رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل الأخير - 1 - الأربعاء 7/8/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الأخير
1
تم النشر يوم الأربعاء
7/8/2024
في منزل رانيا أخت ديمة، كانت حالتها سيئة للغاية، فقد كانت ترغب في التخلص من تلك المشاعر التي تثيرها كل ليلة وتسألها عن حبيبها آدم، ذلك الحبيب الذي عذبها وأحياها في نفس الوقت! والتي قلبت حياته رأسًا على عقب، ثم رحلت وتركت له ذكريات فقط.. حين لم تعطيها الحياة الأمان، فعل هذا.
عيناها قد امتلأت مع شهقاتها المكتومة و شعرت بضيق بصدرَها وكأنها كانت تعلم بأن إبعادها عنه هناك فجوة كبيرة في حياة كلاهما ومع ذلك إختارت العيش في تلك الفجوة.. منذ أن ذهبت الى اخواتها لتتحما حامه فيهم و تبحث عن الأمان الذي فقدته لفتره في حياه آدم وهي من جهة أخرى لا تخرج من بيتها إلا لقليل المرات لأجل أطفالها فقط..
لو فقط وافقت على طلبه ومنحته حق حمايتها والدفاع عن نفسه، ويخبرها لما حدث كل هذا.. إلا أنها عنيدة حتى اليأس.. أو ربما لا تحب الخداع، فهي كانت صادقة معه ولا ترى فيه إلا رجلاً كافيًا ووفيًا لها، ولكن ذلك تغير عندما بدأت بالتأثر ببعض الأفكار بسبب الفرق الملعون بينهما.
أخفضت عينيها عند خول رانيا لها ناظرة نحوها بحنان ثم شعرت بالارتياح عندما و جدت صينيه الطعام تناولت منها حتى وان القليل فقالت مبتسمة
=الحمد لله ان ربنا هداكٍ واكلتي، الزعل برده مالوش دعوه بالاكل وانتٍ حامل.. انا مبسوطه ان احنا رجعنا لبعض حتى لو النفوس ما اتصفتش! مع الوقت ان شاء الله كل حاجه هتتصلح
ضغطت على شفتيها وهي تتحدث بجدية
=ابله رانيا انا قلت لك مش عاوزه اتكلم في اللي فات وصدقيني بحاول فعلا انسى.. ولو ما كانش لسه في معزه ما كنتش لجأت ليكم اول ناس من تاني.. بس انا لسه عند كلامي الغلط زي ما جي منكم جي مني برده عشان كده ما لوش داعي اللي بنعمله في بعض.
ابتسمت رانيا بإعجاب مرددة بصوت هادئ
=لا ده احنا كبرنا خالص اهو وبقينا نتكلم بالعقل خير ما عملتي، واحنا والله قبل ما تتصلي بينا كنا لسه بنقول عاوزين نلاقي طريقه ونصلحك بيها ونرجع الود بينا احنا برده اخوات مهما حصل..و بالمناسبه برده مش عاوزه تقوليلي ايه اللي حصل بينك وبين جوزك
تنهدت ديمة مطولاً وأجابت بصوت متردد
=انا كان شرطي عشان اقعد هنا محدش يفتح معايا الموضوع ده ممكن!
تقدمت منها أختها وهي تقول بنبرة جاده
=يا حبيبتي والله انا عاوزه احل اوعي تفتكري ان انا هشمت فيكي! ياما بتحصل مشاكل بين المتجوزين وبيزعلوا شويه ويرجعوا تاني.. ممكن تستغربي ان بقول لك كده لكن دلوقتي الوضع اختلف! بينكم طفلين ولسه اللي جي! برده هو مش وحش خلينا نقول كلمه الحق افتكري اللي عمله معانا زمان في عز ازماتنا، حتى لو شفت ده متاخر واعترفت بيه بس برده هو شخص كويس
لاحظت صمتها المستمر دون أي رده فعل أو حديث، لوت شفتاها للجانب هاتفه باستسلام
=خلاص يا حبيبتي وقت ما تعوزي تتكلمي تعالي قوليلنا.. انا مش هغصبك حتى على الرجوع، انا لسه مش عارفه اللي حصل بينكم وجايز فعلا يكون معاكي حق وجايز برده هو معاه حق! او انتوا الاتنين غلطتوا! المهم في النهايه ما تاخديش قرار وانتٍ متعصبه و فكري براحتك.. وبالمناسبه يعني هو اتصل بيا عشان يطمن عليكي وانا اضطريت اقول له مكانك ما هو برده جوزك وعاوز يطمن عليكي وعلى العيال وهو قالي انا هسيبها براحتها فتره هنا عشان عارف ان انا زعلتها.
خرجت رانيا بعد ذلك من الغرفه وهي تحمل صينيه الطعام بين يديها، نظرت زينب إليها وهي تقول مبتسمة
=شكلها اكلت مش كده طب الحمد لله الواحد خاف تعند وهي حامل احنا مش ناقصين تتعب مننا ولا حاجه، بس برده ما رضيتش تقول لك ايه سبب المشكله اللي بينهم .
جلست الأخري جانبها وهي تقول بيأس
=لا مش راضيه تقول حاجه وانا ما رضيتش اضغط عليها اكتر بس مصيرها مع الأيام هتقول.. وانا فهمتها برده ان احنا مش هنشمت فيها لما تحكيلنا ولا هنجبرها انها تطلق ولا ترجع! ونقول لها ده اختيارك شيلي.. وبرده لمحت انها عندها عيال منه وبلاش تتهور في قرارها.. انا صحيح مش عارفه اللي بينهم بس حاسه انها مش مشكله صغيرة وهيتصالحوا ان شاء الله وسكتها ده اكبر دليل أنها متردده تسيبه وهي لسه بتحبه.
عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً بتعجب وهي تقول بخفوت
= بصراحه افتكرتك لما تصدقي انها اتخانقت معاه وهتقعدي تقويها عليه انها تنفصل! عشان ده كان كلامك زمان كنا واثقين انا وانتٍ انها في يوم من الأيام هترجع زعلانه وندمانه.. بس اول ما شفت العيال و عرفت انها حامل كمان صعبت عليا وقلت برده خراب البيت وحش خصوصا انها معاها ثلاثه ما شاء الله وهو يعني مش وحش للدرجه دي، و كبير صغير بقى خلاص خلفت منه و خلينا نرضي بالامر الواقع .
نظرت نحوها وهي تتنهد بعمق ثم أجابت بجدية
=احنا مش وحشين للدرجه دي يا زينب برده! وده كان كلام ساعه غضب وانا برده اول ما شفت العيال نسيت كل حاجه وصعبوا عليا خلينا بس نشوف قرارها في الاخر.. وايا كان نحاول علي قد ما نقدر ما نخربش البيت عشان خاطر العيال دول!.
❈-❈-❈
عاد منذر إلى منزله على الرغم من غضبه الذي لا يزال يتراود في داخله بسبب أمر حملها، يشعر بأنها قد فعلت ذلك عمدًا، حيث حذرها عدة مرات لتتخذ كل الاحتياطات اللازمة، و على الرغم من ذلك، قامت بما تريده في النهاية لتضعه أمام الأمر الواقع!
وعندما علم برحيل ضحى مع والدتها وابنته أصبح أكثر غضبًا وهو يصيح بعصبية
=يعني ايه مشيت وانتم ازاي تسيبوها تمشي
هو انتم موجودين هنا لازمتكم ايه؟ عاوز أفهم ؟
أسرعت مديرة المنزل تهتف بتبرير
= والله حاولنا نمنعها ووالدتها كمان الصراحه ولما لقيتها مصممة ما عرفناش نعمل ايه؟ حتى حاولنا نقول لوالدتها خليكي عشان ترضى ترجع لكن هي قالت مش هقدر اسيب بنتي لوحدها ومشيوا.
