-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 1 - 1 الجمعة 16/8/2024

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل الأول

1


تم النشر يوم الجمعة

18/8/2024


قاد دراجته النارية متوجها لعمله وهو ينظر يمينا ويسارا للمارة والبائعين بالمحلات المجاورة له يحيي الجميع ويحيونه بالمقابل فالجميع بتلك الحارة الشعبية يعلمون بعضهم البعض بل ويتعاملون وكأنهم من عائلة واحدة يجتمعون سويا بالأفراح والأحزان على حد سواء ويتكاتفون لمؤازرة بعضهم البعض وقت الشدائد.


وصل وجهته للمخزن وأخرج المفتاح والعامل الذي يساعده يحيه:

-صباح الفل يا معلم يوسف.


رد الصباح وناوله المفتاح:

-صباح الفل يا قباري، خد افتح يلا قبل المعلم رشوان ما يوصل خلينا نرصو البضاعه.


أومأ العامل وهرع يفتح الباب الحديدي للمخزن ودلفا معا للداخل وبدأ العامل بتحميل الصناديق الكرتونية ورصها بالخارج وتوجه يوسف للجهة الأخرى والمواجهة للشارع العمومي ليفتح الباب الرئيسي للمحل وصاح بصوته الجهوري:

-الرزق من عندك يارب، أبعت ياللي بتبعت.


جلس خلف المكتب وأمسك بدفتر الحسابات وفتح معه هاتفه يستطلع حركة البيع والشراء بالسوق السوداء حتى يستطيع تسعير المنتجات بأسعار مناسبة للبيع، وأثناء انشغاله استمع لصوت نحنة يعلمها جيدا جعلته يبتسم حتى قبل أن يرفع رأسه لها:

-صباح الخير يا يوسف.


ترك مقعده وهرع صوبها منفتحا ومبتسما ابتسامة ملئت وجهه:

-صباح الورد والياسمين على ست البنات، عامله ايه يا ورد؟


أجابته تنظر خلفها لتتفقد العمال إن ما كانوا منتبهين لهما أم ﻷ:

-الحمد لله، أبويا لسه مجاش ولا ايه؟


نفى بحركة من رأسه متسائلا بفضول:

-هو كان بايت في البيت التاني ولا ايه؟


أومأت ممتعضة فتنهد ومسح على طول ذراعها:

-المفروض اتعودتي بقى، زعلانه من ايه؟


أجابته وقد تحركت معه للداخل لتجلس بجوار المكتب:

-كام جوازه لحد دلوقتي يا يوسف عشان يخلف الولد، وبرده مفيش، وهو ولا مقتنع إن الراجل هو اللي بيحدد النوع بس طبعا...


قاطعها ممسكا راحتها بقوة:

-أنتي عارفه انها تلاكيك عشان يتجوز التانيه والتالته فكبري دماغك طالما مامتك ساكته، بلاش تحرقي دمك ع الفاضي.


زفرت أنفاسها تؤيده ففتح جارور المكتب وسألها:

-شوفي عايزه كام وأنا لما ييجي هبلغه أني اديهوملك عشان متتأخريش ع المدرسة.


وقفت تحتضن حقيبتها المدرسية وأجابته:

-هات 200 جني عشان عايزه اجيب مذكرة التاريخ.


ناولها النقود وقبل مغادرتها استمعا لصوت والدها من خلفهما:

-ورد! ازيك يا حبيبة ابوكي.


التفتت مبتسمة بتكلف:

-ازيك يا بابا، أنا كنت جايه آخد مصروف المدرسة ويوسف ادهولي.


ربت على كتفها مستحسنا فخرجت مسرعة تاركة إياهما وتوجهت للخارج لصديقاتها فرفعت ورقة النقود عاليا تهتف بسخرية:

-أدي ال200 جني بتاعتي، يلا كله يرمي بياضه خلينا نشوف هنعمل ايه بعد المدرسة.


أخرجت كل فتاة ما بحوزتها من نقود ما عدا تلك الواقفة بخزي تنظر داخل محفظة نقودها والتي لا تحتوي سوى على ورقة نقدية بفئة العشرون جنيها فأخرجتها بحرج:

-بس انا معيش غير 20 جني وانهاردة خلاص آخر يوم.


سحبتها ورد ووضعتها مع باقي النقود وأشارت للجميع:

-حلو كدة كملنا المبلغ كله، يلا وقفولنا مشروع يودينا المدرسه خلينا نخلص الكام حصه اللي ورانا عشان نلحق نجهز.


همست لها ملك خجلا:

-كده البنات ممكن يزعلو عشان بقالنا اسبوعين بنحوش وأنا كل اللي دفعته مكملش 50 جني.


غمزتها مبتسمة:

-عادي وفيها ايه؟ ما انا دافعه أكتر واحده ولو واحده فيهم اتكلمت يعتبروا الزياده بتاعتي قصاد العجز اللي عندك.


هزت ملك رأسها بحزن وتنهدت فدفعتها الأخرى بعد أن جلست بجوارها بسيارة الأجرة:

-متبقيش نكديه بقى يا ملوكه ده احنا بقالنا اسبوعين بنجهز لليوم ده، وبعدين محدش اتكلم اهو وكلنا عارفين ظروفك.


