-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 11 - 3 - الجمعة 2/8/2024

 

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الحادي عشر

3

تم النشر يوم الجمعة

2/8/2024

ابلت بلاءًا جيدًا في اول يوم عمل لها بمكتب شئون العاملين والذي لا يحتوي سوى على ثلاثة موظفين، رجل كبير بالعمر هو رئيسهم، يدعي عبد الفضيل، وامرأتان ، تعملان معه منذ زمن، يبدو من حديثهم الدائم، اندماجهما التام لدرجة عدم اخفاء احداهما ضيقها لوجود موظفة جديدة تشاركهم الغرفة، وهذا ما كان يظهر بوضوح مع تعليقاتها المبطنة نحو بهجة: 


- عارفة تخلصي شغلك ع الكمبيوتر، ولا حاسة بحاجة معصلجة معاكي؟ انا مقدرة ان الشغل هنا مختلف خالص عن شغل المكنة تحت. 

من نبرتها الملتوية علمت جيدا بهجة بمقصدها، ليأتي ردها المفحم: 

- تسلمي يا مدام سناء، بس انا والحمد لله دارسة، القوانين وعارفة كويس اشتغل ع الكمبيوتر، يعني الشغل هنا اسهل بكتير من القعدة ع المكنة،  مع اني والله اشتقتلها من دلوقتي. 


- اممم. 

زامت بها المدعوة سناء لتغلق فمها وتعود لما تعمل عليه، ف انتقلت ابصار بهجة نحو الأخرى، الانسة حكمت والتي تبسمت بمودة لها محفزة: 


- برافو عليكي يا بهجة ، انا بحب اوي البنات المكافحة اللي زيك. 

قولها اللطيف خفف على بهجة مع تلك النظرات المحبة من العم عبد الفضيل ، الصامت دائمًا، فلا يتحدث الا قليلًا،  ولكنه يبث الطمأنينة بقلب من يرافقه، بدفء طيبته. 


ولكن هذا الهدوء المبالغ فيه، لم تعتاد عليه بهجة، تفتقد  صحبتها مع الفتيات بالأسفل وتباسطهم في الحديث البريء والجريء في ان واحد، صداقة مرت عليها سنوات،  شغفها في اخراج القطع الجميلة من القماش لاشياء جميلة يرتديها الكبار والصغار، عكس  ما تدونه على هذا الحاسوب ، من بيانات واحصاءات تثير الصداع في بعض الاحيان. 


نفخت بملل وهي تتلاعب بازرار الحاسوب بعدما انتهت من معظم العمل المطلوب منها، تحصي الساعات والدقائق المتبقية في انتظار انتهاء اليوم الاول في هذا العمل الممل بحق. 


- مساء الخير عليكم، الموظفة الجديدة بهجة هنا عندكم؟ 

هتفت احدى الفتيات مع اخريات زميلاتها في العمل القديم، ليهللن فجأة برؤيتها فهبت هي واقفة للترحيب بهم، لتحدث حالة من الهرج والصخب. 


- يا حلاوة يا ولاد، ايه يا بت الحلاوة دي. 

- مبروك يا بهجة قعدتك ع المكتب، عقبالنا يارب. 

- الله يبارك فيكي،  عقبالكم يا ختي. 


- عم عبد الفضيل ينفع توظفني معاها؟ 

تبسم الرجل الكبير بخجل من جرأة الفتاة، دون ان يرد كعادته،  مما استفز المدعوة سناء . 


- من فضلكم، بلاش الصوت العالي ولا الشوشرة ، دا قسم اداري،  يعني احنا معندناش كده، أنا مقدرش اشتغل ع الصوت العالي ولا الصداع، عايزين نخلص اللي في ايدينا . 


شهقت احداهن بالعلكة بفمها تود تقريع المرأة المتكبرة،  ولكن بهجة لحقت بذكائها لتمنع الجدال من اوله: 


- معلش يا مدام سناء،  انا هاخدهم واخرج بيهم، عشان منزعجكيش، كملي انتي شغلك. 

رمقها العم عبد الفضيل بتقدير لرجاحة عقلها في رأب الصدع من اوله، قبل ان يلتف بنظرة عاتبة نحو الأخرى. 


لتخرج بهجة بزميلاتها في الرواق ، فيتبادلن معها المزاح بحرية حتى انضم لهما عدد اخر من بينهم كان زميلها تميم والذي عبر عن حزنه في انتقالها الى هنا، رغم فرحته لترقيتها ، وهي كالعادة ترد برقة، كما تفعل مع الجميع، فمرت لحظات من المزاح وتبادل الأحاديث مع تهنئتها للمنصب الجديد. قبل ان ينقلب كل ذلك مع مجيء هذه المتعجرفة وهتافها بازدراء نحوهم: 


- ايه ده؟ ايه ده؟ دا بقى فرح مش قسم محترم، انت يا عامل انت وهي، سايبين شغلكم وجايين هنا القسم الاداري عاملينها زيطة، انا لازم اشوف شغلي معاكم. 


- لو سمحتي يا انسة يا لورا، محدش فيهم عمل حاجة غلط عشان تحاسبيهم،  دول جايين يباركولي. 


هتفت بها بهجة بانفعال في رد لها، لتلتقط هي فرصتها في اهانتها امامهم: 


- يا ما شاء الله يا ست بهجة، ما كانو يعملولك فرح احسن، بقى كل ده عشان قعدتي على مكتب، دا كدة يبقى المكنة اولى بيكي بقى. 


صدرت بعض الهمهمات الغاضبة امام صدمة بهجة التي تلجمت لحظات  قبل ان تستفيق على اعتراض تميم الذي وجه غضبه نحو تلك المتعجرفة: 


- والله هو فعلا اولي بيها، ع الاقل مش هتشوف هناك اشكال بتتكبر على خلق الله زي ما بيحصل هنا. 


