-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 11 - 1 - الجمعة 2/8/2024

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الحادي عشر

1

تم النشر يوم الجمعة

2/8/2024


كان لابد لها من تغيير هيئتها اليوم ، لتناسب الوضع الجديد، كما أن الموظفين ملزمين بحسن الهيئة بعيدا عن الملابس المخصصة للعاملين اثناء العمل، والتي كانت ترتدبها فور دخولها محل عملها، وخلعها للعباءة السمراء المريحة لها من جميع النواحي،  بعيدًا عن التزين والأناقة فهي بالفعل لا تريد لفت الانظار اليها، وقد قررت منذ تحملها للمسؤلية، الا تدع شيئا ما يلهيها عن توفير لقمة العيش بعزة، ورعاية اشقائها وكفايتهم عن اي احتياج ، حتى وان لم تنجح في ذلك الا بعض الشيء ولكن يكفي السترة والاستغناء وعدم الاحتياج لأحد 


اما الاَن وقد فرض عليها هذا الوضع الجديد، ولا يصح الا التغيير ، فقد ظهرت الان امامها المعضلة الكبرى في انتقاء الملبس المطلوب. 


وقفت بحيرة امام خزانة ملابسها ، تتأمل محتوياته من ملابس قديمة وجديدة لها، تتأملهم وحيرة تفتك بها، ماذا ترتدي؟ ماذا ترتدي؟ 


ملابس الجامعة التي تركتها منذ سنوات مازالت تحتل جزئًا ليس بالهين داخل الخزانة، ولكن منها الضيق بعض الشيء، كما أنه عصري ويظهر عمرها صغيرا وهي لا تريد ذلك،لقد جربت احدهم بالأمس،  والذي كان بنطال من الجينز وبلوزة محكمة الى حد ما، فنالت من اشقائها التهليل والإعجاب ، وكأنها لم تكن هذه ملابسها في يوما ما، وذلك على الرغم من انها كانت ترتدي بعض منها في اضيق الحدود 


ضغطت بطرفي اصابعيها على جبهتها،  متمتمة بيأس: 

- وبعدين بقى؟ يعني يا اما صغير وعصري، يا اما كبير وواسع، وانا عايزة حاجة وسط، طب اروح بإيه بس يا ربي؟ 


وصلها ضحكة ساخرة من شقيقتها من خلفها  معلقة بشفقة نحوها: 

- انتي لسة برضو في حيرتك دي يا بهجة؟ يا لهوي عليا، امال لو رايحة حفلة يا بنتي، كنتي هتعملي ايه؟ 


ردت عنها عائشة، والتي كانت تلج لداخل الغرفة معها: 

- مكنتش هتروح الحفلة اصلا؟ 

ختمت بضحكة تشاركتها مع جنات ، حتى هتفت هي بهما: 


- انتو بتقولو فيها، طب والله طالعة في دماغي بجد مروحش النهاردة، واقعد من الشغل على ما ربنا يعدلها. 


نفضت ذراعيها في الهواء لتسقط على جانب التخت القريب منها، مما جعل الفتاتين تكفان عن المزاح، مراعاة لحالة اليأس التي تتلبسها. 


لتقترب منها جنات قائلة بدعم، وهي تحمل شيئًا  ما تخبئه خلف ظهرها: 

- بيبو يا روح قلبي، انا عارفة انك مكنتيش مستعدة للترقية ولا التغيير، بس انتي بقى، ليه تحزني نفسك؟ الموضوع مش بالصعوبة دي، هوني على نفسك ، دي وظيفة عادية، يعني اي لبس محتشم وجميل حلو عليها، مدام مفيش يونيفورم رسمي . 


