رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 3 - 1 الأحد 25/8/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الثالث
1
تم النشر يوم الأحد
25/8/2024
لم تذق طعم النوم وهي تجاهد حتى تتصنع الهدوء بالرغم من القلق البالغ الذي تمكن منها ولكن ما ذنب والدتها أن تمر معها بنفس حالة القلق بتلك الساعات، وبالرغم من قلق والدتها من عدم عودة نجلها للمنزل حتى الآن إلا أنها ظلت هادئة ترجو الله عز وجل بعودته سالماً.
استمعت ملك لصوت الباب وما كان إلا لوالدتها التي دلفت لتوها فتصنعت النوم حتى تخفي آثار بكائها الذي لم يتوقف، نادتها بصوت عال نسبيا:
-ملك، انتي يا بت اصحي هتتأخري ع المدرسة.
تصنعت الخمول وجلست تنظر لوالدتها بأسى:
-صباح الخير يا ماما.
ردت الأخرى وهي تشد غطاء الفراش من عليها:
-صباح الخير يا حبيبة أمك، أومي بسرعة عشان تودي أخوكي للمدرسة على طريقك أحسن هيتأخر كده.
تذمرت بضيق:
-هو صغير يا ماما عشان اوديه وبعدين...
قاطعتها والدتها فورا:
-أومي يا ملك بلاش دلع أنا فيا اللي مكفيني.
لمعت عيني ملك وتسائلت بتعابيرها الواجمة فأجابتها والدتها:
-اخوكي مرجعش لحد دلوقتي واتصلت بأم ورد قالتلي انه في شغلانه مع أبوها بس قلبي مش مستريح.
تنهدت ووقفت ترتدي ملابسها وأمسكت شنطتها المدرسية وخرجت تصيح بأخيها الأصغر:
-يلا يا محمد خلينا ننزلو قبل الوقت ما يتأخر.
تبعها للخارج وفور أن ابتعدت عن المنزل انظرت له وأخرجت مبلغ من النقود ناولته إياه:
-خد ال10 جني دي وروح انت لوحدك انا لسه هعدي على ورد ومش عايزه أتأخر.
نظر الصبي للنقود بفرحة وهرع لمدرسته فتحركت هي صوب منزل زميلتها وصعدت الدرج تطرق بأنامل مرتعشة حتى فتحت لها والدة ورد التي رحبت بها بفتور:
-اهلا يا بنتي اتفضلي.
دلفت فوجدت ورد جالسة بغرفتها وعينيها كجمر النار منتفخة من كثرة البكاء، جلست بجوارها على الفراش وسألتها بوجل:
-معرفتيش حاجه؟
لم تشأ أن تخبرها بحقيقة الأمر بعد أن علمت أمس من والدها أنه قتله كما فعل سابقا، لم ترد التصديق ولكن لما لا فهو قد فعلها من قبل وأمام ناظري ابنته الأخرى، فما الذي سيمنعه تلك المرة عن فعلها:
-بابا مجاش من امبارح ومش بيرد علينا يا ملك بس بعت لأمي تمنعي من المدرسة.
وقفت ملك ممتعضة:
-ياريت تيجي على أد كده، ياما حذرتكم أنكم بتلعبو بالنار بس هقول ايه.
بكت ورد بكاءً هستيريا جعل القلق يتسلل لقلب تلك الواقفة فلمعت عينيها وسألتها والحروف لا تترك فمها بشكل سليم:
-أخويا جراله حاجه يا ورد؟
رددت سؤالها وقد علقت بحلقها غصة قتلت بداخلها أي شعور:
-ردي عليا، أخويا جراله حاجه؟
انهارت ورد وأخبرتها دون وعي:
-قتله، يوسف مات، مات يا ملك ماااات.
تجمدت فجأة بعد أن استمعت لها والتفتت تنظر لوالدتها تسألها بعدم تصديق وكأنها لم تكن لتصدق ما حدث:
-الكلام ده صح يا طنط؟ عمي رشوان قتل أخويا؟
بكت الأخيرة وأطرقت رأسها خزيا فانهارت ملك باكية وظلت تصرخ وتنتحب حتى سقطت أرضا وهنا فقط تحركت والدة ورد لاسعافها حتى استفاقت فوفقت تنظر لهما بتيه واستأذنت وغادرت وهي تنتوي البحث عن جثة شقيقها والذي حل محل والدها منذ أن كانت بالخامسة من عمرها.
وصلت لمكان عمله ودلفت لعلها تجده واقفا كعادته يرص المعروضات أو يصيح بالعمال ولكنها تفاجئت برشوان يجلس واضعا قدم فوق الأخرى غير عابئ أو مهتم لما حدث يدخن أرجيلته بذلك الوقت المبكر ويحفز بالعمال:
-شهلو شويه عايزين نخلصو من الليلة دي.
أبطأت حركتها حتى وقفت بمنتصف المحل وعبراتها تغرق وجهها فترك رشوان الأرجيلة ووقف قبالتها ينظر لانهيارها ولكلماتها المتقطعة:
-أخويا فين؟ اخويا فين يا معلم؟
لم يرد فتابعت ببكاء:
-هان عليك تربية ايدك تعمل فيه كده؟ أخويا فين؟ أنا من حقي أعرف مكانه.
