رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 18 - 2 - الأربعاء 28/8/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الثامن عشر
2
تم النشر يوم الأربعاء
28/8/2024
❈-❈-❈
حينما وصل لطابقه، كانت هي قد سبقته في الخروج من مصعدها متجهة الى الناحية الأخرى في عملها، ليحرك اقدامه سريعًا نحو مكتبه، فتقابله بالطبع لورا التي وقفت على الفور تستقبله بلهفة واضحة:
- رياض بيه حمد الله ع السلامة، امتى وصلت؟
بادلها الرد بابتسامة يتصنعها واقدامه تعرف طريقها نحو غرفة مكتبه، لتلحق به هي ايضا:
- الله يسلمك يا لورا، انا نازل حالا من المطار، يدوب غيرت هدومي وجيت هنا على طول، اخبار الشغل ايه؟
كان في الاخيرة قد جلس على كرسيه خلف المكتب، فجاء ردها اليه بحماس:
- كله تمام وبيرفكت، كارم بيه بيجي يطل يخلص المطلوب وانا اكمل الباقي بمعرفتي.
برغم ارتياحه لقولها الا انه كان يجاهد بصعوبة للرد باتزان فعقله المتشتت لا يرى شيئا الاَن غيرها:
- عال عال، انا كنت متأكد اني سايب ورايا اللي يسد، ان كان كارم، ولا انتي يا لورا، كل يوم بكتشف قد ايه تستاهلي ثقتي فيكي.
سمعت منه لتغمر الفرحة قلبها، هذا الفظ حينما يرفق عليها بأقل كلمة ثناء يقلب كيانها بالفعل، فما بالها لو حدث ما تتمناه وتحول للغزل؟
- تحب حضرتك اجيبلك حاجة تشربها، ولا اخليك تطلع على جدول بكل اللي تم وانجزناه في غيابك؟ انا من رأي ترتاح شوية الاول احسن.
سألته بحماس اشتعل برأسها كي تثبت جدارتها اكثر وتنال مزيدا من الاستحسان، ولكنه صدمها بقوله:
- لا يا لورا اجلي كل حاجة دلوقتي وابعتي لبهجة خليها تحضر حالا.
رفرفت اهدابها تستوعب ما التقطته اسماعها، هل هو بالفعل قد اتى بسيرة هذه الفتاة الان؟
- بهجة! بهجة مين حضرتك؟ احنا بنتكلم ع الشغل.
اعتدل بظهره لخلف الكرسي يجيبها بثبات وتحدي:
- وانا بتكلم عن بهجة عايز اطمن منها ع الاهم، وانتي فاهمة طبعا .
افحمها بالرد لتغلق فمها عن الجدال، بعدما اوصل لها انه يريد الاطمئنان على والدته اولا من هذه الملعونة المرافقة لها، لتذعن راضخة لأمره، ثم تخرج الى مكتبها وتطلبها بصفة رسمية.
أتت بهجة بعد لحظات على اثر استدعائها، تهديها ابتسامة صفراء قائلة:
- بلغني ان المدير باعتلي يا أنسة لورا.
اومات تشير بكفها نحو مدخل الغرفة بعنجهية وتعالي دون ان تكلف نفسها عناء الرد، فتحركت بهجة نحو ما اشارت لها، تكتم سبة بذيئة، لتطرق بخفة على الباب المثقل فأتى قوله امرًا على الفور:
- ادخل.
سمعت منه، لتدفع الباب وتدلف الى داخل الحجرة الضخمة، فتواجهت معه مباشرة وقد كان واقفا بجوار النافذة، تخاطبه برسمية:
-افندم حضرتك عايزني في حاجة؟ حمد ع السلامة الاول.
اومأ برأسه واقدامه تتحرك بتأني نحوها،
- الله يسلمك يا بهجة، انا فعلا عايزك، عايزك اوي.
قال الاخيرة وقبل ان تستوعب وجدت ذراعيه التفت نحوها فجأة بضمة هي الاقوى، يقبلها بشوق جارف، حتى انها تخشبت في البداية بين يديه لا تعي بما يفعل، لكن سرعان ما استعادت وعيها لتحاول دفعه عنها، ولكنه كان كالمغيب، يرتشف من شهد ثغرها وكأنها قبلة الحياة، تنعش قلبه ليضخ الدماء مرة اخرى، حتى صار كالمغيب، غافلا عن مقاومتها حيث كانت تضرب بكلتا كفيها ليحل وثاقه عنها، ويتركها تلتقط انفاسها،
حتى اذا ارتخت ذراعيه قليلًا نزعت نفسها منه، ودفعته عنها فجأة لتبتعد بمسافة كافية للأمان، فتمُلك اخراج صوتها اخيرا بالاعتراض، رغم عدم انتظام انفاسها بعد:
- انت ازاي تعمل كدة؟.... وفي المكتب!
تقدم خطوة تراجعت قبالها خطوتين للخلف، حتى صدر رده لها بضيق:
- وفيها ايه يا بهجة هو انا غريب عنك؟ ولا انتي نسيتي صفتك ايه بالنسبالي؟
- لأ منسيتش، بس برضو ميصحش.
تمتمت بها سريعًا لتعدل من هيئتها تردف بنبرة ضعيفة اظهرت حزنها رغم اعتزاز شخصيتها:
- الأمر بالنسبالك ممكن تاخده عادي، بس انا مينفعش ومقبلش، انا مراتك على سنة الله ورسوله، مش واحدة...
قاطعها على الفور بصرامة مردفًا:
- بس متكمليش .
هذه المرة كان الاسبق ليلتقطها سريعًا من ذراعها ويقربها منه قائلا بنبرة يتخللها الصدق:
- انتي أغلى واحدة على قلبي يا بهجة، وانا كنت مشتاقلك اوي ومازلت.... مسافر عنك بقالي تلت ليالي ويومين كنتى عايزاني استقبلك ازاي اول ما اشوفك؟.
