رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 17 - 3 - الأحد 24/8/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل السابع عشر
3
تم النشر يوم الأحد
24/8/2024
خرج عابد الورداني من غرفته، يلقي ببعض التعليمات على زوجته قبل سفره لخارج العاصمة، من اجل جلب البضائع وقد توسعت تجارته في الشهور الاَخيرة، بفضل تركيزه به، وقد وجد به الشيء الوحيد الذي يستحق الاهتمام:
- لما يجي الواد جابر اديله مفاتيح المخزن والدكان، انا وصيته امبارح عشان لما اوصل بالبضاعة الجديدة يبقى مستنيني.
كان ابراهيم في هذا الوقت مضطجعًا بجلسته على الاريكة التي تحتل وسط الصالة، منشغلا بالهاتف، لم يعتدل ولا يعير مرور الرجل اهتمامًا، والاَخر يرد بالمثل في ان يتخطاه دون ان يلقي حتى تحية الصباح، الامر الذي استفز سميرة، لتعترض بمكر تجيده:
- الله يا حج والواد جابر يمسك شغلك ليه دلوقتي وابنك موجود؟ دا آخره حتة صبي لا طلع ولا نزل، ولا ايه يا ابراهيم؟
توجهت بالاخيرة نحو المذكور لتلكزه بيدها، كي يرفع عيناه وينتبه، يعطيها استجابة تدعم قولها، ولكنه سهم بصمت ابلغ من الكلام، لتبزغ ابتسامة جانبية ساخرة من ابيه، فيعطي رده الحازم لزوجته:
- متنسيش تبعتي المفاتيح لجابر، واياك حد يزعله بأي كلمة، دا ايدي اليمين دلوقتي..
القى كلماته وذهب يصفق الباب خلفه بعنف اظهر غضبه المكتوم، ليخلو المنزل على سميرة وابنها الذي صاحت به تنهره:
- مش تتكلم يا ابن الخايبة وتدافع عن حقك، بقى الغرب يمسكوا مال ابوك وانت هتفضل راقدلي ع الكنبة زي الفرخة اللي راقدة ع البيض.
استفزه الوصف لينهرها صائحا:
- الله انتي اتعديتي منه ولا ايه؟ ما تنقي الفاظك ياما، بدل ما تخليني اتعصب عليكي.
بغيظ متعاظم، جذبته من قماش قميصه تهزهزه متمتمة بفحيح:
- هو دا اللي انت فالح فيه، بقولك الغرب بقوا ماسكين مال ابوك، وهو مديهم دقنه وواثق فيهم اكتر منك، هتستنى انت بقى لما يسرقوه؟
نفض قماش قميصه عنها ليعقب بعدم اكتراث:
- وافرض حصل، ما هتبقي غلطته مش غلطتي، بلاش تكبري الموضوع ياما، انا ممكن في اي وقت اطرد جابر ، دا آخره صبي عندنا زي ما قولتي، لكن مدام بقى نافعنا وماشي بأجرته خلاص بقى..... دا انا مصدقت شايلني من دماغه، بعد ما كان بيهزقني ع الطالعة والنازلة ويغصبني ع الشغل معاه..
هتفت تكز على اسنانها:
- عشان خلاص حط صوابعه في الشق منك، وانا شكلي هعملها قريب، روح يا ابرهيم يا ابن بطني ربنا يهديك.
صرخت بالاخيرة، لتتركه وتذهب من امامه نحو غرفتها ، تغمغم بالألفاظ النابية التي لم يبالي بها ، ليعود لهاتفه مرة أخرى في محاولة للاتصال برقم اخر باءت بالفشل كالعادة مع حظرها لكل الارقام الغريبة عنها، ليحدث نفسه هذه المرة بتوعد:
- ماشي يا امنية، بلاها تليفونات، وانا هعرف برضو اجيبك لحد عندي، ومبقاش انا ابراهيم لو ما حصل.
❈-❈-❈
انهت عملها سريعًا حتى اذا جاء موعد الاستراحة، تركت مكتبها وخرجت سريعًا الى رئيستها التي شددت عليها منذ الصباح من اجل الالتقاء بها.
فخرجت اليها بداخل الحديقة الشاسعة حيث كانت تنتظرها بناءًا على رغبة بهجة في هذا المكان المنزوي اسفل الشجرة، حتى تنفرد بها بعيدا عن الجميع،
لتجدها الاَن جالسة على الاَريكة الخشبية، متربعة الذراعين تطالعها بحدة قابلتها بهجة بالابتسام والمزاح:
- يا ساتر يا رب، طب انا كدة اصبح ولا امسي ازاي بس مع التكشيرة دي .
ردت صباح بسخرية لا تخلو من حزم:
- انا لا عايزة صباحك ولا مساكي يا اختي، بت انتي احنا مش لسة هنتساير، اترزعي يلا .
رددت خلفها بهجة بادعاء القلق، وهي تتجه لتجلس أينما اشارت لها:
- يا لهوي، لا هنتساير ولا نسلم، امال هترزع قدامك ليه؟
- عشان احقق معاكي.
قالتها صباح بجدية لا تقبل النقاش، لتجبر بهجة كي تتخلى عن المزاح، فهي لن تتقبله اليوم، لتحاول الأخرى التلطيف معهما:
- في ايه بس يا ريسة؟ كل دا عشان عرفتي اننا عزلنا، طب ما هو دا كان شيء متوقع، انتي عارفة انا من زمان نفسي فيها الخطوة دي عشان ابعد عن عيلة عمي واذاهم لينا .
- عارفة يا بهجة، بس ازاي دا حصل بقى؟ وازاي قدرتي تخبي عليا؟ دا اللي انا عايزة اعرفه يا غالية.