بكت وبكت حتى تقطعت أحبالها الصوتية من كثرة البكاء والعويل فخرج صوتها متحشرجا ومكتوما:
- أمي من حقها تودعه وتدفنه وتعرفله مكان لما تحب تزوره.
صرخت صرخة ألم:
-اخويا فين يا معلم؟
التفت رشوان للعامل الذي ترك ما بيده وتابع ذلك الحوار ورمقه بنظرة تحذيرية فعاد العامل يكمل ما بيده وتحرك هو صوبها وقد اقترب منها وهتف بصوته الأجش:
-عايزه تشوفيه؟
أومأت وهي غير متأكدة إن ما كانت تريد أن تضع بذاكرتها ذلك المشهد ﻷخيها الحبيب وهو غارق بدمائه أو صريع بأي شكل يمكن أن يتواجد عليه ولكن لا باليد حيلة؛ فالتفت يتناول مفاتيح سيارته وتحرك أمامها وطلب منها أن تتبعه ففعلت كالمغيبة ودلفت بجواره وقاد هو حتى المخزن وفور أن ترجل التفت للجهة التي تجلس بها ليفتح لها باب السيارة فقد وجدها تسمرت مكانها وكأنها لا تقو على النهوض من مقعدها.
❈-❈-❈
كعادتها اليومية بعد أن تستيقظ لصلاة الفجر وتظل تصيح بأبنيها حتى يستيقظا وتبدأ حملة النظافة اليومية قبل أن تدخل المطبخ لتجهيز الطعام لإرساله لهما بعملها، ولكن اليوم لديها مهمة أخرى قد كلفها بها نجلها الأكبر فهاتفت ابنتها الوحيدة بمنزلها:
-ايوه يا حبيبة.
ردت الأخرى وهي تترك صغيرها من يدها:
-الف مبروك يا امه اخيرا أبو ورد وافق؟ أنا معرفتش ألوك (أثرثر) معاكي في الكلام امبارح عشان البيه اللي عندي كان مطلع عليا زرابينه.
قوست فمها بشكل سوقي تسألها:
-ماله راخر؟ هو كان حد داسله على طرف؟
ردت تتنفس بحدة:
-ما انتي عارفه انه متغاظ عشان اخوه كان طالب ورد وعم أنور رفضه وبعدها اتخطبت لحسن.
مصمصت والدتها شفتيها:
-اللي يشوف كده يقول حلوة والكل هيتجنن عليها، وبعدين هو المعدول اخو جوزك مكانش عارف انها عايزه اخوكي من وهي عيله بضفاير وهو كمان عايزها.
أومأت وكأنها تراها ورفعت صغيرها تهدهده من جديد بعد أن صدح بكاؤه وشوش تفكيرها:
-يا بني اتهد بقى راضع وشبعان عايز ايه تاني؟
صمت الرضيع بعد لحظات فهتفت حبيبة بضيق:
-رمضان طول عمره بيغير من حسن أخويا وطبعا البيه بتاعي عايم على عوم أخوه يلا القصد قوليلي كنتي عيزاني في ايه؟
ردت عليها وصوت تذمرها ظاهر للعيان:
-جهزي نفسك ياختي ننزلو نجيبو الموسم للمحروسه خطيبة اخوكي وكمان عايزه اشتري شوية حاجات من السوق عشان الملبس، وهنطلعو على ام يوسف نجهزو الحاجه عندها.
تعجبت الأخرى وسألتها:
-ونعملوه ليه عندها؟ ما تيجي هي بيتنا يا امه نعملوه هناك.
ردت بفروغ صبر:
-يا بت عيزاها في موضوع كده ومينفعش اتكلمه في بيتنا.
زادت حيرتها فلم تصمت والدتها عن التفسير بل هتفت تخبرها:
-هفاتحها في خطوبة حسين وملك.
لمعت عيني حبيبة وهتفت معترضة على الفور:
-حسين ومين يا امه؟ ملك ازاي يعني؟
صاحت بها والدتها:
-مالك يا بت؟ مالها ملك؟
ردت وهي تهز جسدها بعصبية وكأن الطرف الآخر يراها:
-بتحب حسن يا امه، لهو انتي متعرفيش الحكاية دي ده كل الحارة عارفه ويمكن حسن نفسه عارف وعامل نفسه مش واخد باله.
ضحك وعقبت:
-عارفه طبعا وهي دي حاجه تفوتني بردك.
تعجبت وصاحت بها:
-ولما انتي عارفه عايزه تجوزيها لحسين؟ تبقى بتحب اخوه وتجوزيهاله ازاي يعني؟
ضحكت من جديد على سذاجة ابنتها ووضحت لها وجهة نظرها:
-يا بنتي الحب ده بييجي بالعشرة وملك متعلقة بحسن عشان كان بيلاعبها ويذاكر لها انما حسين مكانش بيقرب منها، لكن أنا متأكده انه اول ما يقربو من بعض هيبقو زي الفل إن شاء الله.
سحبت حبيبة نفسا عميقا وطردته تتضرع لله:
-ربنا يجيب اللي فيه الخير.