-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 4 - 2 الجمعة 30/8/2024

    قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل الرابع

2


تم النشر يوم الجمعة

30/8/2024

صر على أسنانه حتى استمعن لصوت تهشمهما وقبل أن تضيف والدته شيئا آخر خرج من المنزل فصرخت حبيبة بها:

-ايه يا امه بس أنتي غاويه تنكدي عليه حتى في يوم زي ده.


التفتت لملك ترجوها:

-روحي يا ملك بصي ع الحاجه اللي عندكم في الفرن ولو لقتيه واقف بره قوليله يرجع يكلم امه.


أومأت وخرجت فوجدته يستند على الحائط أسفل نافذتها يدخن سيجارته فاقتربت منه تكلمه بتوتر ملحوظ:

-امك عيزاك يا حسن.


تركته ودلفت بنايتها ولكنه أسرع باللحاق بها وأمسك رسغها ونظر لحدقتيها المحتقنتين فرمش وقد شعر بتيار كهربي سرى بكل جسده من مجرد ملامسته لجلد بشرتها الغض وفورا ارتبك مبتلعا ريقه بشكل ملحوظ حاول إخفائه وتكلم بصعوبة مخرجا حروف كلماته بهدوء:

-ملك، هي امي اتكلمت معاكي في حاجه؟


رمقته بنظرة متفحصة لارتباكه الملحوظ وتلاعبت بحديثها:

-حاجه زي ايه؟


تنهد وهتف:

-يعني مش عارفه؟


ابتسمت بأسى وردت:

-تقصد موضوعي أنا وحسين؟


لمعت عينيه واتسعت حدقتيه ذهولا وهي تضيف:

-ايوه اتكلمت معايا.


ابتلع واجما وسألها:

-ورأيك ايه؟


هل تخبره الآن أنه قد فات آوان الحديث عن أي احتمالات ﻷي حياة قد تعيشها بالمستقبل مع أي شخص قد يكون مناسبا أو لا؟ ولكنها تلبست زي الجمود بتعابيرها وأجابته تتلاعب به أكثر وأكثر وكأنها بهذا ترد على مشاعرها التي لم يشعر بها مطلقا:

-أنت رأيك ايه؟ أنا طول عمري باخد رأيك في كل حاجه يا حسن، أوافق؟


رمش متوترا ورد فورا:

-ﻷ.


أطرقت رأسها وقد رأت تلك النظرة التي تمنت أن تراها منه ولو لمرة واحدة وبعدها لتزهق روحها حتى فلن تفرق، وها قد تحققت أمنيتها وبالفعل ستصعد روحها غدا للسماء بعد زواجه وخطبتها لغيره:

-طيب وأقولهم رفضت ليه؟


زفر زفرة قوية وكأنه يريد التخلص من هذا الحوار بعد أن فتحه معها مرغما:

-انتي شيفاه مناسب؟


حركت كتفيها فتضايق من ردة فعلها وهتف بصوت محتد:

-مينفعش، بلاش حسين يا ملك مينفعش.


هزت رأسها توافقه الرأي بعد أن وصلت لمبتغاها وعقبت:

-معاك حق، حاضر يا حسن هرفض أخوك.


تحركت من أمامه ولكنه عاد لإمساكها ونظر بعمق عينيها وتكلم بصوت خافت:

-كان نفسي والله بس مينفعش.


لم تعقب عليه حيث تابع دون وعي:

-انتي صغيرة اوي عليا، ياريته كان ينفع.


بكت بلحظتها، فهنا قد فقدت تماسكها الزائف ونظرت له بوهن تخبره ما بداخلها دون قيد أو خوف فقد انتهى كل شيئ أو أوشك على الإنتهاء على كل حال:

-أنت حاسس بيا يا حسن، عارف أنا حاسه بايه وعايشه ازاي، عارف إن كل نقطه في دمي بتتمناك، ما هو مش معقوله كل اللي حوالينا عارفين وشايفيين وأنت ﻷ.


