-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 17 - 1 - الأحد 24/8/2024

 

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع عشر

1

تم النشر يوم الأحد

24/8/2024


غير طريق عودتها للمنزل ، لتفاجأ به يوقف السيارة من الخلف حيث السكون الذي يخيم على المنطقة الهادئة من الأساس، وعدد المارة القلائل في هذا الوقت،  حتى غلبها الفضول لتساله وهي تتفقد الأجواء من النافذة المجاورة لها:


- وقفت ليه من الخلف، قدام البيت في نور لكن هنا ضلمة. 

بابتسامة واثقة تناول كف يدها، لبجيبها بهذا النبرة التي لم تعتاد عليها بعد، تلك التي يتخللها الدفء عكس البرود الملازم له:


- وقفت هنا عشان اودعك براحتي،  وانتي كمان عشان متقلقيش، اينعم المنطقة هنا مختصرة بالف مرة عن الحارة اللي كنتوا ساكنين فيها، بس برضو الامر مايسلمش. 


اومأت بملامح يعتليها الضيق، ثم سريعًا ما استدركت للكلمة العابرة التي سقطت منه اثناء حديثه:

- تودعني ازاي يعني؟ هو انت مسافر؟

اومأ بهز رأسه، ليضغط على كفها المحتجز داخل كفه الكبير :


- ورايا شوية حاجات عايز اخلصهم تبع الشغل، يدوب 

، هحاول اجي بأسرع وقت عشان اتفاقنا. 

فهمت على ما يقصد لتسبهل اهدابها عنه بخجل زاده اضعاف حين اردف بمشاكشة:


- كان نفسي طبعا الوداع دا يبقى في بيتنا، كان هيبقى افضل واحسن بالنسبالي مية مرة.


حاولت  نزع يدها باعتراض وعدم تقبل لجرأته، ولكنه  زاد بفرض قبضته عليها ، يردف بهيمنة:


- حاولي تبقى هادية عشان ميطورش العند معايا، وبدل مسك الايد يبقى مشهد ساخن في قلب الشارع. 


شهقت رافعة عينيها نحوه بإجفال:

- معقول يا رياض انت ممكن تعملها صح؟

تبسم باتساع فمه، فهذه اول مرة يسمعها تخاطبه بإسمه مجردًا،  ليزيد بمشاكستها:


- انا بنبه بس عشان تعرفي اني على تكة، بس حلو الاسم منك تصدقي بقى، انا من اكتر الحاجات اللي كنت بكرهها في حياتي هو اسمي، عشان دايما بحسه تقيل وقديم، انما دلوقتي، فدي اول مرة اعرف انه لذيذ، بعد ما سمعته منك. 


- اللي هو ايه ده؟

سألته بتركيز ذهب ادراج الرياح، فحالة الارتباك التي تلفها في حضوره، تنادي بالذهاب وفقط، دون الانتباه لأي شيء اخر،


اما هو والذي يعجبه الامر، فقد واصل بتسلية:

- انا بتكلم عن اسمي يا بهجة، عاجبني اوي منك.


اومأت رأسها بمهادنة، ثم حاولت الفكاك من حصاره حتى تغادر، ولكنه ابى، ليحبط محاولتها من البداية:

- اثبتي بقى يا بهجة، دول مش مستاهلين دقيقتين. 


- دقيقتين!

تمتمت بها ساخرة،  لتكتم داخلها زفرة الإحباط، تستسلم لإصراره قائلة برجاء:


- اديني سكت وهمدت عن الحركة اهو، ياريت بقى عشان خاطري تستعجل، انا حاسة قعدتنا كدة في العربية غلط من اساسه. 

- مستعجلة اوي على بعادي يا بهجة؟


ما هذا السؤال الذي اجفلها به؟ حتى ارتفعت خضرواتيها، لتصطدم بهذه النظرة الغريبة، وكأنها تحمل احتياجًا، تحمل دفئًا، تحمل.....


- انتي عارفة ان دي اول مرة من سنين، ابلغ حد بسفري غير اللي بشتغل معاهم!


للمرة التي لا تذكر عددها ، يصدمها بأشياء جديدة عن شخصيته، لا تستوعبها.


- معقوول، ازاي يعني؟

سألته ببرائتها، فجاء رده بابتسامة لا تحمل شيئًا من مرح:

- عشان طول عمري وحيد يا بهجة، وحيد ابويا وامي، وحيد في بلد ناسها بتتكلم بلغة غير لغة بلدي... 


لقد اسرها بقوله، ليتابع معانقًا ابصارها، وقد التمس بها عاطفة الحنان التي تغلبها مهما كان غضبها:


-  انا نفسي انفتحت بجد النهاردة يا بهجة وانا بتعشى معاكي، كنت اتمنى لحظاتنا دي تطول، زي ما انا بتمنى دلوقتي اخدك في حضني واروح بيكي على بيتنا..... لكن اكيد طبعا مش هعمل حاجة على غير رغبتك.، الا اذا انتي غيرتي رأيك. 


على الفور اهتزت رأسها برفض تام وارتجافة شعر بها، ليلملم ابتسامة ماكرة مردفًا:


- مفيش داعي للقلق يا بهجة، انا بقول لو غيرتي رأيك، يعني سايب حرية الاختيار في ايدك، حتى لو الشوق لوصالك هيجنني .


كيف السبيل لها في المقاومة، امام اجتياحه الكاسح بسحر كلماته، يدك حصونها برقته، يستجدي عاطفتها بحديثه، وقد تأثرت بالفعل لضعفه، ذاك الذي يخفيه خلف كتلة البرود والجمود التي يتخذها واجهة.

لقد ضاعت الكلمات في جوفها، وأصبحت كالمتلقي بصمت، وهو يغزو مشاعرها البريئة بسيل عاطفته، لتروي جفاء ارضها المهجورة منذ سنوات عدة، لترتوي وتشبع حد الامتلاء ، رغم خوفها وقلقها وكل شيء.


واصل هو يقبل ظهر كفها بحنو مردفًا:

- حاولي لما اتصل بيكي في اوي وقت تردي، عشان اكيد انا هكون عندي رغبة شديدة اكلمك. 


اومأت بطاعة وقد عصف بها الاضطراب، لتلملم اشياءها وتترجل هاربة من حصاره وهذه المشاعر التي يجفلها بها، حتى انها لم تعترض حينما خطف قبلة من وجنتها، قبل ان تغادر وتتركه في انتظارها حتى دلفت من الباب الخلفي من المنزل، لترمقه بنظرة سريعة قبل ان تدفع الباب وتغلقه.


ثم توقفت اقدامها عن السير، بحالة من التشتت تكتنفها:

- لماذا يخبرها الاَن بحاجته اليها ، لماذا يوهمها بقيمتها عنده؟ بعدما جعل الموضوع لا يزيد عن رغبة، ومهمة بيع وشراء بينها وبينه...... تبًا، هي لا تريد هذا الوجه منه، تريد الاحتفاظ بالصورة التي طبعتها في ذهنها عنه، حتى تستمد القوة دائمًا للاستغناء عنه في اي وقت.


زفرت تنفض رأسها من هذا العبث الذي اصبح ينخر فيها كالسوس، مذكرة نفسها بالاتفاق المبرم، والوعود التي قطعتها على نفسها، من اجل مستقبلها هي واخواتها، فلا يوجد شيء آخر يستحق،  نعم لا يوجد. 


❈-❈-❈ 


في اليوم التالي 


استيقظت قبل الجميع كعادتها،  ليجتعموا معها على تلك الطاولة التي جعلتها مائدة الطعام، حتى الانتهاء من ترتيب باقي المنزل اليوم، 


عبارات المرح والارتياح للمنزل الجديد لم تخلو من مزاح :

- يا سلام يا بيبو لما صحيت كدة واول حاجة وقعت عليها عيوني من الشباك هو منظر الخضرة تحت، حاجة كدة تشرح القلب وتفتح النفس على يوم جديد، انا حبيت البيت ده اوي، ربنا يخليكي لينا. 


كان هذا قول جنات ليعقب على قولها شقيقها الاصغر:

- ايوة بقى يا ست الفنانة، بس انا اللي عاجبني اكتر بقى هو الهدوء، الواحد هنا يقدر يذاكر ويستوعب براحته، بعيد عن اصوات الخبط والرزع اللي مبيبطلش من الجيران لا صبح ولا ليل.


- ولا تصطبح بخلقة حد من ولاد عمك ولا مرات عمك الحيزبون ولا عمك نفسه،  دا دي اهم ميزة يا عمنا .


هتفت بها عائشة لتصدر الضحكات من الجميع، فتعقب شقيقتها الكبرى:

- انتي بلوة كبيرة يا عائشة، رغم ان مكنتيش راحمة حد فيهم، بس بصراحة مكذبتيش، انا كنت مخنوقة وتعبانة في البيت ده رغم انه ريحة ابويا وامي وذكرياتي معاهم...... يلا الحمد لله. 


- الحمد لله،  طب انا كدة هروح جامعتي ازاي يا بيبو؟ انا لسة محفظتش خط سير المنطقة الجديدة.


- هعرفك يا جنات، احنا هننزل مع بعض دلوقتي، انا وانتي وعائشة، اما ايهاب فدا لسة قدامه مذاكرة، وهو مش محتاج اصلا حد يوجهه، ولا ايه يا باشا؟


رد ايهاب بثقة:


- طبعا يا باشا.


❈-❈-❈ 


اما هو فبعد ان انهى مهامه اليومية على عجالة من اجل رحلته السريعة، وجد نفسه يهاتفها دون تفكير، وكأن شيئًا ما ينقصه قبل ان يتناول حقيبة الملابس التي اعدتها الدادة نبوية من اجل سفرته، 


كانت هي في هذا الوقت، داخل الوسيلة العامة للمواصلات، بعدما اوصلت عائشة لمدرستها، وعرفت جنات الطريق الذي تتخذه للجامعة، فكانت مفاجأة ان تجفل باتصاله، وفي هذا الوقت وبين هذه المجموعة الكبيرة من البشر .


كادت الا تجيب وتؤجل المكالمة، ولكن خشت ان يسافر قبل ان تلحق الاتصال به، فجاء صوتها كالهمس:


- الوو... صباح الخير.

- صباحك فل يا بهجة، متصلتيش ليه تطمني ولا تسألي عن سفري؟


هكذا ومباشرة يعاتبها، وهي تعلم بالفعل انها قصرت ، ولكنها ايضا مازالت تضع الحواجز، ولم ترفعها بعد، لأنها حتى الاَن لا تستوعب، وقد ترسخ بعقلها، انه ليس زواجا عادي، إذن فكيف تفعل؟


تحمحت تجلي حلقها بخفة لتبرر وتجيبه بنبرة هامسة،  حتى لا يصل الصوت الى المرأة التي تجاورها؛


- معلش عدت عليا، بس كنت هتصل لما اوصل الشغل....

- وانتي فين دلوقتي؟ وليه صوتك واطي؟

زاد حرجها مع انتباهها للمرأة التي اصبحت ترهف السمع معها، لتغمغم سائلة لها بفضول:

- دا جوزك ولا خطيبك؟


اومأت لها على مضض دون ان تريحها بإجابة وافية، ليصدر ردها نحو الاخر ببعض الضيق، فهي ليست معتادة على هذه المحادثات امام الملأ:


-

الصفحة التالية