حاولت بهجة التبرير بحجج واهية رغم علمها بذكاء رئيستها التي لا تفوتها التفاصيل الدقيقة:
- ااا اتصرفت، كسبت القضية اللي كنت رافعاها على مصلحة ابويا بقالنا سنين ومن المكافأة اول ما قبضتها، جريت على طول اشتريت البيت قبل عمي ما يحس، عشان كدة فضلت يبقى الامر كوتيمي، لكن طبعا كنت هقولك .
- دا بعد ما تعزلي! ليه يا حبيبتي؟ هو انا كنت من عيلة عمك يا بت؟
صدرت من صباح بقوة جعلتها تُصلح على الفور:
- لا والله يا ريسة، انا كان قصدي ع الكل، مش عليكي انتي مخصوص، والله ربنا بس العالم بمعزتك عندي.
طالعتها صباح بصمت، مضيقة عينيها بريبة زادت من توترها، لتردف حازمة لها:
- بهجة بلاش لف ودوران عليا، جيبي من الاخر معايا دا لو ليا عندك معزة زي ما بتقولي، عشان انا عارفة كويس ان انت موقفة القضية بقالك اكتر من سنة، ولا نسيتي ان المحامي كان من طرفي وابن منطقتي، ومعرفني كويس اوي استحالة انك تكسبيها.
هي بالفعل نست ذلك او تناست او ربما هي السرعة وعدم التركيز من جعلاها في هذا الموقف امام امرأة المحنكة وشديدة الذكاء كصباح، بل وتفهمها.
- سكتي يعني يا بهجة؟ لو مش عايزة تقولي انتي حرة.
حينما ظلت بهجة على ترددها، نهضت فجأة تجفلها:
- شكلي زودتها، انا بقول اسيبك احسن مع نفسك يا بنتي.
- لا استني يا ريسة.
هتفت بها بهجة توقفها فور ان تحركت للمغادرة، لتردف لها برجاء:
- هقولك على كل حاجة، بس وحياة الغالين، بعد ما تعرفي لا تبكتيني ولا تضري نفسك ولا تضريني.
رددت خلفها بعدم فهم:
- وتضريني انا ليه؟..... انتي هببتي ايه يا بت؟
❈-❈-❈
وفي منزل ناصر الدكش
حيث دوى صوت جرس المنزل، حينما كانت نرجس تعمل على اعداد الطعام في مطبخها، وقد خلى عليها وحدها، بعد ذهاب ابنتها رؤى إلى جامعتها وزواج البقية، لتجفف يدها بالمنشفة وتتحرك نحو مدخل الباب في ظن منها انها احدى جيرانها، لتفاجأ باخر ما كانت تتوقعه، فتبرق عينيها بذهول تصلب له جسدها، عن اي رد فعل
مما اثار التسلية داخل الاخر، ليبادرها معاتبًا:
- ايه يا خالتي مالك؟ شوفتي عفريت؟ ولا نسيتي وش ابراهيم ابن اختك، معلوووم...... عندك حق ما انتي بقالك شهور ما طليتي عليا ولا شوفتيني، حتى بعد ربنا ما كشف الحقيقة وظهرت برائتي، برضو مهنش عليكي تواجهيني ولا تحطي عينك في عيني ، وتقولي معلش يا ابن اختي .
هي في الاصل لا تعرف التصرف في اتفه الامور، فما بالها في موقف كهذا، وهذا الماكر يعاتبها، بل ويرمي عليها ذنب ما حدث.
تلجلجت بارتباك لتلطف بحماقتها كي ترضيه، بكلمات غير مترابطة:
- ابراهيم ابن اختي.... الف مبروك يا حبيبي خرجت من السجن ، عامل ايه دلوقتي؟
تبسم بمكر ساخرًا يقول::
- طب بذمتك ينفع السؤال على باب البيت، ولا انتي كمان عومتي على عوم شهد بنت جوزك زي بناتك وهتقطعي رجلي من بيتك؟ قوليها يا خالتي ، ما هو دا كان غرضها من زمان، ما كانش العشم.
تحركت على الفور تنزاح بجسدها من امامه، تردد بترحيب لا يخلو من تردد:
- اا اتفضل اتفضل، اصل انا افتكرتك وراك مشوار يعني، ولا مش هتقبل تخش البيت بعد اللي حصل.
تقدم يدلف ويسبقها نحو الجلوس وكأنه مالك للمنزل، يواصل عتابه ولومه:
- ما انا فعلا حقي ما ادخلش بعد البهدلة اللي شوفتها على ايد بناتك، ودا طبعا بأوس من وش المصايب شهد اللي بتكرهني كره العمى، بقى انتي تصدقي فيا يا خالتي اقتل عمي ناصر؟ انا، انااا
سهمت بنظرها نحوه، لا هي بقادرة على تصديقه ولا هي تملك الجرأة على تكذيبه، هذه هي نرجس دائما ما تنتظر رد فعل الآخرين لتنساق خلف الجهة الغالبة وتنساق معها ، لا تحدد ولا تقرر من نفسها ابدا.
- ااا انا مليش دعوة بيهم يا بني، كذا مرة اقولها، ابراهيم مصدقش عليه يعمل كدة، معقول ابن اختي يقتل راجلي ولا ييتملي عيالي ، مش معقول طبعا، ولا ايه يا ابراهيم؟
كانت تتحدث ببلاهة ولكنها اصابت الهدف، حتى طغى عليه ارتباك خفيف استطاع السيطرة عليه سريعًا ليحاول ابتلاع ريقه الذي جف بكلماتها: