-->

رلرواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 13 - 3 - السبت 10/8/2024

  

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثالث عشر

3

تم النشر يوم السبت

10/8/2024



عاد من الخارج وحالة السعادة برؤيتها مازالت تغمره، كلماتها الرقيقة وخجلها حينما يضيق الخناق عليها بأسئلته الفضولية، هذه الصفة  ليست به من الأساس، ولكنه يكتشفها الان معها هي فقط،


تسمرت قدميه فجأة، منتبهًا للحاضرين الجدد لمنزله، وتلك الجالسة بشموخ امامه في زيارة لا تكررها الا كل شهور تقريبا، رغم قرب المسافة ولكن تملك الحجة بمرضها ، إذاً ما سر الزيارة الغريبة؟


- بهيرة هانم عندنا! طيب مش كنتي تتصلي ولا تبلغيني يا خالتو!

قالها مرحبا،  ليقترب منها يقبل وجنتها بخفة قبل ان يجلس مقابلًا لها بجوار والدته المنكمشة على نفسها بمقعدها:


تبادلت معه التحية مرددة:

- انا لقيتك مش سائل، قول اجي اطمن انا بنفسي عليك وعلى اختي الحبيبة،  واللي قاعدة قدامي دلوقتي خايفة ولا اكني هاكولها. 


امتدت كفه على نحو والدته يلمس عليها بحنان لتهدا، وهو يبرر ملطفا:

- لا يا خالتو ايه الكلام دا بس؟ هي ماما مش عارفاكي يعني،  يا نبوية. 

هتف بإسم المرأة جليستها،  وما ان خرجت اليه حتى تفاجأ بشقيقتها معها، ليعبر عن دهشته:

- ايه ده؟ دي دادة وصيفة كمان معاكي!


- ايوة يا رياض باشا، شوفت بقى المفاجأة؟

تبسم باضطراب يتقبل ترحيب المرأة ومزاحها قبل ان يأمر نبوية بسحب والدته لغرفتها، ثم توجه باستفهام نحو بهيرة والتي لم تتعبه في الانتظار:


- انا جايبة وصيفة تساعد مع نبوية في رعاية نجوان، بلاها من اي حد غريب احنا مش واثقين فيه.

مازال التوجس سيد الموقف بداخله ليواصل استفهامه:


- غريبة يعني انك تستغني عنها دلوقتي، انا عارف بمعزة وصيفة عندك، بالظبط زي نبوية عندنا. 


ابتسامة ماكرة لاحت على محياها مبررة بكلمات مقصودة:

- دا حقيقي، بس في حاجات بقى بتجبر البني ادم انه يضحي،  ع العموم انا عندي من الخدم كتير وكلهم تحت امري، الدور والباقي بقى على نجوان...


توقفت تخرج تنهيدة من العمق مستطردة؛

- مسكينة الحب ضيعها، ياريتها سمعت كلامي ولو مرة واحدة ، دي كانت اجمل بنات العيلة،  اجمل مني انا شخصيا، كل الشباب كانوا بيتمنوا رضاها وسبحان الله هي ما اختارتش غير  اسوأهم، عشان تعيش معاه مهووسة بحبه مهما يعمل فيها ، وفي الاخر تكتشف بعد فوات الأوان،  بعد ما تنقلب بيه العربية مع عشيقته اللي يتضح بعد كدة انها زوجته، والمسكينة تفقد عقلها.....


-لزومو ايه الكلام ده يا خالتو ؟

هتف بها بانفعال ورأس مشتعل، بعدما عبثت بمكرها، داخل هذه الدائرة السوداء برأسه، والتي دائما ما يجاهد للخروج منها، وعدم تذكرها، لتواصل هي بمراوغة:


- انا مش قصدي حاجة طبعا يا حبيبي، بس تقدر تقول كدة افتكرت......

بنظرات يملأؤها الشك، صار يحدجها يصعد ويهبط بانفعال لا يخفيه، ف استطردت هي بتملق:


- حبيبي يا رياض انت عارف اكيد بمعزتك عندي، طول عمري اقول انك ابني التالت، لا ورثت العاطفة المبالغة من والدتك ولا غدر وفشل والدك الله يرحمه. 


