رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 14 - 2 - الأربعاء 14/8/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الرابع عشر
2
تم النشر يوم الأربعاء
14/8/2024
زام بفمه مرة اخرى، يجاري لعبتها، فهو على علم تام انها شعرت بحمله لها حتى وضعها على الفراش، مما شجعه في محاولة ايقاظها بعد ذلك، ولكنه فقد الأمل حين لم تستجيب:
- اكيد بتمشي وانتي نايمة.
ضحكت مما استفزه ليضربها بخفة على جانب رأسها ، متوعدًا:
- وليكي عين كمان تضحكي، دي جزاتي اني سيبتك تنامي وتاخدي راحتك.
واصلت ضحكاتها ، لتلقي برأسها فوق عظام صدره، وتلف ذراعيها حوله قائلة بامتنان:
- انا فعلا كنت عايزة ارتاح امبارح، تعب السفر والسهر كوم عليا، نمت زي الجثة.
شدد بذراعيه عليها، وفضوله يدفعه للتساؤل:
- بعد الشر عليكي يا روح قلبي، انا مقدر لاني انا كمان كنت تعبان ، لكن اعمل ايه بقى في الجماعة اصحابي، واصرارهم الغريب في الاحتفال بيا والسهر معاهم ، ياللا بقى، المهم بقى انا بقول نقضي النهاردة اليوم عائلي ، ايه رأيك نقضيه عندكم .
ارتفعت رأسها فجأة سائلة باستفسار لا يخلو من قلق:
- عندنا فين بالظبط؟
تبسم يداعب طرف ذقنها:
- عندكم اللي هو بيت العيلة، مع مامتك واختك، هي عيلتك عندها كام بيت؟
ابتلعت رمقها برفض مبررة:
- ونبتدي ليه ببيتنا؟ ما نروح عند عبير وبابا عزوز.
اضطرابها الصريح ومراوغتها في الحديث معه، جعلته يتأكد من صحة ظنه بعلمها بخروج هذا الفاسد من محبسه، ليردف لها حازمًا:
- بس انا عندي غاية النهاردة ادوق اكل الست والدتك، وان كان على والدي وعبير، فدول هنروح منهم فين؟
تابع قاطعًا فرصة الجدال معه:
- اتصلي برؤى وبلغيها عشان تعمل حسابها ع الغدا او العشا، اللي يريحها، انا فاضي ولسة في أجازتي، يعني معايا الوقت كله.
ختم قاطفًا قبلة سريعة من ثغرها، ثم غادر بخطواته الشامخة، ليتركها في تخبطها، وتساؤل عن المغزى من خلف زيارة المنطقة في هذا الوقت، وهي تعلم تمام العلم انه علم بخروج ابراهيم من السجن، ترى هل يقصد الاحتكاك به؟
❈-❈-❈
خرج من غرفته بعد سماع الجلبة، والصوت الجهوري المميز في مخاطبة والدته، لتقع عينيه عليه جالسًا على مائدة الطعام، يتناول وجبته بنفس شهيته كعادته، بعد اختفائه بالأمس عن الترحيب به واستقباله كباقي افراد الحارة ، انه حتى لم يكلف نفسه بالسؤال عنه، بل والعجيب انه هو من اشتاق اليه، رغم كل ما يحمله من ضغينه نحوه،
ارتفعت ابصار الاخر لتلتقي به، يخاطبه ببرود:
- حمد الله ع السلامة.
- الله يسلمك.
تمتم بها ابراهبم متهكمًا، ليخطو ويقف قباله معقبَا:
- ياااه، اخيرا طلعت منك، كتر خيرك يا عم ورداني، جيت على نفسك ليه يا راجل؟ ما كان بلاها احسن.
سمع منه عابد الورداني ، فواصل تناول طعامه دون اهتمام منه ان يجيبه، ليزداد الحنق بداخل الاخر، حتى انتفخت اوداجه وازداد اللهيب المستعر بداخل عينيه، لتلحق سميرة بذكائها فتجلسه على احد المقاعد، مبررة بلؤم:
- اقعد يا ابراهيم متبقاش حمقي، ابوك كان عنده بيعة مهمة امبارح برا البلد، يعني مكانش فاضي لاستقبالك ، فهمت بقى.
زادت حدة ابراهيم في توجيه الغضب نحو ابيه مرددًا:
- افهم ايه ما انتي قولتي الحجة دي من امبارح، وانا بلعتها بمزاجي، انما اصحى دلوقتي الاقيه بيبصلي ببرود ولا اكني بايت في حضنه، جرا ايه يا عم؟ دا انا لو عدوك هتفرح بخروجي من حبستي، الناس دى ايه قلوبها اللي عاملة زي الحجارة دي ؟
خرج عابد عن صمته ليباغته بسؤاله:
- وتفتكر بقى عشان خدت البراءة يبقى انت بريء بجد؟ ولا فاكرني صدقت انا بلعبة المحامي ابن الحرام اللي امك دفعتله من فلوسي عشان يخرجك؟
شحب وجه ابراهيم متفاجًئ من حدته ، ليستطرد عابد:
- بلاش نتكلم ونفتح لبعض يا ابراهيم، انت شايل مني عشان مستقبلتكش، وانا قلبي مش راضي عليك من ساعة ما اتأكدت من مصيبتك.
