-->

رلرواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 13 - 2 - السبت 10/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثالث عشر

2

تم النشر يوم السبت

10/8/2024




دوى صوت المزمار في قلب الحارة بصخب، ليتجمع معظم افرادها في الطرقات وشرفات المنازل ، لاستقبال هذا المتعجرف، والذي ترجل من السيارة يستقبل التهاني والمباركات وكأنه المظفر بالنصر بعد هزيمة الخصم، تصاحبه اصوات الزغاريد من النساء ووالدته التي كانت تصيح بأعلى صوتها.


- عقبال عندكم يا حبايب، ربنا نصفه بعد ظلمه،  ندرًا عليا لاكون عاملة ليلة كبيرة الكل ياكل فيها لحمة، حلاوة ان ربنا فك كربته وظهر الحق؟ زغرتو يا حبايب وفرحوا قلبي .


صدحت الزغاريد مرة اخرى بعد مطلبها، وتنطلق المباركات للمرأة ودعوات التمني:

- عقبال فرحه يا سميرة ، وتعملي ليلة اكبر منها .

- ان شاء الله يا حبايب، ان شاء الله يارب، يلا يا واد ارقص وفرح قلبي بيك .


تلقى منها الراهيم لينطلق مع مجموعة الشباب من افراد حارته ليرقص ويتمايل معها على انغام المزمار، مندمجًا في الدور،  وعيناه تدور باحثة عن والده، الفرد الوحيد الغير موجود ، ليكتم غيظه بداخله، الا يكفيه امتناعه عن زيارته طوال مدة سجنه، ليكملها الاَن بعدم اهتمامه امام افراد المنطقة. 


تمتم بالعبارات المتوعدة من داخله، لكن سرعان ما تحول كل ذلك الى مرح، حينما وقعت ابصاره على ابنة خالته رؤى، والتي كانت عائدة من جامعتها في هذا الوقت، لتكن المفاجأة من نصيبها.


ليزيد هو من تمايله امام الشباب مرددًا بعبارات الكيد:


- رقصني يا عم الزمار وعلي الصوت، خلي الناس كلها تعرف بخروج ابراهيم وفك حبسته، دا الحرية حلوة اوي يا جدعان، رقصني يا عم خلينا نكيد الاعادي. 


انضمت معه والدته في وصلة فجة بالابتهاج المبالغ فيه ، وقد فهمت لمقصده،  تنقل ابصارها نحو ابنة شقيقتها:

- ايوة يا حبيبي خلينا نكيد الاعادي..


اما عن رؤى فقد ضاعفت من سرعة خطواتها، تخترق صفوف البشر، دون ان تعير اي فرد منهم اهتمامها، رافعة ذقنها للأمام بإباء كي لا تظهر ضعفها ولا تأثرها ، حتى اذا وصلت لبنايتها ودخلت منزلها ، زفرت معبرة عن قهرها:


- الهي تنكادوا انتوا يا بُعدا، وما تشوفوا الفرح ابدا،  قادر ربنا يخسف بيكم الارض ويوريني فيكم يوم.


- بتدعي على مين يا بت .

صدر صوت والدتها من جهة المطبخ،  لتخطو سريعًا فتصل اليها هاتفه بغضب:

- بدعي على اختك وابن اختك اللي عاملين ظيطة وهوليلة في قلب الشارع وعمالين يرقصوا ولا اكنه بريء بحق، صدق نفسه ونسي ان ربنا يمهل ولا يهمل. 


- صوت مصمصة خرج من شفتي والدتها دون ادنى تعقيب منها، تدعي الاندماج في تقطيف ورق الملوخية الخضراء امامها على سطح طاولة المطبخ،  مما استرعى انتباه ابنتها للتساؤل:


- نعم يا ست ماما، لتكوني انتي كمان صدقتي وعومتي على عومهم، والله ما هستغرب لو سمعتها منك. 


التوى فمها لتقلب عينيها بتململ قبل ان يخرج صوتها بما ليس مستبعد منها:

- يا ختي انا لا بقول ولا بعيد،  اديني مرزوعة مكاني اهو في المطبخ، لا خرجت ولا حتى بصيت من البلكونة، بس اهي الحكومة برئته والمحامي طلع بالدليل انه ما موتش المرحوم الله يرحمه، يبقى ندعي عليه ليه بقى؟ ونحمل نفسنا ذنوب؟


- يالهوي عليا وعلى سنيني السودة،  والله كان قلبي حاسس.