احتدت عينيه حتى صارت كلهيب جمر محترق، فواصلت هي بالطرق على الحديد الساخن:

- انا حتى بشبهك بمصطفى لولا بس عيبه انه اتجوز الممثلة دي اللي متناسبناش في اي شيء، بس نفعاه ع الاقل بعلاقاتها وشهرتها، مش ناوي بقى تشاركه وتكبر مصنعك؟


ضرب بكف يده على ذراع الاريكة باعتراض وتشدد:

- بس انا مش عايز مساعدة من حد يا بهيرة هانم ، حتى لو كان مصطفي نفسه، مصنعي هكبره لوحدي، واسمي هيبقى ماركة مسجلة في الشرق الاوسط وفي العالم كله....


تبسم ثغرها باتساع وقد وصلت لمبتغاها لتردف:

- هو دا اللي انا بتمناه وواثقة انك هتعمله يا رياض، وساعتها يبقى اللي ناقصك حاجة واحدة بس، هو النسب اللي يشرف، واحدة كدة زي ميسون مرات عدي، نسب يشرف وولادك يفتخروا بيه لما يجو ع الدنيا،  مش يلوموك على سوء اختيارك!


هكذا وبكل سهولة استطاعت بفحيحها، النبش في ذاك الجرح الغائر بدواخله، ذاك الذي مهما مرت عليه السنوات لا يندمل ولا يشفى أبدا، مهما تناول له من ادوية او حتى مسكنات. 


❈-❈-❈


صدحت زغروطة كبيرة من صباح ، جلجت في قلب الحارة فور استقبالها لبهجة وشقيقها العائد اخيرا لمنزله بعد رحلة العلاج:


- يا الف الحمد لله ع السلامة يا هوبا، نورت بيتك ومطرحك. 

قابلها الاخير بابتسامة ملوحًا بكفه لها بالتحية في الهواء، الله يبارك فيكي يا خالتي ، دا انتى اللي منورانا والله .


- لا يا اخويا منوراك دا ايه؟ انا صاحبة بيت. 

قالتها بتباسط وهى تضم بهجة وتهنئها بعودة شقيقها، لتردف بعد ذلك بأمر:

- ولا ايه يا بت انتي، صاحبة بيت انا ولا واحدة غريبة؟


جاء رد بهجة ضاحكة:

- لا يا خالتي دا احنا اللي ضيوف عندك. 


توقفت فجأة تطالع المنزل ونظافته لتعقب بمرح؛

- بس انتي تعبتي نفسك ووضبتي البيت ليه؟ كان يكفي بس اوضة ايهاب اللي هيريح فيها .


- يا بت ما قولنا اني مش غريبة، الله.

قالتها صباح بمرح لتتناول منها ذراع ايهاب وتتجه به نحو غرفته مرددة لها:

- روحي انتي بس اطفي من ع النار وانا هدخل ايهاب على اوضته .


- يالهوي عليا، انتي كمان طبختي! 

تمتمت بها بهجة في اثرها بحرج شديد،  لتهرول سريعًا نحو المطبخ،  تطفيء نار الموقد الغازي، وتطمئن على الطعام قبل ان تلحق بهما داخل غرفة ايهاب الذي كان يتسطح على الفراش وهي تسحب الغطاء عليه، مخاطبة له بحنان:


- ريح شوية يا حبيبي من مشوار المستشفى على سريرك،  ربنا ما يغيبك عن اخواتك ابدا تاني. 


- يارب يا خالتي،  انا فعلا عايز اريح شوية عشان افضي للمذاكرة المتأخرة عليا. 


- ربنا يعينك يا بني.

قالتها وخرجت تغلق الباب عليه بخفة حتى لا تزعجه،  لتجد بهجة هي الأخرى في طريقها اليها بعد مغادرة المطبخ،  قائلة:


- خرجتي بسرعة يعني؟ هو ايهاب لحق ينام؟ 


جلست صباح على مقعد السفرة تشير لها على المقعد المجاور:

- انا اللي قولتله يريح، تعالي انتي عشان عايزاكي في كلمتين. 


اقتربت تنفذ الامر وتسألها باهتمام:

- كلام ايه يا ست الريسة؟ في حاجة في الشغل. 


