-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 18 - 3 - الأربعاء 28/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثامن عشر

3

تم النشر يوم الأربعاء

28/8/2024

كان متوقعًا سؤاله، ورغم غضبه الشديد، الا انه استطاع السيطرة عليه، ليجيب بنبرة جعلها عادية:

- لا دي بهجة مش موظفة عادية، كنت بسألها عن ماما.


- بتسأل على مامتك ليه؟..... ايه ده؟ لتكون دي جليستها الجديدة اللي قولت انها من عمال المصنع. 


اومأ بضجر ، يكتنفه الندم الشديد لذكر هذا الامر

امام شخص مثل كارم، والذي واصل بابتسامة رائقة:

- بس بصراحة انا استغربت، البنت شكلها ميدلش خالص انها بتشتغل، حلوة اوي زيادة عن اللزوم بالنسبة لواحدة في ظروفها.


- متتكلمش عنها كدة يا كارم احترم نفسك. 

صدرت منه بصيحة بضربة قوية بكف يده على سطح المكتب اجفلت الاخر، لكن سرعان ما اثارت ابتسامة متسلية داخله ، ليخفف بمزاح:


- ايه يا باشا انا مغلطتش، انا بس بقول رأيي .

- متقولش يا كارم، عشان انا مبقبلش بالكلام ده خالص، لا عليها ولا على غيرها. 


صدرت منه بحدة جعلت الأخر يصمت على الفور، وبداخله يجزم ان هذه الفتاة لها مكانة خاصة لدى هذا المتحفظ الغامض، اخيرا قد وجد له صلة ما بصنف النساء، لقد كاد ان يراوده الشك في هذا الأمر. 


❈-❈-❈


بنسخة يملكها، وضع المفتاح في مغلق الباب الخارجي، ليدفعه بعد ذلك بعدما تمكن من فتحه، ثم يلج داخل الشقة التي هلت منها رائحة ما فور دخوله، ليواصل تقدمه متأففًا بضجر، وعيناه تجوب على الاثاث والوضع الكارثي الذي حل به من اهمال، حتى صار يثير الازدراء. 


أعقاب سجائر منتشرة على الارض في كل مكان يدعس عليها بأقدامه أثناء سيره، عدد كبير من اكواب الشاي احتلت الطاولة امامه ، ملابس هنا وهناك. 

تتبع مصدر الرائحة النتنة حتى ساقته قدميه الى المطبخ،  ليصطدم بجبل الاطباق المتسخة في حوض الغسيل،  وفي جانب ما على الارض، اكتظت سلة المهملات بالقمامة وبواقي الطعام الملقاة بها، حتى اختمرت وتجمعت حولها الحشرات.


لم يحتمل اكثر من ذلك ليرتد باقدامه للخلف ، ضاغطًا بإصبعيه على أعلى فتحتي منخاره مغمغمًا:


- اف، الهي يقرفك يا بن الخايبة خلفة تعر. 

توجه بعد ذلك على الفور نحو غرفة النوم التي كانت مفتوحة من الاساس، ليجد ابنه كما توقع غافيًا على تخته كالأموات. 

نائمًا على وجهه بالعرض بجذعه العاري يرتدي فقط البنطال البيتي،  والفوضى تعم الغرفة في كل شيء،


ليهدر بصوت عالي بغرض ايقاظه:

- قوم يا زفت الطين،  هتفضل نايم لحد العصر.

انتفض سمير معتدلا بجذعه على الفور،  ليُفاجأ بوالده امامه متخصرا بجسده القصير البدين، وملامح مكفهرة زادت من هلعه:


- في ايه يابا؟ ايه اللي حصل؟


ردد خلفه باستهجان:

- اللي حصل؟! هو انت كمان بتسأل يا روح امك، نايم في زريبة ولا البهايم،  وجاي تسألني ع اللي حصل، انت ياض انت حلوف ما بتحسش، مستني ايه عشان تعدل من حالك وتبقى راجل زي باقي الرجال؟ 


صار يطالعه بعدم تركيز، يستنكر وصلة الشتائم تلك من داعي، ليعقب بضجر:

- جرا ايه يابا لدا كله؟ مصحيني على وصلة تهزيق معتبرة، ليه يعني؟ مش راجل في ايه بقى؟


صرخ به بانفعال يقارب الهياج:

- انا بتكلم على مراتك يا زفت، البت على وش ولادة وانت قاعد هنا وسط البيت اللي خليته عفن بإهمالك ولا معبر، مستني ايه تاني ياض؟ لما تولد وابنها يروح المدرسة ولا نسيتها من اساسه.


ازاح بأبصاره عنه يغمغم بكلمات غير مفهومة زادت من استفزاز والده:

- بتبرطم بتقول ايه يا زفت؟ النهاردة تتصل باخوها وتشوف معاه حل، الواد عايز يعمل قيمة لاخته معاك، على الاقل خده على قد عقله لحد ما ترجع البت ولا عاجبك حالك كدة؟


لم يعلق واكتفى بالصمت فهو لا يملك النية من الأساس لإرجاعها وهذا ما يعلمه والده، ولكنه عاد يؤكد مرة اخرى:

- اللي في دماغك تنساه يا بن درية، نفذ اللي بقوله واتصل على اهل مراتك، وشقتك شوفلك  حد يرتبها، على الاقل تعيش زي باقي البني أدمين. 


- واشوف حد ليه يابا؟ ما مراتك وبنتك قاعدين،  كلم انت واحدة منهم تشفق على ابنك الغلبان.


- الاتنين مش فاضين يا اخويا، امك راحت السوق، وأختك خرجت تزور واحدة صحبتها . 

بصق كلماته وخرج من حيث ما اتي، ليعلق سمير في اثره:

- صحاب مين؟ هي سامية بتعرف تصاحب اساسًا؟ 


❈-❈-❈


- اتفضلي يا حبيبتي، سيدنا الشيح قدامك اهو.

قالتها المرأة وهي تدلف بها داخل الغرفة الشاسعة والتي تدخلها لاول مرة، رغم زيارتها للمنزل منذ ايام، تشير لها بيدها نحو الرجل الذي اخذ موضعه متربعًا على اريكة صغيرة تخصه وحده، يختفي وجهه اسفل شاش طويل يغطي جانبي وجهه، وقد ظهر امامها لحيته الطويلة السوداء، يمسك بيده مسبحه، يتمتم بكلمات لا تصل اليها،  


تتقدم نحوه برهبة وخوف يتملكها فهذه الأجواء تثير بقلبها رعبًا رغم طمأنة حالها انه خوف وقتي وسيمر، فوالدتها مرت به قبل ذلك كثيرا واعتادت عليه في تنفيذ ما تريده،


-  قدمي رجلك شوية يا سامية وتعالي يلا قولي حاجتك.


انتفض جسدها مع سماعها للصوت الأجش الذي صدر منها، لتبتلع ريقها وتخطو سريعًا حتى وصلت اليه، فجلست مكان ما اشارت لها المراَة مساعدته، لتصبح مقابله. 


فتحققت من ملامح الوجه الذي يملأه الشعر دون تهذيب ، رجل اربعيني، النظرة اليه فقط تثير الرعب بقلبها، والذي ازداد اضعاف حينما رفع عينيه اليها:


- اهلا يا سامية، عايزة ايه يا بنتي؟

حُشرت الكلمات داخل جوفها، حتى اصبحت تبحث عن صوتها للحديث كي تجيبه،  فهتف يطمأنها بسخرية:


- ايه يا بنتي، هو انا للدرجادي شكلي يخوف؟

تدخلت على الفور مساعدته:

- لا يا سيدنا تخوف دا ايه؟ هي بس من الرهبة، دي حتى امها كذا مرة تيجي عندك، يعني مش غريبة عننا . 


- عارفها طبعًا، مش برضو امك درية؟ 


اهتزت رأسها عدت مرات، وقد تشجعت بذكر والدتها:

- ايوة ايوة يا شيخنا، انا بنتها بس النهاردة جيالك من غيرها عشان حاجة تخصني. 


صمت يحدقها بعيناه العميقة قليلًا وكأنه فهم على المقصد من زيارتها، ليقول:

- اتفضلي يا سامية، قولي على طلبك، وانا اوعدك ان اللي عايزاه هيحصل.


شهقت بلهفة انستها الرهبة والخوف من الرجل:

- صحيح يا شيخنا، هتنفذلي صح اللي انا عايزاه؟


بوجه جدي اشتد فجاة، ليعود بها بنفس الرهبة الاولي:

- لو محتاجة أاكدلك على قدراتي، مستعد اثبتلك دلوقتي يا سامية. 


حركت رأسها بعدم فهم للمغزى المقصود من خلف كلماته، فتحدثت في محاولة لتملقه كي ينفذ لها ما تريد:

- مش محتاج تثبت يا شيخنا، انا شوفت العمل اللي جاب نتيجة مع امي، دلوقتي بقى عايزة اللي يخصني انا، واللي تؤمر بيه يا شيخ انا تحت امرك .


مط طرف فمه بابتسامة غير مفهومة، يعقب على كلماتها:

- رغم اني عارف طلبك، بس برضو هسمع منك، قولي يا سامية باللي انتي عايزاه، متخليش في نفسك حاجة. 


❈-❈-❈


زغروطة كبيرة صدحت في قلب المنزل من رحمة، في استقبال شقيقها وعروسه بعد العودة من رحلة العسل، في حضور زوجها ووالدتها، ووالدي العروس مسعود ابو ليلة وزوجته زبيدة التي مازالت تتشبث باحضان ابنتها وعيناها تغيم بالدموع:


- اتوحشتك جوي يا بتي، اول مرة تبعدي عني كدة يا مضروبة الدم .

علق ابو ليلة يدعي الضيق:

- شوف يا خوي شغل الحريم،  دا على اساس انها كانت هتجعد العمر كله جدامك، ما معروف من زمان البت مكانها فاضي، ولا انتي اول مرة تجوزي بنته؟


- لاه مش اول مرة،  بس دي اخر العنقود، واكتر واحدة جعدت معايا منهم، خدت الغلاوة كلها المضروبة. 


ضحك الجميع على قولها بما فيهم شادي الذي كان ملتصقًا بوالدته هو الاخر:


- معلش يا حماتي، اهو البيت قصاد البيت، يعني مش هتلحق توحشك اصلا.

صمتت زبيدة بحزن فتكفل زوجها بالرد:

- لا ما احنا راجعين ع البلد يا غالي.


شهقت رحمة متسائلة:

- ليه يا عم ابو ليلة؟ ما انتوا قاعدين جمبنا والحال عال العال .


- خلاص بجى هنجعد ليه؟ نرجع لبلدنا نراعي الارض ونريح شوية من شغل الشقا بين العيلة والاحفاد. 


صدر الاعتراض من صبا رغم علمها بالقرار مسبقًا:

- وانا هتسبوني لوحدي هنا، ما جولتلك يا بوي، ياجوا هما خواتي هنا ويسكنوا معانا، ولا هيا العيشة متنفعش غير في البلد. 


زفر ابوليلة يغمغم نحوها:

- شوف البت، تفكر غير في مصلحتها،  يعني يا جلعانة انجل عيلة سالمة من مطرحهم، لمكان مش متعودين عليه عشان خاطر جنابك؟ يا بت حتى ان كنتي أتجوزتي، برضوا مش عايزة غير تنفذي اللي في مخك؟

الصفحة التالية