رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 4 - 3 الجمعة 30/8/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الرابع
3
تم النشر يوم الجمعة
30/8/2024
❈-❈-❈
وقف يتابع العمال وهم ينصبون الشادر وتحدث مع ذلك الكهل مبتسما له بمودة:
-معلش يا عم عوض هنرخمو عليك ونلمو الفرشة بتاعتك عشان الشادر.
احتضنه الآخر مربتا على ظهره:
-ده يوم المنى يا ابن الغالي لما أفرح بيك، وبعدين دي جبرت انهارده خالص بعد ما أخدت مني كل الساقع اللي عندي للفرح.
ابتسم حسن بدوره:
-ربنا يكرمك ويفتحها عليك يا عم عوض وزي ما فهمتك ابعت هات ساقع تاني عشان أهل الحارة كلهم يشربو حلاوة كتب كتابي، ولو الفلوس عجزت معاك ابعتلي طوالي.
رد العم عوض مباركا:
-ألف مبروك بس الزيادة دي نقوطك يا حسن يا بني.
رفض حسن فورا:
-لا يا راجل يا طيب انا هضيع مكسبك في النقوط! اعمل اللي قولتلك عليه وابقى نقطني في الليله الكبيره إن شاء الله بس استعجلي الصندوقين اللي هاخدهم بيت الجماعة.
حمل الصندوقين وصعد الدرج وطرق الباب ففتحت عمة سهر وتسائلت بلهجتها لصعيدية:
-انت مين؟
ابتسم لها:
-انا العريس، هو الحاج أنور وسهر مش هنا ولا ايه؟
أجابته تتحرك من أمامه:
-جوه، استنى أما أنادم عليه.
لم تدخله فتعجب ولكنه استمع لصوتها تخبر أخاها:
-اني مرضتش ادخله الرجالة كلاتها نايمة ع الأرض.
هز رأسه وخرج له فأشار حسن ﻷسفل:
-الساقع عشان الناس اللي عندك يا عمي.
ربت على كتفه:
-كلك واجب يا بني، معلش مش هقدر ادخلك الدنيا مدربكة عندي خالص.
لم يظهر أي ملامح ولكنه تسائل:
-طيب لو ممكن بس عايز سهر في كلمتين، وبالمناسبه انا عملت الشادر وشوية وهييجي بتاع الفراشة يعلق النور عندكم بس يخلص الجنب بتاعنا.
استحسن حديثه ودلف يستدع ابنته فوقفت تتغزل به بعد أن تأكدت أن والدها دلف للداخل ولا يوجد من يتابع حوارهما:
-حسب ابو علي محلو اوي انهارده والحلاقة تجنن عليك.
غمز لها وأمسك راحتها يقبلها:
-وحشتيني.
سحبتها منه بسرعة متذمرة:
-ابويا وأهلي كلهم جوه يا حسن بلاش كده.
زفر متنهدا:
-هانت.
زغرت بعينيها ترمقه بنظرة جادة:
-آه قول كده بقى، يبقى أبويا معاه حق وأنت كاتب كتاب عشان تقل ادبك مش كده؟ انسي يا حبيبي أنت مش هتطول شعره مني إلا بعد الدخله.
ابتسم ساخرا منها:
-لا والله؟ عموما هنشوف.
أكدت حديثها بعصبية فاقترب منها وهمس بجوار أذنها:
-انا وعدت ابوكي مدخلش عليكي إلا بعد الفرح.
شعرت بالارتياح بعد كلماته تلك ولكنه لم يتركها تكمل زهوة فرحتها وأضاف:
-بس في حاجات كتير أوي تتعمل غير الدخله يا سهر وكله بالحلال.
صدمتها من حديثه جلعتها تتجمد مكانها فلم تنتبه له عندما قبلها من وجنتها وهو يصيح بها بسخرية:
-روحي اندهيلي ابوكي صحيح نسيت أقوله على حاجه.
فعلت أمره فوقف انور يستمع له:
-أنا إن شاء الله بعد الليلة دي ما تتفض هاخد سهر وأخرج بيها في اي حته.
انعقد حاجبي أنور رافضا:
-وايه لازمته ما انتو هتبقو هيصتو وفرحتو وكلتو وشربتو...
قاطعه حسن بضيق:
-يا عمي مفيهاش حاجه يعني مرة من نفسي أخرج أنا وهي، وبعدين أكل ايه وشرب ايه! هم اصحاب الفرح بياكلو ولا بيشربو، أهو كله للمعازيم وأنا حاجز ترابيزه في قرية عبد الوهاب هروح اعشيها هناك ونرجعو طوالي.
