-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 32 - 5 - الخميس 1/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثاني والثلاثون

5

تم النشر يوم الخميس

1/8/2024

احمرت عيناه من الغضب ثم دفعها من ذراعها قائلاً بانفعال


= انتٍ بتستعبطي ولا بتتكلمي بجد؟ يعني حاجه زي كده تحصل وانتٍ تكوني فاكراها كويس وتسيبيني عادي اروحلهم و احط ايدي في ايدهم.. وهما بينهم واحد متحرش و بيتستروا عليه؟؟ 


رمقها بنظرات نارية مشتعلة انتو فيها إحراقها حية بسبب غيرته وشعوره بأنها كاذبه أو أخفت أمر كذلك عنه وكأنها تستهين به، فإضاف مرددًا بتعصب 


= آه عشان كده لما صدقوا صلحت المشاكل اللي بينكم ورجعوا اتكلموا معاكي عادي، وانا اقول يا ترى ايه سر الكره اللي بينكم أوي كده ومش عاوز يتحل.. وانتٍ ملبساني العمه انطقي حالا في حد منهم قربلك او حتى بالكلام؟؟ واياكي تكدبي عشان هعرف 


ابتلعت ريقها بخوف من غضبة وأجابت رغم اهتزاز نبرتها


=لا والله العظيم هي مره واحده بس حصلت مع اختي و بابا قطع معاهم، و كلنا عملنا كده ولحد النهارده ولما بيتصلوا بيا برد بحدود واوقات بطنش ومش برد واعمل نفسي مش سامعاه .. آدم ممكن تهدى وتفهمي الموضوع 


تطلع فيها باشمئزاز وهو يردف بجفاء قاسي


=اسكتي خالص عشان ما بقتش عارف اعمل معاكي ايه عشان تبطلي تخبي عليا حاجه وكل شويه اكتشف حاجه جديده ويا عالم مخبيه ايه تاني.. ليه مصممه تكدبي عليا حتى لو كانت حاجه بسيطه.. لو واخده على كده زمان فبعد الجواز دلوقتي حاجه ثانيه وقلت لك اكثر من مره كل حاجه لازم اعرفها


لم تتحمل الاتهامات الباطلة الصادرة منه، و اختنق صوتها نوعًا ما وهي تقول بزعل


=آدم حاسب على كلامك انا مش كدابه كل الحكايه الموضوع فات عليه كتير وما حدش فيهم فكر يقرب مني ولو حصل ما كنتش هسكت


رمقها زوجها بنظرات أكثر سخطًا و رد ساخرًا


=آه انتٍ هتقوليلي باماره اللي كان بيعاكسك في التليفون وعرفت بالصدفه، هاتي تليفونك عشان اعمل لك بلوك من نمرهم الظاهر اللي انا كان لازم اخليكي تقاطعي عيلتك كلها.. ولا فاكره بعد اللي عرفته هرجع اخليكي تكلميهم عادي هم دول نسب يشرف أصلا بعد ما عرفت ان حد منهم حاول يتحرش باختك وهي صغيره.


لم تحاول الجدال أو النقاش معه وهو في تلك الحالة، لذلك قامت بفعل ما يريد، فبسبب ذلك أصبح متهورًا ويغضب بسرعة دون سبب مبرر أو ربما يكون محقًا، فهي لا تعرف ولا تستطيع الوقوف أمامه عندما يقلب الطاولة وتجد نفسك المخطئة، نظر إليها بنظرات نارية مشتعلة تشعرها فيها بأنها ستحترق حية بسبب غيرته وشعوره بأنها كذبت عليه أو أخفيت عنه شيئًا، ثم رحل من أمامها دون حديث آخر.


ضربت جبهتها بعتاب وهي تتحدث مع نفسها بضيق 


=غبيه ما كنتيش قادره تمسكي لسانك شويه وانتٍ عارفه انه بيتلكك على كل حاجه الايام دي.. يا رب يرجع يثق فيا زي زمان انا مش عارفه ماله بجد .


❈-❈-❈


بعد مضي عدة أسابيع، ذهب شاهين ليرى صديقه الذي دعاه وأصر عليه أن يأتي لزيارته في مكان عمله "السوبر ماركت" لكي يتحدثوا قليلاً ويتخلص من تلك الأجواء الكئيبة و الجلوس في المنزل دون فائدة وبعد أن أخبره بأحواله بشكل موجز، هتف الآخر باهتمام


= طب وانت دلوقتي بتصرف منين لو محتاج فلوس او شغل قولي .


رفع شاهين رأسه له وهتف بتبرم ساخط


= انا مش بحكيلك عشان عاوز فلوس ولا شغل الحمد لله مستوره ولا هتعمل زي ابني  الكبير وتديني قرشين في ايدي كاني بشحت ما انا خلاص بقيت ملطشه بعد اللي عمله فيا معاذ .


