رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 21 - الجمعة 23/8/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الواحد والعشرون
تم النشر الجمعة
23/8/2024
( منزل منة الساعة الثانية عشر ظهراً، لحظات ما قبل كتب الكتاب سفرها إلى الخارج مع فادي)
أمسكت منة الورد من رينو وقالت في لهجة فرح و ود حقيقي:
ـ حبيبتي يا رينو، لما اناخرتي كدا قلت مش هتيجي تسلم عليا قبل ما اسافر وتبارك لي٠
رينو ابتسمت رغم وجهها الشاحب وقالت:
ـ ازاي بس بعد ما عزمتيني مجيش؟! أنا بس كان ورايا امتحان شفوي خلصته وجيت٠
أشارت منة لها تدخل وقالت وهي تشير إلى فادي:
ـ العريس هناك اهو، و المأذون و المعازيم احنا مستنين بس الشهود٠
دلفت رينو إلى الداخل و
جلست في إحدى المقاعد إلى جوار الممرضات، وشردت بأفكارها قليلاً منذ آخر لقاء بينها وبين عمرو في المستشفى الذي تم ومنذ هذا اليوم لم تشاهده، لم تسمع عنه شيء، لقد نفذ عمرو وعده لها وتركها إلى الأبد٠
صوت جرس الباب قد جذب رينو من أفكارها، وصياح إحدى الممرضات وهي تقول:
ـ الشهود جم خلاص، اجهز يا مولانا وجوز منة وفادي٠
مع ضحكات الجميع والتقاط المأذون القلم دخل الطبيب كاظم يرافقة عمرو السيوفي وهوى قلب رينو بين ضلوعها وهي تشاهد عمرو يتجه مباشرة إلى منة ويصافحها يضع في يدها علبة قطيفة حمراء:
ـ آسف على التأخير، والف الف مبروك، دي هدية بسيطة ٠
منة اخذت الهدية وهي تشعر بالخجل:
ـ بجد مكنش فيه داعي للتكليف ما حضورك اكبر هدية٠
كاظم وهو يجلس إلى جوار فادي:
ـ عمرو كان وراه شوية مشاوير كدا علشان كدا اتاخرنا ٠
شعرت رينو بغصة حادة في قلبها، لم ينتبه عمرو لها، ربما نسي شخصيتها تماماً واغلق صفحتها إلى الأبد، لقد عاد إلى حياته وانتهى كل شيء أليس هذا ما كنت اريده؟ أن ينتهي كل شئ، لقد انتهى
وعمرو يبرهن لها على هذا سواء يتعمد هذا أو يتجاهله، أنه مشغول عنها لا يراها وهي أمام عينيه
عمرو أخرج بطاقته الشخصية ومازح فادي قائلاً:
ـ خلاص كدا دخلت القفص ومافيش خروج٠
فادي وهو يعدل رابطة عنقه:
ـ بس ادخل بس ومش عايز أخرج أنا٠
بعد إتمام مراسم كتب الكتاب انطلقت الزغاريد في المكان تبادل الرجال مع العريس التهاني، وتبادل النساء مع العروسة التهاني، قالت رينو وهي تقبل وجه منة:
ـ بجد فرحانة ليك اوي، والف مبروك يدوب امشي علشان ارجع بيت الطلبة٠
منة هزت راسها علامة الرفض وقالت:
ـ لازم طبعاً مش هتمشي غير ما تأكلي من حلويات الفرح، ومتقلقيش عمرو مشي مع دكتور كاظم، أنا همشي على المطار بعد ربع ساعة بالظبط يعني كام دقيقة كمان معانا مافيهاش مشكلة ولا اي؟
أشارت منة إلى إحدى أقاربها فأحضرت إلى منة
طبق به حلوى أمسكت به رينو وشكرت الفتاة، نظرت في أنحاء المنزل كان عمرو قد رحل بالفعل، تظاهرت رينو بتناول الحلوى، ثم صافحت منة وخرجت من المنزل في خطوات مسرعة توقفت خطواتها حين شاهدت عمرو يقف