خجلت لتطرق برأسها ، ولكنه أبى إلا ان يخاطب زمردتيها، ليرفع وجهها اليه من ذقنها قائلا:
- بتخبي عيونك عني ليه؟ انا بسألك تجاوبيني، ولا انا موحشتكيش زي ما وحشتيني؟
تاهت الفتاة بعدما اسرها بمعسول كلماته، وكأنه يلقي عليها تعويذة من السحر، يخطفها من عالمها الى شيء اخر بعيدًا عنها، ذلك العالم الجميل الخفي، محدود العدد عليها وعليه فقط، فيعود اليها مُلحًا بالسؤال:
- عايز اسمعها منك يا بهجة، وحشتك زي ما وحشتيني ولا لأ؟.
بماذا تخبره؟ وهي يكتنفها العجز في حضرته، تريد التعبير عما يعتربها بقوة ولكنها دائما ما تصطدم بهذه الحقيقية المؤلمة، الغرض الأساسي من زواجهم،
اذا لماذا هو يتطرف بعيدا عن هذا الاتفاق، ويضعها في هذه المتاهة؟
- لدرجادي السؤال صعب يا بهجة؟
اعادها اليه بصوته الرخيم وانامله تمر بنعومة على وجنتيها تفقدها المقاومة وتزيد من تشتتها، لتزيح كفيه عنها قائلة بتعب:
- رياض باشا معلش اعذرني..... المشاعر دي غريبة، والظرف نفسه بتاع الجوازة يخليني....
- مستغرباها؟
اومأت بهز رأسها:
- اه بصراحة، لأن انت من الاول محدد الغرض من الجوازة.
صمت قليلًا ثم اجابها بهدوء وهو يجلس على ذراع المقعد ليُقابلها بعدما اجلسها على طرف المكتب:
- وافرضي هو كدة زي ما بتقولي، هو دا يمنع اننا نشتاق لبعض ونقول كلام حلو كمان؟
- لحد ما تنتهي الرغبة.
قالتها كإضافة على قوله، لم يعلق عليها، بل ظل صامتًا لتردف هي:
- وبعد ما يعدي الشهر او الشهرين، نفترق وكأن ما في شيء كان، صح؟
مال بجذعه نحوها سائلًا:
- ومين اللي قال شهر ولا شهرين؟ كتبناها شرط في كتب الكتاب مثلا؟
صارت تطالعه بازبهلال قابله هو بابتسامة متابعًا:
- بلاش نحط ارقام والحاجات دي يا بهجة، سيبي الأمور تمشي.
- لحد ما تنتهي الرغبة.
عادت بها وكأنها تذكره بها وتذكر نفسها، لتلوح ابتسامة متسلية على طرف فمه دون ان يعلق.
فتستعيد هي بأسها وتحاول النهوض للانصراف:
- انا بقول كفاية كدة عشان اشوف شغلي ولا انت عايزني في حاجة تاني؟
نهض هو الاخر وقبل ان تتحرك بخطوة كان هو الاسبق، ليهمس بجوار اذنها:
- اعملي حسابك هتخرجي من الشغل على بيتنا على طول، عم علي هيستناكي وياخدك ، وهناك هتفهمي كل حاجة .
بحرج صارت تسيطر عليه بصعوبة:
- ومدام نجوان؟ ما هي ممكن تسأل عن سبب غيابي.
اقترب منها قائلا بصوت يذيب الحجر:
- متشيليش همها انا هلاقيلها حجة كويسة، المهم زي ما قولتلك.
وقبل ان تجادل مرة اخرى، اجفلهما فتح الباب ، وصوت كارم يدوي:
- انا جيت على طول اول ما قالولي انك رجعت من السفر و......
قطع الكلمات على طرف لسانه وكأنه ظبطه بجرم ما رغم عدم وجود ما يبرهن ذلك، لكن درجة القرب بين الاثنان هي ما جعلته يتوقف، ولعلمه التام بشخص رياض المتحفظ، والذي امتقعت ملامحه، ليطالعه بغضب مكتوم يأمرها:
- خلاص روحي انتي يا بهجة واعملي زي ما قولتلك .
تحركت على الفور تتوجه نحو باب الخروج امام ابصار كارم والذي رافقها بعيناه حتى غادرت، غير منتبهًا لذلك الذي كان يعض على نواجزه غيظًا وتعقد حاجبيه بغضب يجاهد لإخفاءه، حتى انتظره ليقترب معانقًا له عناقًا رجولي، تقبله بشيء من عنف لم يخفى على ذاك الداهية، ليتبسم ويلاطفه بمكر :
- براحة يا عم، هو انت لدرجادي مشتاقلي؟
ابتسامة صفراء ارتسمت على ثغره في رد له:
- الظاهر كدة فعلا، بس انت مقولتليش انك في المصنع كنت جيتلك بنفسي اسلم عليك؟
جلجلت ضحكة صاخبة من كارم وهو يجلس مقابلا له :
- ما انا لسة واصل يا عمنا، وعلمت بس لما وصلت، اندفعت افتح الباب من لهفتي عشان اسلم عليك، حتى ما استنتش استأذن لورا، شكلك وحشتني بجد يا صاحبي.
رد في محاولة لمجاراته:
- وانت كمان يا كارم، عرفت من لورا انك مكنتش مقصر، انا بجد بشكرك.
- لا مفيش داعي للشكر يا سيدي، احنا شركا، يعني دا شيء عادي ما بينا.
غمغم بها كارم، ثم عض على شفته السفلى مردفًا بفضول ماكر:
- بس دي اول مرة اشوف حد من الموظفين عندك.