لم يعاتبه صديقة على حديثه بل سأله بجدية 


= ماسألتش نفسك مرة واحدة يا شاهين.. ليه ولادك دلوقتي وحشين معاك و ليه مقصرين في حقك؟!


هز رأسه باعتراض وهو يتحدث مرددًا باستياء


= أنا مش محتاج حاجة من حد، ولو عشان عاوز ارجعهم حواليا فده عشان ما احسش بتانيب الضمير انما انا مش مستني منهم حاجه


تنهد الآخر ببطء وأجابه بتمهل


= يا سيدي ربنا ما يحوجك لحد ثم إنت زعلان ليه؟! ماهو إنت السبب في كل اللي حصلهم .. إنت اللي دلعت ابنك الصغير يا شاهين وإنت اللي خلته ما يقدرش يتحرك خطوة إلا برأيك وبمشورتك.. إنت اللي عودته يعتمد عليك فلما حاول يعتمد على نفسه ضاع


نفخ بضيق أكبر واحتج عليه قائلاً بعدم اعتراف


= ناقص كمان تقولي أنا اللي طلعته بالأخلاق دي وخليته في عز تعبي يعمل نفسه مش شايفني ويسيب الغريب يساعدني، انا عملته  كل حاجه نفسه فيها وانت لسه قايل كده بلسانك فما كانش قادر يجي على نفسه و يقدرني شويه ثم ان تعبي للدرجه دي مش فارق معاه ان يحط زعله مني على جنب ويجي يساعد ابوه


أصر صديقه أن يكون صارمًا معه بهذه الطريقة  ليتمكن من خروجه من هذه الدائرة، أن ينظر إلى وضعه ويرى نفسه كضحية ولكن الواقع تمامًا هو العكس، لذلك يجب عليه أن يتخلص من الحزن ويبحث عن كيفية استعادة العلاقات كما كانت في السابق دون أن يظلم أحد منهما، هز رأسه بإيجابية وقال بكلمات 

باقتضاب


= أيوة إنت يا شاهين.. إنت اللي عزلته عن الناس وأنه يعيش حياته كاي شاب عادي بحجه انه تعبان لحد ما طلع ما يعرفش في الواجب ولا المجاملة.. وحشرت نفسك في كل ثانية في حياته.. عملت كل حاجة بداله و اجبرت ابنك التاني يعمل ذيك، ما خليتوش يشيل المسؤولية وعايز يبقى راجل إزاي بس ؟!


تحركت عيناه نحوه ليطالعه بنظرات مهتمة مضيفًا بهدوء جاد 


= إنما التاني عملت العكس تماما! فاكر زمان لما كنا بنحاول ننصحك ونقول لك بلاش تيجي على منذر بالشكل ده؟ ترد تقول لنا انا بعمل العادي ولازم يشيل المسؤوليه وده الراجل الوحيد ومن بعدي هيشيل كل حاجه، ولما نيجي برده نقول لك طب وابنك التاني مش هيشيل معاه ترد برده وتقول لنا ده تعبان يا عالم وكان هيموت.. وفضلت مركز مع الصغير لحد ما نسيت الكبير خالص واتعودت اصلا انك تيجي عليه وتظلمه عشان كده كل ما يحاول يشتكي كنت بتشوف ان اللي بيحصل عادي وكأنه حق مكتسب وما لوش انه يعترض وده العادي أصلا.. انت غلطت مع منذر غلطه كبيره اوي والمتوقع انه كان هيعمل كده في اي وقت لانه بشر زينا وانت نسيت أنه لي قدره على التحمل


تعجب الآخر من طريقته معه، وعنفه شاهين بانفعال طفيف ملوحًا بيده في الهواء


= ما كفايه بقى تانيب انت التاني هو انت جايبني هنا عشان كده؟ عشان تقولي انك راجل ظالم ومفتري وعمرك ما حسيت بابنك.


تنفس بعمق ثم رد عليه بجمود وهو يتفرس وجهه


= إنت صعبان عليا يا شاهين .. فضلت تدي معاذ وهو يطلب وياخد لحد ما طلع ما بيعرفش يدي.. مايعرفش إن الدنيا أخد وعطا، سلف ودين.. ماتزعلش مني بس النهاردة إنت بتحصد اللي زرعته فيهم 


لم يكن في حاله جيده او تسمح له بالنقاش في ذلك الموضوع والضغط على نفسه أكثر فهو كل ليله بالفعل يفعل ذلك من الاساس،

كور قبضته ضاربًا المقعد جانبه بعنف ومفرغًا فيه شحنة المكبوتة، ثم نظر له بأعين دامعة 

هاتفًا بصوت متعباً  


= كفاية خلاص مش قادر أسمع اكتر من كده هو انت فاكرني مش عارف كل ده بس مش بقدر اواجه نفسي، عارف ان ظلمت الاثنين  بايدي بس اعمل إيه اللي راح مش بيرجع فمش هقدر أغير الزمن