صرخت بها رؤى، تستطرد بغيظ شديد:

- يعني مكدبة اخواتي البنات الاتنين واللي سمعوا اعترافه بودانهم، وصدقتي ابن اخوكي البلطجي المجرم وامه اللي شبهه.......


افتر فاهها تتوقف عن الكلام امام سلبية والدتها المفرطة لتختم بتعب:

- انا بكلمك ليه اصلا؟ وانتي مفيش فايدة من الكلام معاكي....... انا رايحة على اوضتي وسيباكي ياما. 


قالتها وخرجت تنجي نفسها من شلل مفاجيء قد يأتي لها رغم سنها الصغير، فوالدتها قادرة على ذلك بشخصيتها المتذبذبة وبقوة. 


❈-❈-❈


خرجت من دوام عملها ، تسرع بخطواتها، متخذة طريقًا  مختلفًا عن العادي ، لتقف في الوجهة المختلفة من الطريق تشير بيدها لسائقي السيارات الأجرة حتى يقف  لها احدهم .


فتفاجأ بإحدى السيارات تقف امامها ، حتى كذبت نفسها في البداية ان تكن تلك التي تعلمها، ولكنه أكد لها  حينما انزل زجاج النافذة بهيئته المهيبة يخاطبها:


- عاكسة طريقك ليه النهاردة يا بهجة؟ وراكي مشوار؟


شعرت بالحرج من خلف سؤاله، رغم بالونات المرح التي كانت صارت تراها تزين الأجواء من حولها لاهتمامه:

- لا ما انا مش مروحة ع البيت دلوقتي، المستشفى اتصلوا عليا وبلغوني بتصريح الخروج لايهاب،  انا الفرحة النهاردة  مش سايعاني وعايزة ألحق اروح اجيبه على طول.


- خلاص تعالي اركبي معايا اوصلك .

- نعم !

تمتمت بها بعدم تصديق ،  ولكنه عاد يكرر مشددًا:

- بقولك تعالي اوصلك معايا في طريقي،  وبالمرة اتصلك بعم علي يوصلكم ع البيت بعد كدة. 


هذه المرة اعترضت بارتباك شديد:

- لا يا افندم اتفضل انت مينفعش. 


سمع منها ليصدر رده بأمر غير قابل للنقاش:

- اركبي يا بهجة وبطلي عبط، انا مش بكرر كلامي كتير.

اضطرت مذعنة لطاعته، لتنضم في الامام بجواره،  منكمشة على نفسها، شاعرة بكبر المقعد عن حجمها الصغير ، او انه ليس بمكانها، بداخلها رهبة منه لا تنكرها ، رغم تلك المشاعر التي تعبث بها بحضوره، لتدخلها في صراعات لا نهاية لها، لك الله يا بهجة.


وكأنه كان قارئًا لافكارها، فور ان انهى اتصاله بالعم علي تحدث بتباسط، كي يخفف عنها:


- تلاقي الفرحة النهاردة مش سايعاكي عشان خروج ايهاب.


سمعت منه لترد على الفور بلهفة انستها التوتر وما كان يكتنفها منذ لحظات:


- اه والله يا فندم، انا فرحانة كمان عشانه، لاني سألت الدكتور،  قال انه ممكن يخرج ويروح مطرح ما هو عايز، اهم حاجة يحرص على نفسه ويلبس الكمامة لحد ما يخف نهائي. انا ممتنة ليك اوي يا رياض باشا. 


جاء رده بروتينية:

- مفيش داعي للشكر ولا الكلام دا من اساسه يا بهجة. 