انتفض عن كرسيه يلوح بسبابته امامه:
- تقدر تضحك ع الناس كلها وتفهمهم انك بريء، بس انا لا يا بني، عشان اللي ربى خير من اللي اشترى، وانا مش بس مربيك، لا دا انا خاتم على مصيبتك وحاططها في قلبي وساكت، دفعت من حر مالي عشان اخرجك ، لكن عمري ما هنسهالك، انك تخسرني صاحب عمري بقلبك الاسود وعمايلك المهببة، الا لو ربنا هداك، يمكن ساعتها انسى.
دفع بيده الطعام مستطردًا:
- وادي الاكل سايبهولك انت وامك، على الله بس تشبعوا.
قالها ثم انصرف تتبعه ابصار الاثنان، بذهول اخرس السنتهم، فهذه لاول مرة يكشف لهم عن سر امتناعه وغضبه الدائم عن زيارة ابنه الوحيد.
❈-❈-❈
بعد تململ وفترة من التقلب على فراشه، فتح عيناه للضوء الذي تسلل من الجزء الصغير المكشوف من زجاج الشرفة المغلقة، ليستوعب وضعه في الغرفة الجديدة، ليعود اليه الوعي فور ان استفاق لذراعه التي تضمها ، فيتطلع اليها جيدا، ويتبين انه لم يكن يحلم،
إذن تلك الصور الجميلة التي راودت عقله لم تكن حلمها بل واقع وحلق في سمائه منذ ساعات قليلة، الجميلة الساحرة بين يديه، تلك التي قبلت به رغم كل الفروق بينهم، وفضلته على من هو اوسم وأغنى وارقى منه، ما الذي يحدث معه؟ ما تلك السعادة التي تضخمت بقلبه حتى كاد ان ينفجر صارخًا، معلنًا بعشقها على الملأ،
هي العوض، لا بل هي الهدية الجميلة التي منَ الله عليه بها، يريد التأكد كل لحظة وكل دقيقة انه لا يحلم، وما الذ من التنفيذ عمليًا.
مال بعدم تصديق يقصد تقبيلها، ولكن وقبل ان يدنو منها جيدا ، فاجأته بفعلها، حينما عبست ملامحها بضيق، تدفع سبابته التي حركها بغرض إزاحة خصل الشعر التي تغطي نصف وجهها عنه، ليتبسم بمرح لفعلها، مقررًا التكرار بمداعبة طرف انفها، فعادت هي للعبوس مرة أخرى تدفع الهواء وكأنه ذبابة تحوم حولها.
ليزداد استمتاعًا ويضاعف من مشاكستها حتى اجبرها للاستيقاظ، تفتح عيناها للنور بضجر، فتلقفها بالتحية وقبلة خاطفة:
- صباح الجمال.
تجمدت لحظات في اللا وعي هي ايضا حتى استوعبت، لينتابها الخجل ، فتسبل اهدابها عنه دون رد، وقد لاح بذهنها كل ما حدث بالأمس.
فهم عليها ليزداد سعادة، مقبلا جفن عينيها بحنو:
- يا قلب شادي، بقيتي قطة وديعة يا صبا، امال فين الخربشة وروح الشراسة اللي بحبها فيك يا صعيدي انت يا مجنني؟
ارتفعت عيناها اليه مرددة بجرأة تتصنعها في رد له:
- ومالهم الصعايدة على اول الصبح، انت غاوي تجلب الوجه الجبلي عليك في صباحيتك يا شادي؟
جلجلت ضحكته الصاخبة تدوي مقهقهًا يردد:
- اوي يا صبا، انا حابب اوي اشوف الشراسة اللي كنت متوقعها.
أكمل بجرأة يفاجأها:
- أصل انا بصراحة كنت راسم صورة مخالفة خالص، افتكرت بقى هيبقى في خناقات، هجوم ودفاع، صد ورد، لكن الرقة دي مكنتش متوقعها ابدا من صبا.
ضاقت عينيها بغيظ منه ومن وقاحته، لتدفعه بقبضتها في رد له:
- طب بَعد.
تبسم باتساع رافضا التزحزح:
- ابعد ايه بالظبط؟ مش فاهم ، ممكن توضحي اكتر؟
اردفت بغيظ اشد تحاول الفكاك من حصاره:
- بطل غلاسة يا شادي ، احنا لسة في اول اليوم متجفلنيش منك.
- ايه؟
تمتم بها ليقع من الضحك فيزيد من ضمها، هذه المشاكسة، تدعي الضيق والتأفف حتى تخفي خجلها منه كالعادة، ولا تدري بأنه يحفظها:
- صبا انا هموت منك بجد جننتيني....
- بعد الشر عليك متجولش كدة .
قاطعته بها تجذب انتباهه وهذا القلق الذي اعتلى ملامحها، ليواصل مناكفتها:
- ليه يا قلب شادي؟ خايفة عليا؟
جاء ردها بقبضة قوية وجهتها لكتفه مردفه بحنق:
- ودي محتاجة سؤال؟ بعد عني يا شادي عشان انا اتخنجت منك بجد.
عصبيتها في توجيه الخطاب له، وقد احمر وجهها بانفعال جعله يلطف، مرخيًا ذراعيه عنها قائلًا بعشق:
- انا اسف يا قلب شادي لو زعلتك، معلش بقى قدري اني لسة غشيم فى التعامل مع القمر اللي معجون بعصبيه الصعايدة.
تبسمت لغزله، فدنى يدفن رأسه في تجويف عنقها ، يستنشق عبيرها، ثم يمرر شفتاه على بشرتها حتى وصل لثغرها ليعود ويتذوق شهدها من جديد، شاعرًا باستجابة منها على استحياء، ليردف بتأوه:
- ااااه ، يا لهوي عليك يا شادي، دا انت هتشوف الويل مع بنت ابو ليلة