-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 21 - 1 - الجمعة 6/9/2024

 

قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الواحد والعشرون

1

تم النشر يوم الجمعة

6/9/2024 

الفصل الواحد والعشرون 


لذة الوصول 

هل أتى عليك الوقت وشعرت بها؟ تلك الخفقة القوية التي تنتابك في تحقيق الحلم،  وامتلاك الشيء الذي تذوقت مرار الصبر في سبيله، رجفة الأطراف حينما لامسته او امسكت به بين يديك.


ما أصعبه من احساس وما أجمله؛ حين يمر عليك شريط الذكريات وما مررت به من مصاعب حتى وصلت لتلك اللحظة 


اذاقكم الله واذاقنا حلاوة الوصول اليها .

بنت الجنوب 


رغم مرور اكثر من شهر على مولده، وحمله له عدة مرات ، الا انه حتى الاَن مازال تغلبه العاطفة بفرحته، فلا يقوى على كبت تلك الدمعة التي تفر من عيناه تأثرا بمجيئه الى عذا العالم، قطعة غالية من حبيبة قلبه حصل عليها اخيرا،  بعد عناء ومشقة وعذاب في انتظار المستحيل،  ولكنه حدث في الاخير بفضل الله وكرمه.


- تاني يا مصطفى برضو بتدمع؟ انا الأحسن اني احرم عليك ما تشيلو بعد كدة .

قالتها نور، وهي عائدة بعبوة الحليب التي اعدتها للطفل، لتأخذ مقعدها بجواره ، تجلس متربعة على الفراش، فتدعي الحزم وهي تتناوله من ذراعي ابيه بحرص، والذي ظهر التأثر في صوته وهو يشاكسها:


- لو تقدري اعمليها، او امنعي انتي نفسك من العياط لما

يسهرك طول الليل وميرضاش ينام. 


فغرت فاهاها باستنكار وذهول:


- بتتريق عليا يا مصطفى، طب عقل انت ابنك الاول وخليه يهدى عن جنان الليل وانه ميتعبش مامته في الوردية اللي بيستلمها عليها.


قهقه ضاحكًا بصخب، ليعقب بمرح كلما خرج منها هذا الحديث:

- حاضر من عيوني، بطل تتعب مامتك يا ولد.

صدرت الاخيرة مخاطبًا لطفله لتتبسم هي قائلة:

- يا سلام عليك يا مصطفى، انا كدة ضمنت انه سمع الكلام،  الف شكر بصراحة لسيادتك.


اومأ واضعًا كفه على صدره:

- العفو يا قلب مصطفى، مفيش داعي للشكر اساسًا. 


انفجرت ضاحكة، لتميل برأسها على صدره، ويضمها بذراعه هي والطفل الذي تطعمه، يستمتع بدفء عائلته الصغيرة ، في لحظات يسرقها من الزمن، يهرب فيها من  التزماته وأعماله التي لا تنتهي حتى في وقت نومه


❈-❈-❈


كما توقعت ورغم انه استمر طويلا في جلسته مع اشقاءها، وهي حاولت التصرف بصورة طبيعية معه، تجاهد لإخفاء الارتباك في حضوره، الا انه استطاع في الاخير ان ينفرد بها داخل الحديقة الصغيرة عقب استئذانه في الذهاب وقيامها هي بتوصيله، ليقف الاَن مواجهًا لها، يطالعها بصمت ابلغ من الف كلام، 


ورغم التوتر الذي كان يعصف بها، الا انها ابدت ثباتًا يثير الاندهاش امامه، مما شجعه على الأستفسار مباشرةً:


- ليه كدبتي على اخواتك يا بهجة، والبيت دا اساسه انتي جبتيه ازاي؟

حينما صمتت قليلًا اردف :

- انا عارف اني مليش حق في السؤال، بس انا مش قادر يا بنت خالي،  الخوف اللي طير مني الراحة من  ساعة ما عرفت بعزالكم من البيت، هو نفسه الخوف اللي عاصر على معدتي دلوقتى، وانا دماغي هتشت ورايحة في مية اتجاه، من بعد ما عرفت بقصة المكافأة اللي اتحكم فيها من زمان لصالح الخصم .


استمرت لبرهة اخرى من الوقت قبل ان تحسم قرارها من الداخل قائلة:

- بس انت متأكد، وعارف بأخلاقي كويس. 

- دي مسأله مش محتاجة سؤال،  انتي بس اتكلمي واي حاجة هتقوليها انا هصدقها، المهم تريحي قلبي يا بنت خالي، فلوس البيت والمحل جات منين يا بهجة؟


- من جوزي 

اجفل يستوعب الجملة القصيرة، لتعيد عليه هي بتأكيدها:

-،ايوة يا شادي، انا متجوزة في حلال ربنا، واحد مقتدر فوق ما تتخيل، هو اللي مكني بفلوسه اشتري البيت والمحل، ولو طلبت هيديني تاني كمان،  بشرط اني احتفظ بجوازي منه في السر


- في السر!

ردد بها بصدمة وعدم تصديق، لتتجاوز هي غصتها في شيء مخزي كهذا امامه، فتأكد:

- ايوة يا شادي، انا بقولك الحقيقة اهو ، حتى وانا عارفة ان ممكن انزل من نظرك ، بس انا معملتش حاجة  حرام، ولولا ثقتي فيك، ما كنت ابدا هقولك 


أطرق برأسه يحاول التريث واستيعاب المفاجأة،  حتى لا يغلبه غضبه في إفساد الأمر، وقد اعترفت له بالحقيقة التي اخفتها عن اخوتها جميعا، ليعود اليها متماسكا بصعوبة:


- وليه مقولتيش ع الاقل حتى لاخواتك يا بهجة؟

اجابته بثبات:

- مقدرتش،...... مقدرتش اهز صورتي في عيونهم ، مقدرتش اعرضهم للاختيار ما بين موافقتهم على جوازي والانتقال لهنا بعيد عن اذية عمي ومراته ، وما بين رفضهم ورفض كل شيء يجي من ناحية جوازي. 


