-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 7 - 1 - الجمعة 16/8/2024

  قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل السابع

1


تم النشر يوم الجمعة

16/8/2024 


 عمت الفوضى في منزل ندى فبعدما اخبرت والديها وشقيقها بطلب جارهم رحبوا جدا بالفكرة فلطالما اعجبهم ذلك الفتى المهذب مما جعلها تشعر بالسعادة والفرح والحيوية. 


هبت واقفة تنظف المنزل وترتبه بمساعدة والدتها.

 بينما شقيقها ولج إلى غرفته كي لا يعطلهم. 

 أما عن والدها فجلس في الشرفة يتصفح الجرائد.


 مرت أكثر من ثلاث ساعات وهما تعملان بهمة شديدة حتى ألقت ندى بجـ سدها فوق أحد المقاعد تهتف بإرهاق: ينهار ابيض ده احنا ما بنتعبش كده لما بنروق ترويقة العيد.


 تشدقت والدتها بسخرية وهي تجلس بجوارها: اه طبعا لازم تعملي كده ما انا طول عمري مش منعياكي هم حاجة يا اختي كنتي بتقعدي هانم وانا اللي بشتغل بس عشان خاطر عريس الغفلة تعملي كده

 وديني يا ندى بعد كده ما حاطة ايدي في حاجة وشغل البيت كله عليكي لحد ما تتجوزي. 


فغمغمت ندى بصوت منخفض: يا رب اتجوز بقى قبل الاشغال الشقة اللي ماما هتفرضها علي دي. 


ابتسمت والدتها ثم هتفت بحدة مصطنعة: بتقولي ايه يا اختي؟


 ولا حاجة يا ماما انا قايمة اقول لفضل ينزل يجيب حلويات.


 اتجهت إلى غرفة شقيقها وهي تدندن بسعادة: خطابك كتير وقالوا لي تستاهلي الدهب واللولي من بين الحبايب سالم. 


تبعتها والدتها بعينيها ثم اتسع ابتسامتها وهي ترفع كفيها إلى السماء مغمغمة بتضرع: ربنا يسعدك يا ندى يا حبيبتي ويفرحني باخوكي عن قريب يا رب. 


اقتحمت غرفة شقيقها ثم هتفت بعجالة: انت قاعد عندك بتعمل ايه يلا انزل هات لنا شوية حاجات جاتو بقى وتورت وساليزونات وكده يعني روق على اختك يومك جاي.


 أجابها بدهشة: حيلك حيلك جاتوهات وترتات ايه 

ده هو سالم وامه وابوه محسسانا ان فيه قبيلة هتيجي تزورنا النهاردة يا بنتي ده احنا دستة جاتو تغرقنا احنا وهما. 


دنت منه تهتف بدلال مضحك: ويرضيك يقولوا علينا بخلا يا فضل لا انا ما ليش دعوة انا عايزة الترابيزة كده تبقى مليانة حاجات.


 منحها فضل ابتسامة دافئة ثم داعب وجنتها باصابعه مغمغما بتأثر: كبرتي وهتتجوزي يا ندوش ده انا فاكر لما كنت بشيلك على ضهري وانتي عيلة صغيرة بجد الأيام بتجري بسرعة.


 قاطعته بصوت مرتفع: حيلك حيلك دول هم تلات اربع سنين اللي بيني وبينك ليه محسسني ان فيه فرق شاسع في العمر يلا يا بابا انت بس اللي طويل واهبل. 


رمقها فضل بتوعد ثم دنا منها ببطء مريب مما جعلها تتراجع للخلف وهي ترفع كفيها أمام وجهه باستسلام: احنا اسفين يا صلاح يلا بقى انزل عشان ما تتأخرش.


 اومأ لها بالموافقة ثم انتعل حذائه واتجه للخارج وهي تتابعه بعينيها  وعندما أغلق الباب من خلفه راحت تقفز بسعادة وهي تدور حول نفسها كالفراشة.


 فما أجمل أن تجتمع بالشخص الذي تعشقه منذ كنتو صغارا


❈-❈-❈


وبعدين معاك يا صاحبي احنا جايين هنا عشان تسرح ولا عشان تفك؟


 أجابه بحزن لم يستطع اخفاؤه: غصب عني والله يا رحيم كل مكان هنا بيفكرني بيها وكل لما بغمض عيني بشوفها أو بشوف موقف جمعني معاها أعمل ايه قل لي يا رحيم ازاي اخرجها من جوايا ازاي انساها ازاي ما فكرش فيها وانا اللي مربيها ده حتى طلباتها انا اللي كنت بجيبها لها

 واول يوم راحت فيه المدرسة رحت مع عمي عشان ما اسيبهاش لوحدها  والمزاكرة كنت بزاكر لها

 اعمل ايه يا رحيم؟


 تأثر رحيم بكلمات صديقه التي رغم بساطتها كانت تحمل في طياتها الكثير والكثير من الحب والعشق وكذلك الخذلان. 


يا الله! كم أن هذا الحب عظيم فالحب باستطاعته أن يجعل الشخص حرا طليقا ممتلئا بالحيوية يشعر بجمال كل شيء حوله.

 وعلى النقيض يمكن أن يجعل الإنسان مقيدا مهموما مكسورا. 


فتح رحيم فاهه ليتحدث بكلمة تخفف عن صديقه إلا أنه لم يستطع فالكلمات لم تسعفه أبدا مما جعله يطرق رأسه أرضا


 فساد الصمت بينهم حتى قطعه هو: قل لي يا رحيم ايه الحاجة اللي لا يمكن تغفرها للشخص اللي انت بتحبه؟


 فهم رحيم ما يرمي إليه صديقه فغمغم بهدوء: الخيانة. الخيانة لا تغتفر يا صاحبي.


 اومأ رائف برأسه ولم يعقب.


 فتابع رحيم: بس برضو صوابعك مش زي بعضها يعني انا مثلا ده رأيي ممكن أي حد تاني يشوف إن الخيانة غلط زي أي غلط ويمكن البني آدم يتوب عنه ويتصلح حاله اقصد…


 قاطعه رائف بسخرية: ما تحاولش انك تخفف عني يا رحيم انا فاهم كويس اوي انك عايز تواسيني بس الخيانة مش زي اي غلط تاني. زي ما انت فبتقول الخيانة شيء عظيم خصوصا لما تحس انك ما قصرتش مع الشخص اللي انت بتحبه أو اديته كل حاجة وهو اختار.


 صمت فلم يعد يستطيع إكمال حديثه مما جعله يصمت.


 ثواني وهب واقفا يهتف بجدية: قوم نروح بار انا عايز افك شوية. 


على الرغم من تعجب رحيم من حديث صديقه فهو لم يعتد ذهابه إلى تلك الأماكن إلا أنه انصاع لطلبه عازما على التخفيف عنه بأي طريقة 

فهو لم يره أبدا على تلك الحالة قط لطالما كان قويا صلبا باردا في بعض الأحيان


❈-❈-❈


احتـ ضنها بقوة فهو بداخل احضـ انها يشعر وكأنه طفلا صغيرا في كنف أمه وليس ذلك الرجل كبير عائلته المسئول عنها. 

فأحيانا يحتاج الشخص إلى من يحتويه حتى ولو كان كبيرا في العمر والمقام وهذا ما حدث بالضبط مع حسن نصار الذي يحمل مشاكل عائلته فوق كاهله منذ وفاة والده وخاصة زاد الوضع عليه سوءا بعد وفاة زوجته مما جعله يكرس حياته بأكملها لأولاده وإخوته 


حتى تعرف على ماجي تلك المرأة الجميلة الحنونة التي احتوته وعشقته ووفرت له كل سبل الراحة مما جعله متعلقا بها كثيرا وها هو ذا يمكث بين احضـ انها يقص عليها ما حدث معه منذ الصباح  والأخرى تستمع له بإنصاف شديد 


راحت تدلك فروة رأسه بأصابعها الصغيرة ثم هتفت بعذوبة: روق يا قلبي وكل شي هيصير متل ما بدك بس انت لازم تضل قوي من شان خيك و مرته. 


انحنت تطبع قبـ لة فوق وجنته بعد أن أراحا برأسه فوق فخـ ذيها ثم هتفت بهدوء: بدي قل لك شغلة بس بدي اياك ما تزعل مني.


 تطلع إليها باهتمام

 فتابعت: هالبنت اللي بدك ياها تاخد مكان سيلا هي معا حق ما بيصير تجبرها على شي وتستغل…


 قاطعها: انا ما قداميش حل تاني يا ماجي البنت دي لازم توافق وانا ما بعملش حاجة ببلاش وهعوضها ماديا هي وعيلتها وكمان هرحمها من ابوها شوية.


 فتحت فيها لتتحدث إلا أنه استقام جالسا يهتف بصرامة: ما خلاص قفلي على الموضوع ده وما تخلينيش اندم اني حكت لك ويلا قومي البسي عشان ننزل ناخد الإبرة عشان لازم ارجع المستشفى تاني.


اومأت له في صمت فهي لم ترى زوجها على تلك الحالة من قبل لكن يبدو أن ما يحدث معه فوق طاقته لذا فضلت أن لا تجادله كثيرا وتنفذ ما طلبه منها كي لا تزيد همومه


❈-❈-❈


كالعادة دفع باب غرفتها بدون إذن مما جعلها ترتعب فقفزت واقفة تهتف بوجل: في حاجة؟


 دنا منها قابضا على ذراعها يهزها بعنف مردفا بفحيح: طول عمرك فقرية يا بنت سهام لكن وديني لو ما وافقتي على العرض اللي اتعرض عليكي لاكون فضحك وفاضح أمك وقايل للحارة كلها إن امك خانتني وان انتي  بنت حرام مش بنتي وشوفي بقى الناس هتقول ايه وهتجيب في سيرتك وسيرة امك ازاي.


 في بادئ الأمر لم تفهم مغزى حديثه لكن سرعان ما تذكرت عرض ذلك الرجل الثري الذي زارها بمحل عملها اليوم مما جعلها تبكي بقوة هاتفة بذعر: ابوس ايدك ما تعملش معايا كده حرام عليك انا استحالة اوافق على حاجة زي دي دول ناس غيرنا كل تصرفاتهم غير تصرفاتنا بنتهم كمان مش محجبة هقعد ازاي وسطهم دول ناس غربا عني.


 قهقه بلا مرح وما زال يقبض على ذراعها مما جعل اصابعه تترك اثرا: والله مش مشكلتي حرام مش حرام ما يخصنيش انا كل اللي عايزه الفلوس والشقة اللي الراجل ده وعدني بيهم وانت كمان يا بت هينوبك من الحب جانب هتعيشي لك كم يوم حلوين عيشة ما كتيش لا انت ولا امك تحلمو بيها

 غير انه هيديكي فلوس كتير اوي بعد ما مهمتك تخلص. 


هزت رأسها نافية وما زالت دموعها تسيل فوق وجنتيها.


 فهتف بنفاذ صبر: وقفي كفاية عياط وفريه لبعدين في حالة لو رفضتي يعني مش هتبكي دموع لأ ده انت هتبكي دم على سمعة امك اللي هتبقى في الأرض عشان كده قبل ما تقرري فكري ودلوقتي بقى انجري حضريلي العشا عشان انا ميـ ت من الجوع. 


دلف إلي الخارج تاركا إياها تتخبط في افكارها.

 فماذا عساها أن تفعل كلا الخيارين اصعب من بعضهما. 

ماذا لو رفضت قطعا سينفذ والدها تهديده وسيفضح والدتها البريئة في كل مكان وستصبح سيرة والدتها على لسان كل امرأة ورجل في حييهم

 وإن قبلت ستخسر دينها الذي كافحت نفسها كثيرا كي تصل إلى ما وصلت إليه فلقد حفظت القرآن وارتدت حجابا طويلا. 


ظل عقلها يدور كبنادول الساعة لكنها سرعان ما انتفضت من مكانها عندما استمعت إلى صوت والدها المرتفع يأتي من الخارج: العشا يا زفتة.


 مسحت دموعها بقهر ثم اندفعت للخارج عازمة على تنفيذ أوامره وفي نفس الوقت التحدث معه علها تثنيه عن قراره المتهور


❈-❈-❈


أمام الفـ راش الذي ترقد عليه زوجته وقف يتطلع إليها بعجز شديد وهي ترمقه وعينيها تطلق الكثير من الأسئلة التي يعجز عن ترجمتها مما جعله يعطيها هاتفها مردفا بحزن: اكتبي اللي انت عايزة تقوليه يا نهال يا حبيبتي. 


التقطت منه الهاتف بيد مرتعشة وراحت تكتب بعض كلمات قرأها بصوت مرتفع نسبيا: اخبار بنتي ايه يا ماجد؟


 اغتـ صب ابتسامة صغيرة ثم أجابها بكذب: الدكتور قال إنها بتتحسن. 


أشارت إليه ليعطيها الهاتف ثانية.

 وسرعان ما لبى طلبها فكتبت: عايزة اشوفها. 


 تلعثم في الحديث ومن ثم أجاب: هي نايمة دلوقتي يا حبيبتي وانت كمان لسة تعبانة. 


هزت رأسها نفيا بعنف مما جعل زوجها يوافق على طلبها فعاونها على الوقوف ومن ثم اصطحبها إلى غرفة العناية المركزة التي ترقد بها ابنتها. 


وقفت أمام تلك الغرفة ودموعها تنساب فوق وجنتها وقلبها يتمزق على وحيدتها. 


جذبها ماجد إلى صـ دره وراح يهدهدها ببعض الكلمات المطمئنة: متعمليش في نفسك كده يا حبيبتي صدقيني سيلا هتبقى كويسة الدكتور أكد لي بنفسه على كده

 تعالي بقى نرجع اوضتك عشان ما تتعبيش انت كمان صدقيني لو جرى لك حاجة انا هموت. 


تشبثت به أكثر وكأنها تخبره بذلك العناق الدافئ بأنها ستظل بجواره 

فكلاهما يحتاج إلى بعضهما البعض.


 عاد بها إلى غرفتها وهو يمني النفس بأن تفيق ابنتهما ويعود كل شيء كالسابق


❈-❈-❈


أما عن هيام فلقد عادت إلى الڤيلا كي تحضر بعض الثياب لشقيقها وزوجته الذي رفض أن يعود إلى المنزل بدونها. 

وقبل أن تدخل إلى الفيلا استوقفها صوت أحدهم يهتف بجدية ممزوجة بالقوة: هيام هانم.


 استدارت لتتعرف على هويته والتي عرفته على الفور رمقته باستفهام؟

 فتابع: انا حبيت اجي اسألك عن ماجد بيه ومراته وكمان سيلا انا زعلت جدا عليهم والله وكنت عايز اعرف ايه اللي حصل بالظبط ولو عايزين مني أي مساعدة انا تحت امركم. 


أجابته بهدوء: كلك زوق يا سيادة اللوا انا متشكرة جدا لسؤالك كل بس اللي بطلبه منك انك ما توقفش عربيتك مكاني لأني بصراحة مش في مود خناق خالص. 


رغما عنه فلتت ضحكة صغيرا من بين شفـ تيه زادته وسامة ووقار

 مما جعلها تتأمله بانبهار لكن سرعان ما أشاحت ببصرها عنه كي لا تفضحها نظراتها فلقد لاحظ تحديقها به مما جعله يشعر بسعادة غير مبررة فتنحنح بقوة ثم غمغم برسمية: طيب هستأذن  وزي ما قلت لك انا تحت أمركم في أي حاجة.


 اومأت له ثم شكرته مرة ثانية وولجت للداخل تاركة إياه يرمقها بنظرات غير مفهومة


الصفحة التالية