وافقتها وظللن يهتفن بخطتهن للمساء بعد انتهاء اليوم الدراسي وهن سعيدات وأخيراً سيحققن حلمهن.

❈-❈-❈


ترك ماسك الطعام الحديدي من يده وتحرك لداخل المطبخ الملحق بدكانه وخلع قميصه القطني المتعرق وأنزل رأسه أسفل صنبور المياة ليطفئ حرارة جسده التي علت بفعل وقفته المستمرة أمام الموقد المشتعل.


وقف والمياة قد بللت رأسه وبسبب كثافة العمل لم يستطع حتى أن يسترح قليلاً؛ فارتدى قميصه مرة أخرى وخرج لمساعدة العامل ساحبا منه ماسك الطعام ووقف يقلب السمك يمينا ويسارا ليكتمل طهوه والزبائن تناديه باسمه حتى يتعجل قليلا بتسليمهم طلباتهم:

-يلا يا حسن أنا واقفه بقالي ساعه.


رفع يديه عاليا وهاتفا:

-حاضر يا جماعه السمك كله ع النار اهو.


التفت ﻷحد العاملين لديه وهتف يستعجله:

-انجزلي الرز والسلاطات عشان تطلع مع الطلبات يا بني واوعى الرز يعجن منك زي بتاع امبارح أحسن قسما بربي لادفن دماغك فيه زي راس النعامه.


رد العامل وهو يسرع للداخل ليتفقد الأرز:

-عنيا يا معلم.


ظل يتنقل ما بين الموقد المسطح الموضوع بمقدمة الدكان وبين الأواني بالداخل لتجهيز باقي الطلبات وأخيه الأصغر يجلس خلف الحاسوب لتسجيل الطلبات وترقيمها حتى هدأ الزحام قليلاً بعد أن استطاع تسليم أغلب الطلبات.


رفع رأسه عالياً ليسحب قدرا عاليا من الهواء بعيدا عن الدخان المتصاعد من سطح الشواية فرآها تنظر له من شرفة منزلها وتبتسم له؛ فغمز لها غير عابئا بأحد وترك ما بيده والتفت ليقف أسفل بنايتها بعد أن أوكل مهمة متابعة الطهو ﻷحد العاملين لديه ورفع رأسه يحدثها بصوت عال نسبيا حتى تستمع له من ضوضاء الحارة الصغيرة:

-صباح الفل يا ست الكل.


ضحكت بخفة معقبة عليه:

-كنت الست والدتك أنا عشان أبقى ست الكل؟ 


غمز لها متسائلا:

-الجميل عامل ايه انهاردة؟


ضحكت سهر تجيبه بدلال:

-عامله مسقعه يا حسن اغرفلك.


ضحك عاليا ولكنه كتم ضحكته فور أن لمح والدتها تقف خلفها وتنظر له بحدة وتوبخهها:

-ما قولنا بلاش وقفة البلكونات دي بدل أبوكي ما يطربقها على دماغنا كلنا، ادخلي جوه.


دخلت متذمرة:

-ايووو يا جدعان هو مش خطيبي برده ولا ايه الحكاية؟


دفعتها للداخل ونظرت لذلك الواقف بالاسفل:

-ابوها هيفشكلك الخطوبه يا حسن لو ما اتلمتوش انتو الاتنين، اديني حذرتك اهو.


ربت على صدره مبتسما:

-ماشي يا حماتي، نزلي السبت احطلك شوية جمبرى ازاز يستاهلوا بوقك.


ابتسمت وفعلت طلبه:

-تعيش الجدعنه يا حسن وتسلم ايدك مقدما يا بني.


عاد لعمله وأمسك هاتفه الخلوي يضغط بعصبية على شاشته فأجابت سهر فورا تضحك:

-خلاص بقى يا أبو علي أنت مش هترتاح إلا لما ابويا يعلقك في الحارة.


استمعت لصوت تنفسه الحاد والعالي معقبا:

-لأ كده كتير والله، ليه كل الحصار ده؟ لا عارف اخرج معاكي ولا اشوفك والزيارات بحساب وساعتين بس مرة في الاسبوع، وأمك قاعده معانا فيهم يا لازقيلنا أخوكي الرخم ده.


ضحكت على حدته وهو يضيف:

-أقول لابوكي عايز أكتب الكتاب يقولي ﻷ كتب الكتاب في القاعة، طيب بحبحها شويه مش كده أنا لحم ودم يا عالم.


قضمت أسفل شفتها تتدلل عليه بصوت أنثوي قاصدة إثارته:

-حقك عليا يا ابو على، حبيبي أنت.


ابتلع ريقه ناهجا:

-الله يسامحك.


تحركت صوب النافذة وهي تخبره:

-طيب طل براسك فوق كده.


نظر لها فأرسلت له قبلة طائرة فأمسكها بشفتيها وهمس بصوت يذوب عشقا:

-ربنا يقرب البعيد ويجمعنا في الحلال يا سهورتي.


ردت تبتسم له:

-امين يا ابو على، يسمع من بوقك ربنا.

الصفحة  التالية