برقت عيني لورا بإجفال، لتصيح به موبخة: 

- انا متكبرة يا زفت انت؟ طب انا هوريك بقى المتكبرة دي بتعمل ايه مع واحد زيك . 


- اعملي حضرتك،  الرزق على الله مش بإيدك 

صدر الرد القوي منه، ليحتدم بينهما شجار بالكلمات فيتدخل بعض العمال مثل صباح التي كانت تحاول التهدئة،  وبهجة التي انتابها الخوف على قطع رزقه، لتأتي الصيحة الجهورية توقف جميع الألسنة،  


- ايه اللي بيحصل هنا؟ وليه جمع العمال دا كله؟ 

توزعت عيناه بينهم حتى وقعت ابصاره على تلك البهجة،  التي تميزت من وسطهم، لا تقوى على رفع عينها نحوه، حتى قالت بحرج: 


- انا اسفة يا فندم بس دول زملائي، وكانوا جايين يهنوني. 

توسعت عينيه بذهول في النظر اليها، وتصلب جسده بعدم تصديق، لهذه الهيئة الجديدة وقد بدت وسط المجموعة كزهرة متفتحة باختلاف جذري عنهم، وهذه الرقة في الرد عليه شتت ذهنه عن سبب مجيئه من الأساس. 


ولكن انقشع السحر فور ان وقعت عينيه على هذا المدعو تميم،  وحديث لورا في الإشارة عليه وعلى زملائه: 

- رياض باشا، تعالي شوف بنفسك المجموعة اللي عاملة ازعاج دي، وانا بس عشان اتكلمت،  الولد ده بيقل ادبه عليا . 


مالت رأسه نحو المذكور بشر مرددًا: 

- بيقل أدبه ! 

تدخلت بهجة بدفاعية نحو الشاب : 

- لا والله حضرتك، هو بس بيدافع عني وعن الزملا بعد الأنسة لورا ما جات زعقت فينا من غير سبب. 

تميم انسان في منتهى الاحترام وعمره ما يقل أدبه على حد. 


كز على اسنانه وهو يبصرها بحنق شديد ، يود لو يكتم على هذا الفم، ويغلقه عن التفوه بحرف واحد آخر بالدفاع عن هذا التميم ، والذي يود ان يقتله الان بسببها. 


❈-❈-❈ 


اجتمعتا الاثنتان بمكتبه، فتحدثت لورا تصب على بهجة وزملائها اللوم والتصرف بعدم مسؤلية في اول يوم عمل لها، لتثقل عليها بطريقتها الفجة، في اظهار دنوها وعدم نفعها في وظيفة كهذه ، لتظل هي على صمتها،  في انتظار دورها، حتى اذا انتهت لورا، اصدر امره هو: 


- خلاص يا لورا روحي انتي شوفي شغلك . 

- طب وهي؟ 

تسائلت مشيرة بالإبهام نحو بهجة، ليجيبها هو ببساطة: 

- هي هسمعلها زي ما سمعتلك. 


بدا الاعتراض جليا على ملامحها، رغم مجاهدتها لعدم اغضابه: 

- ايوة يا فندم، بس احنا اتكلمنا وقولنا كتير بما فيه الكفاية، هترغي وتقول في ايه تاني. 


تبسم بهدوء يكاد ان يجلطها: 

- انا عندى مرارة اسمع اكتر يا لورا ، روحي انتي شوفي شغلك، واما اعوزك هطلبك. 


اضطرت بصعوبة ان تذعن لامره ، لتضرب بقدمها على الارض فور ان استدارت بغضب متعاظم، تحجم نفسها بصعوبة عن الفتك بهذا الملعونة . 


اما بهجة والتي اصابها اليأس مما حدث، فخرج صوتها فور مغادرة الأخرى: 

- رياض باشا انا بقول ارجع لشغلي الاساسي زي الاول ، منعًا للمشاكل مرة تانية، بس ارجوك متأذيش اي حد من زملائي، دول جم يهنوني بحسن نية. 


مالت رأسه في النظر اليها بتهكم، مشبكا اصابع كفيه ببعضهما، يظهر جمودًا نحوها، كي يخفي ما يعتريه من مشاعر في رؤيتها بهذه الهيئة المختلفة اليوم، 


كلمة جميلة تجحف حقها، انها حقا فاتنة،  وبصورة لافتة حتى لضعيف النظر، قدر صغير من الاهتمام مع ارتداء ملابس مبهجة بالوان ناسبت الخضار الصافي بعينيها يكاد ان يفقده صوابه، 


- رياض باشا  انا بكلمك . 

- هو عاد فيها باشا ولا رياض حتى . 

تمتم بها بداخله،  قبل ان يتحمحم يجلي حلقه: 


- اتكلمي يا بهجة انا عايز اسمعك، قولي اللي حصل وانا بعدها هبقى اقرر ان كنتي تستمري في الشغل هنا ولا لأ. 

- تمام يا فندم. 


❈-❈-❈ 


لم يفهم كلمة مما قالت، وكيف له التركيز؟ وقد تشتت عقله ما بين طلتها الجديدة التي تسلب العقل رغم بساطتها، وما بين تذكره لما حدث ورأه بنفسه منذ دقائق، هذه الفتاة ستفقده عقله، نعم هذا اقرب تخمين له. 

نفض رأسه، يجليها من الأفكار المتخبطة، ليلطم بكفه على سطح المكتب، يوقف استرسالها عله بالنقاش قد يستعيد التركيز، 


- ثواني بس عشان متوهش منك، من البداية كدة ، انتي ليه مسمعتيش كلامها لما قالتلك اصرفيهم؟

الصفحة التالية