-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 2 - 1 الأربعاء 21/8/2024

  قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل الثاني

1


تم النشر يوم الأربعاء

21/8/2024

لا يجب عليك الحزن وأنت جميل في ضحكتك...

فابتسم لتشرق الدنيا نورًا من ثغرك...

ابتسم ليزهر الحب في قلبي وقلبك... 

ابتسم لتضيء الدنيا في عيني...

ابتسم لأرى وجهك المشرق المحب بكل تفاصيله...

كيف لهذا الحزن أن يخترق قلبك اللطيف؟ 

خوفي عليك من الحزن يفوق كل خوف...

أخاف عليك من الانكسارات، من التعب...

أخاف عليك أن تحزن وأنا لا أعلم...

فبعض الوجوه أتمنى لها أن لا تحزن أبدًا...

فقلبك اللطيف هذا لا يستحق الحزن...

فابتسم وأدخل السعادة لقلبك الحنون مهما أحزنتك الحياة..

ابتسم فالابتسامة تليق بك...


❈-❈-❈


صف السيارة ينتظر اخته أسفل بناية صديقتها ولازالت تلك الجالسة بجواره تبكي منهارة ولم تتوقف عن سؤاله:

-هنعمل ايه يا يوسف؟ أنا خايفه أوي.


ظل مركزا بصره أمامه وكأنه يفكر ولكنه في حقيقة الأمر لم يكن يفكر في حل لمعضلته بل يفكر كيف ستكون نهايته على يد والد من أحبها.


لحظات ونزلت ملك تجلس بالمقعد الخلفي فتحرك هو سريعا حتى وصل لمنزل ورد فأوقف السيارة منتظرا منها أن تترجل ولكنها ظلت جالسة تنظر له نظرات فهمهما جيداً أنها تودعه لربما تكون المرة الأخيرة التي تراه بها فهو إما سيقتل كما حدث لحبيب أختها الكبرى أو سيهرب الآن وحالا بعائلته ولن تراه مجدداً.


سألته قبل أن تترجل بصوت مخنتق انتبهت له ملك أخيراً:

-بلاش تروحله المخزن يا يوسف عشان خاطري، هيقتلك.


اتسعت حدقتي ملك وركزت بحوارهما والأولى تضيف:

-خد طنط واخواتك واهرب.


تسائلت بفزع:

-فيه ايه؟ مين اللي هيقتل مين؟ فهموني!


لم تجد إجابة من أحد سوى صوت أخيها:

-أنزلي يا ورد.


انهارت باكية وكادت أن تصرخ رافضة:

-عشان خاطري يا يوسف بلاش تروح، أنت عارفه كويس مش هيسيبك.


ردد كلماته مرة أخرى وبحدة أكبر:

-أنزلي يا ورد.


رمقته بنظرة أخيرة مودعة وترجلت من السيارة فقادها مبتعدا عن أنظارها ومتوجها لمنزله وصف السيارة فترجلت ملك وفتحت الباب الذي بجواره وجلست مكان ورد وبدأت سيل أسئلتها المتخوفة:

-ايه اللي حصل؟ ومين اللي هيقتلك؟ ومخزن ايه اللي أنت رايحه؟


لم يجب فتابعت:

-رد عليا يا يوسف، هو المعلم رشوان عرف بعلاقتك بورد؟ رد عليا.


أومأ بوجه متجهم فوضعت راحتها على فمها لتكتم شهقتها وحذرته على الفور:

-يبقى معاها حق، هيقتلك لو روحتله.


ابتلع ريقه الجاف وعلق عليها:

-لو كان عايز يقتلني كان عملها قدامها زي ما حصل مع أختها، هو اداني الأمان لما قال أنه مش هيقتلني بس الأكيد انه هيطلب حاجه.


هزت رأسها تسأله:

-حاجه زي أيه؟


حرك رأسه يمينا ويسارا بحيرة:

-مش عارف، بس أكيد هيطلب حاجه أعملها عشان يحلني وإلا كان تاواني زي ما بيعمل مع أي حد بيعارضه أو بيتحداه.


بكت وهي ترى رهبة أخيها بهذا الشكل وتخوفت أكثر عندما تابع حديثه:

-خدي الرقم ده سجليه عندك، لو مرجعتش لحد الصبح كلميه وقوليله انك اختي وانك هتكملي الشحنه مكاني.


لم تفهم شيئ مما أخبرها به فأضاف يوضح:

-اسمه المعلم ابراهيم أبو شامه، تاجر دخان هو كمان وعنده مكتب استيراد، بيستورد شغل قانوني ويحط معاه الشغل المتهرب وكنت متفق معاه على تهريبه ب250 الف والمكسب زيهم.


سجلت رقمه على هاتفها ويوسف يكمل:

-الاتفاق انه يدخل الشغل ويسلمهولي وانا أتصرف فيه بس لو مرجعتش خليه هو يبيعه للتجار عشان مش هتعرفي تتصرفي لوحدك، فكده تمن الشغل كله هيبقى نص مليون.


ظل يشرح لها كل الأمور:

-هياخد عمولته 10% زي ما اتفقنا على التهريب وأكيد هياخد عموله تانيه على التصريف فمتخليهوش يضحك عليكي ويزود العموله عن 10%.


بكائها جعله يتشتت قليلاً فصرخ بها:

-مش وقت عياط وركزي في كلامي ونفذيه بالحرف الواحد.


مسحت عبراتها من على وجهها واستمعت له:

-بكره الصبح لو مرجعتش تعملي كل ده وتكوني جهزتي نفسك عشان تاخدي امي واخويا وتمشو من الحارة.


اتسعت حدقتيها وعاد بكائها وهو يتابع:

-هتروحي تقعدي عند المعلم ابراهيم واطلبي منه الحمايه لحد ما يصرفلك الشغل وبعدها خدي الفلوس واهربي من هنا انتي وامك واخوكي، مفهوم؟


أومأت ففتح لها الباب مشيرا لها بالخروج:

-انزلي وبلاش تحسسي امي بحاجه لحد الصبح، لو مرجعتش هتعرفي تعملي ايه صح؟


أومأت ولكنها انحنت تحتضنه وتتوسله:

-بلاش تروحله، تعالى نروح للمعلم ابراهيم زي ما بتقول و...


قاطعها مبتسما:

-المعلم ابراهيم مش هيعادي المعلم رشوان عشان خاطري وانتو لو جرالي حاجه مفيش خطوره عليكم بس أنا خايف الكل ينهش فيكم ومتعرفوش تهربوا.


لم تفهم مغذى حديثه، ولكنها وافقت على أي حال وترجلت وصعدت منزلها وقاد هو متوجها لمكان المخزن وعقله يذكره بأحداث الماضي البعيد والذي يتكرر في ذاكرته ولم يتركه أبدا يهنئ بحياته عندما شهد موت والده أمام عينيه منذ اكثر من اثنى عشر عاماً عندما ذهب لمكان عمل والده بالأطعمة المعدة بيد والدته.


دلف الصبي ذو الأحد عشر عاما يحمل بيده اواني الطعام لوالده فابتسم فتحي وترك العمل الذي بيده وتوجه لنجله ليحمل عنه الطعام واستدعى باقي العمال:

-تعالو يا رجاله أم يوسف بعتت الغدا.


جلسوا جميعا على المنطدة وفرشوا الأطعمة المختلفة وعندما حاول يوسف المغادرة تمسك به والده:

-خليك يا يوسف كل معانا.


رفض بأدب:

-عشان مسبش امي لوحدها احسن كانت تعبانه اوي وعماله تقولي شكلها هتولد انهارده.


اتسعت بسمته وغمز لنجله:

-معلش بقى يا بني امك هتخلف ولد وهتدخل الجيش.


ضحك يوسف ساخرا من نفسه:

-والله يا بابا خساره الشعر ده يتحلق.


ربت عليه فتحي:

-اهو عشان كده ابدأ بقى اتعود تحلقه عشان متزعلش عليه لما تكبر وتدخل الجيش.


هز رأسه موافقا وغادر فناداه والده يسأله:

-اختك عامله ايه دلوقتي؟ السخونيه نزلت منها شويه؟


أومأ موضحا:

-ايوه وامي كل شويه بتديها الدوا.


علق أحد العاملين على الحديث والطعام يملئ فمه:

-الأكل زي الفل تسلم ايد أم يوسف.


ريت فتحي عليه:

-الف هنا.


تكلم العامل مجددا:

-طالما مراتك على وش ولاده وبنتك الصغيره تعبانه ما تكلم المعلم يحلك من نقلة انهارده وروح خليك في بيتك.


جلس يأكل هو الآخر:

-أنت عارف المعلم مش بيثق في حد غيري والأكيد انه مش هيوافق.


عاد يوسف لمنزله فوجد والدته تجلس على الفراش تتألم وتسأله:

-اتأخرت كده ليه؟ مقولتش لابوك اني تعبانه!


رد وهو يقترب منها يربت عليها بحنان:

-قوتله بس معرفش يسيب الشغل.


جائتها ضربة قوية صرخت على إثرها ونظرت أسفلها للمياة التي تدفقت منها فصاحت تستنجد بنجلها:

-الحقني يا يوسف، روح انده على أم حسن تلحقني واجري نادي ابوك قوله امي بتولد.


هرع فورا نازلا الدرج ودلف البناية الملاصقة لبنايته وهو يصرخ عاليا:

-يا أم حسن، يا أم حسن.


فتحت الأخيرة الباب تصيح بهلع:

-في ايه يا يوسف؟ امك بتولد ولا ايه؟


أجابها وهو يعود أدراجه نازلا الدرج:

-ايوه الحقيها على ما أنده على ابويا.


هرع صوب المخزن ولكنه تفاجئ بتلك السيارات السوداء التي تحيط بالمكان فعلم أن موعد التسليم قد حان وسيجد صعوبه بالدخول، ولكنه طالما ما لعب بتلك المنطقة ويعلم ثغراتها جيدا فتسلل

ودلف من الفتحة الصغيرة بجوار الباب الخلفي واختبئ منتظرا انتهاء والده من تسليم البضاعة وبعدها سيخبره أن والدته على وشك الوضع، ولكنه تفاجئ بهذا الرجل يوجه سلاحه صوب رأس والده والأخير يبتلع ريقه ويهتف بخوف:

-المعلم رشوان لو عرف باللي بتعمله هيصفي دمك وانت حي.


ضحك الرجل ساخرا:

-والمعلم هيعرف إنه أنا منين؟ 



الصفحة التالية