- لا يا فندم ازاي بس؟

قالتها تبتلع رمقها، مرددة:

- انا مصرة برضو انى اسدد تمن المستشفى، اخويا طوّل  هناك، ودا اكيد جر فلوس كتير اوي، مش معقول يعني كل ده تتحمله لوحدك؟ 


تطلع نحوها بنظرة غامضة وملامح مغلقة كعادته، ولكنها طالت حتى اخجلتها لتحيد ببصرها نحو الطريق امامها حتى وصلها رده:


- احنا اتكلمنا في الكلام ده قبل كدة وقولتلك بعدين، يبقى خلاص يا بهجة بقى، المهم دلوقتي ممكن تكلميني عن الفرح اللي هتحضريه؟


قطبت باندهاش سائلة:

- هكلمك في ايه تاني يا فندم؟ هو انا لسة حضرته من الاساس؟


- خلاص يا بهجة، يبقى انا كدة في انتظار انك تحكيلي عنه بعد ما تحضريه. 

رغم تفاجأها إلا انها لم تجد امامها سوى الموافقة بإماءة من رأسها، يكتسحها خجل جميل، زين وجنتيها بالورد،  وتوهجت له خضراوتيها، لتزيدها سحرًا فوق السحر. 

❈-❈-❈


- خرج !

تمتم بها بعدم تصديق،  فور ان سمع بالاخبار الجديدة من صديقه عقب لقاءه به، ليؤكد عليه الاخر :

- المحامي الفاسد يا عصام، قدر بأساليبه الملتوية، يجمع ادلة وبراهين مزورة مكنته يقدمها للقاضي ويحكم  بخروجه، اصناف قذرة. 


توقف امين بعدما رأى بأم عينيه، تصلب وجه الاخر،  وخطوط وجهه التي اشتدت بغضب دفين، ليوضح محذرا:


- اسمع يا عصام،  البني ادم ده تشيله من مخك مهما كان الخلاف ما بينكم، سيبني الله يرضى عنك اتكتكله وادور وراه براحتي، ما انا مش هسيبه. 


- ولا انا هخليه يفلت من ايدي. 

طالعه امين معترضا بتشدد:

- القضية دي بتاعتي من الاول يا عمنا، خليك انت في حالك ومتدخلش الامور الشخصية في الشغل. 


ضغط يطرق بقبضته على سطح الطاولة بينهم مرددا:

- اوعدك اني مش هدخل الامور الشخصية بينا،  بس بلاش تبعدني عن القضية دي. 


تحدث امين برفض قاطع:

- وانا رافض يا عصام، احسنلك تنفذ امر رئيسك وتنشغل في القضية المسؤول عنها، وانا لو عوزتك هبقى ادخلك تشتغل معايا. 


❈-❈-❈


خرجت من حمام غرفتها، تجفف شعر رأسها بالمنشقة الصغيرة، لتتوقف امام المراَة تتأمل وجهها المتورد بالسعادة، بعد تلك الساعات التي قضتها معه في عقد معاهدة الصلح، ما أجمله من رجل في ساعة الصفا، في جموح عشقه لها ، في كلمات الغزل التي يلقيها على اسماعها يدغدغ انوثتها ويدللها،


خرجت تنهيدة قوية منها تتمنى لو يظل على هذا الحال ولا يتغير ابدا.

القت بالمنشفة تهم بتمشيط شعرها، لكن وما أن شرعت ان تفعلها حتى دوى صوت الهاتف بالاتصال ، ف اقتربت على الفور تجيب الرقم الغريب، لربما تعرفه:


- الوو.... مين معايا؟ 

- الوو يا قلبي، انت لساكي برضو محتفظة بالرقم القديم.......

انتفضت تلقي الهاتف من اذنها على الأرض، وكأن عقرب لسعها بهذا الصوت الغريب، لا تصدق ما وصل لأسماعها..


- الوو يا أمنية، انتي روحتي فين بعيد عني؟ 

اغلقت على الفور المكالمة تتبعها بحظر الرقم من الأساس،  وقلبها يضرب بفزع، وهي مازالت تكذب احساسها،  حتى حسمت تتناوله مرة اخرى، تتصل هذه المرة بشقيقتها:

- الوو يا رؤى...... كويسة يا حبيبتي والحمد....... معلش بس انا كنت عايزة اسألك عن الزفت ابن خالتك ابراهيم......... انا كمان سمعت؟!، سمعت ايه مش فاهماكي....... يا نهار اسود خرج..... ازاي يا رؤى؟!



الصفحة التالية