اتسعت حدقتيه بعدم استيعاب فهذا يعني أنها اختارت الطفل عنه، مسح علي وجهه بغضب مكتوم وهو يهمس بتوتر كبير
=ماشي يا ضحى برده مصممه تمشي بدماغك يبقي معنى كده انتٍ اختارتي اللي في بطنك قصاد اننا نسيب بعض عادي، تمام!
وقبل ان يتحرك للرحيل خلفها، آفاق علي صوت المساعدة هاتفه بنبرة خافتة
=معلش يا منذر بيه في واحد بره بيقول عاوزك، وانه اخوك واسمه معاذ.
التفت منذر للخلف فاتجهت أنظاره إلي أخيه معاذ بصدمة فلا يعرف من أين علم بمكانه،
أطل معاذ برأسه قائلاً بحرج قليل
=ازيك يا منذر ممكن نتكلم ولا مش طايق حتى وشي انا كمان؟ هم كلمتين وصدقني همشي على طول وبعدها القرار بايدك بعد كده براحتك.
تنفس بعمق فلم يكن ينقصه رؤيته بذلك الوقت لذا تحدث قائلًا بضجر كبير
=اهلا ازيك اكيد اتفضل، بس الظاهر من كلامك كده انك جاي تتكلم على ابوك وامك مش كده؟ على العموم انا عارف اللي حصل ومش محتاج اتفاجئ! لو فاكر يعني جاي تقولي الكلمتين دول عشان أحن وارجع! لكن انا قلت بدل المره ألف انا مش هرجع ولا اسامح.
لم يستطع الرد عليه وبما يجيب وهو أنهى كل شيء، لكن صدم للغاية بفعلته تلك وبرفضه فلم يتوقع معاذ بأنه تغير بذلك الشكل حقا.. ثم
هز معاذ رأسه بالإيجاب قائلًا بتوجس وندم
=يا منذر كلنا خلاص عرفنا قيمتك وأننا غلطنا معاك، وربنا ادي كل واحد نصيبه واتعاقب و حقك اهو ابتدى يرجع واحنا بنخسر انت مش عارف حالتهم دلوقتي عامله ازاي من قبل الحادثه كمان.. جرب مره واحده وتعالى معايا اسمعهم.
ضاقت نظراته المشتعلة إليه ثم رد منذر عليه قائلًا باستهزاء متعمد
=اسمع مين يا معاذ؟ ما ياما كنت بطلب وياما كنت بتكلم كان حد منكم بيسمعلي يبقى انا ليه اعمل حاجه انتوا حرمتوني منها زمان؟؟ وبدفع ثمنها لحد دلوقتي وحياتي هتتخرب بسببهم؟ ولا دلوقتي انا اللي بقيت وحش! قصر الكلام انا مش بحاول ارد حاجه، لكن انا فعلا من جوايا مش قادر اسامح وانت عمرك ما هتفهم اللي جوايا اصلا ولا هم!.
أومــأ الأخير برأسه متفهمًا وهو يرد بنبرة متوسلة
=والله العظيم عارف ان احنا عملنا كتير معاك! وعارف كمان انها حاجه مش بايدك تسامح حد غلط معاك كثير لكن خليك احسن مننا وتعالى معايا هم نفسهم يشوفوك و يطلبوا السماح، هي مره واحده بس وبعد كده مش هتشوف وشنا تاني زي ما عاوز.
تنهد معاذ بيأس وإحباط وهو يضيف بحزم
=تمام براحتك، بس انا مبسوط اني شفتك على فكره.. لان رحيلك اثر علينا كلنا حتى انا اكتشفت ان ما كنتش عارف قيمتك وعرفت ان انت كنت شايل عني كتير برده، بس فكر حتي تشوف أبوك ممكن بعدها تكون اخر مره.. بس ذي ما عاوز عن اذنك .
فكر منذر في كلماته الأخيرة جيدًا، فربما يكون محقًا فرؤيتهم لمره واحده لم تغير قراره من الاساس، وقبل أن يلج للخارج أوقفه صوت اخيه وهو يهتف باسمه قائلاً بتوتر
= آآ.. استنى يا معاذ!؟