نفت صباح بهز رأسها وبوجه واجم سألتها:

- قبل كل شيء انا عايزة اعرف، اخواتك البنات بيغيبوا لحد الساعة كام كل يوم كدة؟ 


ردت بهجة قاطبة بدهشة:

- على حسب مواعيدهم،  جنات حسب المحاضرات، وعائشة حسب المجموعات اللي بتاخدها، ممكن يجوا بدري وممكن ييجو متأخر، بس هو الخميس دا عندنا معروف، جنات بيبقى يومها مزحوم بالمحاضرات وعائشة بتاخد دروس لبعد العشا.


- يعني انتي بس اللي بتيجي على ميعادك الساعة التلاتة، بما ان ايهاب كمان في المستشفى يعني. 


اهتزت رأسها بمزيد من التشتت:

- ايوة يا ست الريسة، لزومها ايه الاسئلة دي؟


زفرت المرأة الواضعة يدها على وجنتها، لتنطق اخيرا بما اجفل بهجة:

- بسأل  يا غالية عشان اعرف الحاجة اللي لقيتها مرشوشة دي قدام البيت مين المقصود بيها، واديني اتأكدت انها انتي .


- انااا؟ ..... حاجة ايه ؟ انا مش فاهمة حاجة يا ست الريسة. 


تحدثت صباح توجهها بتحذير:

- من الاخر كدة يا بهجة، انا لما جيت هنا البيت، على حسب اتفاقنا، عشان اسبقك قي توضيب اوضة ايهاب وتعقيمها قبل ما توصلي انتي بيه من المستشفى،  خدت بالي يا غالية من مية غريبة مرشوشة على عقب الباب، لولا اني مجربة الالاَعيب والوساخة دي من قرايب جوزي الله يرحمه، كانت هتعدي عليا ومكنتش هاخد بالي. 


- يا نهار اسود. 

تمتمت بها بهجة ضاربة بكف يدها على صدرها تردد بجزع وصدمة:

- يعني كان ممكن تضري فيها انتي كمان،  او اي  حد من أخواتي،  طب اتصرفتي فيها ازاي؟ ولا هي لساها موجودة؟


قاطعت صباح هذيانها بلمسة من يدها توقفها:

- مفيش حاجة موجودة اطمني، بقولك الحاجات دي لان ياما عدت عليا من قرايب جوزي،  يعني اكيد عرفت التصرف الصحيح معاها ازاي؟ المهم انتي يا حبيبتي، تخلي بالك كويس اوي ، اللي عمل العملة دي عارفكم كويس اوي وعارف خط سيركم ومواعيدكم بالظبط. 


تابعت بإشفاق:

- انتي طيبة اوي يا بهجة، بلاش تخلي حسن النية اللي عندك يضرك، المرة دي جات سليمة وربنا صدرني اشيل الاذى من طريقك،  المرة الجاية مش مضمونة، حطي عينك وسط راسك يا بنتي، أخواتك ملهمش غيرك، وانتي ملكيش غير نفسك. 


اطرقت بهجة بحزن تهدلت له اكتافها،  لتمتم بقهر:

- طب ليه يحصل معايا كدة؟ هو انا اذيت مين عشان يأذيني كدة؟


ربتت صباح بكف يدها على ذراعها بحنو تخبرها:

- شيلي من على قلبك يا حبيبتي،  وهو اللي يتجرأ ويعمل الوساخة دي محتاج تبرير ولا مستنيكي تأذيه عشان يعملها؟ لا يا بنتي، اللي بيعمل كدة، دا بيكون قلبه مليان بالحقد والسواد ناحيتك، حصني نفسك انتي واخواتك والبيت كله، داومي على أذكار الصباح والمساءوزي ما قولتلك، برضو تبقى حريصة، وقادر ربنا يرد كيدهم في نحرهم الاوساخ اللي بيعملوا كدة. 


اراحتها بكلماتها ، لتطالعها بامتنان شعرت به صباح، لتشاكسها مغيرة دفة الحديث:

- المهم سيبنا من الهم ده وخلينا في الفرح، قوليلي هتلبسي ايه النهاردة في زفة ابن عمتك؟

اشرق وجه بهجة وقد أسعدها فعل المرأة، لتجاري محاولاتها للترفيه عنها، فتخبرها بلهفة عن ما تنتوي فعله........



الصفحة التالية