-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 32 - 2 - الخميس 1/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثاني والثلاثون

2

تم النشر يوم الخميس

1/8/2024

وضعت يديها على قلبها ضاغطة عليه من الألم، ثم أخرجت من صدرها تنهيدة أكثر حزنًا

هاتفه بخيبة أمل 


= شايف كلامك بياكدلي ان اللي قدامي واحد ثاني غير اللي حبيته زمان! يعني انت مشكلتك انها مش هتبصلك؟ ولو بصيتلك هيبقى عادي.. الله يرحم أيام زمان ما كنتش تقدر تكلم بنت وتقف معاها عادي مش تقول  صاحبتي.. وكنت بتتمنيلي الرضي ارضا

و أي خطوه كنت بتاخد رأيي وكنت بتخاف على زعلي جدآ إنما دلوقتي مش فارقة واخر حاجه بتفكر فيها انا .


أزعجه بشدة ذكرها عن الماضي وشخصيته السابقه، التي سببت له الأذي و حفر في عقله ذكريات أليمة، بصعوبة واضحة عليه سيطر على أعصابه وهو يقول بسخرية مريرة 


=آه هي بقى الحكايه كده عاوزه ارجع منذر  بتاع زمان! اللي الكل كان بيجي عليه عادي حتى انتٍ نفسك اوقات.. هو انتٍ تقريبا بتعيريني بطريقة غير مباشره؟ وبتقوليلي انا اللي اتغيرت، كنت فاكرك هتكوني فرحانه باللي انا وصلتله بس الظاهر عاوزاني ارجع منذر بتاع زمان اللي يفضل يتحايل ويبوس ايدك ورجلك، ايه صعبان عليكي لما شفت نفسي شويه.. كلكم عاوزين منذر بتاع زمان اللي كان بياخد فوق دماغه ويسكت ويقول حاضر مش كده .


تطلعت فيه بنظرات محبطة خاسرة قبل أن تهتف بحسرة 


= انا مش بعير حد! و لو كنت جيت عليك زيهم زمان فده عشان مصلحتك وما تنكرش ده.. واللي بحاول اوصلهلك من كل ده دلوقتي ان خايفه تتغير مع كل التغيرات اللي عماله تحصل حوالينا وانا زي اي ست بحاول احوط على جوزي، بس برده مش هتفهمني ولا هتفهم اللي جوايا.. روح شوف شغلك ما تشغلش بالك بيا أحسن .


❈-❈-❈


عاتب شاهين زوجته بشدة على ذهابها إلى بسمة وإخبارها بهذا الكلام، فهو قد سعد بعودتهما إلى بعضهما البعض! ويرى أن عودته إلى زوجته هي أفضل شيء قام به معاذ في الفترة الأخيرة وظل يعاتبها لأنها كادت أن تتسبب في خراب منزل ابنها للمرة الثانية عندما اقترحت زواجه من آخرى، تحدث معها مرارًا وتكرارًا في تلك المسألة لكي لا تصبح شاغلتها الأكبر و وعدته بعدم التفكير فيها والامتثال لطلبه في النهاية.


صحيح أنه ما زال غاضبًا منه بشدة لكنه يحاول أن يقسى عليه مثلما كان يفعل مع منذر حتى يتحمل المسؤولية التي لم يعلمها له من قبل.


فهو لم ينسى عندما زاد عليه المرض واتصلت به زوجته حتى تستنجد به ليأتي ويساعد والده ليذهبوا به إلى المشفى، وقد تفاجأ الاثنان من رده فعله عندما أجاب ببرود قائلاً


= تعبان برده! ماشي وحتى لو تعبان المفروض انا بايدي اعمل له ايه ما تتصلي بالدكتور.. ما انا من امتى بتدخلوني في المواضيع دي ولا بتستنجدوا بيا بحاجه، منذر اللي على طول كان بيعمل كده وانا ما بفهمش حاجه في الحاجات دي لان مش متعود عليها ولا كنت بعملها.


أغلقت حينها مايسة الهاتف وهي لا تصدق قسوة طفلها الصغير التي كانت ترعاه وتفضله على الجميع حتى أبنها الأكبر، فتكون تلك جزاءهم على خدمتهم له يتجاهل مساعدتهم دون الاهتمام بأمرهم، وبتلك اللحظة حقًا قد تفهما الاثنان إلى ما أوصلا ابنهما له.. وكان يجب عليهما أن يعلماه المسؤولية مثلما كانا يفعلان مع منذر.. بدلاً من أن يحملانه كل شيء بمفرده وفوق كل ذلك لم يعجبهم أيضًا.


تفهم شاهين مؤخرًا قيمة أفعاله وأنه يحصد الآن نتيجة ما فعله بالاثنين، وأن منذر كان محقًا عندما كان يخبره دومًا أن يحمل معاذ المسؤولية قليلاً ليتعلم.


وفي ذلك الاثناء دخلت مايسة معللة وملفته النظر نحوها وهي تقول بسعادة كبيرة 


= منذر يا شاهين.. منذر شفت صورته في المجله وانا راجعه من السوق اديها لي جارنا مصطفى وكان بيباركلي ويقولي ابنك بقى زي رجال الاعمال وصوره في المجلات 


نظر لها بأعين لامعة غير مصدق ثم أشار إليها بالاقتراب لان لا يستطيع النهوض بسبب مرضه وهتف بلهفة كبيرة


= بتتكلمي بجد فين وريني المجله دي


اقتربت وناولته إياها بينما للحظة تضايقت مايسة بانه يعيش حياته و هي و زوجها الخوف الذي اصابهم لظنهم أن مكروه ما قد أصابه، وهو يقف أمام الجميع متباهية بنجاحه الكبير.


مسح شاهين بيده المرتجفه على صورته في المجله فأدمعت عينه رغم عنه بألم وهو يردد بابتسامة باهته


= طول عمره شاطر ربنا بيجازيه نهايه صبره زي ما بيجازيني دلوقتي قسوته عليا وخسرت كل حاجه.. شايفه ابنك واقف ازاي وفارد طوله بثقه بين كل الناس كأنه واحد منهم فعلا .. شايفه هو بقى ايه واحنا بقينا ايه؟ 


تنهد مطولاً مخرجًا عن صدره ثقلاً يجثو عليه ويصيبه بالهموم، وهو يضيف بعتاب قاسي إلي نفسه 


= كان معاه حق وقبل ما يمشي ولله قالها   هتخسر لان انا إللي كنت بمشي الشغل مش انت! صحيح انا اللي علمته بس هو طور نفسه وطور الوكاله كمان وكانت ماشيه على حسه، وانا سبت كل حاجه زي ما سبت لابني التاني واعتمدت عليه وهو ما لوش فيها وفي النهايه ضيعني وضيع شقي عمري


اقتربت زوجته ماسحة علي ظهره برفق وهي تقول بقلق 


= جرى ايه يا شاهين ده انا لما صدقت عرفت اخبار عنه وقلتها لك عشان تفرح برده تزعل  


أشار إلى نفسه بقوه فبكي أمامها بشهقات متتالية، مرددًا بصوت مقهور 


= انا اللي ضيعته يا مايسه واستاهل، النجاح اللي هو فيه ده كان هيعمله في الوكاله؟؟ المشروع اللي كان بيحوش لي وزعل لما اشتريت بيهم عربيه لمعاذ.. كان دايما قلبه على الوكاله ونفسه وينجحنا وانا اللي كنت خايب ومش فاهم حاجه و بدل ما اساعده كنت بكسره.. 


ضربت زوجته كفه بالأخر وهي تبكي على بكائه بحسره ولم تستطيع ان تعاونه وتخفف عنه ولا عن نفسها، تابع حديثه بأعين متأثرة


= تفتكري بعد كل ده هيرجع يبص في وشنا! ده انتٍ بتقولي بعت فلوس و فكرنا بنشحت منه.. كأنه عاوز يوصل لنا أن ده آخر اللي بينا  مش اكثر.. وما تحلموش باكتر من كده.. خلاص ما بقيناش قد المقام لي ولا نشرف .


تحول وجهها لحمرة ملتهبة من كثرة البكاء، ثم حدقت فيه بأعينها المنتفخة مرددة بضيق 


= قصدك إيه بقى ان شاء الله هننسى ولادنا كده ولا هنحاول نرجعهم لينا طالما عارفين ان احنا غلطانين ما نصلح، معاذ امره سهل لكن منذر هو اللي صعب وعلى رايك دلوقتي بعد ما حاله اتغير ممكن ما يبصش في وشنا.. اصل هيبص في وشنا على اي أساس صحيح ولا احنا كنا الأهل اللي يتبهى بيهم ويبقى فخور ده احنا كنا دايما بنكسر في مآديفه يا حبيبي..


ضمت يديها إلى صدرها محدقة فيه بنظرات نادمة وهي تبرر تصرفها بانكسار


= بس برده لا يا شاهين بلاش نياس كده والله وحشني ونفسي احضنه.. تعرف انا اكتشفت اني مش عارفه حضن أبني ده شكله ايه ولا احساسه لان عمري ما حضنته وكنت دايما بحضن واطبطب على معاذ.. معاذ إللي عرف ان انت محتاج تتنقل المستشفى وما سالش فيك والغرب ساعدونا 


أخفض رأسه وهو يتألم مثلها فايضا تذكر أنه لم يحضن منذر ويرعاه، امسك طرف المجله  وهو يحاول اشغال نفسه بصور الحفله مرددًا باستياء


= كوثر حماته مش راضيه تقولي مكانه خايفه على زعله، الظاهر الأحوال بينهم بقت تمام واحنا اللي بعدنا.. هي ضحي ليه مش ظاهره مراته؟ فين من نجاحه ده كله


مسحت بيدها عبراتها عن وجنتيها متسائلة بغرابة


= بتسال عليها ليه يعني ممكن ما جتش معاه الحفله دي ولا مش بتظهر من الاساس، وهو قاصد يخفيها..


شهقت بتوتر وهي تفكر بذلك الأمر وقد خمنت متابعة بحماس مفتعل 


= ولا ما تكونش البنت حامل ولا حاجه ولا ولدت اصلا هو انا ازاي فاتت عليا حاجه زي كده و نسيت أسأل كوثر عليها، تفتكر لينا احفاد من منذر.. اكيد ضحي طول الفتره دي حملت منه .


صمت قليلاً وهو يفكر في كلماتها و بتريث قاصدة الضغط على كل كلمة فيها تحدث بصوت خافت


= ضحى هي اللي هتحاول ترجع الشمل من تاني يا مايسه.. لازم نوصل لها باي طريقه هي طيبه وغلبانه زيه.. بس هنوصل لها ازاي وفين


❈-❈-❈


أغاظها كوثر ما فعلته أبنتها ولم تستطيع التحكم في تصرفاتها وهجومها الغير مبرر عليه، بالإضافة إلى تعاملها معه بخشونة غير مقبولة، ضاقت نظراتها وهي تقول بعدم رضا 


=قلت لك بلاش تواجهي وتعرفي حاجه راحتي برده عملتي اللي في دماغك وفي الاخر قاعده تعيطي جنبي، امال انا الايام اللي فاتت كنت  بعلمك ايه 


سحبت نفسًا عميقًا لتتحكم بانفعالاتها المتأثرة، وبدت تهتف بصوت مهتز وسط دموعها 


=اهو اللي حصل بقى ما قدرتش امسك نفسي لما شفتها مقربه منه كده، البنت دي مش سهله على فكره وشكلها عينها منه واللي مجنني انه مش مصدقني وعمال يدافع ويقول دي صاحبتي.. صحوبيه ايه اللي تطلعلي فيها دي مش عارفه

الصفحة التالية