-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 4 - 1 الجمعة 30/8/2024

    قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري


الفصل الرابع

1


تم النشر يوم الجمعة

30/8/2024

❈-❈-❈

تراقصت على أنغام الموسيقى بحضور الأصدقاء والجيران وعلى ملامحها السعادة التي تمنتها ﻷعوام وأعوام حتى تجتمع به، استقبلت عائلة والدها القادمة من صعيد مصر وربما لم ترهم سوى مرات معدودة تعد على أصابع اليد الواحدة فقط بالمناسبات السعيدة منها والحزينة.


هنئتها عمتها بلهجتها الصعيدية:

-الف مبروك يا بتي ربنا يجعله عريس زين ويصونك مع اننا كنا حابين انتي واختك تتجوزو من حدانا.


ابتسمت لها بتكلف وهربت من حوارها الغير شيق بالنسبة لها وعادت للرقص والغناء حتى استدعاها والدها فتركت الجميع ببهو الصالة الضيق ودلفت لغرفته متسائلة:

-في حاجه يا بابا؟


أومأ مشيرا لها بالجلوس بجواره ففعلت وبدأ حديثه معها بصرامتها التي اعتادت عليها:

-طبعا أول هام لازم تعرفي إن مش معنى كتب الكتاب إنه بقى جوزك عشان بس لو لمحت وضع مش عاجبني هتكوني أنتي المسؤولة قدامي، أنا ربيتك كويس وعارف انك تقدري تمنعي أي تجاوز ممكن يحصل منه ﻷني راجل وفاهم اللي قدامي ومتأكد إنه عايز يكتب عشان ياخد راحته معاكي.


ابتلعت ريقها فسألته زوجته الجالسة بجواره صامتة منذ بداية الحديث:

-ولما أنت عارف كده وافقت ليه على كتب الكتاب يا حاج؟


أجابها بضيق:

-عشان بقى هو اللي ماسكنا من ايدينا اللي بتوجعنا، بقاله 3 سنين خاطب وخلص كل اللي عليه وتأخير الجواز سببه عندنا إحنا وكده الناس وأهل الحارة هياكلو وشي لو حب يدخل حد فيهم، فأنا مكانش عندي حل غير أوافق.


عقبت سهر فورا على والدها:

-متقلقش يا بابا، حسن متربي وعمره حتى ما فكر يعمل أي تصرف غلط وأنا متأكده انه مش هيعمل اللي في بال حضرتك.


هز رأسه مستحسنا واستأنف حديثه:

-دلوقتي بقى في حاجه مهمه لازم نتكلمو فيها يا سهر، أديكي شايفه أهلي كلهم جم من الصعيد وأهل الحارة كلهم ناويين يحضروا فكده حكاية حجز دار المناسبات دي مش هتنفع طبعا فشوفي بقى تكلميه ولا أكلمه أنا!


ابتلعت ريقها وهي تعلم أن والدة حسن لن تصمت على ذلك ووالدها يكمل:

-نعملو شادر هنا في الشارع اهو منه نرحب بالناس وبرده تفرحي بدل الخطوبة اللي اتعملت ع الضيق دي.


وافقته ترد بتردد:

-سيبني أنا هكلمه يا بابا.


بحثت عن ركن هادئ بعيدا عن الضوضاء والإزدحام وهاتفته فرد فورا حتى لا يوقظ أخيه النائم بنفس الغرفة:

-ايوه يا سهر.


همست برقة:

-حبيبي.


ابتسم على الفور واعتدل على فراشه وتغزل بها:

-ده انتي اللي حبيبتي وعمري كله، لسه الهيصه اللي عندك متفضتش؟ ده العشا اذن.


ضحكت تخبره:

-ده أهل بابا كمان جم وهيباتو عندنا.


ركز بحديثها وسألها:

-عددهم كبير؟ أنا دابح خروف واحد بس وأمي وام يوسف محتاسين بره من الصبح في التجهيز.


علقت عليه وقد تغيرت نبرتها للضيق:

-اخص عليك، هو احنا هنكتبو الكتاب كل يوم يا حسن؟ وبعدين مش كفايه الخطوبة كانت ع الضيق ومحدش حضرها غير كام نفر.


تنهد مخرجا زفيرا طويلا:

-وقتها خيرتك بين خطوبه في قاعه واقلل من الشبكه شويه واختارتي انتي وابوكي الدهب، يبقى أنا مقصرتش في حاجه، ده احنا المحافظة الوحيده اللي فيها الخطوبه على العريس.


وافقته فورا:

-عارفه عارفه، بس أنا نفسي أفرح ودار المناسبات مش هتاخد كل الناس دي ده غير الناس مش هتعرف تقعد تاكل براحتها عشان الوقت قليل ما بين المغرب والعشا.


وقف بعد أن سحب علبة سجائره وأشعل إحداها:

-ايوه يعني اللك ده كله عشان عايزه ايه؟ هاتي من الآخر يا سهر.


ارتبكت وهمست:

-عيزاك تلغي حجز الدار وتعملي شادر في الحارة اهو اعوض الخطوبة وكده كده على اتفاقنا إن الفرح في الدخلة بالنص.


دفع لسانه للجانب داخل وجنته وزم شفتيه وهو يتنفس بحدة:

-بذمتك في حد يقدر يجهز الطلبات دي بالوقت ده؟ الحق أنا دلوقتي آلاقي حد يعمل فراشة وينصب شادر ده غير كده هفتح على نفسي فاتوحه إن حتى اللي مكانش ناوي يحضر هيحضر، هلاحق أكل ومكان للناس دي كلها منين يا بنتي الشقة خلصت عليا وعلى كل اللي حيلتي.


صرخ بنهاية حديثه مخرجا زفرة قوية:

-ما تحسي بيا شوية يا سهر، لآخر وقت ومع التكلفة دي كلها ابوكي متغاضاش عن الموسم وحتى انتي مروحتيش جبتي حاجه بألف ولا اتنين وجبتي الزفت اللي ب4 الاف جني وحتى مش معموله مكان في المطبخ من اصله.


استمع لصوت تنفسها المضطرب فتنفس عميقا وهتف بفروغ صبر:

-حاضر يا سهر هعملك اللي انتي عيزاه يارب بس الحق واعرف استرد فلوس الدار ماهو ميبقاش خراب من كله.


ابتسمت على الفور وأخبرته:

-متخافش الجامع أكيد مش هيقبل على نفسه الفلوس دي.


هز رأسه عدة مرات وأغلق معها وخرج فتنحنح وارتبك فور أن وجد ملك ووالدتها لا يزالا بالمنزل تجلسان أرضا وتساعدا بالتجهيزات مع والدته وأخته وملك تجلس دون انتباه رافعة طرف جلبابها المنزلي كاشفا عن ساقيها وفخذيها ناصعي البياض فابتلع ريقه وسعل فورا ملتفتا برأسه للحائط:

-لمو آخذه.


انتبهت فعدلت من وضعها ساترة لجسدها وهتفت والدته بابتسامة:

-تعالى يا حسن لو جعان احطلك تاكل.


سحب نفسه واستمتع متلذذا:

-الله على الروايح تسلم ايدك يا امه، بس دي ريحة محشي! انتي مش هتعملي فته بكره؟


أومأت وبدأت تفتح الأواني وهي تريه صنع يديها بمساعدة الجميع:

-طبعا هنعملو فته بس قولت ازود شوية حاجات لناسنا وحبايبنا، بص ده كل أنواع المحاشي اهي وعملت مكرونة بشاميل وشوية سلاطات ولسه هنعملو حاجات تانية للناس اللي مش هتعرف تحضر الإطعام في الجامع.


ابتلع ريقه متوترا فلم تنتبه له ووقفت تضع له الطعام بالطبق وناولته إياه:

-سوينا حله صغيرة كده نتسلو فيها أنا وأم يوسف والبنات خد دوق وقولنا رأيك.


تناول قطعة بيده وتذوقها فتمتم:

-تسلم الأيادي.


جلس على الأريكة أمامهن وهن لا يزلن على الأرض يكملن التجهيزات فهتف بعد أن سعل سعلة صغيرة:

-أمه، كنت عايزك في حوار كده.


رفعت رأسها تسأله:

-حاجه سر يعني ولا انت شايف مفيش حد غريب.


أومأ عدة مرات ممتعضا واضطر أن يتكلم بعد أن شعر بالحرج:

-أصلي بفكر اكنسل حكاية دار المناسبات دي ونعملو شادر هنا في الحارة عشان الكل يحضر وطالما عملتي حسابهم في أكل يبقى حلو أوي مش هنتكلف حاجه زيادة عن الكراسي والنصبة.


تركت ما بيدها ومسحت بواقي الطعام بجانبي جلبابها وهتفت بحدة:

-والفلوس اللي اتدفعت في الجامع؟


رد بصوته المتحشرج وهو يعلم تمام العلم أن والدته لن توافق ابدا:

-هبعت حد ياخدهم ولو منفعش اهي نعتبروها تبرع لوجه الله يا امه عشان ربنا يفتحها عليا.


ضحكت برقاعة مستهزئة به:

-لااا وأنت فلوسك كتيره ماشاء الله على كل المصاريف دي عشان كتب الكتاب، أومال هتعمل ايه في الدخله يا بني أنت محتاج كل قرش عشان تخف الضغط عن نفسك شوية يا حسن ده انت شغال حتى بكره عشان تقدر تلاحق ع المصاريف بتاعة السنيورة.


اقترب منها جالسا أرضا بجوارها فرغما عنه وقعت عينيه على ملك وتركزت نظراته بها فرأى كم العبرات المحبوسة بداخلها ولكنه تجاهل ما يراه وأطرق رأسه يتمتم:

-هو ليه كل حاجه بتصعبيها كده؟ بقولك مفيش تكاليف زياده ولو في يا ستي اهو عشان ابنك يفرح هو أنتو كنتو هتعرفوا ترقصوا وتهيصوا في الجامع؟


صرت على أسنانها وابتسمت بسمة سخرية:

-ده مش كلامك ولا أنت اللي تطلب حاجه زي كده، دي ربة الصون والعفاف السفيرة عزيزة اللي تقولك الأمر وأنت تنفذ طوالي.


وقف محتدا وهدر بغضب:

-ايه الكلام ده يا امه طب اعمليلي اعتبار قدام الناس حتى.


وقفت بدورها صارخة هي الأخرى:

-مفيش حد غريب يا عين امك، ام يوسف وملك عارفين انك واقع ومريل على الآخر وبعد الجواز هتسحبك من رقبتك زي الخروف اللي رايح تدبحه الصبح.

الصفحة التالية