4 رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 25 - 3 - الأحد 22/9/2024
قراءة رواية ما بين العشق والهوس كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الخامس والعشرون
3
تم النشر يوم الأحد
22/9/2024
حبايب قلبي ، تعالو يا ولاد.
تناولهم منها يقبلهم على الوجنتين ويضع اصغرهم على حجره ويداعب الاخر :
- يا حلاوتكم يا قطاقيطكم، حلوين اوي يا صفاء شبهك.
قال الاخيرة وراسه ارتفعت اليها ليصدم بطفلين اخرين، ولكن في عمر اكبر يقارب الثمانية والعاشرة، وقبل ان يسأل وجدها تقدمهم اليه:
- عزمي وحسين، ادخلو يا ولاد سلمو على عمو .
دلفو الطفلان يصافحانه، ليبطالعهم بدهشة، حتى اصبحت صاعقة حينما دلف الطفل الخامس او بالأصح المراهق ، والتي قدمته صفاء بأسم:
- ودا بقى بشير ابني البكري، خمستاشر سنة، يعني راجلي وضي عيني من جوا يا خميس ، سلم على عمه يا ولا .
وقبل ان يقترب الفتى صاح بها ينفض عن عقله الغفلة:
- استني هنا، هو انتي مش قولتي ان معاكي عيلين بس؟
ضحكت ببساطة تجيبه:
- يوه هو انت فهمت ايه؟ انا قصدي عيلين من الراجل التالت ، اما بشير دا من اول بختي، لكن حسين وعزمي من الراجل التاني
ارتفعت اصابعه الثلاثة امامه يردد بصدمة:
- انتي اتجوزتي تلت مرات قبلي يا صفصف؟ يعني انا الراجل الرابع في حياتك؟
- لا الخامس، حكم اول واحد كنت عيلة صغيرة وملحقتش اخلف منه .
بصوت ذهب منه فرد اصابعه الخمسة امام عينيها ، لتؤكد هي للمرة الثانية:
- ايوة خمسة وفيها ايه يعني؟ خدي العيال واطلعي بيهم ياما .
سمعت منها والدتها لتسحب الاطفال الصغار وتخرج معها البقية، لتسارع صفاء في طمأنته:
- مالك يا خميس وشك اصفر كدة ليه؟ انا مش عايزك تقلق من حاجة خالص، العيال هينزلو يباتوا تحت مع امي، وانا وانت هنهيص في الدور دا لوحدنا، ايه رأيك بقى؟ اصحى بقى يا خمسينو الليلة ليلتنا .
استطاعت بدلالها ان تسحبه لحالته الاولي ، ليتحول الى طفل صغير معها، ويقضي ليلته متنعمًا بجمالها، ثم اذا اتى الصباح وانقشع الظلام، خرج الى المطبخ يفتح البراد كي يشرب، أو يصبر نفسه بشيء يأكله قبل الافطا، ليجده خاليًا الا من المياه، لا يوجد طعام ولا يوجد أي شي مما أتى به، حتى اذا صرخ بها يسأل اين ذهب الطعام وجدها تبلغه ببساطة.
- الولاد يا خميس، تلاقيهم جاعوا وطلعو ياكلوا ، دي حاجة مش مستهلة نباهة.
- يا نهار اسود، التلاجة كانت مليانة، فاكهة ومعلبات وفراخ ولحمة، كل دا راح فين؟ ثم كمان هما ازاي يطلعو كدة ويدخلو الشقة من غير خشا ولا حيا، افرضي... افرضي....
- افرض ايه، بلا حسرة.
قالتها لتلوي ثغرها باستخفاف وسخرية مبطنة، لتزيد من ارباكه:
- بلاش يبقى ظنك سو يا خميس، الحكاية مش مستاهلة اصلا القلق، ابعت لنا على دليفري، وشخشخ جيوبك شوية عشان ناكل احنا كمان، مش هيبقى هم من كله.
وعلى هذا المنوال، استمر عدد من الايام في هذه الدائرة كلما اتى بطعام اختفى بسرعة البرق، ليلتزم بابتياع غيره، فلا يحق له الاعتراض، مقابل الدقاق التي يقضيها معها يدفع الاف الجنيهات، حتى انه اضاع حق البضاعة المتفق عليها مع التجار أكملها ليسحب نفسه اليوم من الساعة الخامسة صباحًا ويسافر قبل ان يستقيظ احد منهم ويتعرض للسانها اللازع ان اخبرها بخلاء جيوبه من المال.
فيجلس الاَن واضعًا يده على وجنته، ينعي حظه العاثر ، يتحسر على المال الذي ذهب مقابل لحظات معدودة حتى لم يعد يشعر لها بطعم الاَن
❈-❈-❈
خارج غرفة الكشف ، يقطع الطرقة ذهابا وايابا بدون هوادة، يموت من القلق على الاولى، ويعصره الحزن على الثانية، لقد شهد بنفسه اليوم على اهانتها، وعجز لسانه عن الرد في ان يخبر خالته المتعجرفة بصفتها اليه، هي زوجته نعم زوجته، ولكنه لم ينطق بها، نعم لم يجرؤ على النطق بها، لأسباب هو يعلمها، وهي ايضا تعلمها، إذن لماذا الغضب؟ لماذا هذه النيران التي تشتعل بداخله ؟ لماذا؟
سقط بثقله على احدى مقاعد الانتظار، يمسح بكفيه على صفحة وجهه، يزفر انفاس عالية وقوية، لم يعد يعلم بما يريد، وما كان يسير عليه قبل ذلك، لقد تغيرت خطته منذ ان رأها ، غيرت خطته وغيرت نهجه وغيرته هو نفسه...... لقد أصبح ضعيفًا، وهذا ما كان يخشاه دائمًا.
