-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 17 - 2 - الأحد 24/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع عشر

2

تم النشر يوم الأحد

24/8/2024

انا في الاتوبيس، وخلاص قربت اوصل الشغل. 

كاد ان يستمر في مشاكستها ولكن عند ذكر هذا الاخير تغيرت لهجته ليرد بحدة:

- وتركبي ليه اتوبيسات وتتبهدلي، ما عم علي موجود يا بهجة، مش انا قولتلك في اي وقت اتصلي بيه من سكنك الجديد والراجل مش هيقصر..


قابلت حدته ببعض التماسك حتى لا ينفلت الامر منها وتنفعل عليه:

- حضرتك وانا قولت تمام،  بس دا في مواعيد الشغل عند مدام نجوان، غير كدة مينفعش، عم علي راجل كبير و انا مش هانم عليه عشان اقلق راحتو وقت ما احب في اي وقت. 


استطاعت بتلميحها البسيط ان تجعله يستدرك صواب قولها، وصحة موقفها،  لذلك لم يجد سوى ان يلطف، معبرًا عما يعتريه في هذه اللحظة:

- هتوحشيني يا بهجة

هل ما سمعته كان حقًا؟ وان هو كذلك بالفعل، كيف يسعفها لسانها في الرد؟

- بهجة انا بكلمك.

- ايوة ايوة واخدة بالي والله.


تمتمت ردًا له، وقد تلونت وجنتيها بالإحمرار، ولفها الارتباك بشدة،  والذي يبدو قد وصل اليه، فأبى الا يثقل عليها في هذا الوقت الغير مناسب لها، لينهي بنبرته الرخيمة:

- هبقى اتصل بيكي اول ما اوصل.


ابتلعت ريقها هذه المرة تتمكن من إجابة بدت في طريقتها عفوية وبسيطة بصوتها الرقيق، لكن لا تعلم بحجم تأثيرها على رجل مثله:

- تروح وتيجي بالسلامة ان شاء الله.


- وانتي بألف سلامة يا بهجة.


❈-❈-❈ 


تصدر سمير بمدخل البناية، يوقف شقيقه عن الخروج هاتفًا به:

- على فين العزم يا غالي؟ على شغلك بقى اللي لسة مبداش؟ ولا ع المصنع؟


حاول سامر دفع ذراعه عنه وتخطيه مرددًا باستنكار:

- مصنع ايه وكلام فارغ ايه؟ ابعد كدة من وشي يا عمنا    مش عايز اقل منك وانت اخويا الكبير. 


سمع الاخير لتثور ثائرته، يصيح به غير عابئًا بصوته العالي :

- لا يا حبيبي اتشطر وخليني اشوف هتقل مني ازاي؟ وانا مبقاش راجل، لو معرفتكش مقامك، بتروح المصنع لبنت عمك تسأل عليها هناك ليه ياض؟ تخصك في ايه عشان تروح تسأل عنها بعد ما مشت وسابت البيت؟ 


لم يستغرب سامر علم اخيه بذلك الامر، فهو على معرفة تامة بخط سير ابنة عمه منذ انفصاله عنها، لكن ابتعادها الاخير بهذه الصورة دون ان يأتيه خبر به، وهو ما شكل صدمة له، لذلك لا يستغرب حالة الهياج التي هو عليها الاَن، لكنه ايضا لن يسكت عن حقه:


- وافترض روحت لها وسألت عليها عشان اعرف مطرحها، دا يخصك انت في ايه؟ ولا تكونش يا حبيبي عايش لسة في الوهم انها على زمتك؟.


وكأنه كان في انتظارها ليفرغ به شحنة الغضب المكبوتة به منذ الأمس،  ليكز على اسنانه، ويدفعه بكفيه على صدره بعنف متحرقًا لبدء مشاجرة:


- اه بقى هو كدة بالفعل، عايش في الوهم انها على زمتي، يعني مفيش حد هيقدر يقرب منها غيري، واللي هيسترجل ويتحداني، يبقى الموت اقرب له منها.