مستنداً على سيارته ينظر لها في إهتمام شديد:
ـ ممكن اوصلك ولا دا شيء مرفوض بردو؟
فكرت رينو لحظة في حين قال عمرو في لهجة تبرير:
ـ مافيش عربيات اجرة في المكان دا، كاظم مشي وراح المستشفى، وشوية وهيصة عربيات العروسة هتشتغل، تعالي اوصلك دقائق وتكوني قدام بيت الطالبات، دقائق بس٠
صعدت رينو إلى سيارة عمرو، شيء ما قد جعل عقلها يرحب بالفكرة، إذ أنها فقط بضع دقائق قليلة وينتهي الأمر،
عمرو قال وهو ينظر إلى وجه رينو الشاحب:
ـ أنت شكلك متغير اوي يا رينو، كنت تعبانة الأيام اللي فاتت!؟
رينو نظرت من النافذة إلى الشارع المكتظ بالسيارات:
ـ الامتحانات الشفوي بدأت علشان كدا كنت مشدودة شوية٠
عمرو وهو يلقي نظرة إهتمام عليها قبل أن ينتبه مرة ثانية إلى الطريق:
ـ مبسوط بجد أني شفتك النهاردة، صدفة جميلة٠
لم تجب رينو، في حين أوقف عمرو سيارته بعد بضع دقائق أمام إحدى محطات مليء البنزين
قال عمرو في لهجة اعتذار:
ـ آسف يا رينو، دقائق بس لان البنزين خلص٠
هزت رينو رأسها علامة الموافقة، مما جعل عمرو يعقب:
ـ في كافية جوا المحطة هنا، ممكن نشرب شاي او نسكافيه بدل ريحة البنزين دي، أو نجيبهم و
نشربهم في العربية٠
لم يكن أمام رينو سوى أن تقبل بالأمر، إذ أن وجه أحد عمال المحطة ونظرته لها قد أشعرها بخوف مبهم وعدم ارتياح لهذا فضلت أن تكون في مكان آخر حتى ينتهي مليء السيارة
وضع عمرو كوب الشاي في يد رينو ثم قال:
ـ الأيام اللي فاتت مبطلتش تفكير٠
اعترضت رينو في صوت خافت:
ـ عمرو بلاش نرجع نتكلم في الموضوع دا تاني، أنت وعدتني٠
نظر لها عمرو في عتاب ثم قال:
ـ مش عارف ومش قادر، ومش لاقي سبب واحد بس أن احنا منرتبطش ببعض، أنا فكرت مجيش فرح منة النهاردة مع انها طلبت مني اكون شاهد على عقد جوازها، كنت خايف انك متجيش وكنت خايف بردوا انك تيجي، جيت في آخر لحظة، ولما شفتك حاولت كتير ابعد عيني عنك بس قلبي مطاوعنيش، نزلت بسرعة كنت عايز اهرب من المكان، وقفت قدام الباب، لاقيت نفسي عايز اتكلم معاك، عايز اتكلم عن الأيام اللي فاتت من غيرك، لازم تفهمي أن اللي جوايا مش بسيط ولا هين علشان أنكره جوايا، ولازم أفهم سبب رفضك، لاني عندي يقين أن قربنا من بعض أمر طبيعي، رينو انت جواك مش رفضاني أنا حاسس بكدا، بس مش قادر اوصل لك، في حاجز ولازم أفهم لاني قادر ازيله٠
صمت ساد بينهم قبل أن يقول عمرو:
ـ ناخد فرصة ولو أيام نتعرف على طباع بعض، ممكن لما::::
نظرت له رينو في هدوء ثم قالت:
ـ قصدك أني أتعود على وجودك في حياتي!؟
هز عمرو رأسه علامة الرفض وقال:
ـ لا يا رينو قصدي تغيري فكرتك عني، ممكن لما تعرفيني تفهمي كويس اني أحق واحد بيك، علشان حبي ليك كبير٠
همست رينو وهي تنظر في كوب الشاي:
ـ أنت متسرع اوي يا عمرو، عايز كل حاجة تمشي زي ما انت عايز، من غير ما تفكر، أن ممكن يكون الشخص اللي قدامك معندوهش استعداد لاي حاجة، ولا عنده طاقة لأي تجربة، ولا عنده قوة تحمل ل الم، أنت ببساطة متعرفش عني حاجة، علشان كدا أنا شايفة أن ارتباطنا جنان مش اكتر٠
نظر عمرو إلى رينو وكأنه يراها لأول ثم همس وقد أسعده تلك الانفراجة الهادئة في علاقتهم، لقد لمس هذا الأمر في موافقتها على الصعود معه، وما طمئن فؤاده حقا أنها تتحدث له عن حقيقة ما يدور في عقلها فهمس في صوت منخفض:
ـ وأنا عندي استعداد أني اسمع يا رينو، أسمع لك في كل حاجة، وأنا عندي استعداد أني أعرف كل حاجة، وانا موافق على رينو بكل صفاتها ومميزاتها وضعفها، موافق أن احول جنوني ل عقل ليك واستني لو دا هيخليني في قلبك٠
❈-❈-❈
( ءاتيت من بعيد
من جرح الذكري
وآهة التنهيد
من أعماق المهد الجريح
من جوف الألم والحزن
ءاتيت من بعيد
من الأمس المفقود
من بين حنايا الأنين
ءاتيت من بعيد
من فصول كتاب
محيت كلماته
ومزقت أوراقه
واحترق فيه
أوراق الأمل
ونثرت في
ذاتي
سطور بيضاء
بلا حبر ولا رجاء
ءاتيت
خطوات بلا طريق تسير
ءاتيت
نغم بلا ايقاع
ءاتيت
ءاتيت من بعيد
من خلف غيمات الحرمان
من جوف ظلام بلا أنوار
ءاتيت من بعيد)
انطلق عمرو بالسيارة في إتجاه بيت الطالبات ولكن في إتجاه آخر وقال وهو ينظر إلى رينو في لهجة تبرير:
ـ الطريق دا مافيهوش زحمة، هو طويل شوية بس أمان وهدوء٠
رينو اعترضت في غضب:
ـ عمرو انت عارف أن الطريق التاني مش زحمة ولا حاجة٠
عمرو قال في بساطة:
ـ ايوا عارف، بس زي ما قلت لك أمان اكتر، وفرصة اتكلم معاك شوية كمان، عايز اسمعك وتسمعيني، لسه الوقت بدري على قفل البوابة٠
رينو نظرت إلى الطريق ثم قالت وهي تنظر له:
ـ يعني تصرف زي دا قمة الجنان فعلاً، تاخد القرار مع نفسك علشان تجبرني على اي حاجة من غير ما تاخد رأي فيها، أنت مش شايف أن دا كله جنان؟
عمرو قال في لهجة توبيخ إلى ذاته:
ـ مكنش مفروض اعمل كدا، ايوا أنا عارف، بس انا لسه عايز فرصة كمان، لسه الفرصة مكملتش، احنا مش محتاجين دقايق، احنا محتاجين ساعات، وأنا عايز ساعتين على الاقل، علشان افهم، أنا لسه مفهمتش موقفك وموقفي، لسه محتاج وقت اقتنع أو أنت تقنعيني٠
تنهدت رينو في قوة ثم قالت:
ـ أنا مبحبش حياة الفوضي دي ، ومبحبش جو المغامرات وأنت كل تصرفاتك وقرارتك كدا ودي حاجة متعبة ليا بجد٠
عمرو قال وهو ينظر إلى الطريق ويفكر في كلامها:
ـ خلاص حياتي هتظبط وجو المغامرات كمان هيتلغي، هيبقى في قواعد وخطوات وهيكون كل حاجة مترتبة وأنت قادرة تخلى الفوضي هدوء ونظام، مافيش غيرك هيعمل كدا في حياتي كلها من الالف للياء٠
همست رينو وهي تحاول أن تخفي مشاعرها:
ـ حاول تفهم يا عمرو٠
أوقف عمرو السيارة في إحدى الشوارع الجانبية وقال في إهتمام:
ـ افهم اي ؟؟
سادت لحظات صمت بين الاثنين في حين هتف عمرو في إصرار:
ـ أفهم اي؟!
نظرت رينو إلى بعض الكلمات مكتوبة بالطبشور الأبيض على جدار( سوف تنتهى الأزمات ذات يوم) ثم قالت في هدوء:
ـ أنت متعرفش حاجة عني، لو عجبك في رينو طاقة التحدي اللي جواها لو عجبك أن في واحدة قادرة تنظم الوقت بين الدراسة والهواية والالتزام والاتزان والهدوء اللي هي فيه وشايف ان دا شيء راقي ورائع وحاجة برفكت، لازم تفهم أن ورا دا كله تفكك والصورة مش واضحة قدامك، انت شايف جزء من الصورة بس، عمرو أنا مقدرش اديك حياة مستقرة بعد ما انت تعبت من حياة الشهرة والنزوات والسهرات، ولا اقدر اديك بيت وعيلة لاني معشتش حياة سوية ٠
نظر لها عمرو في إهتمام وتابع:
ـ يعني اي؟ مش فاهم٠
تنهدت رينو ثم أكملت:
ـ أنا عشت مع خالي، مش مع امي ولا بابا، انربيت في بيت خالي لأن كل من أمي وبابا اختاروا حياة ل نفسهم حياة مافيهاش بنتهم، بابا مطلق امي من زمن ومتجوز غيرها، وماما نفس الوضع، ليا اخوات من بابا ومن ماما كمان، خمسة بس ماليش بيهم علاقة، معرفهموش ولا اعرف شكلهم اي ولا اسمائهم اي؟ حياتي كلها مدارس داخلية حياة كدا منغلقة والإجازة بس كنت بقضيها في بيت خالي مع بناته، وكنت ديما لتجنب اي خلاف مع بنات خالي لاني مش في بيتي أنا ضيفة عندهم ولازم التزم بحدود معينة، قيود بمعنى اصح، تفتكر اللي عاش الوضع دا قادر أنه يثق في أي وضع؟ أو يثق في حياة مخرج مشهور وحواليه معجبات؟ أنا كدا بعيد حياة بابا وماما بنفس التفاصيل بنفس التفكك، نفس التجربة لو وافقت واتجوزتك٠
نظر عمرو إلى رينو طويلاً، شعر بحاجته إلى لمس يدها وتقبيلها حتى يمحو ولو قليل من آثار الحرمان التي عانت منه في طفولتها ومراحل حياتها ولا تزال تعاني منه، أنها فتاة قوية أن تحملت كل هذا القدر من الألم ولم يستطيع أي شخص أن يكتشف كل تلك النزاعات والصراعات داخلها، لقد أعطت إلى الجميع صورة فتاة متوهجة رغم أن داخلها منطفيء مظلم، يظن الناظر لها أنها تسير على خطوات ثابته في حين أن داخلها يتهاوي من احساسها بحاجتها إلى الأب والأم، أنها اقوى كثير مما يظن، لقد كافحت كثير الانزلاق في طريق الخطر والانحراف ووجدت إلى ذاتها ألف سبب للبقاء قوية رغم ضعفها الشديد
قال عمرو وهو يتأمل وجهها وقلبه يخفق في عنف:
ـ أنا عارف أن اللي انت عيشتيه لازم يخلي جواك كل الخوف مني، مش هقدر الومك على والطريقة اللي رفضتيني بيها يا رينو، أنا دلوقت بس اقدر اقول ان دا حقك انك تخافي من شخص له حياة سهلا وله صحاب وصحبات وحياته كلها شهرة، عارف انا ليك عذر في التفكير بالطريقة دي، واللي لازم اعمله دلوقت أن امحي خوفك بطريقتي أنا، لازم اقدم لك كل سبل الأمان، بس انا أوعدك يا رينو أن كل الأمان هيكون معايا أنا، اي ضمان تحتاجيه أنا مستعد اعمله وانفذه، أنا فاهم أن حياتك مكنتش سهلة، بس اللي اقدر أوعدك بيه وهنفذه فعلاً بيت واستقرار حياة مافيهاش تعقيدات ولا فيها مشاكل و مناقشات أوعدك بحياة مافيهاش انفصال ٠
هتفت رينو في لهجة اعتراض وهي متخوفة من كل شيء :
ـ ايوا بس::
أعقب عمرو وهو يتأمل وجهها:
ـ أنا راضي بكل حاجة يا رينو، اي شروط اعملها ليك يخلي عقلك وقلبك يرتاحو لارتباطنا، أنا عايز رينو اللي قلبي وعقلي اختاروها و مقتنعين بيها، أنا مش فارق معايا اي حاجة بجد غيرك انت ، الحياة والاستقرار هيكون في بيتنا علشان احنا الاتنين هنأسسه سوا، أنا عشت حياة سهرات وهلس، ولما شفتك قلبي خد القرار أن انت بس اللي تبقى شريكة حياتي، أنا اكتر واحد عارف يعني اي استقرار واي هي قيمة البيت والأسرة، وعد مني هحافظ عليك وعلى بيتنا وحياتنا، مش هيكون في بينا اي اختلافات، أنا عارف يا رينو أن امبارح كان فيه حاجات كتير متعبة، بس امبارح خلاص عدى ومش لازم يأثر علينا ويمنعنا نشوف الصح والمفروض يتعمل في الحاضر، مش لازم نخلي امبارح اللي ماخدناش فيه ابسط حقوقنا، يضيع النهاردة اللي فيه كل الفرص ناخد فيه حقوقنا، أوعدك أن معايا مش هيكون في أي تعب أو ألم، علشان أنا هقدر كل لحظة هتكوني فيها في حياتي٠
سادت لحظات صمت بينهم، رينو تفكر في كل الأمور معاً، طفولتها التي لم تذكر منها سوى الألم والصمت، وعمرو الذي يسعى إلى الارتباط بها، وهو يقدم لها اول ضمان ل نجاح زواجهم وهو حبه الصادق الكبير
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية