-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 36 - 1 - الثلاثاء 6/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل السادس والثلاثون

1

تم النشر يوم الثلاثاء

6/8/2024



في المساء، أعدت ضحي طعامه المفضل و ارتدت فستانًا أحمرًا جذابًا للغاية وجلست تنتظره لتخبره بأمر حملها، على الرغم من قلقها من رد فعله، لكنها قررت أنه يجب عليه أن يعرف وبالتأكيد سيصدق أنها لم تكن تقصد فعل ذلك، أعدت علبة على شكل هدايا و وضعت فيها قطعة من ملابس الأطفال واختبار الحمل.


مر وقت طويل ولم يعود حتى أنها فقدت الأمل في عودته، حتى عندما حاولت الاتصال به وجدت الهاتف مغلقًا! تنهدت ضحي طويلاً ونهضت لتحمل الطعام وتنزل به إلى المطبخ وفي هذه الأثناء، فتح منذر الباب وسمع صوت موسيقاه ليتحرك ليغلقها بهدوء، ثم جلس على أقرب مقعد بوضوح عليه التعب

وضعت الطعام في مكانه بسرعة وتحركت نحوه، شعرت أن هناك خطبًا ما به، رفعت حاجبها وسألته والقلق ينهش قلبها


= مالك يا حبيبي في ايه انت كويس ؟ 


تطلع فيها بأعين مرتبكه و أضطر أن يقص عليها ما حدث مؤخرًا وعلم به، شعر بغصة في قلبه وهو يجيب عليها بحالة لا يرثي لها


= عرفت ان أبويا بقي عاجز بسبب الحادثه اللي عملها لما كان بيجري ورايا عشان يلحقني! أنا السبب يا ضحى لو كنت وقفت ما كانش كل ده حصل؟ بقي قعيد وقاعد على كرسي و رجله مش بتتحرك .


صمتت ضحي تفكر بما ستجبه وفي لحظة

صمتها القصير كسرته وهي تتسائل بريبة وحاولت عدم إظهار معرفتها من قبل


=وانت عرفت منين حاجه زي كده


لفظ الهواء ببطءٍ من صدره ليقول لها بصوت مخنوق 


=واحد شافني كان يعرفني ايام ما كنا جيران فكرني كنت اعرف! قالي ايه اخباره، ما عرفتش ارد وقلتله انت تقصد إيه وهو ماله ؟؟ عرفت بالصدفه اللي حصله منه ومن ساعتها مش قادر استوعب.. انا ما كنتش عاوز اقابل حد منهم ما انا كنت في حالي رجعوا تاني دخلوا حياتي ليه؟؟ قلت له انا ما اعرفكش وما لكش دعوه بيا لكن هو اللي جري ورايا وحصل اللي حصل.


شعرت بغصة علقت في حلقها و قلبها يخفق بقوة من كلماته و نظرته التي تمنت أن يقتلع قلبها بيده و لا يكون هكذا هتفت بقوه واهيه


=منذر ما تعملش في نفسك كده واهدى يا حبيبي ده نصيبه و ده كان هيحصل سواء وقفت كلمته ولا مشيت! انت ما لكش ذنب وما تحملش نفسك فوق طاقتك.. واديك قلت بنفسك انت ما كنتش عاوز تقابله ولا تكلمه و هو اللي صمم وجري وراك وما خدش باله من الطريق ومش بعيد تكون غلطه كمان السواق و ما كانش منتبه؟ فانت سايب كل ده ومصمم تضغط على نفسك وتحمل نفسك ذنب مش ذنبك ليه.


زفر بضيق وفاض الأمر به صائحا بصوت مقهور


= عشان رغم كل اللي عمله وانا مش عاوز الاذيه لحد، لو كان في دماغي ااذيهم كنت عملت كده من زمان لكن انا اخترت أبعد.. ويا ريتهم حتى راحمني، كان ممكن يموت لقدر الله بسببي ولا حاجه مش كده


بدا على وجهها الناعم قلقٍ أكبر من حالته، و اردفت وهي تضم وجهه بين قبضتيها لتنظر إلى عينيه الشارده


= برده ما كانتش هتبقى غلطتك بس الحمد لله هو كويس وعايش الموضوع يعني متوقف على رجله، وغلطته هو أو غلطه السواق بس مش انت.. 


حدقها بذات النظرة التي رمقها بها في البداية عندما علم باصابه والده، ثم تحدث بآلم ينهش روحه


=انا تعبان يا ضحى مش عارف اعمل ايه؟ انا عارف انه غلط معايا كتير وانا مش هقدر اسامح ولا هسامحه، بس برده انا مش مؤذي زيهم! انا مش عاوز ابقى كده! مش عاوز ابقى نسخه منهم .


هزت رأسها وهي تردف باعتراضٍ حذر


=ومين قال لك ان انت كده نسخه منهم، منذر بطل تضغط على نفسك، انت قابلته بالصدفه وقلتله يبعد عنك وهو اللي صمم يجري وراك ما بصش قدامه ولا انتبه لنفسه.. ده قدره ومحدش بيقدر يغيره! وما ينفعش كمان نعترض عليه


أبتلعت لعابها بتوجس و توتر ثم أضافت بتردد 


=هو انت فكرت تروح تشوفه او تطمن عليه وكده.


صمت لحظة واطرق رأسه حزناً ثم أجاب 

بمراره


= لا و مش عاوز! قولي عليا بقى اناني ما عنديش دم ولا رحمه أي حاجة لكن مش قادر اشوف حد فيهم مهما يحصل.


تلتفت نحوه وتحدثت ببساطة دون اعتراض  


= ماشي براحتك اعمل اللي يريحك، اكيد هاجيلك وقت وهتحس انك عاوز تعمل كده لكن طالما مش حاسس بالاحساس ده دلوقتي يبقى خلاص مش بالعافيه تغصب على نفسك تعمل حاجه مش عاوزها.


أحاط خصرها بیداه وسحبها بخفة لأحضانه

ثم إبتعد عنها قَليلاً يُحدق في عينيها الناعسة

متمتماً بصوتاً مسموع


= هو انا كده كويس يا ضحى ولا اتغيرت فعلا 


أجابت مبتسمة بجدية وهي تشعر به من حزن و هم فوق رأسه


= كويس جدآ، احسن راجـل شوفته في حياتي بعد بابا واحلي نعمه في الدنيا هي وجودك .. طب أقولك حاجة ومتقولش عليا عبيطه ساعات لما بابا بيوحشني بقعد اتفرج عليك و انت بتتعامل مع اوليندا و بشوف فيك نفس الحنية نفس الطبطبة حتى نرفرْتك زي ابويا بالضبط.. عشان كده ما حستش بفراغ كبير بعد موته عشان انت مليته 


أقتربت منه أكثر ودنات بشفتيها نحو خده وطبعت عليه قُبلة ناعمة ثم تابعت حديثها

بحنان يحتاجه


= مين بس اللي يقدر يقول عليك غير كده؟ ناس تعرفيهم! يمكن لكن ما حدش فكر يعرفك كويس يبقي ليه ده يضـايقك أو يأثر فيك، أنت بالنسبالي حاجه كبيره اوي يا منذر.. لو كنت لقيت حنيه منهم في يوم ما كنتش زمانك بعت ولا هم حصل لهم كده.. محدش عارف يمكن اللي هم فيه ده ذنب بيخلصوا


إرتفعت زاوية فمه بأبتسامة عاشقة وهمس هائِماً بتفاصيلها


=والله انتٍ اللي مصبرني على انا فيا ياضحى مش عارف لو ما كنتيش في حياتي كنت 

عديت ازاي ده كله، ما كنتش فاكر ان عطا ربنا هيكرمني كثير أوي كده، سواء انتٍ ولا بنتي.. انتم جيتوا للدنيا عشان ربنا يكرمني عن عمري اللي راح 


نظر إلى الغرفة ولاحظ الفوضى التي بها، و شعرت بأنه يكاد أن يتحدث لكنها قاطعته و أخبرته أنه يجب أن يرتاح وينام الآن ولا يفكر في أي شيء وبالنسبة لموضوع حملها، وجدت أن الوقت غير مناسب على الإطلاق.. علمت أنه سيغضب عندما يعلم بالأمر، لذا كان من الصعب أن تخبره الآن ويكفي ما هو به.


استند عليها بصعوبة وتحملت وزن جسده على ضعف جسمها وبهدوء توجهت نحو الفراش ومددت جسده عليه وساعدته في خلع جزمته وغطته كادت ترحل، لكنه بسرعة أمسك بيدها وهتف برجاء وضعف وهو يحدق بها شبه مغلق العينين


= ضحي تعالي نامي جنبي.. خديني في حضنك زي زمان.. محتاجلك بجد أوي.


ابتسمت بهدوء واستسلمت لطلبه بكل تأكيد 

نائم بعدها فارداً ذراعيه كطائر وثوان حتى أصبحت ضحي ملتصقة به، تحتضن جسده البارد وأراح هو رأسه على صدرها فأخذت تمرر يدها على شعره المبعثر بأرياحية، ولم تستيقظ الا بالصباح على صوته وهو يتحدث بالهاتف مع شخص ما، نهضت بخطوات بطيئه وتحركت تجاهه وهي تقول بنبرة خافته


= صباح الخير صحيت امتى


إبتسم يجذبها مِن خصرُها لتجلس على ساقه

تَلف ذِراعاها على عنقه حدق بها لثوان قبل أن

يخاطبها مُدعياً الندم


= صباح النور، خدت بالي متأخر من اللي انتٍ كنتي عاملاه في الاوضه امبارح؟ بس الوقت ما كانش مناسب بقى وانا بوظتلك كل حاجه .


حركت رأسها بعدم إهتمام ثم سألته بنبرة

حائرة


= مش مهم يبقى نعوضها بعدين هو انا كنت سامعاك بتتكلم مع حد عن حفله ايه دي؟!. 


زم شفتاه مُفكِراً ثُم إذ به يقترب منها واضعاً

رأسه مابين عنقها و كتفها رسم قبلة هناك

مجيباً أياها بصوتاً مرهق


= صح عندنا حفله قريب، جهزي نفسك بقى من دلوقتي عشان نويت اخدك معايا زي ما وعدتك المره اللي فاتت.. وبالمره نقضي وقت لطيف مع بعض ونتجاهل بقى اللي حصل.


الصفحة التالية