-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 33 - 1 - الجمعة 2/8/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث والثلاثون

1

تم النشر يوم الجمعة

2/8/2024

❈-❈-❈

في أحد المستشفيات الكبيرة، لم يتحمل منذر أن يترك والده في الشوارع دون مساعدة، حتى يتطوع أحدهم ليأخذه إلى المستشفى أو يطلب له إسعافًا، فأخبرهم أنه يمكنهم وضعه في سيارته وسيتكفل بمساعدته وتكاليفه.


ومنذ ساعات، وهو ينتظر أمام غرفة العمليات حتى يخرج الطبيب وبالنسبة لابنته، اتصل بالسائق ليأتي ويأخذها إلى والدتها على الفور ويخبرهم عندما يعود سيشرح لهم الأمر.


ركض منذر ناحية الطبيب عندما لاحظ خروجه، وســأله بقلق


= لو سمحت يا دكتور هو المريض اللي كان جاي في حادثه عربيه اخباره ايه دلوقتي 


عقد حاجيبة بتركيز وهتف بعملية 


= هو حضرتك قريبه؟ احنا قعدنا ندور على مين اللي جي معاه ما لقيناش بس اتصلنا باخر رقم اتصل بيه على تليفونه وردت علينا مراته وقالت انها جايه . 


هز رأسه برفض وهو يقول بإصرار جاد 


=لا انا مش قريبه ولا اعرفه بس انا اللي وصلته هنا لما العربية خبطته وجريت.. صعب عليا يعني راجل كبير وكده فكنت عاوز اعرف اخباره ايه 


أجاب الطبيب قائلاً بهدوء واهتمام 


=الحقيقه مش هقدر اقول لك حالته عامله ايه دلوقتي، احنا طبعا عملنا اللازم والاشعه هي اللي هتحدد الكسور اللي عنده بسيطه ولا هتحتاج لي حراجه غير ان احنا شاكين أنه عنده نزيف داخلي.. الخبطه برده ما كانتش بسيطة عليه .


تنهد منذر بعمق شديد ثم قال بجدية 


=طب يا دكتور انا دفعت في الحسابات تحت التكاليف وسبت كمان مبلغ زياده فشوف اي حاجه هو محتاجها واعملها على طول.. وان شاء الله تطلع حاجه بسيطه 


هز رأسه الآخر بالموافقة ثم استأذن ليرحل بينما ألتفت منذر ليذهب لكنه تفاجأ بوالدته أمامه وهي تردد بصوت حزين للغاية 


= منذر ازيك يا ابني عامل ايه؟ للدرجه دي مش طايقنا و مش راضي تقول للدكتور ان المريض اللي جوه يبقى ابوك.. جالك قلب تقول عليه واحد غريب وما تعرفوش


ليردف بغضب جامح وقسوه دون تفكير 


=زي ما انتٍ وهو جالكوا قلب تعملوا فيا كل حاجه وحشه! انتٍ اخر واحده ممكن تعاتبيني هو انتٍ تعرفي عني حاجه أصلا من يوم ما جبتني على الدنيا.. انتوا ما كانش في حياتكم غير معاذ بس! واديني سبت كل حاجه و مشيت عاوزين مني ايه دلوقتي . 


بللت عبراتها صدغيها وهي تقول بقهر مكتوم 


= أكيد مش عاوزين فلوسك اللي عمال تساعدنا بيها واحنا عرفنا غلطنا وكان نفسنا نرجع زي الاول وترجع انت واخوك لحضننا بدل ما كل واحد فينا كده في حته وما يعرفش حاجه عن التاني.. احنا عاوزينك انت يا منذر 


شعر أنه سيصاب بالجنون بسبب ظلمهم و جحود قلوبهم، لذا لم يستطع السيطرة على نفسه واقترب يمسك كتفها بقوة، ثم أردف بعنف واشتد عينه و عضلاته من الانفعالات


=ولله! دلوقتي بس بقيتوا عاوزيني وعرفتوا انكم غلطانين في حقي؟ طب وبعدين هتقوليلي اسفه يا ابني حقك عليا ما كانش قصدي اقسى عليك واكون بالجبرات ده معاك وانا المفروض اخدك بالحضن واسامحك مش كده؟ بقول لك ايه اطلعي من الدور ده عشان مش لايقه عليكي.. انتم مش بتدوروا غير على مصلحتكم، والدليل اهو لما بعدت وخسرته وابنك التاني كمان اتخلى عنكم افتكرتوا ان انتم عندكم ابن تاني؟ اللي نسيتوا في المستشفى لحد الفجر وانتم مش دريانين بيه فاكره ولا افكرك


شعرت وكأن روحها تسحب منها وان انفاسها تكاد تنقطع من فرط صدمتها وكلماته القاسية لكنها تستحق، وهتفت بحسرة 


= خليك احسن مني انا امك برده يا أبني، انا عارفه انك مش مصدقنا بس جرب بنفسك وشوف ولو عملنا نفس اللي بنعمله زمان امشي وسيبنا.. انت مش عارف أحوالنا بقيت عامله ازاي من ساعه ما سبتنا كل حاجه اتدمرت واحنا، حتى الوكاله راحت واخوك كمان ابوك طرده من البيت، وابوك حتي صحيته بقيت في النازل وعلى طول تعبان.. وانا مابقتش قادره اشيل الحمل لوحدي ومش لاقي حد جانبي 


ليردف بقسوة شديدة غير عابئ بتلك التي يرتجف بدنها بين يديه وعينها تتسع بصدمه ولا تستطيع منع سيل دموعها فوق وجنتيها بانهيار فقد كانت الحقيقه صادمه لها وفوق طاقتها ولكن قد حان وقت المواجهه وكشف الدواخل التي تدثرت طويلاً بين ثنايا الزمن.