زفرت تطرد دفعة محملة بإحباطها : 

- يا جنات افهمي، انا مش عايزة ابقى ملفتة زي باقي الموظفات اللي بينورو في القسم الاداري عندنا في المصنع، ولا عايزة ابقى مأفورة زي اللي اسمها لورا،  انا عايزة حاجة بسيطة وناعمة، تناسب قعدتي ع المكتب وبس، على ما ربنا يسهل واعرف اشتريلي حاجة كويسة، الحمد لله في قرشين متشالين يأدو الغرض، بس دلوقتي هلبس ايه وانا مش مستعدة زي ما قولتي؟ 


تبادلت عائشة وشقيقتها الابتسام، لتقول بزهو لا يخلو من مزاح: 

- بس انتي منورة لوحدك يا بيبة، نعملك ايه بقى لو لبسناكي ونورك لعلع، نوطي الفولت مثلا؟ 


هذه المرة استطاعت ان تضحكها معهما،  فتخفف عنها التوتر،  لتخرج لها جنات من خلف ظهرها،  الشيء الذي كانت تخفيه: 


- ودي يا ستي البلوزة بتاعتي اللي اشتريتها قريب. هنظبطها على جيبة مناسبة ونعمل بس شوية تغيير، بحيث تباني انيقة وسيمبل زي ما انتي عايزة. 


طالعت بهجة القطعة امامها  لتردف برفض: 

- بس دي بلوزتك يا جنات اللي نقتيها بعد تعب، وقولتي انها مميزة . 


- يا ستي ومالها يعني لو كانت مميزة؟ ما تغلاش على بيبو حبيبتنا، مع اني عارفة انها هتليق عليكي اكتر،  بس ميهمش،  انا هاخد التعويض المناسب واجيب واحدة غيرها لما نعمل جولة التسوق مع بعض، ولا ايه رأيك؟ 


- اه يا مستغلة. 

قالتها بهجة مضيقة عينيها بتصنع الصدمة، لتردد شقيقتها بما يشبه الامر : 

- انا فعلا مستغلة، وشرط عليكي كمان، هلفلك الطرحة بنفسي النهاردة واظبط وشك بحاجات خفيفة كدة ، بحيث انك تحضري اول يوم ع المكتب وانتي واخدة وضعك. 


- امممم. 

زامت بتفكير سريع، لتردف برأيها: 

- ماشي، بس متزوديش على كريم عادي او اساس، ويبقى خفيف كمان عشان ميبانش اني متغيرة ولا حلوة. 


شهقت جنات بدهشة، مرددة: 

- حلوة! لا طبعا يا بيبو مينفعش نطلعك حلوة ولا بتنوري،  هو احنا ناقصين سحب كهربا. 


قالتها لتصدح صوت ضحكاتهن بمرح يتبادلن المزاح، والاستعداد لاداء مهمتهم. 


❈-❈-❈ 


بعد قليل، 


انتهت من لف الحجاب لها بطريقة عصرية، كما نفذت الشرط بوضع زينة الوجه، ببساطة لا تظهر، ومع ذلك بدت رائعة بصورة تشرح القلب، الالوان المبهجة للحجاب وما ترتديه من ملابس، حلت بها نقوش ضيفة باللون الاخضر انعكست على بشرتها الندية تزيدها بهاءً،  فصارت مثالا حيًا للبهجة. 


هذه اول مرة منذ فترة طويلة تتهندم بهذا الشكل، كل محاولاتها في السنوات السابقة ، كانت بعدم اهتمام، للتركيز في الأهم، اما الاَن...... فلا تعلم لما تكتنفها الرغبة القوية هكذا في التغير. 


- قمر، اقسم بالله قمر ، ايه الحلاوة دي يا بيبو. 

هذا كان رد فعل عائشة والتي كانت تتابع وضع اللمسات النهائية، بتثبيت الحجاب، لتلتف اليها سائلة بخجلها: 


- يعني مش مزوداها ، انا حاسة نفسي متغيرة . 

شهقت خلفها جنات باستهجان: 


- حرام عليكي يا شيخة، وهو احنا عملنا حاجة اصلا؟ دا كله يدوب رتوش. 

تفكهت عائشة بأعجابها: 

- مش ذنبنا انك قمر يا بيبو ، نصيبك بقى. 