اضطر بالموافقة ولكنه وضع شروطه كعادته:
-تمام بس هتاخد سامح أخوها معاكم، ولو الليلة اتفضت متأخر ابقى أجلها لبكره عشان متتأخروش.
امتعض وجهه:
-ما احنا هيبقى معانا مِحرم يا عمي، اتفضت بدري ولا وخري مش هتفرق بقى طالما معانا سامح بيه اسم الله عليه.
ضحك أنور هازا رأسه عدة مرات متتالية فتركه حسن نازلا الدرج ليتابع التجهيزات فوجد والدته تحمل الكثير من الأطعمة تحاول الصعود بها لسطح المنزل فهتف:
-أمه.
وقفت وتركت ما بيدها فصاح بها:
-كل ده شيلاه على قلبك! هاتي عنك.
صعد حاملا الأطعمة وسألها باهتمام:
-زودتي الأكل يا امه؟ احسن أهل سهر كلهم جم من الصعيد.
أومأت بعد ان مصمصت شفتيها:
-أه يا اخويا قولي بقى أنت اشتريت فراخ أد ايه؟
اجابها مرتبكا فهي ستعلم لا محالة:
-قفصين يا امه.
لطمت على صدرها وهي تعقب:
-وزودت خروف على اللي كنت شاريه أنا شفته تحت مع الجزار.
لم يعقب ووقف أمام مدخل السطح فتابعت هي توبيخها:
-ادخل حط الحاجه يا أهبل يا ابن الهبله، والنبي ما يلاقوا راجل أهبل من كده.
رمقها بنظرة حادة وترك الأطعمة بالمدخل ووقف معتدلا عندما تفاجئ بالفتيات تتراقصن على أنغام الموسيقى وبينهن ملك التي لفت خصرها بوشاح مرصع بالأحجار وتتراقص بشكل خطف أنفاسه وأذاب قلبه فابتلع ريقه عندما ضربته والدته بصدره:
-اتلم يا واد انت مالك هتاكل البنات بعنيك كده ليه.
ابتسم وحاول إخفاء اثارته العالية التي تملكت منه وسألها:
-هي البت ملك كبرت كده امتى يا امه؟ ده انا لسه فاكرها وهي بالضفاير.
أشاحت بيدها ساخرة:
-البنات كباره يا حسن.
ثم أشارت لها وهي تتمايل بخصرها بحرفية تجعل الراهب يسقط صريعا يتعبد في محراب جمالها:
-شايف الجمال مش رجل الكنبة اللي واخدها.
التفت يرمق والدته بضيق:
-سهر زي القمر يا امه ومش معنى انك مش حباها تبقى وحشه.
سخرت منه:
-معرقبه ومقشفه وشعرها ناشف وعينها ضيقه وسامره عايز اي كمان.
زفر بفروغ صبر:
-عجباني، السمار نص الجمال واخدها رفيعه وتتخن بعد الجواز أحسن ما اخدها طخينه وتفشكل مني ومعرفش ألمها.
دفعته فضحك ضحكة عالية انتبهت لها تلك التي تتراقص فآلمها ضحكته فكم يبدو سعيدا بالرغم من علمه بألمها وحزنها حتى وإن حاولت إخفائه بداخلها أمام الجميع الذين يرمقونها بتلك النظرات المتسائلة عن ما إذا كانت جيدة أم لا.
دلف منزله المكتظ بالجيران يساعدون والدته بتجهيز الأطعمة فتحرك صوب غرفته مغلقا الباب وراءه ووقتها فقط ارتمى على فراشه مغلقا عينيه يعيد برأسه منظرها وهي تبكي أمامه وكأنها ترجوه ألا يتخلى عنها وبدأ يحدث نفسه بحيرة:
-وبعدين بقى في وجع القلب ده؟ أنا مش قادر اشيلها من تفكيري خالص.
صمت وعاد يكلم إنعاكسه بالمرآة:
-طب وكتب الكتاب اللي كمان كام ساعة ده هعمل فيه ايه؟ طيب سهر اللي بتموت فيها دي تبقى ايه؟
تنفس بعمق وتمتم:
-يارب لو ليا خير مع سهر أو ملك نورلي بصيرتي، بس حتى لو فسهر ذنبها ايه بس؟