منك يا بت.


شهقت فاغرة فاهها بمبالغة تقارعه بما يشبه الردح الشعبي:

- تضربني دا ايه يا عنيا؟ كنت ابويا انت ولا كنت ابويا ، ولا هو مقدرتش ع الحمار جاي تتشطر ع البردعة .


- مين الحمار يا حمارة؟

صاح بها مندهشًا لوقاحتها، فتدخلت والدته توقفه عن الفتك بها:

- خلاص يا بت اهمدي بقى، وانت يا خويا روح لها  وقويها على امك، يمكن تحن عليك وترضى، مش خدت غرضها وخربت بيتك انت عشانها .


- بيت مين اللي خربته عشانها؟

غمغم بها بعدم استيعاب،  ليضرب كفا بالاخر يردف بالحوقلة:

- لا حول ولا قوة الا بالله يارب، دا انتو هتخرجوني من هدومي. 


- هما مين دول يا واد اللي هيخرجوك من هدومك؟

جاء الصوت الاجش من مدخل المنزل،  وقد تسائل به والده، والذي دلف بصحبة ابنه الاصغر سامر، تتنابه الريبة هو الاخر:


- هو انتو متخانقين ولا ايه؟

امتنع سمير عن الرد ينفض سترته بغضب ، فلا ينقصه تدخل شقيقه اللزج،  والذي قد يستغل الفرصة لصالحه، اما سامية ووالدتها فقد تشتت تركيزهم،  مع عدد الاكياس التي دلف به خميس ، يرتدي ملابس جديدة بهيئة متأنقة وكأنه اتى حالا من صالون الحلاقة للرجال .

الصفحة التالية