بابتسامة مستترة لوحت بقبضتها كأنها ستضربها، قبل ان ترفع بصرها توزع نظرات الامتنان نحوهما،  لتحسم وترفع حقيبتها متمتمة: 

- عقبال يارب ما نفرح بخروج ايهاب كمان، ادعو لاخوكم بالشفا، وادعولي انا بالتوفيق. 


- ربنا يوفقك يا بيبو وتبقى دي بداية الصعود في السلم الوظيفي . 

- يارب . 

تمتمت بها بهجة، رغم تشكهها، لسبب بسيط وهو ان شهادتها المتوسطة؛ لا تؤهلها لذلك. 


❈-❈-❈ 


حينما خرجت من المنزل، وفور ان اغلقت الباب، اصطدمت عيناها بابن عمها، وقد كان خارج من منزل عائلته في الطابق اسفلهم،  يعطي زوجته شيئا ما، قبل ان يغادر، لتجحظ عيناه برهبة، حتى سقط ما كان بيده ، ليصدر صوت التذمر من زوجته مرافقًا لهبوط بهجة الدرج: 


- وقعت المفاتيح يا سمير، هنزل ازاي ببطني دي ع الارض واجيبهم؟ اتفضل هاتهم انت بقى. 

ظل على جموده، غير منتبه لثرثرتها، حتى خطت بهجة بجواره تتخطاه، فدارت رأسه معها كدوار الشمس حين يتتبع شعاعها، لتصدر صيحة زوجته بعد فترة من صمت: 


- روح يا سمير، الهي رقبتك تفضل كدة معووجة وما تتعدل ابدا. 


استفاق من نشوته، ليعود اليها مرددا بعدم تصديق: 

- انتي بتدعي عليا انا يا اسراء؟ 

- ايوة بدعي عليك يا سمير،  وهصرخ بالصوت الحياني كمان يمكن تحس على دمك وتفهم. 


صرخت بقهر، وقد فاض بها ومن افعاله، اما هو فقد انتفض مجفلا خوفا من سماع الجيران، ليدفعها ويلج بها داخل المنزل، يغلقه عليهما، ويتشاجر معها. 


بهجة والتي وصلها الصوت، توقفت فجأة تلقي خلفها بنظرة أسى  لحال الزوجة، ثم تنهدت بثقل لتخرج وتغادر البناية التي اصبحت تكرهها منذ زمن بسببهم . 


وكما توقعتا شقيقتيها، سارت بهجة تلفت ابصار الجميع نحوها من كل اهل منطقتها بإعجاب واضح وهمهمات تصلها من الشباب التي لا تخفي انبهارها، حتى تسلل التوجس داخلها، تتسائل مع نفسها: 

- هي الناس دي محسساني ليه اني كنت معفنة. 


وفي الشرفة أعلاها ، كانت ابنة عمها سامية تتابع الجلبة التي تحدثها بمرورها في المنطقة، متجاهلة الشجار العالي من داخل منزلهم ، وصوت والدتها التي انضمت من اجل التخفيف بينهم، فقد بدا جليًا ان الزوجة قد فاض بها, وسمير كالعادة يصدمها بجفائه وعدم اكتراثه، لتزداد شحونة الأجواء، وتلك الواقفة بالشرفة لا يشغلها سوى التركيز في تلك الملعونة التي تسرق العيون رغم ارتدائها لتلك البلوزة ملك شقيقتها ، فتغمغم هي بضجر: 


- يعني انا مكنتش طايقاها على جنات ومستخسراها في واحدة زيها، عشان تيجي تلبسيها انتي يا ست بهجة وكأنها متفصلة لجنابك، دا ايه الحظوظ دي بس؟! 


اصدرت صوت مصمصة من شفتيها وقد ذهبت ابصارها نحو شقيقها والذي تسمر هو الاخر كالجميع على باب وكالتهم، ناسيًا زبائنه، لتغمغم بحنق:

الصفحة التالية