تراجع هنا صديقة عن تصادمه معه، وأشار له بيده ليرد بإلحاح  


= لا تقدر تصلح! ايه يعني لما تروحلهم انت و وتبدا بالصلح هيرفضوا وايه يعني حاول مره واثنين وثلاثه.. طالما عارف انك غلط وانت اللي بدأت وانت اللي خليتهم كده وربيت يبقى تستحمل لحد ما توصل لنتيجه كويسه.. انا مش عارف اذا كانوا هيسامحوك الاثنين ولا لا بس قولهم من باب انك ترجع الود من جديد حتى! انت محتاجهم يا شاهين محتاج ولادك جنبك وده اللي لازم تعترف بيه كمان . 


❈-❈-❈


كان معاذ يجلس فوق المقعد في منزل والد زوجته، بوجه محبط فالأيام السابقة كان يبحث عن وظيفة ولكنه لم يجد أي شيء مناسب له، خاصةً أنه لا يمتلك أي شهادة أو مهارة مهنية.


ولم يهتم بالاتصال بوالدته عندما أخبرته بمرض والده، ظن أنها تخبره ذلك فقط لكي يأتي إليها وعندما تحدثت عن صحة، لم يعطِ الموضوع أهمية كبيرة. فمنذ متى و أحد منهما يعتمد عليه في أي شيء ؟


قد اعتاد عليهم بذلك، مهما حدث من أمور خطيرة يتولى منذر الأمور بدلاً منهم جميعا، لكنه نسي أنه أيضًا رحل ولم يعد يساعدهم.


لاحظت بسمة جلوسه من بعيد فاقتربت منه ثم جلست جانبه، وهي تتساءل 


= فينك مختفية كده تكونش خلاص حليت كل مشاكلك وقاعد فاضي .  


رفع معاذ كفه في الهواء قائلاً بتبرم


=هي المشاكل بتخلص، أنا بس مش عايز ادوشك بمشاكلي .


تقوس فمها للجانب بابتسامة صغيرة وهي تربت علي كتفه عده مرات، لتؤيد رأيه هاتفة 


= راجل جدع! استمر بقى على كده. 


هز رأسه وهو يرد عليها بصوته الحاد والمزعوج


‏= بطلي استفزاز يا بسمه، أنا خلاص أصلا  مش عايز أي حاجة من حد ولا من الدنيا. 


عقدت حاجيبها باستغراب وهي تسأله بسخرية طفيفة 


= وده ليه أن شاء الله خلاص حققت كل أحلامك


هز رأسه برفض هامسًا لها بتنهيده طويلة 


= لأ بس زهقت.


رمقته بسمة بغضب ثم حانت بوجهها للإمام وهي تقول بصوت مغتاظًا


= زهقت من ايه؟ ده انا حتى شايفك قاعد في البيت وبطلت تنزل تدور على شغل زي ما كنت بتقول! مش كان كلامك برده انك مش هتخلي ست تصرف عليك 


أغاظه ردها المستفز له، فقال مرددًا بتهكم


= ما تعرفيش خمس دقائق تقعدي ساكته من غير ما ترمي كلام زي السم وتحرقي دمي ما تسيبيني في حالي هو انتٍ ولا عاجبك انزل ولا أفضل قاعد في وشك وبعدين شفتيني لقيت شغل وقلت لا، انا مش ساكت فعلا ويوم ما بلاقي شغل بلاقي مش مناسب 


بدت لهجتها متشنجة إلى حد ما، وهي تردف بغضب 


= ايوه هترجعي زي زمان لما كنت بتطلع عيني، عاوز تفضل قاعد على مكاتب ويجيلك لحد عندك الشغل، طب اسمعني بقى ما اتكلمتش الأيام اللي فاتت وقدرت الحاله اللي انت فيها ابوك وامك جايين عليك وقلت لنفسي ما هو معاه حق يا بنت، قضي سنين عمره كلها من غير شغله ولا مشغله فخليكي جدعه معاه وبلاش تكوني قاسيه عليه طالما بيحاول انما هترجع لدلع زمان يبقى لا يا حبيبي المصاريف ما بقتش تكفي وانا بالعافيه بحاول امشي نفسي 


أشاحت بوجهها عن مرمى بصر زوجها واضافت بخفوت دون أن يرف لها جفن


= كفايه أن مش بلاقيلك عذر زي اي راجل على اهمالك ليا زمان، واقول معلش معذور علشان الشغل بس لو بتتهمني في الإهمال 

فأنتٍ كمان أهملت فينا كلنا.. انت مكنتش بتعرف عني حاجه كويسة ولا مضايقة ؟ مضغوطة ولا مرتاحة ؟ واهملت في ابنك و مبتسالش عنه ولا عني عارف حاجه.

الصفحة التالية