-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 19 - 3 - السبت 31/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع عشر

3

تم النشر يوم السبت

31/8/2024

عملته بإيدك!

رددت بها بدهشة قابلها هو بضحكة صاخبة مرة اخرى ليردف :

- سخنته يا ستي، بس على فكرة انا فعلا ناوي في مرة ادوقك اكلي، ما انا كنت ساكن لوحدي لفترة طويلة وكان من ضمن هواياتي الطبخ. 


مازالت تلفها حالة الانبهار والاندهاش، هذا الرجل الغامض الذي يعاملها الاَن كأميرة، يظهر لها مواهبه وبساطته في الحديث وكأنها بالحق اصبحت شيء هام له.


وضع امامها عدد من الاصناف، وبحماس شديد وضع لها قطعة كبيرة من صنية المعكرونة التي أمامها، معلقًا:

- عايزك بقى تدوقي النجرسكو الاول، دا انا جايب جوليا من بلدها مخصوص عشان تعملهولنا، اصلها ممتازة فيها.


تسائلت بدهشة اعتلت ملامحها:

- انت قصدك ع البنت اللي شوفتها امبارح؟ انت بجد جايبها من بلدها عشان كدة؟!


ضحك للمرة التي ما تعد تذكرها، يقول بمرح:

- يا ستي هي كانت جاية مصر اصلا، وانا لما سألت مدير مكتب التشغيل دلني عليها، اشترطت عليه تكون بتعرف تعمل كل اصناف المكرونة الإيطالي لأني بعشقها، هي والنجرسكو طبعًا، وبصراحة البنت طلعت ممتازة، دوقي كدة. 


قال الاخيرة يضع بفمها، شوكة ممتلئة من طبقه، تناولتها لتلوك بها داخل فمها، تتزوق الطعم الرائع، حتى ابدت إعجابها:

- هي فعلا عاملاها حلو اوي، بس انا مستغربة صراحة انك تجيب واحدة اجنبية تخدمنا ولا عشان.....


اقترب بكرسيه يلتصق بها، مردد بصوت تغيرت نبرته:

- عشان ايه؟ قصدك يعني عشان متعرفش تطلع خبر جوازنا، تصدقي ممكن يكون صح، رغم انها كان ممكن تكون مصرية برضو عادي، اصلا انا مش بشغل عندي أي حد،  بس انا لما جيبتها مكانش دا غرضي...... انا كان غرضي ساعتها الاقي الأكل اللي بحبه في المساحة اللي اخترتها عشان ارتاح فيها....... معاكي يا بهجة.


كان قريبا بوجهه منها حتى يزيد من ارباكها حتى انها لم تكن لديها القدرة لتجاريه رغم عدد التساؤلات الكثيرة بداخلها، وهو كان خبيرا في سرقة تركيزها معه، يطعمها بيده كما أنه لا يتوقف عن مداعباته، وعقلها لا يستوعب اكتشاف شخصيته الجديدة منه.


❈-❈-❈ 


وفي منزل خميس الذي خرج من غرفته بوجه متجهم يغمغم بالكلمات الحانقة والبذيئة، يلعن البيت وساكنيه، وقد فاض به منهم على حسب قوله :


- مصيبة تاخدكم كلكم، ولا نفر فيكم يفتح النفس. 

فور ان صفق الباب بقوة وغادر، تحركت سامية تاركة الشرفة التي كانت تتنصت منها،  لتركض متجهة نحو والدتها داخل الغرفة. 


هتفت بالسؤال فور ولوجها،  ورؤية المذكورة جالسة على كرسيها، بهيئة كانت خير دليل على سخونة الأجواء؛


- ماما، شوفت ابويا وهو خارج من عندك بيزعق، ايه اللي حصل؟


زفرت تشيح بوجهها عنها قائلة:

- روحي يا ختي اسأليه هو، انا روحي في مناخيري، ومش طايقاه ولا طيقاكم معاه. 


مالت نحوها بميوعة تقصد المزاح معها:

- طب مش طايقاه هو، مالنا احنا بس يا درية؟ غلطنا فيكي مثلا ؟ ولا هو يطلعهم عليكي وانتي تطلعيهم علينا يا دردر. 


نزعت ذراعها الذى تطوقها به، تنهرها بحدة:

- لأ يا ختي مش بطلعهم عليكي ولا بتبلى، عشان انتو السبب فعلا، اخواتك اللي هاجين على روسهم يلفوا على مقصوفة الرقبة اللي غارت وطفشت، واحد سايب مراته على وش ولادة، والتاني ما حد عارفله طريق، بيجي البيت زي الغريب ، ياكل بس وينام .


- يعني انا الوحيدة اللي عاقلة فيهم.

صاحت بها:

- انتي اكتر واحدة فيهم معوجة، الراجل صاحب ابوكي كلمه تاني ودا مصدق، جاي راجع من عنده يبخ فيا، ان انا السبب في دلعك المريء، واني لو ست زي باقي الستات، كنت عرفت ازاي اخليكي توافقي ، عشان يخلص ع الاقل من همك. 


عبست سامية بملامح مكفهرة:

- يعني هو يقرف من خيبة الولاد يقوم يجيبها فيا، ما انا نصيبي قاعد وفي اي وقت ممكن يحصل. 


- امممم. 

زامت بها درية بفمها بسخرية لتمصمص بشفتيها معقبة:

- دا على اساس انه هيحصل بجد، وانتي باصة في العليوي، ومعلقة نفسك بالحبال الدايبة. 


- لا ياما مش دايبة،  وهيحصل ان شاء الله قريب. 


كان الرد بصمت ونظرة مستخفة زادت من تصميمها ، لتردف بحزم:

- استهزأي يا ماما براحتك، بكرة افكرك بكلامي ده، المهم دلوقتي عايزين نروح نبارك لشادي بعد ما رجع من شهر العسل. 


اصدرت صوتًا مستهجنًا تعبر عن رفضها:

- شوف يا اخويا اقولها ايه تقولي ايه؟ بت انتي عايزة تروحي روحي لوحدك يا اختي، انا لا عندي مرارة ليه، ولا لأي حد يفرح قدامي،  طول ما انا مرزوعة في الهم بسببكم. 


نهضت تمطرها بالقبلات ، لتلح عليها وترجوها:

- وغلاوتي عندك ياما، روحي معايا ان شاءالله حتى المرة دي وبس، ع الاقل عشان تتباهي قدام عمتي وناس العروسة بطقم الدهب اللي جبتيه قريب، ويعرفوا مين هي درية مرات الحج خميس  .


 ❈-❈-❈ 


ترجلت صباح من الحافلة الخاصة بالعمل ، لتحط بأقدامها على قارعة الطريق المؤدي الى منزلها داخل  الحارة الضيقة، برشاقة تناقض حجمها الضخم، فهي لا تظل محلها ابدا، تنهك نفسها بالعمل وخدمة البشر من الجيران والاقارب والاحباء، حتى لا تستسلم لوحشة الوحدة بعد وفاة زوجها وخلاء المنزل عليها وحدها، دون ابناء انجبتهم، ولا اخوة رزقها الله بهم.


- ست صباح ست صباح. 

دوى الصوت المنادي بأسمها وقبل أن تستدير لصاحبه، وجدته يقف مواجها لها:


- انا اهو قدامك يا ست صباح.

صاحت به غاضبة:

- انت هتعملي زي فرقع لوز يا جدع انت، وكل مرة الاقيك تتصدر طريقي، خلي بالك المنطقة هنا كلهم حبايبي، يعني لو بس أشرت هتلاقيهم كلهم هجموا عليك دلوقتي. 


- اطرق برأسه يبدي اسفه:

- عارف اني غلطان يا ست صباح اعذريني ، بس انا قلقان ونفسي اطمن، ولاد عمي معرفش مكانهم ، وبهجة، كل ما اروح استناها عند المصنع ما بشوفهاش،  مش فاهم انا بتستخبى مني دي ولا ايه؟


عند ذكر بهجة، طغى ارتباك خفيف يعتلي ملامحها،  لكنها سرعان ما استطاعت السيطرة عليه، لتظهر الحدة في حديثها:


- وافرض بتستخبى منك ولا مش عايزاك تشوفها اصلا، ما تحترم رغبتها، سيبوها بقى ترتاح هي واخواتها، دول اغلب من الغلب، هو انتوا لا ترحموا ولا تسيبو رحمة ربنا تنزل.


صدرت الكلمات بعفوية منها حتى شعرت بالندم حينما رأت تأثيرها عليه، لتعود ملطفة بعض الشيء:

- لمؤاخذة يا اخينا، انا كدة ست اللي في قلبي على لساني، ولساني دا مالهوش رابط.


- ولا يهمك يا ست صباح، ع العموم انا مش هسألك تاني، بس برضو مش هسكت غير بعد ما اطمن عليهم، عن اذنك.


سحب اقدامه وتحرك مغادرًا من امامها،  لتغمغم هي في اثره:

- اذنك معاك يا خويا، شكلك كدة فيك حاجة طيبة بس عايزة تتنضف. 


❈-❈-❈ 


انهت جولتها بعدما ابتاعت عددا من المشتريات ، وكانت في طريقها للذهاب، توقفت على اول الطريق، تبتغي إيقاف سيارة تقلها الى منزلها، فتوقفت احدى السيارات القريبة سريعًا امامها. 


تبسمت بارتياح تدخل المشتريات اولا ثم هي من الخلف، تخاطب السائق بامتنان:

- متشكرة اوي، جتلي بسرعة ووفرت عليا الوقت. 


جاءها الرد بنبرة ليست غريبة عنها.

- العفو يا هانم انتي تؤمري. 

اصابها الهلع، تكذب اسماعها ولكنه أكد، يلتف اليها فيخلع الشارب والذقن المزيفان، والنظارة التي كانت تخفي العينين، متمتمًا بوعيد:


- ايه رأيك في المفاجأة يا امنية؟ وحشتيني، قولت لازم اشوفك.


رغم الخوف الذي كاد ان يوقف قلبها،  إلا ان رؤيته وتلك الذكريات التعيسة التي خلفها بداخلها كانت لها الفضل في شحن قوتها من الداخل،  لتهدر به بازدراء :


- وحش ياكلك،  انت اتجننت يا حيوان انت؟ ولا مش واخد بالك انا متجوزة مين دلوقتي؟ 


اصدر ضحكة قميئة يفوح منها العفن القابع في نفسه الخبيثة:

- قصدك على حالظابط عصام اللي قبل يتجوزك حتى بعد ما قولتله اللي فيها، وع العمايل اللي كنت بعملها معاكي في المخزن؟ لا بصراحة طلع راجل اوي .


- راجل وغصب عنك، بس انت هتعرف الكلمة دي منين؟ وهي ابعد من خيالك المريض اصلا، وقف العربية حالا، لاتصل بجوزي يسحلك ع السجن ويخليك تمسح حماماته. 


كز على اسنانه ليضغط على مقود السيارة يزيد من سرعتها بعدما صعد بها نحو الطرق السريعة، مرددًا بغيظ:

- طب خليه يعملها ولا يوريني مرجلته وانا كنت اسلط عليه الجماعة اللي اتلميت عليهم في السجن، يدفنوه حي.

الصفحة التالية