=مش بقول لك مش بتدوري غير على مصلحتك، طب اسمعيني بقى اعتبري نفسك ما شفتنيش و رجوع مش هرجع واياكي تقولي كلمه اسامحكم دي تاني، عشان أنتم ما تستاهلوش ابص في وشكم حتي.. ارجع لكم برجلي بأماره ايه؟بصي حواليكٍ كويس الفاشل الصايع بقى ايه وانتم بقيتوا ايه؟ مش طول عمري ما بعرفش اشيل مسؤوليه ولا بفهم في حاجه دلوقتي بقيت حلوه ونفسكم ارجع ده بعينكم .


شعرت بيده تضغط بقوة على معصمها، ولكنها لم تهتم بهذا الأمر، حيث كانت تنظر إليه بفم مفتوح ولسانها متجمد من الصدمة، وجسدها تصلب وهي غير قادرة حتى على أن ترمش بعينيها. لم تصدق ما كانت تراه أمامها، إنه ابنها الأكبر الذي كان يسعى دائمًا لجعلها راضية وسعيدة، وكان يفعل كل طلباتها وأمنياتها وأكثر من ذلك.. وليت كان يكفيها ذلك من الأساس او تعترف به، فهتفت بصوت غير مصدق


=انت فرحان فينا.. شمتان في امك وابوك 


كان يقف أمامها و وجهه يلتصق بوجهها يفح من بين أسنانه كالافعي ثم أردف بنبرة اشرس 


=ما قلتلك بلاش الجو ده مش لايقه عليكي حتى الدموع دي مش هتاثر فيا زي زمان! ما انا ياما كنت بعيط عارفه كنتم بتعملوا ايه؟ تقعدوا تقولوا ادي اللي فالح فيه بتعيط زي الستات وتنزلوا تهزيق فيا وتقولوا عليا مش راجل! دلوقتي بقيت وحش لما بقيت اعملكوا بنفس المعامله؟؟ حقيقي ما شفتش أحقر من كده.. مش فاهم مصدومه ليه متوقعه مني أيه غير كده اصلا انتٍ وجوزك اللي جوه اشربوا بقي! اللي بيحصل لكم ده ذنبي ولسه هتشوفوا اكتر.. تعرفي انا زمان ما كنتش بدعي عليكم بس من ساعه ما سبتكم وانا بقيت ادعي كل يوم ربنا يجيبلي حقي، و داعيت كمان لما اليوم ده يجي اشوفكم وانتم بتموتوا في اليوم ألف مره ومش لاقيين اللي يساعدكم .


وكأن كلماته كالصفعه التي افاقتها من حالتها تلك، ثم ضغطت هي على ساعده وبكت مستغيثة


= منذر آآ لا يا حبيبي لا يا أبني انت مش كده انت احسن مننا ما تبقاش زينا، لا بلاش تمشي في السكه دي احنا نستاهل آه بس بلاش انت اللي تتغير... سامحنا يا حبيبي سامحنا عشان خاطري.


أبعدها عنه باشمئزاز وجفاء وقد هوت للخلف فوق المقعد بضعف و دموعها فوق وجنتيها بغزاره لتراه قريب منها ولكن هذه المره بعيون ليست يملؤها الشفقه أو القلق أو الحنان عليها بل أردف بكل حقد وكره الدنيا داخله قائلاً 


=عمرك ما كان ليكي خاطر عندي! فبلاش تطلبي بعشم أوي كده يا مايسه هانم، خليكي جنب جوزك أحسن وشوفي المحروس التاني فين هيجي ولا هيكون شرب من قسوتكم كفاية واللي يخليه ما يعبركوش.


راقبت رحيله عنها بأعين مقهورة بندم شديدة فصاحت صارخة بآلم كبير


= منذر.. منذر رد عليا يا ابني.. آآآه يا خسارتك يا حبيبي يا رب سامحني وحنن قلبه علينا .


❈-❈-❈


كانت ضحي تجلس متأملة خاتم الالماظ لفترة طويلة، الذي كانت ترتديه وكان هدية من زوجها منذ فترة، فكانت تشعر بالقلق من عودة ابنتها مع السائق بمفردها دون زوجها وفي الوقت نفسه كانت والدتها تجلس بجانبها تحمل حفيدتها وتلهو معها، قبلت خدها عدة مرات بحنان وهي تردد 


=حبيبه تيتا، بس جدعه انك ما كبرتيش الموضوع واتصالحتي انتٍ وجوزك ربنا يهدي الحال بينكم دائما، في ايه يا بنت ما تردي عليا زي ما بكلمك سرحانه في ايه ؟!. 


أدارت عينيها حولها بقلق و هي تقول بنبرة شاردة 


= قلقانه على منذر، مش عارفه ليه فجاه بعد ما خرج رجع البنت لوحدها مع السواق، حتي تليفونه مقفول حاسه في حاجه حصلت 


هزت رأسها مستنكرة تفكيرها، وقالت بضيق 


=هنرجع تاني للأفكار دي والقلق ما تهدي و لما يرجع أبقي استفسري منه، ممكن جاله شغل فجاه ولا حاجه 


وفي ذلك الأثناء دخل منذر من باب المنزل بهدوء تام ولم يتحدث بشيء، نظرت له زوجته بغرابة وهي تعقد حاجبيها، ثم هتفت متسائلة بقلق 


= هو في ايه ماله؟!. 


زمت فمها للأمام هاتفه بحنق واضح


=انتٍ لسه هتسالي ماله قومي شوفي جوزك ده راجع وشه مخطوف واصفر خالص.. روحي اطمني عليه .

الصفحة التالية