قابل سامر تهديده، بوعيد اكبر، يزجره بعنف:

- طب ان كنت راجل اعملها، وانا صدري مفتوح اهو، شوف هتقدر ولا لا؟


- يبقى انت اللي طلبتها .

صرخ بها الاخر لينشب بين الاثنين شجار كالمعركة بين الطرفين، في حرب اثبات الذات وكأنهما قد عادا للعصر الحجري، قبل ان يلحق شباب الحارة ويفصلا الخصمين، حتى وصل الامر لوالدهم، فجاءت اللحظة المنتظرة امام والدهم الاَن ، بوصلة من توبيخ لا تخلو من شتائم بأفظع الالفاظ:


- بتفضحوني يا ولاد الكلب قدام الحارة وتقصروا رقبتي، ياريتها كانت بركت عليكم وفطستكم يا خلفة الندامة، بتقطعوا بعض وتفرحوا الناس فيكم، وانتو الواحد منكم قد الشحط ويفصلوا منه اتنين، هتعقلوا امتى يا جوز البهايم؟


جاء الرد المباشر من ابنه الاصغر، في دفاع عن نفسه:


- انت عارف يا بابا اني اخر واحد يعمل فضايح ولا مشاكل،  بس ابنك الكبير هو اللي استفزني من غير سبب واجبرني اتخانق معاه، انا راجل كنت رايح على مصلحتي، هو اللي وقف في وشي يمنعني، باينه كان شارب شوفو حالته بنفسكم. 


هتف سمير يبرر باندفاعه الاحمق غير ابها بالعواقب:

- انا برضو اللي بجر شكلك من غير سبب، طب خلي عندك انت الشجاعة وقولها يا دكر........ اسمع يا بابا، قول لابنك يتلم ويبطل يروح لبهحة الشغل، ولا يدور على عنوانها، انا حالف لاصور فيها قتيل لو اتجرأ ولا عملها تاني.


جاء الرد من درية الواقفة خلفهم تسبق زوجها بلطمة على صدرها:

-  نهار اسود عليكم ومنيل بستين نيلة، هو احنا مش كنا خلصنا من بوز الاخص دي اللي اسمها بهجة، ولا انتوا عايزين تخلصو علينا احنا بعمايلكم! 


هدر خميس يغلق باب الجدال والمناقشة من اولها:

- اسمع ياد انت وهو، انتوا الاتنين دلوقتي تحلو عن نفوخي، وما اسمع بعد كدة ان اي حد فيكم قرب من شغلها ولا حصل خناق ما بينكم تاني بسببها لاكون طاردكم من بيتي طردة الكلاب، هو انا معنديش شغلانة غيركم يا ولاد الكلب،  امشي وغور انت وهو ، كل واحد يروح فيكم على شغله.


سمع الاثنان ليضطروا للإذعان له صاغرين،  ينصرفا من امامهم، فيغادرا المنزل،  امام ابصار والدتهم،  التي صارت تولول وتندب حظها، وابنتها التي التوى ثغرها بازدراء تتابع ذهابهم، لتربت على ظهر والدتها وذراعها بدعم :


- معلش ياما اهدي كدة لا تجيبي المرض لنفسك. 


خميس والذي تخصر بذراعيه، بغيظ يفتك به، دب بقدميه ينهرها بحنق قبل ان يذهب هو الاخر ويلحق بهم:


- قفلي انتي كمان يا درية، مش ناقص انا حزن في البيت، جاتكم الهم كلكم، تقصرو العمر.


- هم لما ياخدك انت، ما انت كمان من ضمن الهم.

غمغمت بها درية بغيظ خلف زوجها الذي صفق الباب بقوة وهو يغادر المنزل. 


لتجفلها ابنتها:

- اما انتي لازم تروحي عند الشيخ اللي غورها، يشوفلك صرفة بسرعة عشان ولادك يتهدو بقى، واحد يرجع لمراته والتاني يتجوز واحدة تنسيه اسمها .


طالعتها والدتها بدهشة لذهنها الخبيث الحاضر ، تعلق ردا لها:

- وهي مقابلة الشيخ كدة سهلة يا ختي، دي لسة عايزة مواعيد وعلى ما يجي دورنا ، دا غير الفلوس اللي هيطلبها. 


بحماس يثير الذهول، ردت بلهفة:

- ومالوا يا ماما، انتي تتصلي بالست مبروكة وتعكميها قرشين تسهل مقابلتك بيه، وان كان ع الفلوس فدي اسهل حاجة عندنا، المهم بقى تاخديني انا معاكي المرة دي. 


نهرتها درية باعتراض:

- اخدك فين يا بت؟ هو انتي اتجننتي ولا ايه؟


وكأنها طفلة صغيرة تعلقت برقبتها،  تتحايل بلهفة:

- لا ياما متجننتش، بس انتي خديني معاكي، شالله يارب ما يتم المراد غير لما تاخذيني معاكي.


❈-❈-❈


بأعين يملؤها الفخر، وقفت تطالعه وهو يرتدي الملابس الرسمية امام المراَة،  فبدا لها اجمل ما يكون، تريد ان تظل هكذا بالساعات ولا تمل من تأمله ابدا. 


انتبه اليها في غمرة اندماجه في تصفيف شعر رأسه بالفرشاة، ليلتف اليها، فيهديها ابتسامة رائقة مشاكسا، وقد راقه وقفتها بذلك الميل وهي مستندة على إطار المدخل، بتلك البيجامة الملتصقة بمنحنياتها البارزة، بصورة اظهرت اغراءً هي تغفل عنه:


- ايه؟

تسائلت خلفه بعدم فهم:

- ايه ايه؟


اجابها بغمزة وقحة، ونظرات ذات مغزى:

- دا اول يوم رسمي ليا النهاردة من بعد الاجازة، بالشكل ده هتخليني اغير رأيي. 


- يا نهار.......

قطعت عبارتها بحرج كسى ملامحها، لتعتدل بوقفتها تتصنع الغضب وابتسامة فضحتها، لتردف بكلمات متقطعة:


- انت.... انت فعلا بقيت قليل ادب يا عصام....... قال وانا اللي جاية اقولك ان الفطار جاهز...... خليك مع نفسك...... هروح افطر لوحدي....


قالت الأخيرة وتحركت مغادرة من امامه، ليلحق بها،  يتمتم ضاحكًا:

- وايه يعني ما انا ممكن احصلك، وبرضوا اعمل اللي في دماغي .


فضلت عدم الرد لتأخذ جلستها على المائدة كي تسبقه،  وما همت بوضع احد اللقيمات بفمها حتى وجدته يقبض على كفه، ويلتقطها بفمه، ثم يلوكها مردفا بمكر:


- حسيتها من ايدك هتبقى احلى، ولا ايدك هي اللي أحلى.

اكتنفها الخجل حتى حاولت نزع كفها، ولكنه ابى ليزيد من ضغطه ويرفعها اليه، يقبل الاصبعين ثم باقي اليد حتى سرت بداخلها القشعريرة،  لتهتف برجاء:


- عصااااام.

توقف فجأة وبنبرة ينضح منها الخبث اجابها:

- ايه؟

سحبت يدها سريعًا منه، قائلة بحنق تخفي به اضطرابها، وقد شتتها بفعلته:


- انت كدة فعلا هتتأخر على شغلك. 

استقام بجذعه يعدل من هيئتها، ليرد بحسم لا يخلو من تسليته:

- لا ما انا لو قعدت دقيقة تاني مش هروح الشغل فعلا، عشان كدة بقول اروح افطر مع امين باشا في مكتبه .


دنى يختطف قبلة سريعة من وجنتها، ثم تحركت اقدامه على عجالة، ليلقي اليها قبلة اخيرة في الهواء بادلته اياها ترافقها بقلب كبير وابتسامة اعتلت محياها حتى بعد انصرافه، لتتنهد بسعادة جعلتها تنسى الطعام وشهيتها اليه،  وقد ارتوت بعشقه وشبعت حد التخمة .

الصفحة التالية