زفر يغمض عيناه بألم، رافعًا رأسه للأعلى بخزي، كيف يلومها؟ ومن اين يجد الجرأة وقد تركها تواجه رياح الظلم وحدها، حتى حينما حاول حمايتها، كاد ان يزيد بالمس بسمعتها نتيجة سوء الظن الذي تعرض له من ابناء عمها ، حتى تنقطع قدمه من الصعود اليهم ولا حتى التدخل في شئونهم. 


- شادي انا اعترفتلك عشان واثقة فيك. 

قالتها بغرض التخفيف عنه، جاهلة ان بفعلتها قد زادت عليه، ليرد بعتب:

- لو  كنتي واثقة فيا كنتي بلغتيني يا بهجة، كنتي ووقفت معاكي حتى لو ضد رغبتي ، المهم كنت حاولت، ان مقدرتش احوله لجوز بأشهار ع الاقل كنت عرفته انك مش لوحدك. 


اطرقت بخجل وقد اصاب بقوله، ولكنها حاولت التبرير على تردد:

- هو انسان كويس، وبيعمل كل حاجة عشان يسعدني،  بس عنده ظروفه اللي تمنعه ما يشهر جوازنا. 


رد بعنف:

- مهما كانت الظروف ، مفيش حاجة تمنع اعلان جوازه منك لو بيحبك بجد، او حتى كان أجل على ما تتحسن الدنيا معاه يا بهجة، ليه اخطف سعادة منقوصة في السر وانا ممكن اخدها كاملة بشوية صبر؟


ابتسامة صغيرة لاحت على زاوية فمها بسخرية 


فقال، ابن خالها يتحدث عن الحب والصبر، ولا يعلم بالحقيقة المرة في الاصل من هذا الزواج، بعدما اخبرها قاسي القلب صراحةُ انها مجرد رغبة، حتى لو افعاله كانت غير ذلك بعد الزواج ، لكنها ابدا لن تنساها او تعلق نفسها بوهم حب قد يهلكها، وهو جعلها مسألة بيع وشراء، وهي وافقت على هذا الأساس،  حتى تنتهي مدة هذا الاتفاق، وتخرج ع الاقل سليمة القلب .


وحتى ذلك الوقت،  لن تخبر احد بالحقيقة المرة،  تحتفظ بها لنفسها، اما ابن خالها فيكفيه الاطمئنان على على مصدر المال ولا اكثر من ذلك .


- رياض الحكيم صح؟

انتفضت بإجفال بعد ذكره الاسم  لتبرق عينيها نحو باستفهام، فاستطرد هو بفراسة:


- مش هو برضو مدير المصنع اللي اتكفل بعلاج اخوكى على نفقة المستشفى المساهم فيها، انا مش غبي يا بهجة عشان ماخدتش بالي من نظراته ليكي ساعة ما شوفته في المستشفى،  


لم تتمكن من الرد لتسبل اهدابها عنه بخجل شديد، اكد له صحة ظنه، ليردف بغيظ:

- اقسم بالله لو شوفته قدامي دلوقتي،  لاباركله من قلبي بلوكامية تظير صف سنانه.


❈-❈-❈


عاد الى المنزل محملا بمزيد من التعب والهم، وقد اعتقد ان بالعثور عليهم ومعرفة محل سكنهم سيرتاح، ولكن ما حدث هو العكس تماما ، فبلقاءها ومعرفة السر الذي تخبئه عن الجميع، يشعر انه لن يعرف طعم الراحة بعد اليوم في القلق عليها، حتى ترسو على بر اَمن. 


- شادي، اخيرا جيت .

كان هذا صوت زوجته والتي اقتربت تهمس بالكز على اسنانها:

- كدة برضو تعملها فيا يا شادي؟ ساعة بحالها اتصل بيك ومتردش.


القى بنظرة نحو شاشة الهاتف فتأكد من العدد الهائل من المكالمات منها، ليبرر بأسف:

- معلش مخدتش بالي، بس ليه الاتصالات دي كلها؟


ضربت قدمها بفعل طفولي تهمس بحنق شديد اثار التسلية بداخله رغم ارتيابه، حتى اوضحت:

- بتصل عشان جوز البلاوي اللي مستنينك، جال ايه عشان يباركوا،  على اساس انهم اصحاب واجب جوي،  انا من مخنوجة منهم ومش طايجة نفسي.


- هما مين؟

تمتم بها وقبل ان تجيبه،  وصل لأسماعه صوت الضحكة الرقيعة من ابنة خاله خميس، لتيقن الان من السبب الاساسي لغصب زوجته:


- هي سامية قاعدة هنا من امتى؟

ردت على مضص:

- بقالها يجي ساعة هي وامها جوا، وانا رايحة جاية عليها بالعصاير والحلويات  عشان مش طايجة اجعد معاهم 


تبسم بحنان يهادنها:

- معلش حقك عليا، انا هروح اغير هدومي واروحلهم، هما عند ماما جوا صح؟

اومأت بهز رأسها، ليخطف قبلة سريعة من وجنتها، ثم تحرك صوب غرفته، لتتناول هي صنية العصائر وتدخل بها اليهم، بداخل حجرة والدة زوجها

الصفحة التالية