-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الخاتمة - 7 - الخميس 8/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الخاتمة

7

تم النشر يوم الخميس

8/8/2024

دخلت بسمة المنزل بوجه متجهم لتذهب وتري ماذا يفعل معاذ بالداخل، و من بعيد رأته يصيح تارة و يهلل تارة يشجع فريقه لكره القدم، اقتربت منه وعندما رآها أردف قائلاً بابتسامة عريضة


= ازيك يا حبيبتي كويس انك جيتي اخيرا، انا هموت من الجوع .


رمقته بإمتعاض وقالت بغيظ 


= تعرف الواحد نفسه يرجع طفل تانى

ياكل ويلعب و ينام ويتف على اى حد يضايقه


رمقها معاذ بعدم إستفهام وهو يقول بدهشة 


= ايه قله الادب دي مالك؟ هو مين ده اللي عاوزه تتفي عليه .


اقتربت أكثر منه وهي تشعر بنار الغيرة تلتهمها من الداخل، فصاحت بغضب


=البنت اللي شبه عروسه الباربي قابلتني تحت وقالتلي ما تبطلي غيره شويه وخلي جوزك يعرف يشتغل بتمنعيه يوصلني ليه؟ و المفروض تكوني عندك ثقه في نفسك شويه هي مين هي عشان تقولي كده؟ ولا مين قال لها ان انا مش واثقه في نفسي.. هي تيجي جنبي حاجه على الاقل انا طبيعي مش كله سيليكون زيها.


ضم شفته بملل ثم هتف معاذ قائلاً بجدية


=بتلمحي لايه يا بسمة اكيد ما قلتلهاش حاجة عليكي، وبعدين فضلتي تزني عليا ابعد عنها 

وما وصلهاش تاني وسمعت كلامك هروح بقى اتكلم معاها ليه عنك.. كبري دماغك منها هي بتحاول تحرق دمك وخلاص 


ضاقت عينها بتوعيد لها، ثم حركت رأسها تبعد عنها تلك الطاقه السلبيه مرددة بتذكر 


= ماشي ليها صرفه معايا لما اقابلها تاني والله لانتف ريشها زي الفراخ، وبعدين ما تاخدنيش في الكلام انا لسه خارجه طازه من عند الكوافير ومش عاوزه نكد.. ايه رايك بقي في النيولوك الجديد.


عقد حاجيبة باستغراب عندما وجدها تخلع الحجاب وانتباه الى لونه ليرد عليها متسائلاً بضيق


=ايه اللي انتٍ عامله في شعرك ده؟ انتٍ غيرتي لونه وإيه الألوان إللي في وشك دي كمان؟ هو انتٍ كنتي مختفيه من الصبح عشان كده وقلتلي إنساني انت وعيالك لمده ساعتين و هفاجئك.. هي دي بقى المفاجاه؟


هزت رأسها بالايجاب ثم أبتسمت و أخبرته بزهو وفخر


= طب بذمتك مش شكلي بالمكياج احلى.. بس قول بصراحه.


اكتفي معاذ بالابتسام الودود لها، قبل أن يرد بعبوس 


= هاه الصراحه يعني لا.. شكلك من غير مكياج احلى و بريئة 


تلاشت ابتسامتها تدريجياً وحل الوجوم عليها من جديد، لتقول بصوت غاضب وهي ترجع خصلاتها خلف أذنها


=طب ما انا عارفه ان انا بريئه واحلى من غير مكياج كمان ايه الجديد، بس انا صرفت ولازم استغل الصرف! 


اتسعت عينا وهو يقول متعجباً


=صرف؟؟ انتٍ مالك بتتحولي فجاه كده ليه؟ مش انتٍ اللي سالتني وقالتلي قول الصراحه.


جزت بسمة علي شفتيها بضيق شديد ثم 

تحركت وأقتربت منه بشدة مما جعله يلتصق بظهر الكرسي من الدهشة والخوف، أستندت بيديها علي مساند الكرسي الجانبية و أخبرته بصوت منفعل بشراسة 


= يا اخي اكدب عليا جمالني حتي.. ما انت لو تعرف قعدت كام ساعه تحت أيد الكوافيره ولا الموضوع ده كلفني كام؟ مش هتقول كده.. وفي الآخر يقولي شكلك احلى من غير مكياج، انا استاهل اللي باخد رايك اصلا تفهم انت ايه في شغل الستات ده .


كاد أن يضحك رغماً عنه لكن نظراتها الجادة جعلته يمنع الضحك بصعوبة وهز رأسه بصمت، ثم ابتعدت و رحلت بترطم بكلمات غير مفهومه تحت نظراته المتعجبة و المتسعة من الصدمة، ليردد مبتسماً بخفوت 


= مجنونه، بس بحبها اعمل ايه نصيبي كده!


❈-❈-❈


في أحد المدن الصيفيه، كانت رنا تسير امام البحر وفي يديها إخوتها الصغار وهم يلعبون بحماس ومرح، بينما كان يتمشون خلفهم ديمة وزوجها آدم لم ترهقه أي مخاصمة أو مقاطعة من زوجته في حياته بقدر هذه المرة السابقة.. ربما لأنه عرف أنها ستؤدي للفراق لا محال..

لكن لولا في آخر لحظه عاد عقل له ما كانت بالوقت الحالي عادت اليه.


كانت الأنظار حولهما كالعاده لكن هذه المره لم يهتم آدم لهما وحاوط زوجته محتضنها متجاهل إياهم، ابتسمت ديمة وهمست له بصوتٍ أنثوي رقيق


= حبيبي.


قبل آدم وجنتيها بحنان قبل أن يردد بحب 


= حبيبك من النهاردة هيكون ملكك أنتٍ وبس جه الوقت اللي تكوني فيه حبيبتي بجد و مراتي قدام الناس كلها ومن غير كسوف!. 


انطلقت بعدها يداه تحاوط جسدها وشفتاه تنتهل من القبلات الي ان أبعدته ديمة بحرج شديد من جراءته التي اصبحت زائده فعندما يشعر بأي وقت في التعبير عن حبه لم يعد متردد أو خائف، بينما الأخرى لم تكف على ان تطمن إياه بالكلمات والافعال و انها لم تتركه، اتسعت ابتسامتها وهي تقول بنبرة عشق 


=بأحبك! وعمري ما هاسيبك!


❈-❈-❈


انقضى عده أسابيع سريعًا لتجتمع بعدها العائلة في زيارة ودية في منزل شاهين بما أن تفرقوا الأخوات وكلا منهم أصبح في منزل، لكن لم يفوت معاذ اي زياره إلي أسرته حتى بسمه أحيانا كانت تذهب معه وتحاول تجاهل مايسة الى حد ما، لكن ما زالت على قرارها لم تعود الى ذلك المنزل مجدداً فما زالت الأخري من الأساس لم تنسى ما فعلته ولم تسامحها لذلك كانت بسمه على يقين كبير بان حماتها ستعود كما كانت لذلك من الافضل لها ان تقطع ذلك قبل حدوثه وتكتفي بالزيارات كل فتره منعا للمشاكل.


أما منذر فكان يأتي ليراهم علي فترات طويله 

رغم أنه لم يبخل عليهم باي شيء يحتاجوه وقد ساعدهم كثيراً من ناحيه عوده الوكاله و

وشفاء والده والأموال التي يعطيها لهم كل فتره، فالوكاله بالطبع لما تدخل لهم نقود كثيره وكان الآخر يعرف ذلك، ورغم اعتراض والده على مساعدته لكن الآخر أصر بشده.. فكان هذا الشيء الوحيد الذي قادر عليه منذر ان يعطي لهما.


أما ضحي فكانت تأتي زيارات متكررة مع اولادها بمفردها وبالطبع لم تدخر مايسة وسعها في الترحيب بالجميع بما يليق بهم، و احيانا كانت تعاونها بسمة على قدر الإمكان في إعداد الصحون لكن تفعل ذلك كمحبه منها وليس بالاجبار مثل سابقآ.


لاحظت مايسة رحيل منذر قبل ان يتناول فهو عندما يأتي كان يجلس مده بسيطه لا تعد و يرحل علي الفور لذلك لم ياخذ ضحى معه لان غير قادر على الجلوس بذلك المنزل الذي كان كل ركن فيه يذكره بالماضي الذي لم يستطيع نسيانه حتى الان، أسرعت أمه تهتف بزعل 


= خير يا أبني حتي الاكل مش عاوز تاكلوا معانا يعني المره اليتيمه اللي بتيجي تزورنا كل شهرين، بتكون على طول مستعجل كده.. ما وحشكش أكل امك ولا إيه.


أبتسم منذر لها ابتسامة باهتة وهو يرد 


=هو انا كنت دقتة عشان يوحشني؟ الظاهر انتٍ اللي نسيتي معلش خليها بظروفها وبعدين ضحى زمانها مستنياني وانا عارفها مابتحطش لقمه في بقها غير لما اجي ومش عاوز اتاخر.


أقتربت منه و بحلقها غصة عالقة، و أجابت 

بتوتر وحزن 


=معاك حق صحيح ده انا كنت بعمل لك الاكل اللي كنت بتتعب منه ولا كنت اعرف بتحب ايه، بس شوف انا عامله لك باميه وافتكرت أخيراً مره في حياتي انك ما بتاكلش سمك وعندك حساسيه منه؟ 


ابتسم منذر بمرارة، فقد كان يتمنى أن يتم التعامل معه بنفس الإهتمام الذي تمتع به في الماضي! ولكن للأسف، حدوث الأمور مؤخرًا لم تعد نفس الحماس السابق! ليت تلك الوجبة تخفف من آلامه، وقد سدت الطريق أمامه وهي تمسك بيده برجاء وأضافت بودًا وحماسًا


= اقعد بقي عشان تعرف اكل امك طعمه ايه؟ ولا خلاص حتى اللقمه مش قادر تاكلها معانا


ضغط على شفته ليرد بتلعثم طفيف


= مش النهارده! خليها بظروفها او بوقتها بعدين يا.. آآ أم منذر !!. 


لم تفهم هل يعطيها الأمل عندما يناديها كذلك أو ليس قادر على مناديتها بامي وهي لم تكن الأم الصالحه له من البداية، رحل منذر بالفعل هذا اليوم لكنها لم تفقد الأمل في الوصول إليه من جديد وعاتبت نفسها لتفكيرها المحدود معتقدة أنه سيلبي ندائها بعد كل الخلافات الدائرة بينهما من أول مرة، لم يعد أمامها غير انتظاره يأتي بنفسه و يخبرها بانه اصبح قادر على إيصال الود اكثر من ذلك؟؟ فهي اصبحت متاكده هي و زوجها شاهين أنه لم ينسي ابدأ لذلك سيكتفون بذلك الحال، فما فعلوا ليس سهل ولا ينسى .


فلقد أنهت الود تجاه أبنها الكبير دون قصد منها وبات الأمر متأزمًا بصورة أكبر، ربما لو تريثت قليلاً أو تناولت الأمور بصورة عقلانية لأختلف الوضع كثيرًا لكنها ستحصد تبعات أعمالها هي و زوجها، مسحت بيدها فوق مقعد السفرة مكانه المخصص سابقآ بتأثر وكانت عيناها مليئه بالدموع ثم همست لنفسها بنبرة متفائلة


= مهما تطول السنين هفضل مستنيه اللحظه اللي تقدر تتعامل معانا فيها من تاني وتسامح يا منذر !. 