أطرق رأسه فتأكدت من حديثها فزاد بكائها وهي تضيف:

-طيب لما أنت عارف متكلمتش معايا ليه؟ تطمني أو تفهمني أو حتى تأكدلي إنه مستحيل؟


رد وهو يتحاشى النظر لعينيها:

-مكانش ينفع افتح عنيكي وأنا متاكد انه حب طفولة وبكره لما تكبري هتتأكدي من ده.


ضحكت ساخرة:

-حب طفولة! وحبك لسهر مش حب من الطفولة برده؟ يا ترى مشاعركم اتغيرت ناحية بعض بما إن حب الطفولة بيضيع ويتغير مع الزمن؟


صرت على أسنانها تحاول وقف ارتعاش شفتيها وتكلمت متعجبة:

-انا بستغرب الناس اللي تفضل تتكلم عن حب الطفولة وانه بيتنسى بس لحد التعليم يقولو التعلم في الصغر كالنقش على الحجر .


صمتت لحظات ورفعت وجهها تركز بصرها بخاصته وتابعت:

-والحب في الطفولة كالنقش على الحجر برده يا حسن.


أمسك راحتيها معا بقوة وتكلم ناظرا لها نظرات قد يفهمهما البعض أنها شفقة ولكنها بحقيقة الأمر شفقة على حاله هو:

-انتي اختي يا ملك، زيك زي حبيبة وأناااا....


قاطعته تعبيراتها وكأنها تلقت ضربة قوية قسمت ظهرها بعد أن سحبت يدها منه ووضعتها على قلبها تدلكه وتريه كم آلمها حديثه وعلقت عليه:

-وصل يا حسن، السهم وصل ورشق مكانه، تمام متقلقش والأكيد اني مستحيل أوافق على حسين وعمري ما فكرت اعمل كده، تمام كده ولا في حاجه تانية؟


أومأ وجاهد حتى يخفي ما يشعر به فاستأذنت:

-زمان الحاجه اللي في الفرن اتحرقت، بعد أذنك.


❈-❈-❈


استيقظت على صوت والدها يناديها بصوته الأجش:

-اومي يا بت انتي عايزك.


اعتدلت بفراشها ومسحت عينيها لتتيقظ وهمست بخمول:

-في ايه يا بابا؟


رفع حاجبه الأيسر وسألها:

-مش رايحه المدرسة؟


نفت فورا:

-مش قولت ﻷمي مليش مرواح تاني!


هدر غاضبا وبدون أسباب:

-ده كان قبل ما أوافق على جوازك من الزفت يوسف، اومي اقفي وانتي بتكلميني وقفت المية في زورك.


وقفت فورا مرتبكة فوجه والدها لا يبشر بالخير، فأخرج من جيب جلبابه علبة مخملية حمراء وفتحها يريها ما بداخلها فوجدته خاتم مرصع بالكثير من الأحجار التي لم تعلم إن ما كانت أصلية أم زجاجية ولكنها حقا لا تهتم فقط تفاجئت عندما سألها:

-ذوقه حلو ولا ﻷ؟


ردت مندهشة:

-حلو أوي، بس هو ده لمين؟


أجاب وهو يخرجه من علبته:

-هقدمه بكره لملك وأنا بخطبها.


ناولها إياه يلبسه لها:

-انتم مقاسكم أد بعض شوفيه مظبوط كده؟


فعلت أمره وهي تتحدث لنفسها عن مدى قساوته فكيف يفعل ما يفعله هكذا أمامها هي ووالدتها ولا يهتم بما يشعرا:

-مقاسه مظبوط.


هز رأسه عدة مرات وابتعد وهو يضيف:

-متقلوليهاش اني جبت لها حاجه خليها مفاجأة، ويلا عشان تلحقي مدرستك كفايه عليكي غياب امبارح.


خرج فتبعته تستغل الموقف لتسترد هاتفها:

-طيب أنا كنت عايزه الموبايل اكلم ملك عشان نروحو سوا.


ابتسم فورا عند سماعه ﻷسمها وأومأ ناظرا لوالدتها التي تجهز المائدة:

-اديها تليفونها.


غادر على الفور فهاتفت صديقتها فورا والتي أجابت ناعسة:

-انتي لسه نايمه يا ملك؟ هنتأخرو على المدرسة.


اعتدلت متفاجئة:

-ايه ده هو المعلم رجع في كلامه؟


ضحكت بشدة:

-أيوه ده أنتي تأثيرك قوي عليه اوي، ده مش ابويا اللي قاعد معانا، الراجل اتجنن.


ضحكت بشدة ولكنها صمتت عندما لم تشاطرها الأخرى الضحك فهمست تسألها باهتمام:

-فيكي ايه؟ أنا عارفه انه مش سهل عليكي اللي بيحصل ده كله بس...


قاطعتها فورا:

-أنا اتكلمت مع حسن امبارح يا ورد.


انتفضت الأخيرة متفاجئة:

-ايه؟ احكيلي بسرعة ولا اقولك ألبسي خلينا ننزلو ونتكلمو في الطريق.


رفضت بعد أن تنهدت تنهيدة عميقة:

-مش هينفع انهارده، امي محتجاني عشان لسه بنخلصو حاجه كتب الكتاب، حسن غير الدنيا وهيعمل شادر في الحارة عشان الست هانم أمرت بكده.


زفرت ورد بضيق:

-أوووف بقى أنا عايزه اعرف اتكلمتو في ايه وفي نفس الوقت ابويا هيزعقلي لو مروحتش المدرسه.


ابتسمت ملك بمرار وهي تستمع لها:

-ما تكلميه خليه يغيبني انهارده وقوليله انك عيزاني معاكي يمكن يوافق.


وافقتها ولم تجادلها بشيئ وأغلقت معها المكالمة وهاتفته فورا فأجاب متغزلا بها بطريقة جعلتها تود التقيئ:

-نور عنيا، أهو أنا صباحي نور لما سمعت صوتك.


هزت رأسها معترضة على حديثه ولكنها جارته:

-تسلم يا معلم، كنت عايزه أطلب منك طلب.


ضحك فورا:

-أؤمري.


ردت وقد شعرت فعلا بتأثيرها الطاغي عليه ومنت نفسها أنها ستستفيد منه قدر المستطاع:

-انا كنت محتاجه ورد معايا انهارده عشان بنجهزو حاجة كتب كتاب حسن.


وافق دون تفكير:

-كلميها وقوليلها ابوكي موافق، بس أنا هآمن عليها عشان معاكي فلو أخوكي قرب ناحيتها أنااا...


قاطعته:

-متخافش، دي قاعدة ستات في ستات ومفيش رجالة خالص.


سألها بفضول:

-هتقعدوا كلكم في بيت حسن اللي أد الحوء ده؟


نفت فورا:

-ﻷ هنطلعو السطوح عشان نكملو تجهيز الأكل والملبس اهو واسع ويساع وبنات الحارة كلها هتيجي.


أومأ عدة مرات موافقا وقبل أن تغلق معه هتف مناديا:

-ملك.


ردت بأدب تتجاهل تلك النبرة التي لم تود سماعها سوى من رجل واحد عشقته وستعشقه للنهاية:

-نعم يا معلم؟


تكلم فورا بصوت هادئ مخالفا لنبرته الحقيقة التي تعرفها هي حق المعرفة:

-حاولي تنسي اللي حصل وبوصيلي على اني عريس لقطه هنغنغك واعملك كل اللي تحلمي بيه مهما كان، بلاش احس إنك مغصوبه عليا، أنا فرحتي بيكي متتوصفش بس الفرحة مش عايزه تكمل وأنا حاسس إنك كرهاني.


عقبت على حديثه بعقل ورزانة لا تناسب سنها الصغير:

-كل حاجه بتيجي بالتعود يا معلم، أنت اخدت اللي أنت عايزه بطريقة أنت نفسك شايفها غلط فسيبني أحاول أنا كمان اقبلها.


هز رأسه منفعلا:

-منا بحاول اهو اخليكي تقبيلها.


ردت بهدوء:

-سيب الأيام تداوي الشرخ ده، أنا مش هكدب عليك وأقول اني فرحانه بالجوازه دي بس يمكن طيبتك وحنيتك عليا تغير فكري، عشان كده سيبها للوقت وهي تتحل.

الصفحة التالية