انتبه لخروج احدى الممرضات من الغرفة، وما هم ان يوقفها، حتى وقعت عينيه على المدعوة لورا ووالدتها، بخطواتها المسرعة نحوه:
- رياض، طنط حصلها ايه؟
- نجوان مالها يا بني؟
اضطر للرد على المرأة متجنبا النظر الى الأخرى:
- دلوقتي نطمن يا طنط، انتو سمعتو منين؟
- طنت بهيرة اتصلت بينا وبلغتنا، دي قلقانة اوي عليها وحزينة .
في رد صامت لها، التف بأعين تقدح شررًا، يحجم نفسه بصعوبة عن الانفجار بها، فإن كانت تظنه غافلا عن سبب العداء المباشر من بهيرة نحو بهجة والتحامل عليها من قبل رؤيتها..... فهي واهمة.
- مدام نجوان فاقت يا رياض باشا
كان هذا صوت الممرضة والتي اتت تخبره ليتحرك على الفور ويدلف اليها، ومن خلفه لورا ووالدتها، والتي بادرت الجميع تهرول نحوها وبصوت غلقه الصدق:
- حبيبتي يا نجوان، حمد على سلامتك يا قلبي، هو انتي بجد رجعتلنا، انا مش مصدقة عيني.
تبسمت الاخيرة لها بضعف، وبيدها التي اللتصقت بها ابرة المحلول، تقبلت مصافحتها، لتوميء برأسها تظهر استجابة للمرأة، التي صارت تذرف الدموع، بلوعة اشتياق الأصدقاء ، الشيء الذي انبت الامل في قلب ابنتها لتستغل بصوت واضح تريد لفت انتباهها:
- حبيبتي يا طنت نجوان، انا كمان وحشتيني اوي، ووحشتني قعداتك مع ماما، انتوا كنتو اكتر من الأصحاب.
لتنقل بنظرها نحو رياض الذي لم يعد مهتما بشيء بعد الاطمئنان على والدته، سوى التركيز مع هذه الجميلة والتي ما ان خرجت من الغرفة بجمودها وتجاهلها لها، حتى خرج هو الاخر وتبعها
- بهجة استني رايحة فين؟
هتف يوقفها بوسط الرواق ، يغلق باب الغرفة التي خرج منها ، لتلتف اليه تجيبه بلهجة عادية تمامًا:
- رايحة حمام السيدات
اقترب ليصبح امامها مباشرة يتمعن النظر بها جيدا وتلك الصفحة المغلفة لملامحها ، يريد ان يستشف منها أي شيء:
- طب انا عايزة اسألك الاول، انتي كويسة؟
اهتزت رأسها تدعي عدم الفهم :
- وانا هيكون مالي يعني؟ نجوان هانم هي اللي وقعت من طولها وتعبت مش انا .
علم انها ترواغه، وهذه إشارة تزيد من توتره، ليسرع في الدخول مباشرة فيما يريد الوصول اليه:
- انا بتكلم عن تصرف بهيرة ، بلاش نلف وندور على بعض، هي كانت قليلة الزوق معاكي و......
- وعديمة الاحساس، ايه تاني يعني؟
قاطعته بها، لتردف المزيد للتوضيح:
- واحدة بالصفات دي حتى مرحمتش اختها اللي راجعة للحياة تاني بعد غياب سنين، من غير ما تراعي انتكاسة ترجعها للأسوء هتوقع منها ايه مثلا؟
إجابة نموذجية اظهرت ثباتًا منقطع النظير، لتستطرد على نفس المنهج، امام التشتت الذي اعتلى ملامحه:
- على فكرة وقفتنا كدة في نص الطرقة شكلها مش حلو........، عن اذنك بقى اروح حمامي، وانت ادخل اطمن على مدام نجوان، حتى مينفعش تسيب الناس لوحدهم، لورا هانم ووالدتها.
قالتها وتحركت على الفور، تتركه متجمدًا محله ينظر في اثرها بانشداه.
أما هي وفور ان وصلت لمرحاض السيدات، تغلق الباب عليها لتختلي بنفسها عن الجميع ، بعد وقت طويل من التماسك، ارتمت بثقلها تستند على حافة المغسلة ، تتنفس سريعًا، بصدر يصعد ويهبط بقوة، حتى اطلقت العنان لدموعها المحبوسة تتساقط دون توقف، لتكتم بقبضتها على فمها، تمنع الصوت من الخروج
الم الإهانة ليس بالهين، وما زاد عليه هو ان كل هذا كان امامه، سبب علُتها ومن بيده شفائها، كان بيده ايقاف المرأة بكلمة واحدة ، ومع ذلك لم يجرؤ
ولكن لما الحزن، اليس ما بينهم كان اتفاق، ليته ما تم وما فعلت من الاساس، فما زادها القرب إلا وجعًا
❈-❈-❈
وفي قسم الشرطة، وبالتحديد داخل غرفة الضابط عصام والذي خرج منها مهرولًا على غير العادة والهاتف بيده:
- اوعي تتحرك من مكانك ، عينك عليه، انا جاي حالا دلوقتي.
لفت ابصار رئيسه أمين، والذي كان في طريقه اليه، ليهتف مناديًا باسمه:
- عصام انت رايح فين؟ عصااام
لم يلتفت اليه المذكور، حتى اوقف هو احد الزملاء يسأله:
- مدحت متعرفش عصام رايح على فين؟
- لا والله ما اعرف، بس اكيد طلعة مهمة يعني، مدام خارج بالشكل ده، ربنا يوفقه يارب.
اومأ له امين يصرفه بنظرة من عيناه، ليتوقف هو بتفكير متعمق، يجتاحه القلق، مرددًا بما جال برأسه:
- ربنا يستر .