❈-❈-❈


عند عوده منذر الى منزله اول شيء فعله حضن زوجته سريعاً فبادلته العناق وحاوطته بذراعيها عنقه فقبلها بقوة و أردف بحزن بسبب تأثيره بزيارات عائلته 


= أوعي تسبيني يا ضحي مش عايز قلبي يتوجع تاني واكون وحيد، أنا بحبك وخايف بعد كل التعلق ده بيكي وتبقى جزء من حياتي وتمشي وتسبيني.. إنتٍ الحاجة الوحيدة اللي مشاعري ناحيتك اللي بتحسسني بأدميتي ، وإني لسه بحس!


ضحي وهي تمرر يدها بحنان على وجه تحاول تهدئته


= مستحيل أمشي واسيبك أنت حبيبي، ايه   بس مالك؟ ما احنا كلنا جنبكم و محدش قالك تضغط على نفسك


أغمض عينيه بألم هاتفا بقهر مكتوم 


= هو ليه محدش عاوز يصدق ويقتنع أن مش كل غلطه ينفع بعدها اسف، في غلطه لازم تكون النهايه.. انا كل ما اروحلهم بتخنق بجد يا ضحى وبيجيلي نفس احساس زمان


لتحتضنه ضحي بلهفه وهي تدفن وجهها الغارق في الدموع في عنقه حزينة على حاله، ثم ابتعدت عنه متردده في قول شيء ثم تحدثت هاتفه بحب وحنان 


= هو انا لو قلت لك ممكن ترجع تروح لدكتور نفساني تاني هتزعل مني عشان خاطري افهمني الاول والله العظيم ما حد هيضغط عليك ولا انا ولا هم.. وانت بنفسك قلت محدش بقى يكلمك، بس هيفرق معاك عشان نفسيتك.. وحياه ولدنا فكر في الموضوع تاني.. احنا كلنا عاوزينك احسن وعاوزين مصلحتك والله.


نظر لها مطولاً بصدمة لكنه لم يعترض وبعد تفكير بالأمر، ضمها إليه بتملك وهو يقول بصوت متعباً يحاول السيطره علي نفسه


=حاضر يا ضحى.. اوعدك ارجع تاني انتظم مع دكتور نفساني في العلاج.


اتسعت عينا ضحي بسعادة غامرة بعدم تصديق واحتضنته أيضا من جديد وهي تبتسم وتبكي بفرحه في أن واحد فذلك سيكون الامل الوحيد والقريب باذن الله ليسامح! نفسه اولا ثم عائلته.


الحياة لا تُصبح أسهل، أنت فقط تصبح أقوى

لذا لا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك. فسوف تجد من ينزع السهم.

ويعيد لك الحياه.


❈-❈-❈


بعد مرور عدة سنوات.


في أحد الليالي كانت اوليندا مريضة للغاية وضحي جانبها طول الوقت و انضم إليها منذر، وحرص على عدم إزعاج الطفله واستمرت ضحي في عمل كمادات لها بحرص وخوف، بينما ركض طفلهما الصغير كريم ببالون صغير في يده وهو يقول بحماس 


=ماما تعالي العبي معايا؟ اوليندا تعبانه ونايمه وانتم الاتنين جنبها علي طول ومش لاقي حد العب معاه.


هزت ضحي رأسها باعتراض وأجابت بقلق دون النظر له 


=معلش يا حبيبي مش دلوقتي، لما تصحى واطمن عليها وتاخذ العلاج الاول هبقى اجيلك روح دلوقتي علي اوضتك .


هز الطفل رأسه برفض وهتف متذمرة


=ما انتٍ امبارح قلتلي كده وما جيتيش و نمتي جنبها، تعالي العبوا معايا زي زمان يلا يا بابا انت كمان 


نظر منذر له بضيق قبل ان يردد بصوت أمر


=وبعدين يا كريم! اسمع الكلام يلا و روح هناك العب وبطل تعمل دوشه هنا عشان اختك تعبانه.. يلا اتحرك واعمل اللي قلتلك عليه.


ضم شفتيه بزعل وركض للخارج بسخط طفولي، وهو يهتف بغيرة


=يوووه هو ما فيش غير اوليندا في البيت ده بيحبوها وبس، هم نسيوني خلاص و محدش بيحبني هنا.


في ذلك الوقت، خرج منذر من الغرفة وتجمد في مكانه عندما سمع كلمات طفله بذهول! ابتلع ريقه بخوف وبدأ يعيد نفس الموقف في ذاكرته عندما تم تجاهله من قبل عائلته في المستشفى بسبب مرض أخيه وهذا كان بداية حياته المؤلمة. فهل سينسى حقًا وستعود مخاوفه ويفعلون مثل ما فعلته عائلته معه في أطفاله؟ لقد قام بأشياء مستحيلة طوال حياته لكي لا يحدث هذا الأمر أبدًا.


هز رأسه برفض بسرعه يحاول يفيق على نفسه هو ليس شاهين ولم يكن شاهين بيوم، 

اقترب منذر وطـــوق طفله بذراعه مسح وجهه براحتيه قائلاً بصوت متوتر 


=كريم حبيبي اوعى تقول الكلام ده تاني، ما حدش هنا بيحبك قدنا انا وماما حتى اختك! ومش معنى ان احنا هننشغل شويه عنك ان احنا هنفضل كده على طول.. لا يا حبيبي احنا بنحبكوا انتوا الاتنين قد بعض. 


شعر كريم بالذنب فهو يحصل بالفعل علي اهتمام كبير منهم هم الاثنين لا يستطيع انكاره، لذا اسرع يقول بنفي و ارتباك 


=عارف بس بقيلكم كام يوم مش بتلعبوا معايا وعلى طول جنب اوليندا.. اكتر مني.


كانت هذه الاجابه اثبات بانه كان اب جيد و ليس سيء انما تغيب قليلا عن طفله، ضمه إلى صدره وهمس بتنهيدة إرتياح 


=عشان هي تعبانه زي ما انت شايف! فعاوزه اهتمام شويه زياده في الوقت ده انما بعد كده كل حاجه هترجع زي ما هي.. انا وماما بنحبكم أوي وعمرنا ما هنفرق بينكم.. ولما تحس كده ثاني مره تعالى قولنا، اتفقنا.


أبتسم كريم وهز رأسه بالايجاب وهو يردد


= وانا كمان بحبك يا بابا وبحب ماما وبحب اختي أوي.. ونفسي تخفي عشان كلنا نرجع نلعب زي الأول.


أبتعد عنه لينحني على رأسه مقبل إياه بحنو 

ثم ردد مداعبة 


= ما تقلقش يا بطل ان شاء الله هتكون كويسه بس ادعيلها.


يا ليتهم لم ينسوا عائلته في المستشفى في ذلك اليوم، أو حاولوا تجاوز الأمر معه واقتربوا منه من البداية، وفعلوا نفس ما فعل هو مع طفله الآن، لكانوا سيوفرون عليه الكثير من المعاناة، وكل ذلك لم يحدث.


نظر منذر للخلف حيث تقف ضحي ليجدها تحيي برأسها فكانت تقف من البداية وتشاهد المشهد الرائع أمامهم، حيث شعرت بالذنب قليلا تجاه طفلها هي الأخري وذهبت حتى تتفقده لكن وجدت زوجها قد سبقها وتولى هو الامر الذي كان يخشيه من البدايه.


كانت تقف مبتسمة له وكأنّها تقول هنيئا له الفوز العظيم فلقد تجاوز، ها هو يهديهم سعادة بحجم العالم، كان طول حياتهم يخشي أن يعيد تجربة أبيه وأمه من جديد مع أولاده لكن اليوم اثبت العكس .


فلقد تجاوز سابقآ، لكنه كان إنتصاراً حزيناً للغاية لأنه خسر الكثير أمامه.. مثل عائلته الذي كان ومازال ليس قادر على التسامح ولا النسيان.. لكن خسارة معركة لا تعني نهاية الحرب!؟. 


كاذِبًا من قال أن فاقد الشيء لا يعطيه، بل يعطي ويصدق، يعطي فوق الوصف، فاقد السعادة يعطي لمن حوله بطريقة لم يسبق لأحد تخليها وهكذا هو منذر، رجل يُعطي دون توقف، دون ملل وليس مُجبرًا على ذلك؟ أن يرسم الحياة المثالية، حقا منذر رجلا الشدّة 

و زوج وافي و حبيب الروح المعتمة.


أبتسم منذر بحنان وتفهم سبب نظراتها فهي كانت معه صديقة المواقف، الشاهد على كل سقطات والتي مدّت له كفها ليسند أوجاعه عليه كم هو مُمتن لحياة جمعته بها وهي نادره المصنوعة من الوفاء والشهامة، الواقفة بجانبه لتطبطب على قلبه كانت مثل الصديق الذي يكبره بأعوام من الوجع والذي علمه أشياء لن ينساها طول حياته.. ليصبح الرجل الذي رغم كل تشوهات روحه لايزال جميلًا الحزين الذي يعطي السعادة والموجوع الذي يعطي الراحة، الرجل الذي يعطي ما فَقدَهُ والذي رغم كل حُطامهُ لايزال شامخاً وثابتا في وجه كل شيء..


بعدها ركضت ضحي في إتجاه صغيرها هي

و زوجها ليلهو معه قليلاً وبدأ الطفل كريم يضحك بشدة وبسعادة واضحة عليه، بدأ منذر 

يدغدغه في جسده فتعالت قهقهاته الطفولية ومع تلك الضحكه السعيدة شرد الآخر في ماضية وبدأ كأنه يضع تتر نهاية للحياة السابقة بنفسي.... 


لم أنسى ظلمي ومعاناتي! ولكن هذا لا يعني أنني قاسي القلب، بل لكي لا أعيد تلك التجارب مع أطفالي في الحياة، حتى ذاكرتي بأكملها! حاليًا وفي طفولتي المشوهة لا زلت أستعيد تلك الذكريات كل يوم.


أحب ذاكرتي ولا أريد أن أستأصل منها أي شيء وعندما أقف في يوم الحساب، سأأخذ حقي بالكامل. مررت بفترة غير واضحة الملامح سلكت طرقًا لا أعرف نهايتها واقتربت من أشخاص لا يشبهونني، وفعلت أشياء لا تمثل حقيقتي في هذه الأيام التي أود أن تستأصل من ذاكرتي.


وفي النهاية، علمت أن فعل الخير يجب أن يحصل على رد فعل مؤلم حتى تصبر و تحتسب، وتحصل على أجرين، أجر الصبر وأجر فعل الخير وعندما أصبحت واضحة نعمة الله في الحياة، عرفت أن الله يسعى لي خيراً رغم الانكسار، لكي أعرف من أكون..؟؟


فأنا كنت الطفل المهزوم من عائلته وأصبحت الآن الرجل المنتصر في الحياة والمخلص لأبنائي.


كنتم مع الكاتبة خديجه السيد ♥️.


وإلي هنا أختم كلماتي مع الجزء الأخير من سلسلة شرقي منقرض! أنا سعيدة جدًا لأنني انتهيت من الأجزاء الثلاثة وأتمنى أن تكونوا قد استمتعتم واستفدتم منها. لذا، لا تنسوا أن تتركوا تعليقًا مشجعًا حول رأيكم في الرواية.

تـمـت بحمد الله

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة